عودة "حماس" لدمشق.. هل يُصلح الزمن ما أفسدته السياسة؟

كتب: محمد حسن عامر

عودة "حماس" لدمشق.. هل يُصلح الزمن ما أفسدته السياسة؟

عودة "حماس" لدمشق.. هل يُصلح الزمن ما أفسدته السياسة؟

تشهد منطقة الشرق الأوسط في الفترة الحالية تطورات معقدة ومتغيرة ومتسارعة، تتدخال فيه متغيرات دولية وإقليمية ومحلية، ويبدو أن هذه التطورات تكتب حلقة جديدة بخصوص العلاقات بين حركة "حماس" الفلسطينية والحكومة السورية، بعد تأكيد الحركة وجود مساعي لاستعادة تلك العلاقات.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار، في تصريحات أمس، إن ثمة جهودا بذلت سابقا، وتبذل حاليا لعودة العلاقات بين حركة حماس والرئيس السوري.

وأوضح "الزّهار" أن "من مصلحة المقاومة أن تكون هناك علاقات جيدة مع جميع الدول التي تعادي إسرائيل ولديها موقف واضح وصريح من الاحتلال مثل الجمهورية السورية والجمهورية اللبنانية والجمهورية الإيرانية الإسلامية"، على حد قوله.

وأثنى الزهار على الرئيس السوري بشار الأسد، قائلا إنه "فتح لنا كل الدنيا، لقد كنا نتحرك في سوريا كما لو كنا نتحرك في فلسطين، وفجأة انهارت العلاقة على خلفية الأزمة السورية، وأعتقد أنه كان الأولى أن لا نتركه وأن لا ندخل معه أو ضده في مجريات الأزمة".

وتابع: "سوريا لم تفتح أبوابها لحركة حماس فقط بل لكل التنظيمات الفلسطينية، علينا أن نصدح بكلمة الحق والصدق حتى وإن لم يرق ذلك الموقف للكثير".

 

 

 مسئول بـ"دمشق" يرفض التعقيب.. ومحلل سوري: ستعود العلاقات بعد تغليب المصالح الفلسطينية على الإخوانية والتركية

تواصلت "الوطن" مع مسئول رفيع بالحكومة السورية للتعليق على تصريحات القيادي بـ"حماس" محمود الزهار، إلا أن المصدر فضل عدم التعليق في الوقت الحالي حول عودة العلاقات بين الحركة ودمشق.

"سوريا كانت مع حماس عندما كانت ترفع المصالح الفلسطينية وابتعدت عندما غلبت الحركة المصالح الإخوانية"، هكذا علق المحلل السياسي السوري والخبير العسكري علي مقصود، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، على موقف "حماس"، وأضاف، المحلل المقرب من الحكومة السورية، أن "الفترة الماضية شهدت وصل رسائل عدة من حركة حماس بشأن عودة العلاقات، والحكومة السورية لا تمانع عودة العلاقات، إلا أن هذه العودة ستكون غير متعجلة".

وأوضح "مقصود" أن هناك بعض القيادات العليا من حركة "حماس" لا تزال تتمسك بالعلاقة مع تركيا، وتركيا سبب رئيسي في معاناة الشعب السوري بدعم الإرهاب والفوضى، واعتبر كذلك أن هناك قيادات عليا في الحركة تغلب العلاقة مع جماعة الإخوان على مصالح الشعب الفلسطيني وأيضا على مصالح الأمة العربية. وقال مقصود: "في الوقت ذاته فإن دمشق تأخذ في اعتبارها التطورات المختلفة التي تتعلق بالقضية الفلسطينية وما يسمى بصفقة القرن، ولذلك أي تحالفات من شأنها دعم محور المقاومة ستحدث"، على حد قوله.

وكانت الحكومة السورية أعلنت رسميا في يونيو الماضي عن عدم عودة العلاقات مع "حماس"، وقالت إن الحركة دعمت الإرهاب في سوريا، وفقا لها.

وبالعودة إلى بدايات أحداث ما عرف بـ"الربيع العربي"، قبلها بقليل أو حتى بداياتها كان القيادي بحماس خالد مشعل، وقتها رئيس المكتب السياسي للحركة وقتها، صديقا على مدى سنوات طويلة للحكومة السورية، لكن النقلة الحقيقية أتت عام 2012، حين تم انتخاب محمد مرسي في مصر، وخلقت قناعة لدى "حماس" و"مشعل" بأنه يمكن أن يتم الإطاحة بالنظام الحاكم في سوريا وأن يكون هناك رئيس إخواني في "دمشق"، وعلى هذا الأساس قرر "مشعل" أن يغير اتجاه بوصلته من سوريا إلى قطر راعي الإخوان في المنطقة.

ثم قرر "مشعل" أن يتم إرسال الأسلحة إلى الفلسطينيين المقيمين في مخيم اليرموك قرب "دمشق" على أمل إسقاط النظام سريعا فيكون هناك نظام جديد إخواني في ليبيا إلى جوار النظام الإخواني في مصر والنظام المهيمن عليه الإخوان في ليبيا وتونس، لكن هذا لم يحدث ولم يسقط الرئيس السوري كما كانت التوقعات الحمساوية وغيرها تشير عام 2012، ثم لتغلق الحكومة السورية مكتب "حماس" ردا على موقفها. وفي يونيو 2018 أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أن "الحركة لم تقطع العلاقة مع دمشق"، واصفاً ما يجري في سوريا بأنه تجاوز "الفتنة" إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية.

متخصص في الشئون الإقليمية: الضغوط على إيران تدفع "طهران" لإعادة العلاقات بين "الأسد" و"حماس"

"الضغوط التي تتعرض لها إيران دوليا السبب الأول والرئيسي لدفع حماس نحو تصحيح العلاقات مع الحكومة السورية"، هكذا تحدث الدكتور سامح راشد المتخصص في الشئون الإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن تاثير السياق الإقليمي على توجهات حركة "حماس"، وقال، في اتصال هاتفي لـ"الوطن": "إيران تحاول إحياء تحالفاتها، وإنشاء شبكة تحالفات جديدة تدخل فيها بعض حلفائها التي تمتلك طهران علاقات قوية معهم"، مضيفا: "إيران – حماس خط قوي، ودمشق – طهران أيضا خط قوي، فتعمل على إقامة الروابط بينهم مرة أخرى، وليس هذا فقط بل على سبيل المثال تعمل على إقامة علاقات بين جماعة (أنصار الله) الحوثيين وبعض الجماعات في جنوب البحر الأحمر".

وتشهد الأشهر الأخيرة توترا غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإيران وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين بشأن الالتزام بالاتفاق النووي والاعتداءات على السفن التي تشهدها مياه الخليج، حتى وصل الأمر إلى التلويح بالقوة العسكرية بين "واشنطن" و"طهران"، فضلا عن العقوبات الأمريكية القاسية. إلا أن "راشد" لفت كذلك إلى عوامل أخرى ترتبط بالضغوط على حركة "حماس" نفسها ومسار القضية الفلسطينية، وكذلك الضغوط التي فرضت على قطر التي كانت توفر كل سبل الدعم للحركة. وتعاني قطر التي وفرت دعما كبيرا لـ"حماس" في الفترة الأخيرة نتجية قرارات المقاطعة التي اتخذتها الدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب: مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وذلك بسبب سياسات النظام القطري الداعمة للإرهاب ولمخططات الفوضى في المنطقة.

قيادي بحركة "فتح": لا نهتم بتحركات "حماس" إلا بما يخدم قضيتنا.. ونرفض التدخل في شئون أي دولة عربية

لطالما كان الموقف من قبل السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" رافضا لموقف "حماس" من الأوضاع في سوريا، واعتبره تدخلا في شأن دولة عربية بما لا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته، أمر يدفع إلى التتبع الجيد لموقف "حماس" الجديد من الحكومة السورية، بحسب الدكتور جهاد الحرازين القيادي في حركة "فتح". وقال "الحرازين"، في اتصال هاتفي لـ"الوطن"، إن "السلطة الفلسطينية وحركة فتح لا تتدخل في مسألة أن من حق الفصائل الفلسطينية أن تقيم علاقاتها وتؤسس لها كيفما شاءت، إلا أن هذه العلاقات يجب دوما أن تبقى في إطار الحفاظ على العلاقات الجيدة مع مختلف الدول العربية". وأضاف القيادي الفتحاوي: "كما لا نرغب من أي دولة أخرى التدخل في الشأن الفلسطيني واحترام خيارات الشعب الفلسطيني، فإننا في الوقت ذاته نرفض التدخل في شأن أي دولة عربية أخرى، وهذا خطا وقعت فيه حركة حماس عندما خرجت عن الرؤية الفلسطينية واختارت الانحياز إلى الفصائل المناوئة للرئيس السوري بشار الأسد". وشدد "الحرازين" على أن "فتح" أو السلطة لا تنظر إلى أي تحرك حمساوي تجاه "دمشق" إلا من منطلق ما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني فقط.

خبير بـ"الأهرام" عن تناقضات الحركة: "الإخوان" لديهم قدر من الانتهازية أن يقوموا بالشئ ونقيضه

جزء رئيسي من توجهات الإخوان في السنوات الأخيرة قامت على العداء للرئيس السوري بشار الأسد، ودعم محاولة إسقاط النظام الحاكم في سوريا، وبالتالي حين تذهب "حماس" وهي أحد الفصائل القوية بتنظيم الإخوان الدولي لإعادة العلاقات مع "الأسد"، فإن هذا تناقض مع مواقف الجماعة يثير علامات استفهام.

"الإخوان لديهم قدر من الانتهازية أن يقوموا بالشئ ونقيضه".. هكذا علق الدكتور محمد جمعة الباحث في وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات الساسية على تقييم الإخوان لتحركات "حماس"، وأضاف، في اتصال هاتفي لـ"الوطن": "جماعة الإخاون في سوريا كانوا معارضين للرئيس السوري قبل حتى وقوع أحداث 2011، ومع ذلك كانت حماس لديها علاقات قوية مع دمشق، والإخوان كانوا يتفهمون هذا الأمر".

وقال "جمعة": "في النهاية مستوى التنسيق بين تيارات الإخوان يقوم على برجماتية تصل إلى الانتهازية، وتقوم على أن ولاء الإخوان للإخوان، وبالتالي عودة العلاقة بين حماس والحكومة السورية لن تكون على حساب الإخوان، ستحاول حماس توظيفها لمصلحتها فقط دون الإضرار بالإخوان".

وتابع: "في هذه المرحلة عودة علاقات حماس مع الحكومة السورية لن يكون لها تاثير على إخوان سوريا لأن الأخيرة ليس لها التأثير الكبير على مستقبل الحكومة السورية، وستستطيع الحركة أو جماعة الإخوان أن تجد مبررا لذلك من قبيل علاقات الضرورة ودرأ المفسدة ومثل هذه المبررات".

 


مواضيع متعلقة