اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.. القارة السمراء على موعد مع التنمية

اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.. القارة السمراء على موعد مع التنمية

اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.. القارة السمراء على موعد مع التنمية

فى خطوة جادة ومصيرية فى مستقبل القارة السمراء، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى الأسبوع الماضى بدء سريان اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الأفريقية، وذلك خلال فعاليات القمة الاستثنائية التى عقدت فى النيجر، لتقطع بذلك شوطاً كبيراً فى أجندة أفريقيا 2063، بعد مناقشات استمرت 12 عاماً، تهدف لتحقيق تكامل تجارى واقتصادى بين كافة الدول الأفريقية، وتأسيس تكتل قارى قوى يمكنه التأثير فى التطورات الاقتصادية العالمية مستقبلاً.

وتهدف الاتفاقية إلى إزالة الحواجز والمعوقات الجمركية وغير الجمركية بين دول القارة، وخلق سوق أفريقية موحدة للسلع والخدمات، حيث تعمل الاتفاقية على زيادة التجارة البينية من 16% خلال 2018 لتصل إلى 53% مقارنة بحجم التجارة الأفريقية مع باقى دول العالم، وذلك من خلال القضاء على 90% من التعريفات الجمركية بين 54 دولة موقعة على الاتفاقية.

ومن المتوقع أن تجنى الدول المشاركة فى الاتفاقية مكاسب كبيرة على صعيد الاستثمار المباشر، حيث تفتح هذه الاتفاقية نحو 53 سوقاً خالية من التعريفات الجمركية أمام أى مستثمر أجنبى أو محلى فى الدول الموقعة على الاتفاقية التى بدأت حيز التنفيذ بالفعل، وهو ما يمثل عامل جذب كبير لرؤوس الأموال الأجنبية، خاصة أن الأسواق الأفريقية لم تصل لحد الكفاف حتى الآن لتصنف كواحدة من أكثر الأسواق المتعطشة لدخول منتجات وخدمات جديدة على عكس الدول المتقدمة.

مصر الأولى فى قائمة "أكبر اقتصاديات أفريقي" وجذب الاستثمار الأجنبى.. و934 مليار دولار حجم تجارة القارة مع العالم

وتعتبر السوق الأفريقية إحدى أهم الأسواق على خريطة التنمية الاقتصادية عالمياً، حيث تتسم باتساعها بشكل كبير، حيث يبلغ عدد سكان القارة 1.2 مليار نسمة، ويبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادى للقارة 3.4%، فى حين يبلغ حجم الناتج المحلى الإجمالى لاقتصادات القارة 2.5 تريليون دولار، فيما يبلغ حجم التجارة بين أفريقيا والعالم 934.4 مليار دولار، وتعتبر مصر الأولى أفريقياً فى جاذبية الاستثمار المباشر وفقاً لبنك راند ميرشانت عام 2018، تليها جنوب أفريقيا، ثم المغرب، ثم إثيوبيا.

كما تحتل مصر المرتبة الأولى ضمن أكبر عشرة اقتصادات فى أفريقيا وفقاً للناتج المحلى الإجمالى بتعادل القوة الشرائية، والذى بلغ قيمته فى مصر 1219٫5 مليار دولار، تليها نيجيريا 1171.4 مليار دولار، ثم جنوب أفريقيا 789.3 مليار دولار.

وارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الأفريقية بنسبة 23% ليصل إلى 6.9 مليار دولار عام 2018 مقارنة بــ5٫6 مليار دولار عام 2017، كما ارتفعت كذلك قيمة الصادرات بين مصر ودول أفريقيا بنسبة 27% لتصل إلى 4.7 مليار دولار عام 2018 مقارنة بــ3.7 مليار دولار عام 2017، وكذلك شهدت الواردات بين مصر ودول أفريقيا زيادة أيضاً بنسبة 15% لتصل إلى 2.14 مليار دولار عام 2018 مقارنة بــ1.86 مليار دولار عام 2017.

ومن جانبه، قال أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية الأفريقية، إن مصر تمتلك فرصاً واعدة لاستغلال تلك الاتفاقية ودفع منتجاتها للوجود بقوة داخل أسواق الدول الموجودة عبر الاتفاقية لما تمتلكه تلك المنتجات من قدرات تنافسية، خاصة فى ظل المشروعات والمبادرات العديدة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخراً لتعزيز التعاون مع دول العمق الأفريقى، والتى يأتى فى مقدمتها مشروع تدشين صندوق لضمان المخاطر، وكذلك مشروعات البنية التحتية مثل طريق القاهرة - كيب تاون والذى يمثل إحدى الدعامات الرئيسية لتيسير حركة التجارة مع دول القارة.

أحمد الوكيل: الاتفاقية تفتح المجال أمام المنتجات المحلية للمنافسة فى أسواق القارة.. وضبط رسوم الحاويات يعزز التنافسية

وأكد «الوكيل» أن مناطق شرق ووسط أفريقيا تعتبر أبرز الأسواق الواعدة أمام المنتجات المصرية للمنافسة بقوة داخلها خلال الفترة المقبلة، مطالباً بضرورة التركيز على أسواق الدول الحبيسة بها، وهو ما يعزز من زيادة نسب التجارة بين مصر ودول القارة التى لم تتعد الـ0.5%.

وأضاف أن التكامل الاقتصادى والتجارى بين الدول المشاركة فى الاتفاقية يتوقف على إرادة هذه الدول فى التغلب على التحديات التى تواجه تفعيلها، والتى يتمثل أبرزها فى ضعف البنية التحتية للطرق، مشيراً إلى أن الاتحاد قام بعمل دراسة جديدة لتدشين طريق يربط بين موانئ مصر بالبحر الأحمر وبعض المدن مثل مدينة نجامينا عاصمة تشاد، مشدداً على أهمية إنشاء مراكز لوجيستية لتسهل حركة التجارة بين دول القارة السمراء.

وطالب «الوكيل» بضرورة مراجعة كل القرارات الصادرة عن وزارة النقل خلال العامين الماضيين، والتى تتعلق برسوم تفريغ الحاويات بالموانئ المصرية، حيث إنها تمثل عائقاً أمام تنافسية هذه المنتجات، نتيجة زيادة تكلفتها متأثرة برسوم الحاويات.

وبذلت الحكومة المصرية جهوداً كثيرة فى الآونة الأخيرة لدعم وتنشيط التعاون الأفريقى، حيث قامت بتدشين مشروع جسور التجارة مع دول شرق ووسط أفريقيا، والذى يستهدف تطوير وإدارة خدمات النقل البرى والتخليص الجمركى والتخزين بمستودعات مُدارة من الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، فضلاً عن التأمين على عمليات النقل بواسطة شركة مصر للتأمينات العامة والممتلكات التابعة للوزارة، ومن المقرر إطلاق أول رحلة فى هذا المشروع أكتوبر المقبل من ميناء السخنة، متوجهة إلى مدينة مومباسا، مستهدفين إطلاق رحلة كل أسبوع تضم نحو 100 حاوية، واستعانت الدولة بشركات دولية لإدارة وتشغيل المشروع لمدة 3 سنوات، وفتح باب الشراكة مع شركات القطاع الخاصة، خاصة وأنها تستهدف ألا تزيد نسب مساهمة الحكومة فى هذا المشروع عن 24% فقط.

علاء السقطى: البنوك مطالبة بلعب دور أكبر فى تأمين مخاطر التصدير

ويرى علاء السقطى، أحد المستثمرين المصريين فى السوق الأفريقية، ورئيس جمعية مستثمرى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن الفترة المقبلة تتطلب ضرورة قيام القطاع المصرفى بلعب دور أكثر فاعلية لدعم المنتجات المصرية فى الأسواق الخارجية، خاصة فيما يتعلق بضمان مخاطر التصدير وإتاحة التمويلات اللازمة للوجود فى الأسواق المستهدفة، خاصة داخل قارة أفريقيا.

وأضاف أن قارة أفريقيا تعد أكثر الأسواق الواعدة لاستقبال المنتجات المصرية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أهمية التوسع فى النشاط التصديرى لمدخلات الإنتاج لتجميعها داخل القارة والتنازل عن الاعتقادات السائدة المتعلقة بضرورة تصدير المنتجات تامة الصنع.

ودعا «السقطى» إلى ضرورة أن تقوم الحكومة بعقد اتفاقيات تجارية واستثمارية مع حكومات الأسواق المستهدفة داخل أفريقيا لتوفر ضمانات حقيقية للمستثمرين، تشمل إمكانية تحويل أموالهم عبر البنوك، وحقهم فى التحرك والتنقل بتلك الدول دون مانع وحمايتهم فى أوقات الأزمات السياسية والأمنية.

وقال مجدى طلبة، رئيس المجلس التصديرى للغزل والمنسوجات والملابس الجاهزة والمفروشات المنزلية، إن السوق الأفريقية سيطر عليها العديد من الدول، مثل الهند والصين وإسرائيل وتركيا لفترات طويلة، وجاءت هذه الاتفاقية لتُعيد ترسيم خارطة التعاون التجارى والاقتصادى بين دول القارة الواحدة، واستعادة مصر لمكانتها مرة أخرى.

مجدى طلبة: الصناعات النسجية تمتلك فرصاً واعدة وتحديث المصانع أبرز التحديات

وأشار إلى أن المنتجات المصرية بحاجة إلى زيادة قدرتها التنافسية لتتمكن من النفاذ إلى الأسواق الأفريقية، وهو ما يتطلب تقوية الصناعة الوطنية وزيادة القيم المضافة بها، مع التركيز على عامل التكلفة الذى يمثل عنصراً رئيسياً فى المنافسة، منوهاً بأن صادرات قطاع المنسوجات للأسواق الأفريقية تواجه ضعفاً كبيراً، وذلك فى ظل وجود مصدرين مثل الصين وبنجلاديش يتمتعان بميزة تنافسية عالية فى الأسعار، مع قدرتهم على الإنتاج بشكل ضخم والتوريد لهذه الأسواق، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع تكلفة المنتجات المصرية وعدم تطوير المصانع لفترات طويلة.

وذكر أن هناك فرصة للتعاون مع البلدان الأفريقية فى قطاع الصناعات النسجية، حيث بدأت بعض الدول، مثل كينيا، وموريشيوس، وإثيوبيا تهتم بمجال الملابس والمفروشات، ولكن يحتاج ذلك إلى تقوية الصناعة المحلية، خاصة فى مجال الصناعات المغذية من مستلزمات الإنتاج، مثل الغزول والإكسسوارات.


مواضيع متعلقة