فعل الخير (بالتحدى والإكراه!)
- إعلانات التبرعات
- المؤسسة الخيرية
- تدبر القرآن
- ذكر الله
- غير لائق
- نعم الله
- آية قرآنية
- أبعاد
- إعلانات التبرعات
- المؤسسة الخيرية
- تدبر القرآن
- ذكر الله
- غير لائق
- نعم الله
- آية قرآنية
- أبعاد
رمضان شهر تكثر به الخيرات، وتتنزل به الرحمات، شهر نكون فيه بحالة روحانية تعبدية خاشعة لله سبحانه وتعالى ولأوامره بفعل الخيرات من صدقات وزكاة وأداء فريضة الشكر على نعم الله الكثيرة.
لكن هناك بعض المظاهر المستحدثة التى استجدت على مجتمعاتنا العربية الإسلامية، تجنح هذه الاستحداثات والتقاليع لأبعاد غريبة، وبالرغم من أن الغرض منها هو الخير، فإن طريقتها غير مستساغة أو منطقية، مثلاً كموضة (تحدى فعل الخير)، بأن ترسل رسالة على الملأ، وتكتب أسماء أصدقاء معينين، طالباً منهم تحديداً التبرع بعدد مرات الـ(like) أو (comments) على المنشور، وطالباً منهم تكرار ذات الشىء مع أصدقائهم عن طريق عمل (tag أو mention) لهم!!! مستدعياً إياهم للتبرع بالاسم.
مثال آخر بأن تنشر آية أو حديثاً، وتطلب من أشخاص معينين من أصدقائك تحت مسمى (نشر آية أو حديث) بأن ينشروا يومياً آية قرآنية لمدة أيام معينة، وأن يكرروا ذات التحدى بأن يوجهوا ذات الدعوة لأصدقاء بعينهم على الملأ كذلك.. وهكذا.
حتى وصل الأمر فى هذا التحدى إلى منظمات إغاثة اللاجئين والمؤسسات الإقليمية، بأن يوجّه أعضاؤها ذات التحدى لأصدقاء لهم بذكر أسمائهم على الملأ طالبين منهم التبرع!!!
منذ متى والعبادات وذكر الله وتدبر القرآن والحديث أو إتيان الصدقات والزكاة تكون عن طريق الألعاب (التحديات)، وطلب ذاك من أناس بأعينهم على الملأ!! ما الغرض! هل هو العبادة! التقوى! فعل الخير!!، كيف تدخل العبادة وفعل الخيرات فى نطاق (موضة التحدى)؟ لماذا يطلب من الناس فعل الخير إحراجاً وتوريطاً وإجباراً، وإن كان الدافع نبيلاً إلا أن الطريقة غير لائقة؟
يمكننى أن أدعو الجميع، وأذكِّر نفسى وإياهم بفعل الخيرات، ويمكننى الإعلان عن أماكن وطرق هذه الخيرات، ويمكننى أن أعلن مشاركاتى الخيرية لتشجيع غيرى، لكن دون إلزام غيرى بذلك، ودون انتهاك حرية وخصوصية الآخرين. لا تضيعوا نبل وطهر المعانى بالمظاهر والتقاليع والتقليد الأعمى دون النظر إلى مدى نفعه أو جدواه أو أذاه للغير (فرضاً أنه لا يقوى على التنفيذ، وفرضاً هو يفعل الخير بمكان آخر أو بطريقة أخرى).
من مظاهر هذا الإكراه أيضاً هو استخدام الميلودراما والتراجيديا بإعلانات التبرعات الكثيرة، والهدف هو أن يعتصر قلبك، كى تنفق أو تتبرع، وأن يحطم وجدانك، أن تبكى وتكتئب. لماذا يجب أن نعذَّب يومياً بهذا؟! إننى كإنسان بالغ عاقل يحترم عقله عندما أريد التبرع لمنافذ الخير، فكل ما يعنينى هو مصداقية هذه المؤسسة الخيرية! وهل لو أرسل لهم طالب حاجة أو طالب علاج هل سيحصل على هذا الدعم؟! عندما أتأكد من إنجاز تلك المؤسسة ودعمها للمحتاج بالتأكيد سوف أتبرع، دون أن يحطَّم قلبى بإعلان يمنعنى من النوم أياماً، لفرط بؤسه وزيادة شجنه، يكفى أن تكون الرسالة جادة وواضحة.
وبما أنه شهر الخير، فلا ننسَ المقربين، تفقّد جارك المتعفف أو صديقك الذى يمر بضائقة ويمنعه كبرياؤه من طلب العون، أو قريبك المتعب الخجول. تفقَّدوهم وساعدوهم ولو بالحيلة، حتى تتجنبوا إحراجهم، هؤلاء لا إعلانات لهم ولا تحديات.
إن لم تستطِع المساعدة، انشر طلب المساعدة عامة، دون تحديد لشخص، فربما استطاع غيرك ما عجزت أنت عنه، وإن لم تجد ما تدفعه فتصدَّق بالبسمة وطيب الخلق ورحمة الناس ومودتهم بالسؤال عنهم والدعاء لهم، فلربما كانت دعوة صادقة منك أغلى من جبال من ذهب. الخير لا يُدعى إليه بالإجبار أو الإحراج، ولا بالتحديات والتقليعات.