جريمة قتل رئيس "أبومقار" تقود البابا للإصلاح الكنسي

جريمة قتل رئيس "أبومقار" تقود البابا للإصلاح الكنسي
- البابا تواضروس الثانى
- البابا
- الأنبا إبيفانيوس
- رئيس دير ابو مقار
- دير أبو مقار
- الرهبان
- البابا تواضروس الثانى
- البابا
- الأنبا إبيفانيوس
- رئيس دير ابو مقار
- دير أبو مقار
- الرهبان
ضبط الأديرة وحصر الذمة المالية للرهبان واستمرار التغيير الإدارى بالمناصب الكنسية
هزت جريمة قتل الأنبا «إبيفانيوس» فى 29 يوليو 2018، الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إذ تُعد الجريمة الأولى داخل أسوار أحد الأديرة القبطية، والمتهم فيها راهبان، أحدهما تم تجريده من الرهبنة بعد خضوعه للتحقيق أمام لجنة الأديرة فى المجمع المقدس، والآخر ما زال يحمل صفة الرهبنة إلى الآن.
رغم فداحة الجريمة فإنها كانت المحرك لموجة «تغيير كبرى» داخل الكنيسة بقيادة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، فالبابا الذى تولى الكرسى البابوى فى نوفمبر 2012، عمد إلى ترتيب البيت الكنسى من الداخل، والخروج بالكنيسة من عباءة الفرد إلى النظام المؤسسى، حيث أصدر اللوائح وأعاد هيكلة العديد من الإدارات الكنسية، وعمل على ضخ دماء جديدة فى شرايين العمل الإدارى بالكنيسة القبطية، وأدخل التكنولوجيا فى النواحى الكنسية بما لا يخالف العقيدة، إلا أن خطواته قوبلت خلال سنواته الأولى بمقاومة عنيفة من بعض الأشخاص الذين صاروا مع مرور الزمن أشبه بـ«مراكز القوى»، ونجح البابا فى تنفيذ بعض خطواته الإصلاحية وتراجع عن بعضها بفعل هذا التيار المحافظ، وليس أقربها سوى تمريره تنفيذ «الميرون المقدس» -أحد أسرار الكنيسة السبع- بوسائل تكنولوجية حديثة بدلاً من الطرق التقليدية، وفشله فى تمرير اتفاق توحيد المعمودية بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، خلال زيارة بابا الفاتيكان الأخيرة إلى مصر.
«زاخر»: التعليم تصدّر حراك التغيير بعد مقتل الأسقف.. والبطريرك استمر فى ترجمة رؤيته للانتقال من الفرد إلى المؤسسة
بحكمة الصيدلى، وضع «البابا» الدواء لأزمة الكنيسة، بعد أن حدد مواطن العِلة فى جسدها «الرهبنة، مجالس الكنائس، الأديرة، اختيارات الأساقفة، والتعليم الكنسى»، واستمع إلى أنين الأقباط فى أزماتهم مثل «الطلاق والزواج الثانى، الإلحاد، الابتعاد عن الكنيسة، المشاكل الطائفية»، وكان الدواء مراً فى بعض الأحيان لكنه الشافى، فالبعض رفض تناوله، والآخرون اعتبروه كأس النجاة.
كان ملف الرهبنة على رأس اهتمامات البابا تواضروس، وعُقد أول مؤتمر عن الرهبنة والأديرة فى يناير 2013، خرج منه «دليل الرهبنة القبطية وإدارة الحياة الديرية»، الذى اعتمده المجمع المقدس للكنيسة فى جلسته بتاريخ 20 يونيو 2013، وعبّر خلاله «البابا» عن رؤيته للأديرة، قائلاً: «نريد أن تظل الأديرة واحات صلاة وعبادة دون انشغال بالعالم، إلا بما تتطلبه الضرورة»، مشيراً إلى أن الدليل جاء لـ«تنقية اللوحة الرهبانية الجميلة من كل شائبة تسللت فى غفلة من الزمان».
وجاء بعدها حادث مقتل «إبيفانيوس»، ليكشف عن شوائب أخرى فى الرهبنة والأديرة، فصدرت قرارات أغسطس 2018 عن لجنة شئون الرهبنة والأديرة بالمجمع المقدس، والتى أوقفت الكنيسة، بناء عليها، قبول رهبان جدد بالأديرة، ومنع الرهبان من الاختلاط بالعالم الخارجى، وكذا منعهم من التعاملات المالية والتجارية والظهور الإعلامى، كما طلبت منهم إغلاق صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، وتجريد من أنشأ أديرة غير معترف بها كنسياً، وتحديد عدد الرهبان فى كل دير بحسب ظروفه وإمكانياته، وإيقاف «سيامة» الرهبان فى الدرجات الكهنوتية «القسيسية والقمصية» لمدة 3 سنوات.
وأجرت الكنيسة تحقيقات داخلية فى العديد من الأديرة، وحصرت الذمم المالية لكافة الرهبان، ومن المقرر أن تستأنف الكنيسة فى 2 أغسطس 2019، قبول طالبى الرهبنة الجدد فى الأديرة بناء على اشتراطات جديدة، وواصل «البابا» بعد حادث مقتل الأنبا، تغييراته الإدارية داخل الكنيسة، فاستبدل كافة مقررى لجان المجمع المقدس للكنيسة بأساقفة آخرين، بهدف تداول المناصب الإدارية داخل الكنيسة.
وخرج الحديث عن «الإصلاح الكنسى» خارج أسوار الكنيسة إلى الفضاء العام، ودار نقاش حول التعليم الكنسى، وأطلق البابا منذ سنوات مشروع «ألف معلم كنسى» لتدريب الخدام والكهنة فى كافة الكرازة المرقسية على استخدام مصادر التعليم الكنسى (الكتاب المقدس، الليتورجيا، أقوال وكتابات الآباء، تاريخ الكنيسة والهوية القبطية)، بشكل يتيح لأبناء الكنيسة النهل من هذا الرصيد الزاخر بالمصادر، والذى يصلح فى كل الأزمنة والأمكنة كغذاء تعليمى فعال، إلا أن شكوى سارت داخل التيار المحافظ بالكنيسة حول ما سموه «انتشار التعاليم الخاطئة»، والتى دفعت المجمع المقدس فى دورة يونيو 2019، لإصدار توصيات بتشكيل المجلس الأعلى للتعليم الكنسى، وتشكيل لجنة برئاسة الأنبا «هدرا»، مطران أسوان، للرد على التعاليم الخاطئة بالكنيسة.
ومن المقرر بدء المرحلة الثانية من مشروع «ألف معلم كنسى»، الذى يرعاه «البابا» بنفسه، فى الثلث الأخير من العام الحالى، وتهدف لرفع عدد المعلمين المدرَّبين إلى 20 ألف معلم.
من جانبه، يرى كمال زاخر، مؤسس التيار العلمانى القبطى، أن التغيير الذى يجرى داخل الكنيسة بعد مقتل الأنبا «إبيفانيوس» تسبب فى تصاعد الحرب على «البابا» تواضروس الثانى بشكل منظم عبر اللجان الإلكترونية، وبيانات أحد الأساقفة الذى يتصدر جبهة المصادمة، فيما يمضى «البابا» فى ترجمة رؤيته بالانتقال من الفرد إلى المؤسسة، وأضاف زاخر، لـ«الوطن»: «منظومة التعليم تصدرت هذا الحراك، وهو ما أتوقع أن نلمس نتائجه قريباً».