مستشار أكاديمية ناصر: مصر تواجه حرباً من الجيل الرابع لكنها تجاوزت مراحلها الصعبة بفضل وعى الشعب وإخلاص الجيش

كتب: أجرى الحوار: سيد جبيل

مستشار أكاديمية ناصر: مصر تواجه حرباً من الجيل الرابع لكنها تجاوزت مراحلها الصعبة بفضل وعى الشعب وإخلاص الجيش

مستشار أكاديمية ناصر: مصر تواجه حرباً من الجيل الرابع لكنها تجاوزت مراحلها الصعبة بفضل وعى الشعب وإخلاص الجيش

أكد اللواء طيار دكتور هشام الحلبى، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أن حروب الجيل الرابع هى الحروب التى يتجنب فيها العدو الصدام مع القوات المسلحة تجنباً للخسائر، ويستهدف من خلالها تقويض القطاع المدنى بمجموعة وسائل، منها الإرهاب والعمليات النفسية، ومع انهياره تنهار القوات المسلحة وتسقط الدولة، كما حدث فى الاتحاد السوفيتى الذى سقط دون أن يطلق عليه الغرب رصاصة واحدة.

اللواء طيار د. هشام الحلبى لـ"الوطن": جماعات الإرهاب تسعى لاحتلال الأرض وتفكيك الدولة وهذا هدفهم فى سيناء

وأضاف «الحلبى»، الحاصل على درجة الدكتوراه فى «حروب الجيل الرابع»، أن مصر تتعرض منذ سنوات لهذا النوع من الحروب، مشيراً فى حواره مع «الوطن» إلى أن مصر تجاوزت المراحل الصعبة فى المواجهة، ويجب ألا نقلق من تداعيات تلك الحرب التى نتعرض لها حالياً.

أولاً ما المقصود بحروب الجيل الرابع؟

- توجد تقسيمات عديدة لأجيال الحروب فى العلوم العسكرية، إحدى هذه التقسيمات كانت لمجموعة باحثين أمريكيين فى العام 1989 بقيادة المفكر الاستراتيجى «وليام لند»، هذه المجموعة قسمت الحروب لـ4 أجيال رئيسية، تبدأ بالجيل الأول فى العام 1648، أى مع إبرام معاهدة ويستفاليا وظهور الدولة القومية بشكلها الحالى.. وإحدى نتائج هذه المعاهدة ظهور «جيوش واضحة المعالم تمتلكها دول كاملة السيادة».. قبل ذلك كانت هناك دول لديها جيوش طبعاً، لكن الحروب كانت تجرى أحياناً بين جيوش دول ومجموعات مسلحة تتبع مقاطعات أو أمراء إلخ.. واعتبر الباحثون هذا التطور هو الجيل الأول من الحروب الحديثة التى تميزت لأول مرة بأنها «حروب بين جيوش واضحة المعالم تمتلكها دول كاملة السيادة»، أما تكتيكات الحرب فقد فرضها نوع السلاح المتاح وقتها، وهو البنادق القديمة، ما استوجب القتال فى صفوف وخنادق يحفرها الجنود لحماية أنفسهم.

ومتى بدأ الجيل الثانى؟

- بدأ مع الحرب العالمية الأولى، تطور السلاح واتسم بقوة إنتاج النيران والقدرة على المناورة المميكنة بالنيران نتيجة تطور السلاح وزيادة عيار البندقية التى وضعت فوق الدبابات والقطع البحرية. فى الجيل الأول كانت المناورة مقصورة على القدرة البشرية للجندى الذى يحمل البندقية فقط، أى إننا انتقلنا من الجيل الأول الذى كان يعتمد على manpower أو القوة البشرية إلى الجيل الثانى الذى يعتمد على قوة النيران بـfirepowe، فدبابة واحدة تنتج نيراناً تعادل فصيلة جنود كاملة. كان القتال فى الجيلين الأول والثانى على خط الجبهة، نظراً للمدى القصير للأسلحة، وكان ذلك يستوجب اصطفاف الجنود فى مواجهة بعضهم البعض على خط الجبهة والالتحام المباشر بين الجنود، ما أدى لوقوع خسائر عالية.. حتى المنتصر كان يدفع ثمناً باهظاً فى الأرواح.

ارتفاع تكلفة الحروب التقليدية وانتصار المصريين المبهر فى 1973 وراء ظهور الجيل الجديد

وما الجيل الثالث؟ ومتى ظهر؟

- ظهر الجيل الثالث فى الحرب العالمية الثانية مع تكتيكات الجيش الألمانى، فمع تطور التسليح وظهور سلاح الجو وزيادة القدرة على ضرب أهداف أبعد، بدأ العسكريون الألمان يفكرون: لماذا القتال على خط الجبهة؟ وبدأوا فى تثبيت الجبهة وضرب العدو خلف الخطوط، والهدف تدمير كل خطوط مواصلاته وإمداداته واحتياطاته لعزل الجبهة، فتسقط بالتبعية وتحقق النصر بأقل خسائر بشرية ممكنة.. والدمار الرئيسى الذى لحق بمدن أوروبا كان نتيجة القصف الاستراتيجى بالطيران العسكرى للمدن، واختتمت الحرب بقصف استراتيجى نووى لهيروشيما ونجازاكى.. أى إن الجيل الثالث تميز بالقدرة على المناورة بالنيران فى عمق مسرح العمليات وخلف خطوط العدو، أى انتقلنا من «firepower» إلى «maneuver power» أى القدرة العالية على المناورة بالنيران والقوات داخل مسرح العمليات وقد تصل إلى أعماق أراضى العدو، هذا لم يكن ممكناً مثلاً فى الحرب العالمية الأولى، لأن مدى السلاح كان محدوداً، والطيران لم يكن موجوداً أصلاً، ثم تطور الجيل الثالث إلى فكرة الحرب الاستباقية التى تستند إلى منطق فحواه: لماذا أنتظر أن يأتى العدو ويفتح تشكيل معركة؟ الأفضل أن أضربه فى عمق أرضه قبل أن يتحرك كما فعلت أمريكا فى العراق وأفغانستان، لكن ظلت الحرب فى الأجيال الثلاثة بين جيوش واضحة المعالم تمتلكها دول كاملة السيادة. ومثل أى حرب، كان دائماً هناك هدف: هدف مبدئى وهدف نهائى، الهدف المبدئى هو تدمير القوات المسلحة للعدو.. فلا يبقى إلا المدنيون العزل، ومن يختار منهم المقاومة يُقتل ويتحقق الهدف النهائى الذى يختلف من حرب لأخرى: احتلال أرض أو الاستيلاء على مورد أو مانع طبيعى إلخ.

وهل تغير شكل الحرب وأهدافها فى الجيل الرابع؟

- نعم، مع تطور السلاح والتكنولوجيا، أصبح الدخول فى مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة مكلفاً جداً، فالصاروخ الواحد من طراز «توما هوك» ثمنه 1.5 مليون دولار، والقنبلة الذكية الواحدة يصل ثمنها لنحو 2 مليون دولار، ثم إن حرب أكتوبر غيرت المفاهيم العسكرية وأثبتت أن الدخول فى مواجهة عسكرية تقليدية لن يكون فقط مكلفاً ولكنه مغامرة خاسرة.. وكان البديل استهداف القطاع المدنى بدلاً من القوات المسلحة، وهذا هو ما يميز حروب الجيل الرابع.

حرب أكتوبر نقطة تحول فى الفكر العسكرى وتُدرس معاركها فى العالم باعتبارها حالة مثالية لقوات انتصرت على عدو يفوقها فى الإمكانيات

لكن ما علاقة حرب أكتوبر بظهور حروب الجيل الرابع؟

- منطقة الشرق الأوسط تضم أكبر مخزون من الطاقة وتتحكم فى خطوط الملاحة والمضايق التى تتحرك فيها السفن الناقلة لهذه الطاقة، ما يعنى أنها فى قلب العالم، ومصر قلب القلب.. ولذلك عيون العالم كلها على هذه المنطقة التى شهدت حروباً كثيرة. والسؤال الذى كان دائماً يشغلنى: هل ننتظر حروباً جديدة؟ وما شكل هذه الحروب المقبلة؟ هنا يأتى دور حرب أكتوبر باعتبارها نقطة تحول فى الفكر العسكرى، لأنها أسقطت نظرية الأمن الإسرائيلية، وأصبحت هذه الحرب تدرس فى الأكاديميات العسكرية العالمية باعتبارها حالة مثالية «لقوات مسلحة أقل فى الإمكانيات حققت هدفها ضد قوات مسلحة أعلى فى الإمكانات»، إسرائيل احتلت سيناء وتوقفت عند قناة السويس كمانع طبيعى، وأعدت خطة لدفع المواد المشتعلة على سطحه لتدمير أى قوات تعبره ثم أمنت نفسها بمانعين صناعيين أحدهما ساتر ترابى عملاق ثم خط بارليف الحصين، وزودت كل مانع من الثلاثة بخطة نيران كاملة ونابالم حارق فى مياه القناة ومصاطب دبابات ومدافع على الساتر الترابى وعلى خط بارليف، لكن القوات المسلحة المصرية تمكنت من اقتحام (وليس عبور كما يقال) للموانع الثلاثة فى 6 ساعات بسلاح دفاعى قديم.. كانت التقديرات الغربية على سبيل المثال أن تدمير واقتحام الساتر الترابى العملاق بطول الضفة الغربية للقناة يحتاج لقنبلة نووية تكتيكية، لكن المصريين اقتحموه وعملوا فتحات فيه باستخدام مضخات مياه ذات مواصفات خاصة، وتم اقتحام خط بارليف بحصار نقاطه الحصينة واقتحامها، ما أنهى فعلياً فى 7 أكتوبر الحرب لصالح مصر، وأصبح السؤال فقط: هذه القوات التى انتقلت للضفة الأخرى تتقدم بأى قدر؟ لاحظ أن الجيش المصرى انتقل من الهزيمة للنصر فى 6 سنوات فقط وبأسلحة محدودة الإمكانات، هذه حالة متفردة جعلت دول الغرب تحجم عن الدخول معنا فى حروب تقليدية، لأن التجربة أثبتت أن الجندى المصرى ينتصر بأقل إمكانات ويتغلب على المشاكل بالغة التعقيد بإمكانات بسيطة، وكان نتيجة ذلك الاتجاه لاستبعاد المواجهة مع الجيش والتركيز على المدنيين، وهذا هو جوهر الجيل الرابع من الحرب.

ماذا تقصد؟

- الدولة لها تعريفات فى العلوم السياسية: أبسط تعريف أنها إقليم يسكنه شعب، يديره نظام حكم، وتحظى باعتراف دولى.. أما من وجهة نظر الحرب، فالدولة جزآن: قوات مسلحة وقطاع مدنى، وتنهار الدولة بانهيار أحدهما. الحرب التقليدية مبنية على استهداف القوات المسلحة.. وبذلك تخرج القوات خارج المعادلة ويسهل تحقيق الهدف. أما حروب الجيل الرابع فتتجنب الدول المواجهة المباشرة مع الجيوش وتستهدف القطاع المدنى بهدف تقويضه، وعندما ينهار وتضرب فيه الفوضى ستنهار بالضرورة القوات المسلحة. هذا ما حدث فى حالة الاتحاد السوفيتى إذ لم تطلق أمريكا وحلفاؤها طلقة واحدة على قواته، ولكنهم تلاعبوا بقطاعه المدنى فانهارت الدولة رغم قوة جيشها.

قطعنا شوطاً كبيراً فى مواجهة معارك الجيل الجديد ولم يتبق منها إلا الإرهاب.. والعمليات النفسية المعادية تجرى مواجهتها بنجاح

وكيف يستهدف القطاع المدنى؟

- من خلال مجموعة من الآليات والأساليب، أولها الإرهاب ولكن «إرهاب الجيل الرابع» يختلف عما سبقه من 3 وجوه: 1) يسعى لاحتلال جزء من أراضى الدولة المستهدفة تحت مظلة دينية أو مطالب عرقية. كان الإرهاب فيما سبق يستهدف اغتيال من يختلف معهم، فقتلوا الشيخ الذهبى وفرج فودة على سبيل المثال، لكنهم لم يفكروا فى الاستيلاء على رقعة من الأرض، كما فعل «داعش» بالفعل وأقام دولته المزعومة على مساحة كبيرة فى العراق وسوريا من مقرها فى الرقة، وكذلك حاولوا ويحاولون فى ليبيا وغيرها، ويسعى الإرهابيون للحصول على رقعة و«لو نصف كيلو فى نصف كيلو» ليرفعوا عليها علمهم، لتكون نقطة انطلاق لمشروعهم الهادف لابتلاع الدولة وتقسيمها.

هل يمكن أن تعطينا مثالاً؟

- الإرهابيون فى سيناء مثلاً لا يسعون فقط لتنفيذ عمليات انتقامية من رجال الجيش والشرطة ولكنهم يخططون لإخلاء سيناء بإرهاب المواطنين ودفعهم للرحيل. وعملية مسجد الروضة مثلاً لم تكن عشوائية فقد تم اختيار المسجد، وهو بناية ذات مساحة أفقية تكتظ بالمصلين فى يوم الجمعة، وبالتالى يسهل قتل أكبر عدد منهم فى وقت واحد، والهدف إحداث صدمة شديدة فى المجتمع، وإيصال رسالة واضحة: «استمرارك هنا يكلفك حياتك.. ارحل». وهذا الأسلوب لم ينجح فى سيناء. ولكنه نجح فى سوريا التى غادرها نحو 4.8 مليون إنسان نجح الإرهابيون فى إقناعهم بأن «النهارده أسود وبكرة أكثر سواداً»، وأنك لن تستطيع المواجهة، فاترك أرضك وارحل. ورحلوا، مع أن أجدادهم طردوا دولاً عظمى حاولت وضع يدها على أراضيهم.

ثورة 25 يناير طالبت بإسقاط النظام.. لكن ما علاقة ذلك باقتحام السجون وحرق المجمع العلمى؟

لكن لماذا لم يسعوا فى الماضى للحصول على أرض ويسعون الآن؟

- لأن الأجيال السابقة من الإرهاب لم تكن تحظى بدعم من دول، وبالتالى لم يكن لديها ما يمكنها من الحصول على أرض. الآن هناك دول تضع إمكاناتها فى خدمة هذه الجماعات، وتمدها بأسلحة متقدمة مثل الألغام المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات والدروع والألغام البحرية.. إلخ، هذا تسليح جيوش.. هل سمعت عن شخص يذهب لمصنع سلاح ويقول له عاوز ألغام بحرية؟! ويزودوهم بمعلومات استخباراتية عالية الدقة عن حركة قوات وأجهزة الأمن للدولة المستهدفة ويسهلون لهم الانتقال، وإلا كيف يتمكنون مثلاً من الانتقال بأعداد كبيرة من سوريا لليبيا؟ الخلاصة أن «إرهاب الجيل الرابع» يعمل تحت مظلة أجهزة مخابرات دولية تمدهم بأسلحة ومعلومات وسبل التحرك عبر الحدود. وهذه المظلة هى الوجه الثانى للاختلاف بين الإرهاب الحالى وما سبقه.

وما هو وجه الاختلاف الثالث؟

- إن إرهاب الجيل الرابع يستمد عناصره من الجماعات الساخطة وغير المنسجمة فى أى مجتمع. الدول الراعية ترصد هذه العناصر وتعتبرها «صيداً سهلاً».. وبعد رصد هذه العناصر تُدخل لها الأفكار والسلاح والأموال كما فعلوا مع الإخوان والحوثيين. وإذا لم توجد هذه الجماعات ينشئونها.. وهى جماعات كثيرة الانتقالات والتحالفات وتحت أسماء مختلفة: مش عاجبك «القاعدة».. خذ «النصرة»، خذ «جند الشام»، خذ «هيئة تحرير الشام».. مش عاجبك «أنصار الشريعة» خذ «المرابطون» أو «حسم» أو «أنصار بيت المقدس» أو «أبناء سيناء»، الجماعة التى تنكشف يأتى غيرها والأسماء تتغير ويبقى الدور والهدف واحد.

الحروب الحالية طويلة الأمد ويقبل فيها العدو الفشل مرحلياً على أن يعود من خلال نقاط اختراق جديدة

لكن ما الهدف النهائى من تبنى الإرهاب فى الأساس؟

- الإرهاب يشل القطاع المدنى فى الدولة. العسكريون عندهم القدرة على تحمل الخسائر، أما القطاع المدنى إذا تعرض لخسائر فلن يخرج للعمل ولن يأتيك مستثمرون ولا سائحون وتصاب الحياة بالشلل فينهار الاقتصاد ويزيد السخط.

وما هى الآلية الثانية؟

- العمليات النفسية. وأنا أسميها كذلك للتمييز بينها وبين الحرب النفسية التى تستهدف المقاتلين فقط أثناء الحروب. أما العمليات النفسية فهى أشد ضراوة لأنها موجهة للمدنيين بجانب العسكريين. ومثال لذلك لتوضيح الصورة أكثر، ينفذ من خلال خطوات ثلاث؛ الأولى الإقناع، أى إقناع مواطنى الدولة المستهدفة بأن ما لديك ليس هو الأفضل وأن ما أقوله لك هو الصحيح وعليك أن تسعى لتغيير داخل دولتك، والتغيير لن يحدث إلا بالنزول للشارع والحشد فى مواجهة الدولة. وهذا الإقناع يتم عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل.. إلخ، وهى تلعب بذلك دور المنشورات التى كانت تستخدمها الجيوش قديماً فى إحباط معنويات جنود العدو. والخطوة الثانية قيام المواطنين بالتغيير ترتيباً على الاقتناع فى الخطوة السابقة، محاولة تغيير الدستور أو الحكومة أو الرئيس.. إلخ، وأثناء عملية التغيير تبدأ الخطوة الثالثة وهى التأثير لاختطاف التغيير فى الاتجاه الذى يريده العدو.

ثورة 25 يناير مثلاً بدأت بشعار «عيش.. حرية.. كرامة» وطالبت بإسقاط الرئيس أو النظام. وهذا حق الشعب. لكن ما علاقة هذه المطالب باقتحام السجون وحرق المجمع العلمى الذى يضم وثائق منها ما ساعدنا فى استعادة طابا من إسرائيل؟ وظلت محاولات اختطاف التغيير بشكل مشبوه حتى قيام ثورة «30 يونيو» التى أوقفت هذا المد الخبيث.

الحروب الجديدة تتسم باستراتيجية "البصمة الخفية" أى إنك تعرف عدوك لكنك لا تملك ما يدينه.. وكشف قطر احتاج لجهود 4 دول على مدار سنوات

بعد الإرهاب والعمليات النفسية، ما هى الآلية الثالثة فى حروب الجيل الرابع؟

- الآلية الثالثة هى الحشد المستمر للنزول إلى الشارع، وأنا أعتبرها آلية منفصلة لأن العدو يبدأ تنفيذ مخططه من هنا، ويستخدم فى ذلك شخصيات مرموقة (رموز) دينية وسياسية، خصوصاً تلك التى تحظى بقبول دولى فى إقناع الجماهير، ومن ينكشف من هذه الرموز ويصبح ورقة محروقة «يطلع حد غيره» وهكذا، وعندما ينزل الناس للشارع، لا بد من قتل البعض منهم، كما حدث فى كل الثورات من بعد 2011، حتى يتم إلصاق التهمة بالجيش أو الشرطة، وتتولد أسباب ودوافع جديدة للتظاهر والعنف ضد الدولة. وقد يستتبع قتل المتظاهرين تدخل دولى، وكل دولة تتدخل وفقاً لمصالحها ما يسبب ضرراً بالغاً بالبلد المستهدف كما حدث فى ليبيا أو سوريا.

هل هناك آلية رابعة؟

- نعم الآلية الرابعة تتمثل فى استخدام منظمات المجتمع المدنى، من خلال منظمات أجنبية تأتيك من الخارج أو الاستعانة بمنظمات محلية بعد توفير التمويل اللازم لها. والآلية الخامسة والأخيرة فى حروب الجيل الرابع تتمثل فى خلق ضغوط مستمرة على الدولة المستهدفة. مثل قضية «ريجينى» واتهامك الدائم بانتهاك حقوق الإنسان بهدف إظهارك بصورة سيئة فى العالم، مع التركيز على أن الأوضاع سيئة والحكومة لن تحل شيئاً ولن تستطيع كمواطن أن تتعايش مع المشاكل والنتيجة إحباط عام، والمجتمع الذى يتعرض لضغوط مستمرة يصبح غير منتج. وهم يستخدمون فى ذلك وسائل كثيرة مثل الشائعات. مصر مثلاً تعرضت فى 3 شهور لـ21 ألف شائعة. لو طلبت من جهاز مخابرات إطلاق هذا الرقم فى 3 شهور قد يعجز عنه، ما يعنى أن هذه الشائعات تعاون فى إطلاقها أجهزة وليس جهاز مخابرات واحد. ولماذا 21 ألفاً وليس شائعة مثلاً؟ الهدف أن يتأكد أن الـ100 مليون مواطن، سيجد كل منهم من بين هذا الكم الهائل ما يشغله، وتنشغل الحكومة بالرد.

الاتحاد السوفيتى انهار دون أن تطلق أمريكا وحلفاؤها طلقة واحدة على قواته لكنهم تلاعبوا بقطاعه المدنى فانهارت الدولة رغم قوة جيشها

لكن ما الدور المطلوب من منظمات المجتمع المدنى؟

- العدو فى حاجة لهذه المنظمات لمساعدته فى مسح وفهم المجتمع المستهدفة وتحليل نقاط اختراقه، خصوصاً إذا كان مجتمعاً كبيراً وعصياً على الفهم وفقاً لأنماط مسبقة كما هو الحال بالنسبة لمصر.

إذاً مصر تتعرض لحرب من الجيل الرابع؟

- نعم، نحن نتعرض لحرب من الجيل الرابع وهى طويلة الأمد تطال عدة أجيال، وكل الآليات التى أشرت إليها متداخلة ولا يستطيع المواطن إدراكها بسهولة. ويقبل العدو الفشل مرحلياً فى هذا النوع من الحروب على أن يعود إليك من خلال نقاط اختراق جديدة. ولكن يجب ألا نقلق منها فى مصر لأننا قطعنا شوطاً كبيراً فى مواجهتها، لم يتبق منها إلا الإرهاب الذى يواجهه الجيش والشرطة ويحاكم القضاء الآن قادة وكوادر الإخوان ويحاصر الجيش عناصره فى سيناء ويحقق عليهم نجاحات، إضافة للعمليات النفسية التى تركز على أن المستقبل أسود مع أن المؤشرات الدولية تقول عكس ذلك لكنهم يعتمدون على مبدأ «إن ما يُكرر يقر»

لكن من هو هذا «اللهو الخفى» الذى يقوم بكل ذلك؟

- فى حروب الجيل الرابع هناك ما يعرف بـ«استراتيجية البصمة الخفية» أو «light footprint strategy» أى إنك تعرف أن عدواً لك فعل ذلك ولكنك لا تستطيع إثباته وتستطيع بصعوبة شديدة، فى حالة قطر مثلاً، احتاج الأمر لجهود 4 دول على مدار عدة سنوات حتى يجمعوا ما يكفى من أدلة تثبت تورطها فى تمويل أنشطة إرهابية وتخريبية ضدهم. وبصفة عامة، لن تعرف من هو المخطط الرئيسى فى هذا النوع من الحروب الموجهة للمدنيين.

لماذا يتم استبعاد إسرائيل؟

- إسرائيل طبعاً مستفيدة مما يجرى فى سيناء لكن هل لدينا دليل؟ استنتج كما تريد، المهم الأدلة، الأدلة توافرت على تورط قطر وليس إسرائيل.


مواضيع متعلقة