"بامية" أمي و"طبيخ" محمد ممدوح
- محمد ممدوح
- البامية
- إمام أحمد
- تايسون
- ولد الغلابة
- مسلسلات رمضان
- جراند أوتيل
- محمد ممدوح
- البامية
- إمام أحمد
- تايسون
- ولد الغلابة
- مسلسلات رمضان
- جراند أوتيل
على هذه الأرض ما يستحق الحياة.. هكذا أخبرنا محمود درويش، ولو كان من حسن حظ الشاعر أن يتذوق "بامية" أمي لأحبها، وربما كتب عنها بيت شعر في قصيدته.
أمي تطبخ خضار البامية على طريقة خاصة جدًا، البامية واحدة في كل الأسواق، لكنها ليست واحدة في كل البيوت، كل ست بيت لديها سرًا خاصًا تخبئه في طبيخها فتميزه عن غيره.
بامية أمي رائعة على نحو فريد ومختلف.. لو سألتني عن أجمل 10 أشياء في الدنيا، أعتقد أنني سأذكر بامية أمي في القائمة.
قبل أيام كنت مدعوًا للإفطار في مطعم كبير وشهير بوسط القاهرة، شعرت بسعادة عندما لمحت طاجن البامية على الطاولة التي أجلس عليها، ببطء زحفت بيدي مثل الأطفال وسحبت الطبيخ الذي أحبه ناحيتي قليلاً، لكن عندما تناولت منه أبعدته من جديد.
كان الشكل جميلاً، والرائحة طيبة، إلا أن سر البامية الذي لا أعرفه لكني وقعت في حبه منذ الطفولة لم يكن موجودًا!
البامية نَفَس، وليست طريقة تقديم "شيك".. مثل الفن تمامًا!
خلال رمضان الحالي، خرجت موجة انتقادات جديدة، وصلت لدى البعض إلى درجة من درجات "التنمر" أو بمعنى آخر "السفالة" ضد أحد أكثر الفنانين الحاليين موهبة.
اتهموه بأن مخارجه الصوتية غير مفهومة، وانفعالاته زائدة عن الحاجة، وعرقه الذي يتصبب في بعض المشاهد يثير الغثيان، وكأن الفنان كائن فضائي لا يعرق، ووصل الحد إلى انتقاد وزنه وبنيانه الضخم و"لغده" الكبير أيضًا!هذه الملاحظات لا تعبر عن نقد فني، بقدر ما تعبر عن وجهة نظر فتاة في شاب تقدم لخطبتها!
الفن شيء، واختيار شريك الحياة المناسب شيء آخر!
الفن -مرة أخرى- مثل "البامية"، نَفَس نتذوقه، وسر نرتبط به حتى لو لم نكتشفه أبدًا.
أكثر اللوحات جمالاً ليست تلك المصنوعة من خامات باهظة الثمن وعالية الجودة، لكنها التي تحتفظ بسر يؤثر فينا وتحمل معانٍ تحرك مشاعرنا، فربما نبكي كما أبكانا بضعفه وبساطته "أمين" في "جراند أوتيل"، أو نضحك كما أضحكنا بعفوية غير مصطنعة "بهجت" في "بشتري راجل"، أو نشعر معه بالتوتر والقلق كما شعرنا مع "الضابط طارق" في "قابيل"، أو يغضبنا بحدته وكراهيته ونابه الأزرق كما فعل معنا "ضاحي" في "ولد الغلابة".
الفن كرة مضغوطة من المشاعر والأحاسيس والمعاني يرميها الفنان "الشاطر" في وجهنا، فتنفجر وتتناثر منها كل الرسائل التي أراد أن تصل إلينا. هكذا كان يفعل جيل العظماء في الماضي من مثل: "محمود المليجي" و"شكري سرحان" و"فاتن حمامة" و"أحمد زكي" و"سناء جميل"، وهو ما يفعله اليوم "محمد ممدوح" بموهبة استثنائية وسط مرحلة لا تتميز - بكل أسف- بوهج فني كما كان في السابق، بل تعاني من ندرة أصحاب المواهب الحقيقية!
الشيء الأكثر أسفًا وجهالة، هو دعوة البعض لهذا الفنان الطبيعي الاستثنائي الرائع، إلى إجراء عمليات جراحية لعلاج ما يعتبرونه خللاً في أدائه التمثيلي، وهو في حقيقة الأمر سرًا من أسرار نجاحه، هو "النَفَس" الذي يضعه في طبيخه فيميزه عن غيره.
يريدون منه -بسذاجة أو بوقاحة- اللجوء إلى الطبيب على طريقة نجوم ونجمات "النفخ" و"الشفط" الذين تحولوا إلى سلع متماثلة وصور مكررة لا يفرق بينها إلا "الرمز الكودي" المطبوع على كل منها!يريدون طبيخ بألوان صناعية ونكهات مضافة ومواد حافظة، ونحن نريد طبيخ "محمد ممدوح" كما هو.. طبيعيًا تمامًا، وتلقائيًا جدًا، مثل طبيخ أمهاتنا في البيوت، وليس في مطاعم الوجبات الجاهزة!