أنقرة تنقب عن الغاز بمياه قبرص.. ومحلل تركي: ورقة ضغط يستغلها أردوغان

كتب: محمد علي حسن

أنقرة تنقب عن الغاز بمياه قبرص.. ومحلل تركي: ورقة ضغط يستغلها أردوغان

أنقرة تنقب عن الغاز بمياه قبرص.. ومحلل تركي: ورقة ضغط يستغلها أردوغان

أظهرت بيانات "ريفينتيف أيكون" للشحن أن سفينة حفر تركية ثانية وصلت إلى إحدى المناطق في البحر الأبيض المتوسط قبالة ساحل شمال شرق جزيرة قبرص الاثنين، ومن المتوقع أن تبدأ السفينة عمليات الحفر للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي هذا الأسبوع.

وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد دعوا تركيا الشهر الماضي إلى وقف أعمال التنقيب عن الغاز في المياه المتنازع عليها حتى لا يتخذ الاتحاد إجراء ضدها بعد ضغوط من اليونان وقبرص للتدخل.

وفي الثامن عشر من يونيو الماضي كشفت صور نشرها موقع "إميدج سات إنترناشيونال"، سفنا تركية وهي تقوم بالتنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لقبرص، لتستمر بذلك أنقرة في خرقها للقوانين الدولية، وتعديها على حقوق الجيران.

وأظهرت صورة نشرها الموقع على حسابه في تويتر، سفينة "فاتح" التركية للتنقيب عن الغاز، وهي تجري عمليات التنقيب في 16 من مايو الماضي، على بعد 80 كلم غرب مدينة بافوس القبرصية، وهي المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.

ونقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية للأنباء عن وزير الطاقة التركي فاتح دونميز، السبت الماضي، أن سفينة الحفر التركية الثانية "ياووز" ستبدأ التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط خلال أسبوع وذلك في خطوة قد تؤدي لمزيد من التوتر في العلاقات مع قبرص بشأن حقوق التنقيب.

ويقول المحلل السياسي التركي محمد عبيد الله، إن قبرص أعلنت التزامها بالمعاهدات الدولية وتلقى دعما من دول الاتحاد الأوروبي، لكن تركيا لا تعترف بالمعاهدات وتزعم أنها لديها حق في المياه الإقليمية والموارد التابعة لها مثل الغاز الطبيعي.

ويضيف المحلل السياسي التركي في اتصال لـ"الوطن": "أعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستغل هذه القضية للحصول على تنازلات من الدول الكبرى بشأن السياسات التي يتبعها في منطقة الشرق الأوسط، ومن الممكن أن نقول إنها ورقة ابتزاز في يد أردوغان".

الدكتور صحبت كاربوز، مدير شعبة الهيدروكربونات بالمرصد المتوسطي للطاقة، رأى في دراسة نشرها عام 2012 إن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، دون شك، موطن لكمية هائلة من الموارد الهيدروكربونية، رغم أن بلدان المنطقة، فيما عدا مصر، كانت متباطئة في العثور عليه.

وفي حين كانت مصر هي الرائدة في اكتشاف الغاز بحقل أبو قير البحري عام 1969، ولم يبدأ الحفر في أعماق المياه تحت آفاق جديدة في شرق البحر إلا عام 2000.

وحتى اليوم، تم اكتشاف أكثر من 2000 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي قبالة الساحل المصري في البحر المتوسط، غير أن منطقة شرق البحر المتوسط لم تستكشف، بعد ولديها إمكانيات جيدة الاحتياطيات الإضافية.

وفي مارس 2010، أجرت الولايات المتحدة مسحًا أسفر عن تقييم يتعلق بإمكانية وجود مورد غير مكتشف للنفط والغاز في منطقة حوض بلاد الشام شرقي البحر المتوسط.

وتغطي المنطقة أراضي في البحر، بما فيها التي تنتمي لقطاع غزة وإسرائيل ولبنان وسوريا وقبرص.

وحسب دراسة أخرى بعنوان "موارد الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط: التحديات والفرص"، فتقدر موارد النفط وسوائل الغاز الطبيعي في حوض "NGLs" غير المكتشفة القابلة لاستخلاص تقنيًا بحوض بلاد الشام بحوالي 3.5 مليار برميل، والأهم في الأمر الكميات الهائلة غير المكتشفة من موارد الغاز الطبيعي المقدرة بحوالي 450.3 مليار متر مكعب.

وفي مايو 2010 أصدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي تقييما آخر، وكان لمنطقة حوض دلتا النيل، التي تشمل دلتا النيل وقبالة السواحل المصرية في البحر المتوسط.

وحسب إحدى الدراسات "المتوسطية"، يحتوي حوض دلتا النيل على ما يقدر بنحو 320.6 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي غير المكتشف القابل للاستخلاص تقنيا و6.7 مليار برميل من النفط وسوائل الغاز الطبيعي، وهذا أكثر بكثير من الاحتياطي الحالي المؤكد من النفط والغاز في مصر، رغم أنه حتى الآن، يقدر بكونه أضخم مورد في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وعلى الرغم من أن بعض الاستكشافات القليلة المتواضعة للغاز على أعماق ضحلة قبالة ساحل إسرائيل وقطاع غزة "نوا، ماري - ب وغزة البحري".

زاد الاهتمام بالصناعة ما بين 1999 و2000، فإن اكتشافين على نطاق واسع منذ عام 2009، الأول "تمار" في عام 2009 والثاني "ليفياثان" في عام 2010، ويحتويان بما يقدر بنحو 260 مليار متر مكعب و480 مليار متر مكعب من الغاز القابل للاستخلاص على التوالي.

تركيا بدأت بالتنقيب عن الهيدروكربون في البحر المتوسط منذ عدة عقود، بالتركيز على حوض الإسكندرون، إلا أن جهودها المتقطعة لم تثبت أي نجاح، غير أن تجدد الاهتمام بالتنقيب في مناطق البحر المتوسط التي ما زالت غير مكتشفة وذلك كردة فعل إزاء جوالات بدأت بالتبلور في البلاد جزئيًا إزاء ترخيص التنقيب البحري الذي تقوم به الجمهورية القبرصية.

وصعد ترسيم الحدود البحرية العالق الذي يعود إلى عام 1948 من الخلاف الدبلوماسي بين إسرائيل ولبنان منذ اكتشاف حقل تمار عام 2009، وفي عام 2010، سلم لبنان للأمم المتحدة حدوده البحرية الجنوبية مع إسرائيل وحدوده البحرية الجنوبية الغربية مع قبرص، والتي اختلفت عن الحدود المقررة في اتفاق لبنان مع قبرص عام 2007، وتمت المصادقة على اتفاق 2007 من قبل قبرص إلا أن لبنان لم يصادق.

وفي يوليو 2011، أرسلت إسرائيل رسالة إلى الأمم المتحدة تعين فيها حدودها البحرية مع لبنان، ويسير الحد الإسرائيلي شمال الحد الذي اقترحه لبنان عام 2010، وبالتالي حدث تداخل مع ما يطالب به لبنان، ويتعلق بالخلاف.

وتتطلب تسويةً مربعًا بمنطقة مساحتها 850 كيلو مترًا، هذه المسألة مفاوضات بين الدول الثلاث، ورغم أن قبرصً في مرحلة محادثات، إلا أن المحادثات متوقفة الآن بسبب غياب لبنان حاليًا باعتبارها في حالة حرب مع إسرائيل، مما يعقد الأمور.

وثمة مشكلة أكثر تعقيدًا، في المنطقة هي الخلاف بين تركيا والجمهورية القبرصية، حيث تزعم تركيا أن اتفاقات الحدود البحرية الموقعة من قبل القبارصة اليونان مع دول المنطقة لاغية وباطلة، وبالتالي، عارضت تركيا برنامج الحفر جنوب قبرص ودعت كل من الحكومة القبرصية وشركة "إكسون موبيل" لوقف التنقيب، وعندما تم تجاهل الدعوة، أبرمت تركيا اتفاقا في سبتمبر 2011 مع  شمال قبرص التركية حول الجرف القاري والتنقيب عن النفط والغاز في البحر، ولم يتضح بعد ما إذا كان الإجراء يعرض محادثات توحيد الجزيرة المقسمة أو محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي للخطر.

وتشير التنقيبات الرئيسية الأخيرة في البحر شرقي المتوسط، بأن المنطقة تملك مقومات الظهور كمنطقة غنية باحتياطيات الهيدروكربون، إلا أن المقومات تكون ذات شأن فقط إذا أصبحت التنقيبات ذات قدرة إنتاجية.

 

 


مواضيع متعلقة