"عمال التراحيل" في كفر الشيخ.. "بنخرج على باب الله وبنشقى بدون حقوق"

كتب: سمر عبد الرحمن

"عمال التراحيل" في كفر الشيخ.. "بنخرج على باب الله وبنشقى بدون حقوق"

"عمال التراحيل" في كفر الشيخ.. "بنخرج على باب الله وبنشقى بدون حقوق"

يستيقظون عقب صلاة الفجر، يحملون حقائبهم متوجهين إلى بعض مناطق محافظة كفر الشيخ، ينتظرون في الشوارع تحت آشعة الشمس والأمطار، بأحد شوارع مدينة بلطيم، انتظارًا لمن يأت ويأخذهم للعمل لتوفير عدة جنيهات يعودون بها لسد رمق أسرهم، يتوكلون على الله يدعونه أن يرزقهم بعمل لكسب قوت يومهم، غير عابئين بالأمراض التي يتعرضون لها، فهم يعملون في البناء والأراضي الزراعية ونظافة الشوارع، وحمل الخرسانة المسلحة.

"عمال التراحيل"، تجدهم في كل شارع وقرية، لاتخلو العزب منهم والطرق والأرصفة، فمن بين هؤلاء صبري علي، مقيم بإحدى قرى مركز الحامول في كفر الشيخ، شاب لم يتجاوز عمره الـ 25 عامًا، لم يحالفه الحظ باستكمال تعليمه عقب وفاة والده وزواج والدته من رجل آخر، وجد نفسه بين خيار واحد لاثاني له، أن يتحمل مسؤولية نفسه ويعمل في كل مهنة تُتاح أمامه حتى يُلبي احتياجات زوجته وطفله، يستيقظ صبري قبيل صلاة الفجر، يُجهز ملابس الشغل في كيس بلاستيك، يحمله ويتوكل على الله، قاصدًا بابه الكريم، متوجهًا إلى مدينة بلطيم التي تبعد نحو 18كيلو مترًا عن منزله، يقف في شارع بور سعيد أمام موقف السيارات مع عشرات العمال، ينتظرون من يأتي إليهم موفرًا لهم عمل يومي.

يقول صبري: "لا أعمل في مهنة محددة، فأنا لم أستكمل تعليمي، أخرج يوميًا على باب الله، أذهب وعددًا من أبناء قريتي إلى مدينة بلطيم، ننتظر كغيرنا من الشباب أمام الموقف، وهو مكان معروف بالنسبة لراغبي العمال، يأتي إلينا أشخاصًا يطلبون عمال بناء، وآخرون يحملون الطوب بأنواعه للأدوار العليا، بالإضافة إلى عمال في الخرسانة المسلحة يعملون على خلاطات، والبعض يطلب عمالا لرعاية ونظافة الأراضي الزراعية سواء يعملون في حصاد المزروعات المختلفة، ولا يكون أمامنا خيارات، نذهب للعمل وأحيانا نُعامل معاملة سيئة مقابل الرجوع في نهاية اليوم ببضع جنيهات لاتتعدى الـ100جنيه".

يضيف صبري:"أحيانًا بنضطر نقعد يومين وتلاتة برا بيوتنا علشان مش لاقيين شغل، ولما بنتعب للأسف مش بنعرف نتعالج في مستشفيات الحكومة بسبب عدم وجود تأمين صحي، مؤخرًا أصيبت بغضروف في ظهري، بسبب حمل الطوب والأسمنت، وذهبت لمستشفيات الحكومة كي أجري عملية جراجية لكن للأسف مثل هذه العمليات غير متوفرة في مستشفيات الحكومة بالمحافظة، فاضطررت للاستدانة بـ30 ألف جنيه لإجراء الجراحة، كي أستطيع ممارسة حياتي، وبعد أقل من أربعة أشهر خرجت للعمل مرة أخرى لأنني لا أملك سوى صحتي التي تجلب الأموال من خلال هذا العمل، أوفر الجنيهات لتلبية احتياجات زوجتي وطفلي".

لا يختلف حال مصطفى عيد، أحد أبناء كفر الشيخ، كثيرًا عن صبري، فهو الآخر يضطر للجلوس تحت آشعة الشمس بالساعات انتظارًا لمن يوفر له فرصة عمل يومية ببضع جنيهات:"بخرج من بيتي ومش عارف هرجع أمته، ومينفعش ارجع آخر اليوم بدون فلوس، أنا بعول أسرة ومعايا 3 أولاد في مراحل التعليم المختلفة، وقدرنا إن الفقر ملازمنا، لاقرش ولا ملك ولا ورث، إحنا بنخرج على باب الله".

يؤكد عيد:"بنشتغل بدون مظلات تأمين، ولا لينا أي حقوق، إحنا الفئة المهضوم حقها، بنشتغل أشغال شاقة ميقدرش يعملها الموظف، بنشيل طوب ورمل وزلط على ظهورنا، بنحصد المحاصيل الصعبة، وبنهدم منازل آيلة للسقوط، بنعمل كل حاجة وبنتعب محدش بيراعينا، لأن ملناش أي حقوق، إحنا عمال لانتمتع بأي مظلة للحماية".


مواضيع متعلقة