كاتب تركي: أنقرة ستتكلف ثمنا غاليا حال صنفت أمريكا الإخوان "إرهابية"

كتب: محمد البلاسي

كاتب تركي: أنقرة ستتكلف ثمنا غاليا حال صنفت أمريكا الإخوان "إرهابية"

كاتب تركي: أنقرة ستتكلف ثمنا غاليا حال صنفت أمريكا الإخوان "إرهابية"

قال الكاتب التركي هيم تاستكين، إن تركيا ستتكلف ثمنا غاليا، في حال صنفت الولايات المتحدة "الإخوان" كجماعة إرهابية.

وتابع الكاتب التركي في مقال له بموقع "المونيتور" الأمريكي، إن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف جماعة الإخوان بأنها منظمة إرهابية أجنبية سوف يكون المسمار الأخير في نعش الرغبة التركية، في تشكيل حزام إخواني من الشرق الأوسط إلى شمال أفريقيا.

واستطرد: "كما يمكن لذلك أن يوضح أن هناك مشكلة جديدة أمام تركية، وهو أن هناك الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان الذين لجأوا إلى البلاد في السنوات الماضية، بينما جاء إعلان (ترامب) بأنه يفكر في تسمية (الإخوان) منظمة إرهابية بعد اجتماعه في 9 أبريل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تضيف القضية ضغطًا على العلاقات الأمريكية التركية المتوترة بالفعل وتضغط على أنقرة لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإخوان".

وأشار الكاتب المتخصص في السياسة الخارجية التركية والقوقاز والشرق الأوسط، إلى أن تركيا حاولت منذ عام 2011 وضع أنظمة إخوانية بدلا من الأنظمة الدكتاتورية، التي جرى الإطاحة بها في ثورات الربيع العربي، حيث راهن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على العديد من مشروعات السياسة الخارجية المغامرة التي خسرها لأول مرة في مصر، في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان، ثم عانت تركيا من ضربات مماثلة في سوريا وليبيا والعراق وتونس، ومؤخرا السودان.

وأوضح الكاتب انه إذا جرى تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، فإن تركيا ستتأثر كثيرًا، ويعتمد حجم المشكلات التي ستواجهها تركيا على مشروع القانون الذي قد تصوغه إدارة "ترامب".

وأردف: "السؤال هو: هل سيجري إدراج جماعة الإخوان المصرية فقط إلى القائمة السوداء، أم جميع المنظمات المرتبطة بها؟ وذلك لأنه على الرغم من أن الاسم العام للتنظيم في مصر وسوريا هو جماعة الإخوان، إلا أن الحركة تعمل تحت أسماء مختلفة في بلدان أجنبية أخرى: النهضة في تونس، جبهة العمل الإسلامي في الأردن، وحركة حماس في فلسطين، والحزب الإسلامي العراقي في العراق، وحركة مجتمع السلم في الجزائر والجبهة الإسلامية (المؤتمر الوطني) في السودان، وتُعرف الحركة باسم الإصلاح في البحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة واليمن والصومال".

وتابع الكاتب أنه في كثير من البلدان ، تكون الامتدادات السياسية لجماعة الإخوان إما شركاء في الحكم أو ممثلة في البرلمانات، حتى في مصر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وعلى الرغم من كل الجهود لاستئصال الحركة، كانت جماعة الإخوان منخرطة في السياسة من خلال مشرعين وممثلين منتخبين بشكل مستقل في العديد من الغرف والنقابات العمالية الأخرى، وبالتالي، فإن تصنيف الجماعة كإرهابية، وهي ذات تأثير واسع على الحياة السياسية والاجتماعية في العديد من البلدان لن يزعج تركيا فحسب، بل سيكون له تداعيات عالمية، وقد حذر وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون في عام 2017 من أن مثل هذه الخطوة ستقلب العلاقات الخارجية الأمريكية تمامًا.

وشرح الكاتب أن بدأت شراكة تركيا مع جماعة الإخوان بدأت منذ عقود، خلال الحرب الباردة، حيث تم ترجمة العديد من الكتب التي كتبها أعضاء من جماعة الإخوان المصرية والسورية إلى التركية في الستينيات من القرن الماضي لمحاربة الشيوعية.

ولفت إلى أن في سبعينيات القرن الماضي، تعاونت المخابرات التركية مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد في استخدام أيديولوجية الإخوان ضد الأنظمة البعثية في المنطقة، حتى أن هناك تكهنات بأن بعض أعضاء الحركة تلقوا سرا تدريبات عسكرية في تركيا ضد الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد، بعد مذبحة عام 1982 في حماة لإنهاء الانتفاضة السنية، ولجأ بعض أعضاء الحركة إلى تركيا وأقاموا علاقة قوية مع الإسلاميين السياسيين في تركيا، والذين كانوا أسلاف حزب العدالة والتنمية، الذي قام بترجمة هذه الاتصالات والعلاقات إلى آلية القوة الناعمة للسياسة الخارجية، متجاهلا في استراتيجيته التقليدية سياسة تركيا المتمثلة في الحفاظ على مسافة بينها وبين هذه الحركات الإسلامية.

وعندما وصل الإخوان إلى السلطة في تونس ومصر في بداية الربيع العربي، بدأ حزب العدالة والتنمية في التخطيط لتسلم الحركة السلطة في سوريا وليبيا أيضًا، وكان الإخوان السوريون، الذين اعترفت بهم أكثر من 100 مقاطعة كممثلين قانونيين للمعارضة السورية، أهم عنصر في المجلس الوطني السوري والتحالف الوطني السوري للمعارضة والثوريين، ولم تكن تلك الجهود مصدر خلاف مع الولايات المتحدة أو حلفاء تركيا الغربيين الآخرين، حتى نمت قوة تنظيم "داعش" في سوريا وهنا رأت الدول الخليجية ان الإخوان يشكلون تهديدًا وجوديًا لها، حيث حملت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تركيا وقطر مسؤولية ظهور الإخوان كقوة رائدة في سوريا، بينما رحبت تركيا بالآلاف من أعضاء الإخوان الفارين، على الرغم من عدم توفر أرقام دقيقة، تشير التقديرات إلى أن حوالي 5000 من أعضاء جماعة الإخوان ذهبوا إلى تركيا، وشاركوا في جهود مكافحة الدعاية ضد مصر ودول الخليج، حيث أنشأوا أربع قنوات تلفزيونية في تركيا، وعندما قامت قطر، بسبب الضغوط من جيرانها، بطرد سبعة من قادة الحركة في عام 2014، فتحت تركيا أبوابها لهم مرة أخرى.

واستطرد الكاتب انه يجب الوضع في الاعتبار أن روابط الولايات المتحدة مع جماعة الإخوان تعود إلى عقود من الزمن، ولم يعد سرا أن جماعة الإخوان وعدت بالامتثال الكامل للاتفاقيات الدولية التي أصبحت القاهرة طرفا فيها حتى قبل تنحي مبارك في عام 2011،  ومع ذلك، فإن سياسة "ترامب" الخارجية تشير إلى تغير كبير في المواقف التقليدية لواشنطن، حيث يعد دعم المحور السعودي المصري ضد إيران جانبًا مهمًا في هذه الاستراتيجية الجديدة.

واستعرض الكاتب الخيارات المتاحة أمام تركيا إذا قامت الولايات المتحدة بتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية؟ وتساءل هل يمكن أن تستمر تركيا في أن تكون "أمل العالم الإسلامي بأسره"، كما قال المتحدث باسم الإخوان يوسف ندا ذات مرة؟ وتابع أنه بدون شك سوف تثير تركيا اعتراضات بشكل كبير، لكن سيكون من الصعب على أنقرة استخدام الحركة كوسيلة للقوة الناعمة، ويمكن أن تختار الحكومة التركية أن تكون براجماتية في هذا الأمر، الذي تسبب بالفعل في خسائر كثيرة في ملف السياسة الخارجية للبلاد، فقد فقدت تركيا بالفعل قدرا كبيرا من نفوذها على شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب دعمها لجماعة الإخوان، كما  أغضبت شعوبا مختلفة، بما في ذلك الشعب العراقي من خلال توفير الحماية لنائب الرئيس السابق لجماعة الإخوان طارق الهاشمي ، وأغضبت حركة فتح الفلسطينية، من خلال تفضيلها العلني لحركة حماس في الصراع الفلسطيني الداخلي، وأغضبت شرائح من العلمانيين في تونس من خلال تقديم دعم غير مشروط إلى حزب النهضة، وكذلك الليبيون الذين يدعمون المشير خليفة حفتر من خلال دعم القوى الإسلامية في طرابلس والسودانيين الذين أرادوا رؤية زوال حكم "البشير".


مواضيع متعلقة