بالصور| قصة دخول الكوليرا في مصر قبل قرنين.. وكيف واجهته الحكومة

كتب: منى السعيد

بالصور| قصة دخول الكوليرا في مصر قبل قرنين.. وكيف واجهته الحكومة

بالصور| قصة دخول الكوليرا في مصر قبل قرنين.. وكيف واجهته الحكومة

تعرضت مصر خلال تاريخها الحديث إلى 3 موجات من وباء الكوليرا أو "الموت الأسود" كما يطلق عليه العامة، خلال القرنين الماضيين، وكانت مصر في تلك الفترة تحت الحكم البريطاني الذي حاول نشر شائعات أن المرض موطنه مصر وأن يستغل هذا الوباء في عزل مصر، ولكنه سرعان ما اختفى تماما.

بدأت الكوليرا من دمياط 1883

لم يكد يمر على مصر عام واحد من إعلان بريطاني احتلال مصر عام 1882 حتى ضربت الكوليرا مصر، فبحسب المؤرخ المصري عبد الرحمن الرافعي في كتابه مصر والسودان في الفصل الأول والذي يتحدث عن الوباء الجديد الذي هاجم مصر وكان يطلق عليه العامة "الشوطة أو الهيضة" أنه وباء الكوليرا الذي ظهر في بدمياط يوم 22 يونيو 1883 .

وحدث اختلاف في الآراء حول سبب الانتشار فقال البعض إنه نشأ في دمياط بسبب قلة العناية بالوسائل الصحية، وحاول الإنجليز في تلك الفترة عزل مصر عن باقي العالم، فيما كانت هناك اتجاهات أخرى وهى ما أثبتتها التحقيقات وهو أن أحد قادة البواخر البريطانية التي وصلت إلى بورسعيد قادمة من الهند كان يحمل المرض، ولم يكد يطأ قدميه دمياط حتى ظهر الوباء.

وساعد في انتشار العدوي رطوبة المناخ وكثرة الحوارى ووجود الترع، هذا بالإضافة إلى الحالة العامة المتعلقة بقلة الوسائل الصحية.

وأكدت البعثات الطبية أن المرض جاء من الهند، وانتشر المرض من دمياط إلى باقي المحافظات وعلى الأخص شربين والمنصورة وطلخا وسمنود والمحلة والإسكندرية.

بلغ عدد المتوفين دمياط 1936 ومن الإسكندرية 1034 ومن شبين الكوم 1120، ومن القاهرة وحدها 5664 وقد هلع الناس حيث كان ضحايا هذا الوباء يموتون بالمئات يوميا، وكافحته الحكومة بكل ما لديها من الوسائل والاحتياطات وانشئت اللجان في مصر والإسكندرية ودمياط لإسعاف المصابين وإرشادهم إلى طرق الوقاية.

وخفت وطأته في أغسطس وتمكن الأطباء من التخلص منه في شهر ديسمبر سنة 1883 بعد أن بلغ عدد الضحايا 60 ألفا فكان من أخطر الأوبئة التي أصابت مصر.

الكوليرا في التل الكبير 1902

لم يلبث أن عاد الوباء الأسود مرة أخرى عام 1902 وفى تلك المرة بدأ الانتشار من معسكر الإنجليز في التل الكبير، وقضي على أغلب الجنود، ثم انتقل إلى بلدة القرين بالشرقية، ومنها إلى باقي مصر، وفى تلك المرة قضى على ما يقرب من 35 ألف شخص.

مصر تستعد للكوليرا 1947

ظهر الوباء للمرة الثالثة عام 1947، لكن في تلك المرة بالفعل انعزلت مصر عن العالم خوفا من انتقال المرض "فتم منع السفر من وإلى مصر، فضلا عن توقف التصدير والاستيراد وظهرت أول إصابة بقرية قرين وبلبيس بمحافظة الشرقية، بحسب حسب مجلة المصور التي صدرت في نفس العام.

ويعتقد البعض أن الوباء انتقل إلى مصر من خلال الجنود الإنجليز العائدين من الهند والذين بدورهم نقلوا الميكروب إلى 2 من الفلاحين في قرية الكوربة بمركز فاقوس الشرقية، وتم تشخيصهما في البداية "تسمم غذائي"، لكن بعد يومين ساءت حالة المريضين وتم نقلهم للمستشفى العام، ثم لم يلبثوا أن مات 7 حالات في نفس العنبر بالمستشفى، حتى تم الإعلان عن انتشار الكوليرا فى مصر.

وأعلنت الحكومة مواجهة المرض بإنشاء وحدة صحية و6 طلمبات للمياه وهدم العشش والمباني القديمة، كذلك فتحت باب التبرعات بأي شيء يمكنه إغاثة المنكوبين، حتى أصبح في حصيلة وزارة الصحة 70 ألف جنيه لم يصرف منها أي مليم حتى عام 1948 حتى بعد اختفاء المرض تماما.

وحاولت الحكومة الاستعداد والتصدي للمرض، فقامت الشرطة والجيش بمحاصرة القرية ومنع الدخول أو الخروج منهل، بالإضافة إلى عزل المصابين والتحفظ على متعلقاتهم الشخصية، وزيادة ضخ مادة الكلور في المياه (كان يعتقد أنها تطهر وتقتل البكتريا)، صدرت قوانين منع الاستحمام أو غسل الملابس في الترع نهائيا، إزالة وسائل الشرب العامة (كان ينتشر الزير والقلل الفخار كوسيلة لشرب الماء المجانية في هذا الوقت)، منع تحضير الأطعمة فى الأسواق، منع بيع الخضار إلا بعد غسله بالكلور.

ولم يكن هناك أى علاج سوى مصل الفاكسين لكنه كان باهظ الثمن فقصر استخدامه على الفريق الطبي وأصحاب الثورة والنفوذ، وقد قتل هذا الوباء 10276 شخصا من أصل 20805 أشخاص مصابين بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية.


مواضيع متعلقة