فاروق الفيشاوي.. يرحل مبتسماً

كتب: مصطفى عمار

فاروق الفيشاوي.. يرحل مبتسماً

فاروق الفيشاوي.. يرحل مبتسماً

 لم يعرف فاروق الفيشاوى الحزن من قبل، كان يرفضه ويلعنه ويهرب منه ويخشاه أكثر من خشيته للموت، كان مقتنعاً بأن الحزن أكثر ألماً من الموت، وهو ما دفعه لأن يعيش حياته بالطريقة التى تجعله سعيداً وبعيداً كل البعد عن الحزن، لم يصدق حضور حفل تكريمه العام الماضى بمهرجان الإسكندرية السينمائى، وهو يقف مبتسماً على خشبة المسرح ويعلن للحضور عقب تكريمه إصابته بمرض السرطان القاتل، وجهه لم تغب عنه الابتسامة، وعد الحضور بأنه سيقاتل هذا المرض وسينتصر عليه بحبه للحياة والسعادة، وبعدها تعامل الفيشاوى مع المرض وكأنه مصاب بصداع، هكذا كان يردد دائماً، لم يرفض أى عمل عُرض عليه، وقف على خشبة المسرح وهو يعانى ليقدم واحداً من أفضل أدواره المسرحية فى «الملك لير»، ووافق على الاشتراك فى فيلم «ليلة هنا وسرور» مع ابن صديق عمره «محمد عادل إمام»، لم يرغب فى أن يستسلم للمرض ويقضى أيامه حبيساً بغرفة كئيبة يتلقى فيها العلاج، كان كعادته يدعو أصدقاءه على حفلات الغداء والعشاء، يتمتم خلالها بكلمات قليلة عن المرض، وبعدها ينطلق ليتحدث فى كل ما يحب، المسرح والثقافة والحياة وفن معاملة المرأة.. الفيشاوى واحد من أبناء الجيل الذين وهبوا حياتهم للفن، لم يشغل باله بجمع الملايين وتكديسها بالبنوك، قرر أن يعيش حياته بروح الصعلوك رغم كل ما وصل إليه من نجومية ونجاح، مثله مثل أحمد زكى ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز، وكثيرين أخلصوا للفن وعاشوا حياتهم كما يحلو لهم بعيداً عن حسابات النجومية وتفاصيلها المزعجة، الفيشاوى أغمض عينيه أخيراً واستسلم للموت لأنه لا يريد أن يعيش أيامه الأخيرة محاطاً بالحزن، رحل مبتسماً حتى لا ينتصر عليه الحزن.

 


مواضيع متعلقة