فيديو| كافح الإنجليز وعارض السادات.. مواقف من سيرة "إمام الدعاة"

فيديو| كافح الإنجليز وعارض السادات.. مواقف من سيرة "إمام الدعاة"
لم يكن الجانب الدعوي أو الديني فقط هو الذي كانت تذخر به حياة الشيخ محمد متولي الشعرواي، الذي تحل ذكرى وفاته الـ21 اليوم، فحياته مليئة بالمواقف منذ أن كان رئيسا لاتحاد الطلاب معارضا للاحتلال الإنجليزي، ومنعه الرئيس عبد الناصر من العودة للعمل بالسعودية إثر خلاف مع عاهلها حينها.
وحينما كان وزيرا للأوقاف عارض هجوم الرئيس السادات على الشيخ المحلاوي فقدم استقالته، كما تصدى لمحاولة نقل مقام إبراهيم، وهو صاحب أول فكرة لتأسيس بنك إسلامي في مصر.
النشأة
ولد الشيخ الذي لقب بإمام الدعاة في 15 ربيع الأول 1329 هجرية، الموافق 15 أبريل 1911 ميلادية، بقرية دقادوس مركز ميت غمر في محافظة الدقهلية، وتوفي في 22 صفر 1419 هـ الموافق 17 يونيو 1998م، عن عمر ناهز 81 عاما.
وعلى الرغم من أنه يعد من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث، إلا أنه يقول "خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيرا للقرآن وإنما هي هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات".
وقد عمل على سرد خواطره بطرق مبسطة وعامية مما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، والتحق بكلية اللغة العربية.
كفاح ضد الاحتلال
وبعيدا عن معلومات السيرة الذاتية فقد انشغل الشعراوي بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فحركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين، ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاءه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقي بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة.
موقف مع عبد الناصر
وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود، وعلى أثر ذلك منع عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة مجددا إلى السعودية، وعين في القاهرة مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون.
سجد لله شكرا على النكسة
ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر نحو سبع سنوات قضاها في التدريس، وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وقد سجد الشعراوي شكراً لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر، وبرر ذلك في برنامج "من الألف إلى الياء" بقوله "بأن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية فلم يفتن المصريون في دينهم".
وزيرا للأوقاف.. ومعارضا للسادات
وفي نوفمبر 1976م اختار ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر، واعتبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل حيث أن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م، وقدم الشيخ استقالته بسبب سب السادات للشيخ المحلاوي، فبعث الشيخ ببرقية للرئيس وقال: "إن الأزهر الشريف لا يخرج كلابًا بل يخرج شيوخًا أفاضل وعلماء أجلاء".
حصل الإمام الشعراوي على عدة أوسمة منها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15 أبريل 1976 قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشؤون الأزهر، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983 وعام 1988، وللشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر.
مقام إبراهيم
وفي عام 1954 تصدى لفكرة مطروحة لنقل مقام إبراهيم من مكانه، والرجوع به إلى الوراء حتى يفسحوا المطاف الذي كان قد ضاق بالطائفين ويعيق حركة الطواف، وأرسل برقية للملك سعود من خمس صفحات أكد فيها أن نقل المقام غير شرعي، كما عرض ببرقيته المسألة من الناحية الفقهية والتاريخية.
فجمع الملك سعود العلماء وطلب منهم دراسة برقية الشعراوي، فوافقوا على كل ما جاء في البرقية، فأصدر قراراً بعدم نقل المقام، وأمر الملك بدراسة مقترحات الشعراوي لتوسعة المطاف، حيث اقترح الشيخ أن يوضع الحجر في قبة صغيرة من الزجاج غير القابل للكسر، بدلاً من المقام القديم الذي كان عبارة عن بناء كبير يضيق على الطائفين.
خواطر مع كتاب الله
بدأ الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسيره على شاشات التلفاز قبل سنة 1980م بمقدمة حول التفسير ثم شرع في تفسير سورة الفاتحة وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف، وحالت وفاته دون أن يفسر القرآن الكريم كاملاً، يذكر أن له تسجيلاً صوتياً يحتوي على تفسير جزء عم (الجزء الثلاثون).
يقول الشعراوي موضحـًا منهجه في التفسير: خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن وإنما هي هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر، لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل وله ظهرت معجزاته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي " افعل ولا تفعل".
في الأجزاء الأخيرة من تفسيره آثر الاختصار بسبب مرضه حتى يتمكن من إكمال خواطره، ثم عاد واعتذر على شاشات التلفاز عن اختصاره واستغفر الله عن إيجازه في هذه المعاني حرصا منه على أن يتمم بحول الله تفسير كتاب الله في حياته، وأنه عوتب في ذلك وقيل له الموت له أجل ورزقك من الله له أجل.
وقد جرى تصوير قصة حياته في مسلسل تلفزيوني بعنوان "إمام الدعاة" عام 2003 وهو من بطولة حسن يوسف وعفاف شعيب.