أصحاب الملاعب: «الزراعة مش جايبة همها.. والعائد 20 ألف جنيه شهرياً»

كتب: يسرا البسيونى

أصحاب الملاعب: «الزراعة مش جايبة همها.. والعائد 20 ألف جنيه شهرياً»

أصحاب الملاعب: «الزراعة مش جايبة همها.. والعائد 20 ألف جنيه شهرياً»

فى قرية ميت عساس التابعة لمحافظة الغربية وبمجرد عبور كوبرى صغير للوصول إلى الجانب الآخر من الطريق، الذى تزينه الأشجار وسط الأراضى الزراعية المرصعة بالخضراوات، وعلى بعد خطوات صغيرة وسط الأراضى الزراعية تحيط الأسلاك بقطعة أرض صغيرة من جميع الجهات، مساحتها نحو 900 متر، تعكر الصورة الجمالية للأراضى المتلاصقة بجوار بعضها البعض، وبمجرد الاقتراب من الأسلاك المحيطة بالمكان تسمع الصيحات «يلا يا أحمد، شوط يا سعد، باصى شمال، جووووووووول».

مجموعة من الشباب يمارسون لعبة كرة القدم على ملعب خماسى مقام على أرض زراعية، وبمجرد الدخول إلى أرضية الملعب وجدناها شديدة الصلابة، وليست كأرضية الملاعب التى اعتدنا عليها، نظراً لوضع طبقة خرسانية أسفل النجيل الصناعى.

«الملاعب الخماسية انتشرت بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، بسبب شغف الشباب بكرة القدم»، هكذا عبر أحمد السيد صاحب ملعب خماسى بالقرية، مشيراً إلى أن الربح الذى تحققه الملاعب الخماسية يفوق زراعة الأرض بمراحل، حيث يتراوح إيجار الملعب فى الساعة خلال فترة النهار بين 70 و80 جنيهاً، أما فى الفترة المسائية فيتراوح سعر الساعة بين 90 و100 جنيه لإنارة كشافات الملعب فى فترات الليل، ومعدل اللعب فى اليوم الواحد على أقل تقدير 8 ساعات.

واستكمل «السيد» كلامه قائلاً: «بحسبة بسيطة بتعمل لك تقريباً 650 جنيه فى اليوم الواحد يعنى تقريباً 20 ألف جنيه فى الشهر، وساعات العمل فى التوقيت الصيفى قد تتخطى 16 ساعة عشان الطلاب بيكونوا أخدوا إجازة من المدارس وفى العادة الطلاب بيأجروا ساعات النهار عشان أسعارها أقل، بعكس الشباب اللى فوق سن الـ20 سنة اللى بيشتغلوا بييجوا هما بالليل على ما يخلصوا شغلهم، هو فيه أرض زراعية هتصفيلك ربح 10 آلاف جنيه حتى فى الشهر مش 20 ألف زى الملاعب، أكيد لا، دا غير إن الزراعة مهلكة والمبيدات مغشوشة ومابقيناش نعرف نبيع المحصول ومش بيجيب همه، وبعدين إحنا بنعمل حاجة مفيدة لينا وللبلد وبنشغل نفسنا بدل ما إحنا قاعدين على القهاوى نشرب شاى وشيشة، المفروض الدولة تدعمنا مش تهدم طموحنا، دا غير الدورات الرمضانية التى تقام على هذه الملاعب». وتابع: «إحنا نجحنا فى اللى وزارة الشباب ماقدرتش تعمله، أنا مش بأجر الملعب للشباب بس أنا عندى هنا حضانات بتشترك معايا يوم أو يومين على الأقل من كل أسبوع، بييجوا ياخدوا الملعب تقريباً 3 ساعات الأطفال بتلعب عليه أكثر من لعبة، بيغنوا، ويجروا ويعملوا مسابقات بينهم، فى حضانة مأجرة الملعب النهارده قدامهم نص ساعة ويستلموا الملعب».

"عاطف": "غنتنا عن اللعب فى الشوارع" ومديرة حضانة: طيعنى الدولة سابت كل التعديات وعايزة تزيل الحاجة اللى بتفيد شبابنا وأطفالنا؟!"

وأضاف: «هذه الملاعب تشهد إقبالاً كبيراً، ويتضح ذلك من كثرة الفرق التى تنتظر انتهاء من فى الملعب وتدفع الإيجار قبل دخول أرض الملعب، وهكذا، بالإضافة إلى عمل أكاديمية لتعليم الكرة وتكون باشتراك شهرى 100 جنيه مقابل 8 حصص تدريبية بواقع حصتين فى الأسبوع كل حصة ساعة تقريباً، وندرب فيها الأطفال من سن 5 سنوات وحتى 13 سنة، وممكن يوصل عدد الأطفال فى الأكاديمية فى فصل الصيف إلى 80 لاعباً وأحياناً 100 لاعب، أما فى فصل الشتاء فينخفض العدد إلى الثلث تقريباً بسبب الدراسة وبرودة الجو، وهنا نعلم الأطفال أساسيات اللعب، وبنعمل تقسيمات وبيحركوا الكرة بين الحواجز، وبيلفوا التراك وبيطلّعوا الطاقة اللى جواهم»، وطالب الدولة بضرورة تسوية الأوضاع وتقنين الملاعب والتصالح معهم لأنها تخدم المصلحة العامة، أكثر من كونها مصلحة شخصية.

وقال محمد عاطف، أحد اللاعبين الموجودين بالملعب: «الملاعب هنا غنتنا عن اللعب على التراب فى الشوارع وسط البيوت وأراحتنا من سباب أهالى الحارات، رغم أن المكان وسط الأراضى الزراعية وفيه ناموس كتير وحشرات، لكننا لا نملك البديل، كدا أحسن من مفيش، إحنا كنا بنلعب فى الشارع بقينا بنلعب على أرضية نضيفة، بعد ما كنا بنرجع البيت بملابسنا متسخة، والملعب معمول بالمواصفات القياسية». وأضاف: «بنأجر الساعة هنا بـ70 جنيه من 6 صباحاً إلى 6 مساء، وترتفع القيمة الإيجارية إلى 90 جنيه فى الفترة بين 6 مساء إلى الساعة 6 صباحاً، وبنجمَّع أنا وأصحابى فى المدرسة وجيرانى فى الشارع المبلغ ده من بعضنا يعنى ممكن كل واحد يدفع من 7 إلى 9 جنيه على حسب العدد»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد شروط خاصة لدخول الملعب سوى عدم التدخين أو تبادل الشتائم داخل الملعب، كما أن الملعب لا يشترط زياً معيناً أو حذاء معيناً، وفيه مننا اللى ممكن يلعب حافى بدون حذاء بالرغم من خشونة النجيلة الصناعية، وإيجار الملعب يشمل الكرة التى نلعب بها».

وحول اتهام أصحاب الملاعب بالتعدى على الأراضى الزراعية قال «عاطف» إن مساحة الملاعب صغيرة ولا تمثل خطراً كبيراً على الرقعة الزراعية وعند النظر إليها من منظور آخر نجدها تخدم الدولة والمواطن. لم يمر سوى نصف ساعة حتى دخلت مجموعة من الأطفال إلى أرض الملعب برفقة معلمتهم التى اصطحبتهم إلى الملعب، وجلس الأطفال على المقاعد الموجودة على جانبى الملعب ينتظرون انتهاء الفريق الذى يلعب حتى تبدأ الفترة المخصصة لهم.

من جانبها قالت نرمين عبدالله مديرة حضانة إنها اعتادت على اصطحاب الأطفال إلى الملعب بصفة مستمرة، لقضاء بعض الوقت وممارسة الأنشطة المختلفة والترفيه عنهم لتجديد النشاط، وبالتالى يصبحون قادرين على مواصلة العمل الدراسى باقى أيام الأسبوع، مضيفة أن جميع الأطفال ينتظرون هذا اليوم من كل أسبوع.

وحول قرار وزارة الزراعة الخاص بإزالة هذه الملاعب لتعديها على الرقعة الزراعية علقت «نرمين» قائلة: «يعنى الدولة سابت كل التعديات على الرقعة الزراعية اللى تُقدر بآلاف الأفدنة، والأبراج والعمارات المتعدية على الأراضى الزراعية، وعايزة تزيل الحاجة اللى بتفيد شبابنا وأطفالنا، بدل ما تدعمهم؟!».


مواضيع متعلقة