"هسميه نور على اسمك".. القصة الكاملة لوفاة نورهان نتيجة الإهمال الطبي في المنيا

كتب: اسلام فهمي

"هسميه نور على اسمك".. القصة الكاملة لوفاة نورهان نتيجة الإهمال الطبي في المنيا

"هسميه نور على اسمك".. القصة الكاملة لوفاة نورهان نتيجة الإهمال الطبي في المنيا

"زوجتي نورهان، تاني يوم ليكي في القبر، حبيبتي عروسة وشهيدة في الجنة، إن شاء الله هنتقابل هناك، أنا وأنتي وابننا، النهاردة يا عمري زرت ابننا في الحضَّانة عمال يبكي ويصرخ، زي ما يكون بيسألني عليكي، معرفتش أرد أقوله إيه، فبكيت".. كلمات رثاء كتبها إسلام يحيى، 31 عاما، مشرف مبيعات، ناعيا زوجته "نورهان طارق" 21 عاما، التي لفظت أنفاسها داخل عيادة خاصة في أثناء الولادة، بسبب الإهمال.

وأضاف الزوج: "خرجت من الحضَّانة، ابننا بقى يتيم الأم من أول يوم في عمره، بس ماتخفيش يا نور عيني، أنتي وصَّيتيني أخلي بالي منه، وأحطه في عيني، ماتقلقيش، دا هيبقي كل حياتي ونور عينيا، وهسميه نور على اسمك".

إسلام يحيى، حرر بلاغا في النيابة العامة يتهم فيه "م-ش" طبيبة نساء وتوليد بالتسبب في وفاة زوجته داخل عيادتها الخاصة بسبب الإهمال، وقال "للوطن" زوجتي نورهان طارق، 21 عاما، توفيت داخل العيادة بسبب الإهمال، فحينما ارتفع ضغطها، أعطتها الطبيبة محلولا، ثم خدرتها، وأغلقت باب العمليات، وبعد مرور ساعتين تسرب القلق بيننا، فطرقنا باب الغرفة كثيرا دون رد، ثم تمكنا من الدخول فوجدنا الطبية ملطخة بدماء زوجتي، وطلبت مني نقلها لأقرب مستشفى، ورفضت أن تستدعي هي سيارة الإسعاف، وطلبت مني أن أحضرها بمعرفتي، وبالفعل توجهنا إلى المستشفى العام، وكانت زوجتي تصارع الموت، وأجري لها صدمات، في محاولة لإنقاذها، لكن دون فائدة "توفيت"، وبعد ذلك علمت أن نفس الطبيبة خدرت زوجتي دون استدعاء الطبيب المختص.

وأضاف نقلنا الجثة للمنزل بسيارة تاكسي فلم نمكث بالمستشفى سوى بضع دقائق، وفي المنزل أحضرنا مفتش الصحة، للحصول على تصريح الدفن، وقد طلب مني التوقيع على تقرير طبي يتضمن أن الوفاة حدثت داخل المنزل، وقال لي: "بدل البهدلة وتشريح الجثة، إكرام الميت دفنه"، ووقعت على التقرير، لأنني كنت في حالة صدمة، وعقب ذلك تأكدت أن زوجتي ماتت بسبب الإهمال، فحررت بلاغا بالواقعة، وقررت النيابة استدعاء الطبية، وتم تشميع مركزها الطبي.

مسؤول بمديرية الصحة، طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن حالات الوفاة أثناء الولادة داخل العيادات الخاصة تتصاعد في المنيا، لأن تلك العيادات غير مجهزة طبيا ولا تتوافر بها معظم الاشتراطات الصحية ويطلق عليها "بير سلم".

وأشار إلى أنه في 2013 تم تشكيل لجنة تقصي حقائق دائمة الانعقاد بإدارة رعاية الأمومة والطفولة، مسؤولة عن رصد وفيات الأمهات أثناء الحمل والولادة وفترة النفاس ومدتها 40 يوما بعد الولادة، إذ يتم إعداد استبيان أسبوعي بحالات الوفاة، سواء في عيادات أو مستشفيات حكومية وغير حكومية، وبناء على ذلك، تتوجه لجنة التقصي إلى أسر المتوفين، للاستفسار عن الحالة.

وأفاد بأن إدارة العلاج الحر بالمديرية تتابع حالات الوفاة التي تحدث داخل العيادات الخاصة، من خلال إعداد نموذج يتضمن بيانات المتوفاة، ليتم دراسة ظروف الوفاة وعمل مذكرة للعرض على لجنة إدارة الأمومة والطفولة، وإذا اكتشفنا أخطاء مهنية أدت للوفاة، يحال التقرير إلى النيابة العامة أو لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء، لاتخاذ إجراء تأديبي.

ولفت إلى أنه قد لوحظ أن هناك عيادات كثيرة غير مرخصة وغير مطابقة للاشتراطات الصحية، بجميع مراكز المحافظة، وهناك عيادات مشبهوهة جدا منها واحدة بمدينة المنيا وأخرى بأحد مراكز الجنوب صاحبها غير متخصص ويجري عمليات جراحية، ولاتتخذ ضده إجراءات عقابية رادعة.

ونوه المسؤول بالصحة، أنه عقب وفاة الحالة الأخيرة (نورهان) تم تشكيل لجنة للتفتيش على العيادة التي جرت الولادة بداخلها، وتبين أنها غير مطابقة للاشتراطات الصحية، ولا توجد بها عناية مركزة أو غرفة إفاقة أو أسطوانات أكسجين، كما أن إجراءات مكافحة العدوي (التعقيم والتخلص من النفايات) منعدمة تماما.

وأشار إلى أنه سبق وشهدت نفس العيادة، وفاة حالتين خلال أسبوع واحد، وفي عام 2013 تحديدا، رفعنا مذكرة إلى وكيل وزارة الصحة حينذاك، بضرورة غلق نفس المكان، لخطورته على المرضي، وتقرر الغلق لمدة شهر، لتصحيح المخالفات، ثم فوجئنا بحصول صاحبة العيادة على تأشيرة من المحافظ الأسبق الدكتور مصطفى عيسي، وكان ينتمي للإخوان، وتربطه علاقة زمالة بالطبيبة، إذ أنه كان من أشهر أطباء النساء والتوليد قبل تعيينه محافظا، لذا وافق لها على إرجاء قرار الغلق، ومنحها مهلة شهرا للتوفيق، ثم زادت حالات الوفاة بنفس المكان.

وأكد الصحة أن "نورهان" دخلت غرفة العمليات تعاني من ضغط عال، وكان يجب مراعاة بعض المحاذير قبل التخدير، منعا لحدوث نزيف، وسمعنا من أهلها أن طبيب التخدير لم يحضر، والطبيبة حلت محله، وحينما حدث نزيف، ادَّعت نفاذ أسطوانة الأكسجين، وطلبت من الأسرة استدعاء الإسعاف لنقلها للمستشفى، وكانت على علم أن الحالة في وضع حرج جدا، وحينما وصلت للمستشفى خضعت لجهاز الـ"سي بي آر" (الإنعاش القلبي والرئوي) وصدمات القلب، ثم توفيت، وكان ينبغي تحرير محضر داخل المستشفى، ولكن الأسرة لم تكن على علم بوجود إهمال.

وأضاف أنه كان يمكن العودة بالجثة مرة أخرى للمستشفى، وطلب الإسعاف والشرطة، منوها أن طبيب الولادة قد يكون مسؤولا عن حدوث أي مضاعفات للحالة خلال 40 يوما من الولادة، ففي أول 24 ساعة قد تحدث جلطة رئوية بسبب إهمال، وخلال 4 أيام قد يحدث نزيف داخلي في البطن والحوض، وبعد أسبوع أو 10 أيام حُمَّى نفاس.

يشار إلى أنه قبل 6 أشهر، قدمت سيدة تدعى شيماء عبد الدايم، مقيمة في حي كفر المنصورة بدائرة قسم المنيا ثان، شكوى للصحة، ضد نفس الطبيبة، واتهتمها باستئصال قناة فالوب.

وشكلت "الصحة" لجنة ثلاثية، أجرت أشعة بالصبغة للمجني عليها، وتبين عدم وجود القناة، ثم تقدمت الأسرة بشكوى إلى فرع منظمة حقوق الإنسان بالمنيا، وبناء عليه، فحص المهندس عبد الرحمن الشناوي مسؤول المركز الرئيسي، الشكوى، وبتشكيل لجنة تقصي حقائق بالمنظمة ومقابلة الضحية وزوجها، قدموا جميع المستندات الدالة بالمتابعة مع نفس الطبيبة، و"الروشتات" والأشعات، وعينات من أدوية تُباع داخل عيادتها، وبالتحري عن الطبيية تبين أن هناك عدة شكاوى ضدها مقدمة لإدارة العلاج الحر بمديرية الصحة.


مواضيع متعلقة