كيف يجمع قادة الأحزاب بين العمل السياسي و"أكل العيش"؟

كتب:  علاء الجعودي

كيف يجمع قادة الأحزاب بين العمل السياسي و"أكل العيش"؟

كيف يجمع قادة الأحزاب بين العمل السياسي و"أكل العيش"؟

"السياسية في مصر متأكلش عيش"، هذا هو حال ورأي غالبية السياسيين والحزبيين، الذين يعتمدون على وظائف أو أعمال خاصة، للإنفاق على أسرهم، تتنوع مهنهم بين العمل بالمحاماة، أو الحسابات أو الصحافة أو إدارة مشاريعهم الخاصة، فيما قرر آخرون اختيار أشخاص لإدارة أعمالهم، في ظل انشغالهم بالعمل السياسي.

"الوطن" تناقش في التقرير التالي قيادات أحزاب، حول مصادر دخلهم، وكيف يوزعون أوقاتهم بين العمل السياسي، وأكل العيش. 

"صميدة": عينت إدارة لشركاتي وتفرغت لـ"المؤتمر"

وقال الربان عمر صميدة، رئيس حزب المؤتمر، إنه منذ أن دخل العمل العام، لم يعد لديه وقت للعمل في "البزنس"، ما اضطره إلى تعيين عدد من الأشخاص الذين يثق فيهم، لإدارة شركاته المتعددة، في مجالات استصلاح الأراضي، وتحلية لمياه، والمقاولات، مضيفًا لـ"الوطن": "العمل السياسي يجعل ذهني مشغولاً طول الوقت، لبناء قواعد للحزب في كل المحافظات، فضلا عن التفاعل مع كل قضايا الدولة والشؤون السياسية".

ويرى "صميدة" أن الأحزاب تؤدي أدوارًا عديدة منها "السياسي والتشريعي والاجتماعي والوطني"، ومنها المشاركة في تنظيم الدولة، ووضع السياسيات والقوانين، وهي القلاع السياسية الأولى، التي تقوم عليها الديمقراطية، وهي المسؤولة عن تجهيز وإعداد الشباب والكوادر وصناعة السياسيين، وحماية عقولهم من الاختطاف في ظل محاولات الجماعات الدينية والإرهابية لاختطافهم، من رحاب النقاش والاختلاف والتنوع إلى فريضة السمع والطاعة، والصوت الواحد، وأن تكون قائمًا على مؤسسة معنية بكل تلك الأمور، فالأمر يحتاج إلى تفرغ تمام. 

وتابع: "قيادات الأحزاب يتفاعلون ويتداخلون مع المواطنين في مشكلاتهم اليومية، خصوصًا في المحليات والقرى، ويعملون على وضع حلول لها، وهو الأمر الذي يبرز الدور الاجتماعي للأحزاب المختلط بالدور السياسي، كيف أستطيع كرئيس حزب أن انتبه لعملي كرجل أعمال وأنا مشغول بكل هذه القضايا، هناك البعض بالفعل يمكنهم الجمع بين أعمالهم الخاصة وتشابكاتهم ومسؤولياتهم السياسية، إلا أنهم يواجهون بالفعل صعوبات كبيرة، وربما يخسرون حياتهم الأسرية بشكل كبير أو يقصرون فيها". 

وحول المكاسب التي يمكن أن تعود على بعض رجال الأعمال من العمل الحزبي أو السياسي، قال "صميدة"، إنه لا أحد ينكر أن هناك رجال أعمال فعلوا ذلك في مراحل سابقة، فيما تقف القيادة السياسية في الوقت الحالي بالمرصاد أمام أي طموحات غير مشروعة لرجال الأعمال السياسيين. 

"عبد الغني": أسرتي هي الضحية الأولى من عملي السياسي والنقابي.. وأنفق على الحزب من عائد المحاماة.. 95% من الحزبيين يجمعون بين وظائفهم والعمل السياسي 

سيد عبد الغني، رئيس الحزب الناصري، يرى أنه لا مشكلة في ممارسة السياسة إلى جانب أكل العيش، ويعمل "عبد الغني" محاميًا، إذا يمتلك مكتبًا للمحاماة، كما يشغل منصب الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، ليؤدي بذلك 3 أدوار، العمل الخاص للكسب، وإلى جانب ممارسة العمل النقابي، يرأس واحدًا من أعرق الأحزاب في مصر. 

قال "عبدالغني": "في نهاية يومي أشعر بإرهاق شديد، بعد عمل لنحو 14 ساعة بشكل متواصل مقابل ساعات نوم قليلة، حيث يبدأ اليوم في الثامنة صباحا وحتى الثانية ظهرًا أقضية بين المحاكم واتحاد المحامين العرب ونقابة المحامين، وأتوجه عصرًا إلى الحزب وأظل فيه حتى المساء، وأسرتي هي الضحية الأولى في هذا الأمر، حيث تشعر بالظلم الشديد، بينما مشدود طوال الوقت بين العمل السياسي والنقابي والوظيفة الخاصة، حتى في حالة وجود قصور، فغالبًا يكون في عملي كمحامي، وهو ما ينعكس أيضًا بالسلب على دخل الأسرة، خصوصًا أننا أحيانًا ما ننفق على العمل الحزبي من أموالنا الخاصة".

واستطرد: "منذ أن كنت شابًا، وأنا أدفع ضريبة العمل السياسي، وكل السياسيين دفعوا هذا الثمن، حتى أن بعضهم خسروا وظائفهم، فيما ذهب آخرون في أنظمة سابقة وراء القضبان وضاع مستقبلهم، هناك من أصبحوا غير قادرين على تلبية احتياجات أسرهم وأصبحت زوجته هي التي تقوم بدور أكبر في تربية الأولاد وتنظيم حياة الأسرة، وهو يراقب ويباشر ويوجه قدر استطاعته". 

وحول اعتقاد البعض، بأن السياسيين بلا مهنه، ويتربحون من عملهم الحزبي أشار عبد الغني، إلى أنه في كل دول العالم المتقدم، يوجد متفرغون للسياسة، هم عماد الحزب ويحصلون مقابل ذلك على راتب من وراء عملهم الحزبي، وهذا النموذج غير موجود لدينا بسبب ضعف المقدرات المالية للأحزاب، وعدم استطاعة الحزب الإنفاق على رواتب لقياداته، لذلك فإن 95% تقريبًا من العاملين في الحياة الحزبية، يجمعون بين عملهم الوظيفي والسياسي، حسب قوله. 

"الخولي": تنقصنا في مصر السياسة الاحترافية.. وليس عيبًا أن تمنح الأحزاب قياداتها التنظيمية بدل تفرغ 

حسام الخولي، أمين عام حزب مستقبل وطن، عين بدوره فريق عمل لإدارة شركاته في مجال الآلات الزراعية بقيادة ابنه، يقول: "أعمل في السياسية منذ أكثر من 30 عامًا، وكنت أعطي في بداية حياته وقتًا كبيرًا لتأسيس تلك الشركة على حساب العمل السياسي مع الوقت انعكس الأمر، فأصبحت السياسة تستحوذ على معظم الوقت". 

وأضاف الخولي: "لم نصل في مصر بعد لمرحلة السياسة الاحترافية، التي تمنح فيها الأحزاب بدل تفرغ لقياداتها التنظيمية ورؤساء الأحزاب، فالحصول على بدل تفرغ مالي ليس عيبًا في السياسة ولكن ميزانيات الأحزاب نفسها لا تكفي لتغطية أنشطتها وفاعلياتها وحملاتها الانتخابية". 


مواضيع متعلقة