بعد فرض الشركات الصينية سيطرتها على سوقها المحلية.. هل تخرج السوق المصرية من «قبضة الأجانب»؟!

بعد فرض الشركات الصينية سيطرتها على سوقها المحلية.. هل تخرج السوق المصرية من «قبضة الأجانب»؟!

بعد فرض الشركات الصينية سيطرتها على سوقها المحلية.. هل تخرج السوق المصرية من «قبضة الأجانب»؟!

شهدت السوق الصينية تهاوى عدد من العلامات التجارية العالمية وفقدانها مراكزها المتقدمة على قائمة تفضيلات المستهلكين، وذلك وفقاً لتقرير جديد نقلته «بلومبرج» حول أكثر 50 علامة تجارية طلباً فى الصين، ويأتى هذا التراجع فى العلامات التجارية العالمية فى أكبر سوق استهلاكية فى العالم لصالح العلامات المحلية، ويتزامن هذا التقرير مع تخارج «أمازون» عملاق التجارة الإلكترونية فى العالم من السوق الصينية نتيجة للمنافسة الشرسة مع الشركات المحلية الصينية مثل «على بابا» و«جى دى»، كما قررت أيضاً إغلاق متجرها الإلكترونى Amazon.cn بدءاً من 18 يوليو المقبل.

وأشار التقرير إلى أن العديد من البراندات العالمية الشهيرة مثل آبل وإيكيا ونايكى وبى إم دبليو، فقدت مراكزها على قائمة أفضل 10 علامات لتصعد على حسابها شركات محلية مثل هواوى وميتوان ديابينج، حيث تراجعت شركة «نايكى» إلى المركز 44، وجاءت شركة السيارات الفاخرة BMW فى المرتبة الـ46، وهبطت أبل إلى المرتبة الـ11، فى حين خرجت إيكيا صاحبة المركز الرابع فى عام 2017 من قائمة العشر الأوائل لتحجز مكانها فى المرتبة 37 حالياً.

الشركات العالمية تفقد صدارتها بالسوق الصينية.. والكيانات المحلية تستحوذ على 60% من قائمة أقوى 50 شركة

وحسب تقرير آخر أعدته مؤسسة «بروفيت» الاستشارية، تستحوذ البراندات الصينية حالياً على 30 من أصل 50 علامة تجارية هى الأكثر تفضيلاً فى الصين، وذلك مقارنة بـ12 علامة تجارية فقط فى عام 2016، الأمر الذى يمثل نقلة كبيرة فى هيكل السوق الصينية.

ووفقاً لهذه المؤشرات، تُعد شركة أبل أكثر المتضررين بفقدانها حصة سوقية كبيرة فى ثانى أكبر سوق لمنتجاتها بعد الولايات المتحدة، وذلك فى ضوء التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، التى دفعت مئات الشركات الصينية لترغيب موظفيها فى الاستغناء عن هواتف آيفون، بإعطائهم منحاً كبيرة تتراوح بين 10% و20% على أسعار الهواتف الصينية محلية الصنع مثل هواوى وشاومى، وقد تصل بعض المنح إلى تغطية سعر الهاتف الكامل، فيما قامت العديد من الشركات الأخرى بمقاطعة «أبل»، حيث نقلت وسائل إعلام صينية أن جمعية أعمال مقرها شانغهاى ستطرد أى شخص اشترى منتجات أبل.

كما شهدت سلسلة المقاهى الأمريكية «ستاربكس» التى تمتلك نحو 3600 فرع فى الصين، منافسة حادة مع «لوكين كوفى» الصينى خلال العام الماضى، ليستحوذ الأخير على شريحة كبيرة من عملاء «ستاربكس» مستخدماً الميزة السعرية مع الحفاظ على جودة المنتج الذى يقدمه، حيث يضع المنافس الصينى الصاعد الربح فى آخر حساباته الحالية على أن يحقق نمواً وانتشاراً فى السوق المحلية، ليتمكن بذلك من افتتاح نحو 2000 فرع فى 30 مدينة صينية، مستهدفة وصولها إلى 2500 فرع بنهاية 2019، وهو ما يعنى أنها ستتفوق بـ900 فرع على ستاربكس، الأمر الذى يشير إلى اقتراب نهاية الهيمنة الأمريكية على سوق القهوة الصينية، ويبدو هنا أنه لا أحد يستطيع الاستفادة من الصين بقدر ما تستطيع الصين الاستفادة منه.

«لوكين» تطيح بـ"ستاربكس" بسوق القهوة الصينية.. ومبيعات "أبل" تتأزم نتيجة التوترات التجارية بين العملاقين

وبإسقاط ذلك على السوق المصرية، سنجد أنه على الرغم من تصنيف سوق الشركات الناشئة فى مصر الأسرع نمواً فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وثانى أكبر سوق بعد الإمارات وفقاً لتقرير منصة «MAGNiTT» لاستثمار المخاطر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2018، وامتلاكها 22% من حصة الاستثمارات فى الشركات الناشئة فى نفس المنطقة، إلا أن الشركات المحلية تفتقد قدرة المنافسة بشكل كبير فى حال دخول شركات أجنبية فى قطاع معين، وذلك على عكس ما هو موجود فى السوق الصينية التى تمكنت فيها الشركات المحلية من الإطاحة بالشركات الأجنبية فى إطار المنافسة.

ويأتى ذلك نتيجة هشاشة القاعدة المالية للشركات الناشئة فى مصر، حيث يواجه هذا النوع من الشركات الذى يعتمد عليه العالم حالياً فى إحداث طفرات كبيرة فى اقتصاديات الدول المختلفة ضعفاً تمويلياً كبيراً فى مصر يعرقل نمو هذه الشركات مع حدوث أول أزمة، وذلك لارتفاع نسب المخاطرة به وتزايد نسب الفشل فى هذه المشروعات، وهو ما ينفر الممولين سواء البنوك أو المستثمرين فى الاستثمار بشركات عالية المخاطر، غافلين أنظارهم عن النماذج التى حققت ثروات كبيرة حول العالم مثل فيس بوك و«سوق. كوم» وفورى وكريم وأوبر وغيرها من الشركات التى كانت ضمن إحدى هذه الأفكار عالية المخاطر.

ومن ناحية أخرى يركز الكثير من مصممى أفكار الشركات الناشئة إبداعهم على القنوات أو الوسائل الفرعية للشركة مثل إنشاء تطبيق دون التركيز على أساس الشركة نفسه وتكوين كيان ينافس الشركات الموجودة فى السوق، وهو ما يضعف من قوة تقديم هذه الشركات للممولين والحصول على التمويلات اللازمة، كما تشهد هذه الشركات تجاهلاً إعلامياً وتسويقياً كبيراً، وذلك على حساب مواد إعلامية أخرى لم تحرك ساكناً أو تضع إضافة فى الاقتصاد المصرى، وبالتالى تفتقد هذه الشركات جزءاً كبيراً من الدعم التسويقى والإعلامى، فى ظل قدرتها المحدودة على الترويج لنفسها ومضاهاة المنافس الأجنبى.

وفى الوقت الذى تقتحم فيه الشركات الدولية السوق المصرية بل والعالم، لا تزال الشركات المصرية سواء الناشئة أو الشركات ذات الثقل فى السوق المصرية تعانى من مشاكل الروتين والفساد وعدم اتزان البيئة التشريعية والتنظيمية، وبالتالى لم تتمكن من مضاهاة الشركات العالمية التى تمتلك تنظيماً وتكنولوجيا وتمويلاً يمكنها من العمل تحت أى ظروف.

ودفعت كل هذه العوامل الدولة لتبدأ من جديد لتهيئة بيئة الأعمال فى السوق المصرية، وذلك فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تطبقه منذ 2016، عن طريق تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية، ومعالجة التشوهات الموجودة فى هيكل الضرائب، والقضاء على الروتين والفساد من خلال نشر التعاملات الرقمية فى معظم التعاملات مع الدولة، ولكن يأتى السؤال هنا: متى ستتمكن الشركات المحلية من السيطرة على السوق المصرية فى ظل وجود بيئة تنافسية مع الشركات العالمية؟ وهل ستتحقق آمالنا فى اقتحام الشركات المحلية للسوق العالمية؟


مواضيع متعلقة