بين تهديد المرشد وتصريحات ترامب.. تضارب الأقوال في أزمة إيران وأمريكا

بين تهديد المرشد وتصريحات ترامب.. تضارب الأقوال في أزمة إيران وأمريكا
ذكرت وكالة "رويترز" الأمريكية، أنّ إيران والولايات المتحدة أرسلوا إشارات متضاربة الثلاثاء بشأن حل النزاعات بينهما، في إشارة إلى التخبط الدائر بين سياستهما، بينما هدد المرشد الأعلى لإيران بمزيد من خرق الاتفاق النووي لعام 2015.
وأشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الكثير من التقدم في حل الأزمة الإيرانية، وذكرت الشبكة الأمريكية في تقريرها أنّ التوترات تصاعدت منذ تخلي ترامب العام الماضي عن الاتفاق النووي للقوى الكبرى مع إيران، والذي بموجبه وافقت طهران على تقليص برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات العالمية التي تشل اقتصادها، ومنذ ذلك الحين أعادت واشنطن فرض عقوبات صارمة لتخريب تجارة النفط الإيرانية في إطار سياسة الضغط الأقصى لإجبار طهران على الموافقة على قيود أكثر صرامة على قدرتها النووية، وكبح برنامجها الصاروخي البالستي، وإنهاء الدعم للقوات بالوكالة في صراع إقليمي على السلطة بدعم من الولايات المتحدة ودول الخليج".
وأضافت الوكالة في تقريرها أنّ المخاوف من الصراع الأمريكي الإيراني المباشر منذ مايو الماضي، بدأت من خلال عدة هجمات على ناقلات النفط في الخليج، وإسقاط إيران لطائرة استطلاع أمريكية دون طيار، وخطة لشن غارات جوية أمريكية على إيران في الشهر الماضي، والتي أوقفها ترامب في اللحظة الأخيرة.
وقال المرشد الأعلى لإيران الثلاثاء الماضي إنّ طهران ستواصل إزالة القيود المفروضة على نشاطها النووي في الاتفاق الذي أبرمته مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، والرد على الاستيلاء على ناقلة نفط إيرانية، بينما اتهم آية الله علي خامنئي، بريطانيا وألمانيا وفرنسا بالفشل في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق لاستعادة وصول إيران إلى التجارة العالمية، خاصة بالنسبة لصادرات طهران النفطية التي تقيدها العقوبات الأمريكية.
وتابع خامنئي في تصريحاته: "وفقا لوزير خارجيتنا، تعهدت أوروبا بـ11 التزامًا، لم يلتزم أي من الدول الأوروبية بها، التزمنا بالتزاماتنا كلها، والآن وقد بدأنا في التحلل منها، فإنهم يعارضوننا"، مضيفا: "بدأنا خفض التزاماتنا وسيستمر هذا الاتجاه".
وأكد المفتشون النوويون التابعون للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، أنّ إيران بدأت الآن تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطارية تبلغ 4.5%، ما يفوق الحد الذي حددته بصفتها 3.67%، وهو الانتهاك الثاني بعد مرور عدة أسابيع على تجاوز طهران لقيود مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، وما زال مستوى تكرير إيران لليورانيوم أقل بكثير من نسبة التخصيب البالغة 20% التي وصلت إليها إيران قبل الصفقة، ونسبة 90% اللازمة لإنتاج الوقود النووي المستخدم في صنع القنابل النووية، كما أنّ يورانيوم منخفض التخصيب يوفر الوقود لمحطات الطاقة المدنية.
وتابعت الوكالة الأمريكية في تقريرها: "كان خامنئي دعم القوى الأوروبية في السابق لتجنب مواجهة ترامب والتحايل على عقوباته، لكنها كانت المرة الأولى التي يتعهد فيها خامنئي صراحة بالمضي قدما في خروقات الاتفاق النووي، متجاهلا النداءات الأوروبية لإيران لاستعادة حدود التخصيب التي تهدف إلى تجنب أي اندفاعات لتطوير قنابل ذرية".
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي لـ"رويترز": "حتى الآن لم تنجح الجهود الرامية إلى كسب تنازلات من إيران لتهدئة الأزمة، إذ إنّ طهران تطالب برفع العقوبات على قطاعي النفط والبنوك أولا، وتنفي إيران أي نية لامتلاك أسلحة نووية، وقالت إنّ كل انتهاكاتها يمكن عكسها إذا عادت واشنطن إلى الصفقة وتحققت أرباحها الاقتصادية، واتهمت طهران واشنطن بشن حرب اقتصادية، وبشكل منفصل، أنكرت إيران أنّها مستعدة للتفاوض حول برنامج الصواريخ البالستية، متناقضةً مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، كما يبدو أنّها تقوض تصريحات ترامب بأنّ واشنطن أحرزت تقدما في نزاعاتها مع طهران.
وقال كبير الدبلوماسيين الأمريكيين إنّ إيران أشارت إلى استعدادها للتفاوض بشأن صواريخها الباليستية خلال اجتماع لمجلس الوزراء بالبيت الأبيض، قال فيه ترامب: "سنرى ما سيحدث، لكن تم إحراز تقدم كبير".
ويبدو أنّ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، رد على تعليق وزير الخارجية الإيراني بأنّ طهران ستناقش برنامجها الصاروخي بعد أن توقفت واشنطن عن تسليح حلفائها مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهو أمر من غير المرجح أن تفعله الولايات المتحدة، وأثار تقييمه ذلك نفيًا سريعًا من المتحدث باسم بعثة إيران إلى الأمم المتحدة، غرّد كتب على موقع تويتر، قائلاً إنّ صواريخ إيران قابلة للتفاوض مطلقًا ولا تخضع لأي شرط مع أي شخص أو أي دولة"، وخلال حديثه في اجتماع مجلس الوزراء الأمريكي، صدم ترامب الجميع، قائلا إنّ واشنطن تريد مساعدة طهران، وصرح بومبيو في الاجتماع بأنّ إيران لأول مرة أشارت إلى أنّها مستعدة للتفاوض بشأن صواريخها الباليستية، ما يشير إلى أنّ هذا كان نتيجة للضغوط الاقتصادية الأمريكية.
ويبدو أنّ "بومبيو" يشير إلى تصريحات وزير الخارجية الإيراني يوم الإثنين، التي قال فيها إنّ إيران الشيعية ستناقش برنامجها الصاروخي فقط بعد أن تتوقف الولايات المتحدة عن تسليح خصميها السنة في المنطقة السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وصرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبرنامج تليفزيوني على قناة "إن بي سي" الأمريكية، بأنّه بمجرد إزالة إدارة ترامب للعقوبات، وعودتها إلى الصفقة النووية، فإنّ مجال التفاوض مفتوح على مصراعيه، وعندما سئل عما إذا كان يمكن أن يشمل ذلك برنامج الصواريخ الباليستية، أجاب ظريف: "إذا كانوا يريدون مناقشة صواريخنا فعليهم أولاً التوقف عن بيع كل هذه الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ، إلى منطقتنا"، في إشارة إلى بيع الولايات المتحدة الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات.
واستبعدت الجمهورية الإسلامية مرارا التفاوض تحت وطأة عقوبات واشنطن، وقالت منذ فترة طويلة إنّ برنامجها للصواريخ البالستية دفاعي وغير قابل للتفاوض، وفي يوم الإثنين الماضي، قررت الأطراف الأوروبية في الاتفاق النووي عدم إطلاق آلية نزاعها بشأن خروقات إيران لصالح متابعة المزيد من دبلوماسية استكشاف الأخطاء وإصلاحها، وفي تصريحاته، قال خامنئي أيضًا إنّ إيران سترد على "قرصنة" بريطانيا بشأن مصادرة ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق في أوائل الشهر الجاري، وبعد تصريحاته، قال المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية، إنّ تصاعد التوترات بين الدول الغربية وإيران ليس في مصلحة أحد، ودعت إيران بريطانيا إلى الإفراج الفوري عن ناقلة النفط التي احتجزتها قوات المارينز الملكية البريطانية للاشتباه في أنّها تخرق العقوبات الأوروبية عن طريق نقل النفط إلى سوريا حليفة طهران المقربة.