محادثات "كسب الوقت".. القصة الكاملة للمنطقة الآمنة في شمال سوريا

كتب: محمد حسن عامر

محادثات "كسب الوقت".. القصة الكاملة للمنطقة الآمنة في شمال سوريا

محادثات "كسب الوقت".. القصة الكاملة للمنطقة الآمنة في شمال سوريا

أبدت دمشق، اليوم، رفضها "القاطع" للاتفاق الأمريكي التركي الرامي إلى العمل على إنشاء "منطقة آمنة" في شمال سوريا، محملة الأكراد الذين أبدوا حذراً في مقاربته بانتظار المزيد من التفاصيل، مسؤولية ذلك.

وبعد 3 أيام من المحادثات المكثفة لتفادي هجوم تركي جديد ضد أكراد سوريا، أعلنت واشنطن وأنقرة، مساء أمس، الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك "لتنسيق وإدارة منطقة آمنة" في مناطق سيطرة الأكراد قرب الحدود التركية.

وبدا الاتفاق وكأنه محاولات جديدة لكسب الوقت إذ لم يتضمن أي تفاصيل معلنة حول حجم تلك المنطقة الآمنة أو موعد بدء إنشائها أو كيفية إدارتها، بل اكتفى بالإشارة إلى أنها ستكون "ممراً أمناً" مع التأكيد على ضرورة عودة اللاجئين السوريين في تركيا. وغداة إعلان الاتفاق، سارعت "دمشق"، التي تأخذ على الأكراد تحالفهم مع "واشنطن"، إلى رفضه.

مصدر بالخارجية السورية: نرفض الاتفاق الذي أعلن عنه "الاحتلالان الأمريكي والتركي"

وأكد مصدر في وزارة الخارجية السورية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، "رفض سوريا القاطع والمطلق للاتفاق الذي أعلن عنه الاحتلالان الأمريكي والتركي حوال إنشاء ما يسمى بالمنطقة الآمنة".

وحّمل المصدر الأكراد مسؤولية الاتفاق نتيجة تحالفهم مع الأمريكيين، قائلا إن "بعض الأطراف السورية من المواطنين الأكراد التي فقدت البصر والبصيرة وارتضت لنفسها أن تكون الأداة والذريعة لهذا المشروع العدواني الأمريكي التركي تتحمل مسئولية تاريخية في هذا الوضع الناشئ".

ومع توسع دور الأكراد في سوريا وإنشائهم إدارة ذاتية في شمال سوريا وشمال شرقها، زادت خشية تركيا من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها.

ولمواجهة توسع الأكراد، شنّت أنقرة منذ 2016 عمليتين عسكريتين في سوريا، وتمكنت في العام 2018، من السيطرة مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين، ثالث أقاليم الإدارة الذاتية الكردية.

ومنذ ذاك الحين، لم تهدأ تهديدات أنقرة بشنّ هجوم جديد على مناطق الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، والتي يطلق عليها تسمية "شرق الفرات"، وينتشر فيها المئات من أفراد القوات الأمريكية الداعمة للأكراد.

سياسي كردي: نحتاج لمعرفة التفاصيل وسنقوم بتقييم الأمر حسب المعطيات

وتعليقاً على الاتفاق، قال القيادي الكردي البارز وأحد مهندسي الإدارة الذاتية ألدار خليل لوكالة "فرانس برس": "قد يكون هذا الاتفاق بداية أسلوب جديد، لكن نحتاج لمعرفة التفاصيل وسنقوم بتقييم الأمر حسب المعطيات والتفاصيل وليس اعتماداً على العنوان"، مضيفا: "في جميع الأحوال لا يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصراً على إنهاء وجودنا".

وأكد الأكراد أنهم أبدوا "مرونة" تجاه إنشاء المنطقة الأمنة بموافقتهم على أن تكون "بحدود 5 كيلومترات، لكن تركيا رفضت الطرح كونها "تريد السيطرة على المنطقة وحدها"، وفق "خليل".

ويرفض الأكراد أي وجود تركي في مناطقهم، بل كانوا طالبوا بنشر مراقبين دوليين. وفي إطار مساعيهم السياسية، حاول الأكراد فتح قنوات اتصال مجدداً مع "دمشق"، التي تحملهم اليوم مسئولية اتفاق "المنطقة الآمنة".

تركيا ترحب بالاتفاق.. وتعتبره خطوة جيدة جدا

من جهته، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في مؤتمر صحفي في "أنقرة" أن الاتفاق "خطوة جيدة جداً"، محذرا في الوقت ذاته من أن بلاده "لن تسمح" بأن يتحول إلى محاولة لكسب الوقت.

وقال أوغلو: "يجب أن يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ". وخلال أشهر، سعت "واشنطن" إلى التوصل إلى حل بين حليفيها، تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي من جهة، والأكراد الذين هزموا تنظيم "داعش" الإرهابي بدعم منها.

واقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية العام الماضي إنشاء منطقة أمنة، لكن رؤية الأطراف لتلك المنطقة الأمنة تختلف تماماً إن كان من حيث حجمها أو كيفية إدارتها. وقدّمت الولايات المتحدة اقتراحات عدة، إلا أن أنقرة لم توافق على أي منها، واعتبرت أن ما تقوم به واشنطن هو مجرد محاولات لـ"كسب الوقت".

طموحات تركيا حيال المنطقة الآمنة ترتبط بإعادة اللاجئين السوريين

تطمح "أنقرة" إلى إنشاء منطقة آمنة بعرض أكثر من 30 كيلومتراً على طول حدودها داخل سوريا، على أن تسيطر عليها بالكامل وتنسحب منها وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنّفها منظمة "إرهابية".

ويرى مراقبون أن أحد أهداف أنقرة تكمن في محاولتها وضع يدها على مناطق جديدة في سوريا تعيد إليها اللاجئين السوريين لديها، وهي التي تستضيف 3.6 مليون منهم. ومن هنا كان البند المتعلق بالتأكيد على ضرورة عودة اللاجئين، أكثر ما لفت الكثير من المراقبين في الاتفاق الأخير.

ويعتبر مراقبون أن وجود اللاجئين لعب دوراً في خسارة حزب الرئيس رجب طيب أردوغان الحاكم في الانتخابات البلدية الأخيرة، ما جعله تحت ضغوط سياسية داخلية عدة يسعى لتجاوزها، وقد ظهرت مؤخراً مؤشرات عداء متزايد ضد اللاجئين السوريين في تركيا.

خبير عسكري سوري: أردوغان يريد أن يكسب أي شئ بعد فشل مخططه الإرهابي في سوريا

من جهته، قال الخبير العسكري السوري علي مقصود، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن أي اتفاق يتم خارج إطار التعاطي مع الحكومة السورية الشرعية المعترف بها دوليا هو اعتداء واضح وصريح على السيادة السورية.

وأضاف "مقصود": "رجب طيب أردوغان بالتعاون مع الأمريكيين يريدون تفتيت الدولة السورية، وتركيا بالذات تريد الخروج بأي مكسب من أزمة سوريا بعد هزيمة مخططهم على مدار 8 سنوات في دعم الفوضى والإرهاب وتصدي الجيش السوري لتلك المخططات".

وتساءل"مقصود": "أين المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة من هذا الاعتداء على سيادة الدولة السورية؟ وهل تغيرت المواثيق والعهود الدولية؟ نحن نرفض هذا الاتفاق ونعتبره اتفاق احتلالي".


مواضيع متعلقة