جدل بسبب الغيبة في الصيام.. الإفتاء: حرام.. وأستاذ بـ"الأزهر": لا تفسد

جدل بسبب الغيبة في الصيام.. الإفتاء: حرام.. وأستاذ بـ"الأزهر": لا تفسد
- الدكتور أحمد كريمة
- الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق
- الدين الإسلامى
- الرسول الكريم
- الشريعة الإسلامية
- الفقه المقارن
- جامعة الأزهر
- الدكتور أحمد كريمة
- الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق
- الدين الإسلامى
- الرسول الكريم
- الشريعة الإسلامية
- الفقه المقارن
- جامعة الأزهر
ينتشر "القيل والقال" بين الناس في جميع أوقات العام، وإنّ كان الدين الإسلامي حذر من الغيبة والنميمة في كل أوقات العام، موضحا أنّها حاصدة لحسنات المرء، فإنّ التحذير منها في شهر رمضان خاصة مع ابتعاد الإنسان عن كثير من الشهوات، أكثر مصداقا لقوله تعالى "ومن يعظم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب"، لكن الخلاف "هل تفسد الغيبة والنميمة الصيام أم لا؟".
يوضح الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الحكم الشرعي في تلك المسألة الفقهية، قائلا إنّ الغيبة التي تعني ذكر عيوب الآخرين حتى إن كانت صحيحة، والنميمة الممثلة في نقل الكلام بين الناس على سبيل الإفساد، لا يفسدان الصيام، لكن لها تأثير عظيم على ثوابه، لافتا إلى أنّ هناك مذاهب تفتي بإفساد الغيبة والنميمة للصيام.
وأضاف كريمة خلال برنامجه "فتاوى رمضانية"، المذاع عبر "الوطن تي في" أنّ الغيبة والنميمة محرمتين، مستشهدا بقوله تعالى: "ولا يغتب بعضكم بعضا، أيحب أحدكم أنّ يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه"، وقوله تعالى "هماز مشاء بنميم".
من جانبه، قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، في فتوى على موقع دار الإفتاء، أنّه يجب على الصائم ألا يُعرض صيامه لما يفسده ويُضيع ثوابه، فيمسك أعضاءه وجوارحه عن كل ما يغضب الله تعالى، ويضيع الصوم كالغيبة والنميمة، والقيل والقال، والنظر إلى ما حرمه الله تعالى، والخصام والشقاق، وقطع صلة الرحم، وغير ذلك من الأمور التي من شأنها ضياع ثواب الصوم، عملًا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ"، أخرجه النسائي وابن ماجه وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
وأضاف جمعة في الفتوى: "على الصائم أنّ يجتنب كل ما من شأنه أنّ يُذهب التقوى أو يضعفها، لأنّ الصيام شُرع لتحصيلها، قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)".
من جانبها، أكدت دار الإفتاء المصرية، حرمة الغيبة، موضحة أنّها كبيرة من الكبائر وأنّ الغيبة من الأمور التي يقع فيها كثير من الناس دون انتباه، ومن ثَمَّ عدم إدراك لخطورة الجزاء الإلهي على هذا الإثم العظيم، فإذا كان الناس يهتمون بعدم ارتكاب ذنوب شديدة الوضوح مثل القتل والزنا والسرقة وغيرها، فإنّهم يتساهلون في الوقوع في الغيبة، وهي كبيرة من الكبائر
وأوضح الإمام الغزالي حقيقة الغيبة وحدودها، والذي نشرته دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي للفتاوى: "اعلم أنّ حد الغيبة أنّ تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه، سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أو في خلقه أو في فعله أو في قوله أو في دينه أو في دنياه حتى في ثوبه وداره ودابته"، ويضيف أنّ "الفعل فيه كالقول والإشارة والإيماء والغمز والهمز والكتابة والحركة وكل ما يفهم المقصود فهو داخل في الغيبة وهو حرام ومن ذلك المحاكاة، يمشي متعارجًا أو كما يمشي، فهو غيبة، بل هو أشد من الغيبة لأنّه أعظم في التصوير والتفهيم".
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ قَصِيرَةٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقُلْتُ بِإِبْهَامِي هَكَذَا، وَأَشَرْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَصِيرَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْتَبْتِهَا" رواه ابن أبي الدنيا.
وإذا وجد الإنسان اضطرارًا لأنّ يذكر عيبًا أو أنّ ينتقد تصرفًا لبعض الناس، فما العمل إنّ أراد أن يبيِّنَ للناس رأيه وموقفه في هذه الأمور، أوضحت الإفتاء نقلا عن الغزالي أنّه على الشخص أنّ يتأسى بالرسول الكريم، إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كره من إنسان شيئًا، قال: "ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا"، فكان لا يُعَيِّنُ شخصًا بعينه، وهذا لعله أرجى في الاستجابة؛ لأن الفضيحة قد تولد العند، ولكن إنّ علم المرء أنّ الناس يتحدثون عن سلوك مرفوض يفعله، ولكنهم لا يعلمون أنّه هو الذي يفعله، فلعله ينزجر ويعود إلى الحق.
وتابعت: "من الأمور الخطيرة أيضًا في هذا الباب، استساغة المرء الاستماع إلى الغيبة، وفي هذه الحالة ليكون شريكًا في إثمها، ولا يظنَّنَّ أنّه لعدم حديثه يكون قد بَرِئ َمن الذنب، بل إنّ عليه أنّ يرد غيبة أخيه عسى أنّ يرد الله عنه النار يوم القيامة".