نهار رمضان.. ميدان الجيزة: فوانيس وزينة وحلوى.. «أهو جه يا ولاد»

كتب: سارة صلاح

نهار رمضان.. ميدان الجيزة: فوانيس وزينة وحلوى.. «أهو جه يا ولاد»

نهار رمضان.. ميدان الجيزة: فوانيس وزينة وحلوى.. «أهو جه يا ولاد»

ساعات قليلة تكتب بداية أول شهر رمضان الكريم، تشير عقارب الساعة إلى الحادية عشرة ظهراً، تزدحم بعض شوارع ميدان الجيزة بالمارة الذين جاءوا من أماكن مختلفة لتلبية احتياجاتهم، فيما تخلو شوارع أخرى منهم، نظراً لإغلاق المحلات فيها كما هو الحال بشارع «صيدناوى» الذى خلا من المارة والباعة معاً، حيث سيطرت عليه حالة من الهدوء، أما شارع «أحمد ماهر باشا»، والمتفرع من ميدان الجيزة، فقد اختلف المشهد إلى حد ما، حيث تعالت أصوات الباعة الذين اتخذوا من الشارع مكاناً لبيع ما يعرضونه من بضائع، وقف كل بائع أمام «فرشته» ينادى على بضاعته التى تنوعت ما بين الفواكه والخضراوات، وفى الفراغات بينهم ازدحم المارة من المترددين على السوق لشراء احتياجاتهم، من بينهم سيدة خمسينية كانت تسير بخطوات بطيئة مستندة على عكازها الخشبى، تلتفت يميناً ويساراً بحثاً عن طلبها الذى جاءت من أجله للسوق، حتى وقفت أمام فرشة صغيرة تجلس عليها شابة عشرينية ومن حولها أنواع عديدة من الخضار للاستفسار عن الأسعار التى بدت مرتفعة بالنسبة لها، وبعد جدال بينهما دام لدقائق قليلة اتفقتا خلاله على سعر معين، جلست السيدة الخمسينية على كرسى خشبى بجوار الفرشة فى انتظار انتهاء الشابة من تنظيف الخضار لها، وتعبئته فى أكياس بلاستيكية، كما اعتادت، تتبادل السيدة الحديث مع الفتاة حول الأسعار التى ارتفعت قبل شهر رمضان الكريم بأيام قليلة، يقطع حديثهما بائع عجوز يحمل على كتفه حقيبة متهالكة بها بعض أنواع البخور والعطور، جاء إليهما أملاً فى بيع ما يعرضه، يجذبهما بأسعاره «المغرية»: «أى بخور معايا بخمسة والتلاتة بعشرة جنيه عشان الشهر الكريم».

محلات مغلقة فى أول أيام الشهر الفضيل.. وزحام على باعة الفوانيس وبقَّالى التموين

انصرف العجوز من أمامهما بعدما اشترت منه السيدة الخمسينية نوعين من البخور، وهو يبحث عن آخر يبتاع منه، حيث أخذ يدور بين المترددين على السوق ينادى على بضاعته بصوت منخفض، حتى وصل لصاحب أكبر «فرشة» بميدان الجيزة كما هو معروف بالمنطقة، يعرض عليه أنواعاً عديدة من الفوانيس المختلفة فى أشكالها وأحجامها وكذلك أسعارها بجانب زينة رمضان التى يعرضها بشكل جذاب للمارة، وخصوصاً الأطفال، ومع انتهاء موعد امتحان طلبة المرحلة الابتدائية والإعدادية، وخروجهم من المدارس ازداد الزحام عليه، حيث وقفت بعض الفتيات معاً يبحثون عن ميداليات على هيئة فوانيس تحمل أسماءهن، وفى الناحية المقابلة لهن، وقفت سيدة ثلاثينية تحمل على كتفتها ابنها الذى لم يبلغ عامه الثالث بعد، وبجوارها طفلتها التى ترتدى زيها المدرسى، جاءت بهما خصيصاً لشراء فوانيس وزينة رمضان احتفالاً بالشهر الكريم من ناحية، وإنهائهما العام الدراسى الحالى من ناحية أخرى، قبل أن تتجه لموقف الأوتوبيسات الذى خلا من الركاب على غير المعتاد، حيث سيطرت عليه حالة من الهدوء، تتناسب مع أول أيام رمضان، فوقف شاب عشرينى ينادى على المارة بصوت عالٍ: «هرم - فيصل»، بينما جلس بعض السائقين على الرصيف المقابل للموقف، يحتمون من أشعة الشمس الحارقة تحت مظلة حديدية، يتسامرون فيما بينهم، حتى رُفع أذان الظهر بمسجد الاستقامة الذى يبتعد قليلاً عن الموقف، انتفض على أثره بعضهم، متجهين إلى بوابة المسجد، الذى كان يجلس فيه بعض المصلين يتلون القرآن الكريم، وآخرون يستلقون على ظهورهم، فيستقبلون ذلك الهواء الرطب الناتج عن عشرات المراوح المتدلية من سقف المسجد الخشبى، ويتسرب إلى آذانهم صوت تلاوات القرآن الكريم الصادر عن الإذاعة الداخلية للمسجد، أما فى الخارج، فقد استغل الباعة سور المسجد لعرض بضاعتهم من مصاحف وسبح وإسدالات للصلاة، حيث ينتظرون ذلك الشهر الكريم من كل عام، ليحققوا أى ربح مادى من المترددين على المسجد الذين يقوم بعضهم بشراء كميات كبيرة من المصاحف ووضعها داخل بيوت الله كصدقة جارية على أرواح ذويهم، فيما يقوم آخرون بشراء إسدالات لبناتهم لحضور صلاة التراويح بها، وعلى إحدى «الفرشات» وقف رجل فى أواخر العشرينات من عمره ومعه طفلته التى تبلغ 5 سنوات، جاء بها من منطقة الهرم خصيصاً لشراء إسدال صلاة لها، لكن ارتفاع سعره كان عائقاً أمامه لتحقيق رغبة طفلته التى لم ينقطع صوت بكائها بعدما أخبرها والدها بأنه لم يتمكن من شرائه ذلك اليوم لارتفاع سعره وعدم توافر المبلغ معه، متوجهاً بها إلى أحد بائعى الحلوى بشارع مراد فى محاولة منه لإرضائها، وفى الشارع نفسه تجمع العشرات من المواطنين أمام أحد المجمعات الاستهلاكية لصرف التموين، حيث استغل أغلبهم أول يوم فى الشهر الكريم لصرفه بعدما فشلوا فى الأيام الماضية.


مواضيع متعلقة