زاخر: الأقباط كانوا في مقدمة "30 يونيو" لتضررهم من الفاشية الدينية

كتب: مصطفى رحومة

زاخر: الأقباط كانوا في مقدمة "30 يونيو" لتضررهم من الفاشية الدينية

زاخر: الأقباط كانوا في مقدمة "30 يونيو" لتضررهم من الفاشية الدينية

قال الكاتب والمفكر كمال زاخر، مؤسس التيار العلماني القبطي، إن المصريين كانوا يتعاطفون مع جماعة الإخوان ظناً منهم أنها "بتاعة ربنا"، لكن بعدما تولت الجماعة الحكم، وظهرت صورتها الحقيقية، خرج الجميع ضدها في ثورة، تشكلت طليعتها من الأقباط والمسلمين غير المؤدلجين، لأنهم الأكثر تضررًا من استمرار دولة الفاشية الدينية.

وأضاف "زاخر" في حوار لـ"الوطن"، أن المصريين استوعبوا بذكائهم الفطري أن الفاشية الدينية أكثر خطرًا من الفساد، لذلك أسقطوا الإخوان بعد عام واحد من وصولهم إلى السلطة، مشيرًا إلى أنه لا بد أن ننظر لما حدث بعد 30 يونيو على أنه مرحلة انتقالية في سبيل إقرار حقوق الأقباط، ورغم ما حققه الرئيس عبدالفتاح السيسي، من إنجازات في هذا الملف، إلا أننا ما زلنا نواجه العقلية المجتمعية التي صاغتها تيارات الإسلام السياسي منذ السبعينات حتى الآن.. وإلى نص الحوار.

مؤسس «التيار العلماني القبطي»: المصريون تعاطفوا مع الإخوان بحجة أنهم "بتوع ربنا".. وعندما اكتشفوا الحقيقة أسقطوهم

* كيف كان وضع الأقباط قبل 30 يونيو؟

- الأقباط كانوا الطرف الأكثر تضرراً، إلى جانب غالبية المسلمين غير المؤدلجين، فالإخوان بعد 25 يناير كانوا من أكثر القوى وجوداً على الأرض، لنجاحهم في استغلال الحس الديني لدى الشارع، الذي تعاطف معهم، ظنًا أنهم «بتوع ربنا»، لذلك كان مجيء الإخوان في البداية يحظى بارتياح تيارات سياسية مختلفة، كانت تأمل في إنهاء المعاناة من الفساد وتكتلات أصحاب المصالح، التي سيطرت على البلاد في السابق.

إلا أنه حينما دانت للإخوان السلطة كشفوا عن وجههم الحقيقي، ما جعلهم يسقطون بعد سنة واحدة من الحكم، ويستغرب الكثيرون كيف لتنظيم يتولى الحكم ويسقط بعد عام واحد فقط، لكن هؤلاء تناسوا أن السبب الحقيقي هو صدمة الناس من الصورة المزيفة، التي صدرتها الجماعة عن نفسها منذ التأسيس في 1928، لذا كان سقوطهم أقرب للتحقق، لأن الذكاء المصري الفطري، استوعب أن الفاشية الدينية تكون أكثر حدة، وبالتالي لم يمكث الإخوان إلا عاماً انتهى بالدعوة إلى 30 يونيو 2013.

والإخوان لم يستوعبوا قبل سقوط حكمهم إنذارات المؤسسة العسكرية لهم بسبب نشوة الغرور، ما أدى إلى إعادة إنتاج مشهد 25 يناير في 30 يونيو، وهما المشهدان اللذان تشابه فيهما انحياز القوات المسلحة المصرية إلى الإرادة الشعبية.

الرئيس السيسي يحقق إنجازات في الملف القبطي لكننا ما زلنا نواجه ما زرعه الإسلام السياسي في عقول المواطنين

* وما حجم مساهمة الأقباط في هذه الثورة؟

- كان الأقباط من القوى التي احتلت طليعة 30 يونيو، لأنهم عانوا بشدة من البطش في أيام حكم حسني مبارك، وبشكل مضاعف أيام حكم الإخوان، وهذا ما يفسر استجابتهم السريعة لدعوات الاحتجاج على حكم الجماعة، خاصة بعد الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وهي واحدة من أبرز الرموز القبطية في مصر، كما رأى الأقباط أن كل المؤشرات تؤكد أنهم ليس لهم مكان في وطن يحكمه الإخوان.

ولم يكن الأقباط هم أصحاب ثورة 30 يونيو، لكنهم كانوا رقمًا مهمًا فيها، لأنهم الأكثر تضررًا من استمرار فاشية دولة الإخوان الدينية.

المصريون أدركوا بذكائهم الفطري أن "الجماعة الإرهابية" أخطر من الفساد.. وما حدث بعد "فض رابعة" كان مجرد عينة

* ماذا لو فشلت الثورة واستمر الإخوان في الحكم، كيف كانوا سيتعاملون مع الأقباط؟

- مصير الأقباط كان واضحًا جدًا، في ضوء تصريحات كوادر تلك الجماعة، لوسائل الإعلام المختلفة قبل ثورة 30 يونيو، ولعل أبرز ما قيل إنه "لو مش عاجبكم مصر روحوا أمريكا وكندا"، في محاولة لتحميل الأقباط مسؤولية ثورة الغضب على حكم الجماعة، وهو نوع من أنواع الفشل في تحليل الموقف، فهم يعلنون ذلك، وفي الوقت ذاته يناقضون أنفسهم ويقولون إن الأقباط لا يمثلون سوى من 5 إلى 10% من تعداد المصريين.

وعلينا أن نستحضر أحداث 14 أغسطس 2013، وقت فض اعتصام "رابعة" الإرهابي، من حرق وتدمير للكنائس وممتلكات الأقباط، لنعلم ماذا كان سيحدث لهم لو فشلت 30 يونيو، فتلك الأحداث كانت مجرد عينة.

* كيف ترى وضع الأقباط بعد 30 يونيو حتى اللحظة الحالية؟

- لا بد أن ننظر لما حدث بعد 30 يونيو كمرحلة انتقالية، لأننا لن نضغط على الزر فتتحول الدنيا من ظلام إلى نور، خاصة أنه تم تجريف الذهنية العامة للمصريين، خلال أكثر من 40 عامًا، وشحن الشعب ضد فكرة الدولة المدنية، والشواهد التي تؤكد ذلك كثيرة، بداية من حكم الرئيس الأسبق أنور السادات، ومرورًا بكل الأنظمة التي تعاقبت بعد ذلك، وصولاً إلى 30 يونيو.

والرئيس عبدالفتاح السيسي يتخذ خطوات حاسمة وصادمة للمجتمع في بعض الأحيان، من أجل ترسيخ دولة المواطنة، مثل زيارته للكاتدرائية ليلة عيد الميلاد كل عام، وبالتالي هو يحاول إرساء قواعد جديدة في علاقة الدولة مع فصيل من فصائل شعبها، وهم الأقباط، سواء بتأكيده على الزيارة السنوية للكنيسة في الأعياد، أو بتأكيده على أن المجتمعات العمرانية الجديدة لا بد أن يكون فيها كنيسة، وضرورة المساواة بين عنصري الأمة.

ورغم ذلك فالتطور الحادث في سبيل إقرار حقوق الأقباط بطيء بعض الشيء، لأننا ما زلنا نخوض المواجهة مع من تم تجريف ذهنهم لصالح الدولة الدينية.

* هل تظن أن تحالف 30 يونيو مستمر بذات القوة والزخم حتى اليوم؟

- التحالف موجود ومستمر لأنه ليس تحالفًا عاطفًا، لكنه تحالف مصالح، فالقوى المدنية والأقباط والمستنيرون هم أول ناس كانوا سيتضررون من سقوط 30 يونيو، لذلك فالقوى المناوئة تستهدف الأقباط في البداية، ثم تستهدف من يدعون للدولة المدنية، ومن يساند نظام الحكم الحالي كنوع من الإرهاب الفكري، وهذا يدعونا لإعادة تشكيل العقل الجمعي عبر أدوات الإعلام والثقافة والتعليم لتقبل فكرة الدولة المدنية.


مواضيع متعلقة