موعدنا أول الشهر مع «وعد» الرئيس..!

بداية وقبل أن يبدأ البعض فى تحضير «عريضة اتهام» لتلتف حول رقبة الكاتب فإن السطور التالية لا تمثل دفاعاً عن قائد خضع لإرادة الملايين واستجاب لدعوتهم له لـ«القيادة وتحمل مسئوليتهم».. كما أنها ليست «نفاقاً» من جانب الكاتب الذى يكفيه 44 عاماً كاملة من العمل بين صفوف أعضاء مهنة اختارت «ضحاياها» بنفسها أكثر مما هم اختاروها بأنفسهم، وأعتقد أن مثل هذه السنوات تكفى تماماً لتجرف معها بقايا أى «طموح» ربما يكون قد راوده فى بداية خطواته فى هذه المهنة.

هذه السطور تستهدف توضيح الحقيقة وإسناد الحق لأصحابه دون مبالغة مهما كانت تكلفة ذلك وفق ما يعتقده هو على الأقل وليس «بحثاً عن موقع أو منصب»، فالوقت المتاح أمامه ربما لا يكفى حتى لـ«لملمة» أوراقه، ليس من المهنة وحدها بل من الحياة ذاتها..!

لم ينتبه السيسى إلى أنه منذ اللحظة الأولى التى خطت فيها قدماه أعتاب القصر الجمهورى رئيساً خضع لإرادة الملايين قد تحول إلى دائرة «التنشين السوداء» من جانب قناصة بقايا أشلاء جماعة «الإخوان الإرهابية» وتابعيهم والمتعاطفين معهم من «تجار الثورات» الذين توحّدوا جميعاً ليبثوا روح الانهزامية واليأس والإحباط بين صفوف المواطنين عقاباً لهم على «ركلهم جميعاً» خارج السياق الوطنى بعد أن اُفتُضحوا، وبات كل همهم اقتسام «كعكة الوطن» فبذلوا أقصى جهودهم لمحاولة استرداد سابق مواقعهم أو على الأقل تعكير صفو المجتمع والمواطنين الذين باتوا أعداء من وجهة نظر هؤلاء المخادعين..!

من جانبه، ومنذ لحظة تكليفه من جانب ملايين المواطنين، لم يكن أمام السيسى سوى «اختيار ضرورة بدء الإصلاح الاقتصادى الحقيقى» فوراً دون انتظار أو تباطؤ، ليتفادى تحميل الأجيال المقبلة فاتورة «الأخطاء الاقتصادية» لحكومات عدة توالت على حكم المواطنين، وكان كل هدفها هو مجرد تمرير الفترة التى يظل أعضاؤها جالسين على مقاعدهم، بصرف النظر عن نتائجها وما يمكن أن تتحمله الأجيال المقبلة مستقبلاً، التى كانت ستفاجأ بالتأكيد بالانهيار الكامل لاقتصاد وطنهم..!

بكامل إرادته اختار السيسى «أصعب الاختيارات» وهو تحقيق الإصلاح مهما كانت المتاعب، وجميعنا نعلم أن «فاتورة الإصلاح الحقيقى» قاسية لجميع فئات المجتمع مهما كان مستواها الاقتصادى، وليس فقط لبعض فئات المجتمع التى عانت كثيراً من ظروفها الصعبة.. فالإصلاح هذا يُمثّل جداراً صلداً يحول دون إهدار مقدرات الدولة ومواردها وإلا سيكون الانهيار الكامل هو المصير المحتوم..!

لم يكن السيسى حريصاً على الإطلاق على أن يكون هدفه انتزاع تصفيق الجماهير وبناء «جماهيرية زائفة هشّة» كانت سرعان ما تنهار فى أول صدام مستقبلى مع الحقيقة المتوقعة إذا ما كان قد استجاب للاختيار «الأسهل» وأهدر ما تبقى من مقدّرات مصر وثرواتها فى استيراد «الشاى والدخان» وضخ المزيد من أموال الدعم «دون مراعاة من يستحق أو من لا يستحق»، ووقتها كانت أكف الملايين ستلتهب من التصفيق وتُشرخ حناجرهم من الهتاف بحياته خلال تظاهرات التأييد التى ستندلع ليل نهار فى الشوارع والميادين لتهتف بحياته، لكنه انتبه لما سيكون عليه الحال وقتها!.. وأعتقد أننا جميعاً نعلم الإجابة.. هجر كل ذلك واتجه إلى ما يمليه عليه ضميره الوطنى وما تعهد به وهو يؤدى القسم الدستورى فى مطلع أولى دورتيه الرئاسيتين، ولأنه لا يعرف «الحياد» بل أعتبره «تعبير» قد هجر قاموسه وأبدل به «الانحياز التام» للمواطنين وبخاصة الفقراء البسطاء وغير القادرين منهم وأصبح ذلك الانحياز هو أرضه التى يقف عليها دوماً‏.. ولأن ‏الحفاظ على كرامة مصر منهجه‏، ‏وأن تحقيق مصلحة الوطن فى مقدمة أولوياته‏،‏ وأن هموم مواطن بسيط تشغل تفكيره‏، وأن ضمان مستقبل شاب يظل مهموماً به‏،‏ وأن معاش عجوز يبقى قضيته الأولى‏، ‏وأن إحباط مواطن يؤلمه‏، وأن رخاء البسطاء يظل حلماً، ولأنه قائد وأنه يفاجئ الجميع بقرارات وإقالة الفاسد أو المتهاون أو المتعنت، مضى فى طريقه دون أن يشغله أى شىء سوى قضيته الرئيسية وهى تحقيق الإصلاح..!

مشروعات ضخمة ظهرت على أرض الواقع بدأت بحفر قناة السويس موازية للأولى.. عاصمة جديدة للوطن.. شبكة عملاقة من الطرق لم نشهدها من قبل.. أنفاق لربط سيناء بمجمل أرض الوطن الذى كان أقرب إلى لعبة الأطفال puzzl.. محطات كهربائية متنوعة ما بين «النووى والشمسى إلى جانب تلك المولدة من الرياح».. اتفاقات دولية للبحث والتنقيب عن ثرواتنا من الغاز والبترول.. لم يفت على القائد وهو يعيد بناء الوطن أن يعيد بناء الإنسان باعتباره أهم محاور تحقيق التنمية والحفاظ عليها، فأطلق العديد من المبادرات الإنسانية لرفع المستوى الصحى والاجتماعى للمواطن بدءاً من 100 مليون صحة وإنهاء قوائم انتظار الجراحات والكشف عن مرضى فيروس سى وتوفير مساكن لائقة للمواطنين والقضاء على العشوائيات والمناطق التى تمثل خطورة، وإصدار وثيقة أمان لحماية عمال اليومية ومعاشات تكافل وكرامة وغيرها الكثير من هذه المبادرات.

وعلى الرغم من أننا فى سباق مع الزمن وكفانا ما تعرّضنا له جميعاً من عمليات نهب منظمة ومنهجية لأموال الوطن وإهدارها فيما لا طائل منه من جانب من كان يُفترض فيهم الحفاظ عليها، إضافة إلى عمليات مكثفة من «التجريف» فى صورة مطالب فئوية وعمليات استيراد تُرهق «موارد» مجتمع بات يتحسّس ما تبقى لديه من أموال بعد «نزيف» أسال كثيراً مما يملكه..!

ولأنه يشعر دائماً بأن المواطن قد تحمل العديد من الأعباء وصبر تماماً على تحمل «فاتورة» هذا الإصلاح لاقتناعه أنه فى صالحه وصالح أبنائه وأحفاده فقد وجه بأن يكون «المواطن أولاً» هو الشعار الذى تعكسه موازنة العام المالى الجديد 2019/2020 التى تتضمن أكبر زيادة فى الأجور والمعاشات، 58 مليار جنيه، منها 30 مليار جنيه للأجور و28 ملياراً للمعاشات، التى سيبدأ العمل بها خلال أيام «أول يوليو» المقبل..!

وقبل أن يحين موعدنا يوم «الاثنين» بعد المقبل مع «وعد الرئيس».. فأرجو سيادة الرئيس أن تستدعى من خلفيتك العسكرية التعبير الشهير «بيان عملى على المعلم» انتظاراً لأن يقدم رئيس الوزراء وكتيبة وزرائه على إعادة ما قدمه و«يقيلوا» كل من تحيط به «شبهات الفساد».. وإذا كان جميع المسئولين يسارعون بالاصطفاف أمام الرئيس «القائد» ويهرعون إلى محاولة «وأد» أسباب غضبه إذا غضب أو انفعل، فإننى أناشده أن ينفعل وأن يغضب حتى تنشط أجهزة الرقابة وحماية المستهلك تجنباً لأن تذهب هذه الزيادة التى تعد الأكبر فى تاريخ ميزانيات مصر إلى جيوب الجشعين من التجار الذين تعهدوا بأن يستولوا على أى زيادة تتحقق للمواطن..!.. ولك يا أحلى اسم فى الوجود ولقائدك ولأبنائك السلامة دائماً.