المحيط العربى: ما خرّبه «الإخوان».. أصلحه «السيسى»

كتب: محمد الليثى

المحيط العربى: ما خرّبه «الإخوان».. أصلحه «السيسى»

المحيط العربى: ما خرّبه «الإخوان».. أصلحه «السيسى»

تحول جذرى فى العلاقات المصرية - العربية تشهد عليه السنوات الخمس الأخيرة التى شهدت تحولاً أيضاً على المستوى الداخلى نحو الاستقرار بعد توتر وفوضى سادت البلاد إثر سيطرة جماعة الإخوان على مقاليد الأمور لعام واحد استطاعوا فيها تخريب العلاقات الإقليمية والدولية لمصر أيضاً إلى حد كبير، قبل أن يسود الاستقرار فى الشارع المصرى إبان ثورة 30 يونيو 2013 والتى كانت بداية لفترة إعادة وتعزيز العلاقات على جميع المستويات الخارجية، خصوصاً على المستوى العربى بسبب ما يحتويه من أزمات عصفت بعدد من البلدان، حتى تعود مصر فى دورها الريادى بالمنطقة، مشاركةً فى حلول الأزمات وليست فقط مشاهدة أو داعمة.

ويقول الباحث بالمركز العربى للبحوث والدراسات، مصطفى صلاح، إن أحداث ثورة 30 يونيو ساعدت فى عودة مصر للحضن العربى بعد أن كانت فى قبضة الإخوان، وفى ظل الرفض الإقليمى للقيادة السياسية الموجودة فى مصر، خاصة نشاطات الإخوان المسلمين فى العديد من الدول العربية التى تهدد أمن واستقرار المنطقة، وبالتالى فإن صعود الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكم يمثل بداية الضمانة الأولى لرجوع مصر للحاضة العربية فيما يتعلق بالملفات الأمنية والعلاقات السياسية البينية مع الدول العربية، وساعدت مصر فى علاقاتها الخارجية مع محيطها الجغرافى والذى يمثل الضمانة الأولى لأمن واستقرار المنطقة.

باحثون: ثورة 30 يونيو ساعدت على إعادة مصر للحضن العربى.. و"القاهرة" باتت أكثر حضوراً فى الملفات الإقليمية والدولية

وتابع: «بالتالى ساعدت مصر العديد من الدول العربية على تبنى سياسات القضاء على مسببات عدم الاستقرار مثل قضايا الأمن الإقليمى، والنشاطات الإرهابية فى العديد من الدول العربية كما هو الحال فى ليبيا وفى عاصفة الحزم التى قادتها المملكة العربية السعودية بالتعاون مع بعض الدول العربية، ودعمت تبنى أجندة عربية-عربية من شأنها أن ترفع من معدل الاستقرار وتنامى حالة من الأخوة بين الدول العربية».

وأضاف أنه منذ اندلاع الأزمة فى ليبيا عملت مصر على تبنى سياسة خارجية مع الجوار الجغرافى بضمان استقرار هذه الدول، وبالتالى قدمت الحلول السياسية لجمع الفرقاء، مضيفاً: «منذ اندلاع الثورة الليبية عملت مصر على بلورة حلول عربية-عربية من خلال جامعة الدول أو من خلال العلاقات الثنائية مع الأطراف الليبية الداخلية».

وعن سوريا، قال الباحث المتخصص فى العلاقات الدولية، إن دور مصر فى سوريا كان من خلال الجامعة العربية، حيث أيدت كل الخطوات التى أيدتها الجامعة لحلحلة الأزمة، بداية من خطة السلام، مروراً بإرسال موفدين من الجامعة العربية للاطلاع على الأوضاع الداخلية، وانتهاء بتبنى رؤية تحافظ على وحدة واستقلال سوريا بعيداً عن تدخلات الدول الإقليمية غير العربية.

الاستقرار الداخلى انعكس على العلاقات الخارجية.. و"السيسى" أعاد العلاقات مع الخليج وصارت مصر متحدثة عن الموقف العربى دولياً

وفى الشأن اليمنى، قال «صلاح» إن السياسة الخارجية المصرية كانت مواجهة الجماعات دون مستوى الدول، فمصر لها سياسة واحدة تجاه تلك الجماعات، سواء كانت جماعة الإخوان أو جماعة الحوثيين، أو حزب الله فى لبنان، مستطرداً: «مصر ضد الجماعات المسلحة»، وبالتالى تقف أمام ذريعة التدخل الدولى باستخدام هذه الجماعات وتوظيفها فى تعزيز الانقسامات الداخلية بالدول العربية، لافتاً إلى أننا نقف حاجزاً أمام هذه الجماعات فيما يتعلق بالجهود الإقليمية أو التحالفات العربية-العربية، أو بالمسئولية الإقليمية لمصر فى هذا الإطار، وتابع: «مصر عملت على توظيف جهودها لمواجهة هذه الجماعات سواء فى الداخل المصرى أو فى الخارج فى القطر العربى بشكل عام».

وعن القضية الفلسطينية، قال الباحث إن مصر قدمت المقترح المتعلق برفض الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لفلسطين عندما كانت عضواً غير دائم فى مجلس الأمن، وكذلك وظفت الجهود الدولية لحشد التأييد لهذا القرار، أما جهود المصالحة الفلسطينية فهناك العديد من الوفود المصرية التى زارت قطاع غزة والسلطة الفلسطينية لإعادة ترتيب البيت الفلسطينى من الداخل والمساهمة فى بلورة حكومة ائتلافية من الجانبين، لضمان الحصول على الاعتراف الدولى، كما أن مصر عملت على تطبيق الجهود العربية عبر جامعة الدول، واستصدرت مواقف ضد القرارات الدولية التعسفية مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إلى هناك، كما قدمت مصر العديد من سبل المساعدات الإنمائية للداخل الفلسطينى وتقديم المساعدات العينية والمادية.

وعن تباين الموقف المصرى مع الأمريكى بشأن القضية الفلسطينية فى ظل تمتع مصر بعلاقات متميزة مع الولايات المتحدة، قال إن تنويع مصر لسياستها الخارجية أفسح المجال أمامها لتبنى علاقات متوازنة مع محيطها العربى أو المحيط الدولى، وبالتالى هذا النمط يُحسب للخارجية المصرية، فمصر باتت أكثر حضوراً فى الملفات الإقليمية والدولية، وباتت أكثر قدرة على تنفيذ سياستها الخارجية على عكس ما كانت فيه من قبل، وتابع: «مصر كانت فى عزلة دولية فيما يتعلق بقرارها السياسى أو النطاق الجغرافى أو فى المنصات الدولية، بالتالى فإن ذلك يضيف للسياسة الخارجية المصرية، كونها قادرة على استخدام وتوظيف العديد من علاقاتها الثنائية فى خدمة مصالح الشعوب العربية أو فى خدمة مصالح سياستها الخارجية».

وقال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الدور المصرى بعد 2013 فى المنطقة العربية كان مؤثراً جداً، فقد كانت العلاقة مع دول الخليج الـ6 بها نوع من الفتور نتيجة زيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد أثناء فترة حكم محمد مرسى، لذلك كان هناك نوع من القلق لدى الخليج تجاه الوضع فى مصر والسياسات المصرية تجاه دول الخليج، وأضاف أنه بعد تولى «السيسى» الرئاسة سعى لإعادة العلاقات مرة أخرى مع دول الخليج، لافتاً إلى أن الخليج نفسه رحب بالرئيس السيسى، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية ودول أخرى خليجية دعمها لثورة 30 يونيو وإعادة العلاقات على ما كانت عليه، وأصبحت أقوى فى ظل رئاسة السيسى، مشيراً إلى أنه أصبح هناك شراكة استراتيجية بين مصر والدول الخليجية على كل المستويات، فعلى مدار الشهر تجد إما رئيساً خليجياً فى مصر، وإما الرئيس السيسى يذهب إلى إحدى دول الخليج، حتى فى ظل الأزمة القطرية كان هناك تلاحم بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجى، مضيفاً: «نتذكر طبعاً مقولة الرئيس السيسى (مسافة السكة) التى تعبر عن حرص مصر على منطقة الخليج العربى بالإضافة إلى دعم ومشاركة مصر فى التحالف العربى فى اليمن بقيادة السعودية، فكل هذه الأمور تدل على أن مصر عادت بقوة لمنطقة الخليج العربى، كما ذهب الرئيس السيسى إلى سلطنة عمان التى تتخذ سياسة الحياد دائماً أمام القضايا المختلفة، فكل هذه الأمور كانت توحى بأن هناك علاقات جيدة وممتازة مع دول مجلس التعاون الخليجى إلا قطر نتيجة الأزمة وتدخلاتها فى شئون دول عربية».

وقال إنه فى عام 2014 كانت مصر تحاول فتح علاقات جديدة مع الفرقاء الفلسطينيين، حركتى «فتح» و«حماس»، لرعاية مصالح مشتركة بين الطرفين وتقريب وجهات النظر، لافتاً إلى أن مصر رحبت بقيادى فتح، محمد دحلان، لمحاولة إعادة «حماس» من قبضة الإخوان، وضمها للصف الفلسطينى، وذلك فضلاً عن زيارة وزير الخارجية سامح شكرى لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لطرح مسألة إعادة فتح المفاوضات الفلسطينية، لافتاً إلى أن مصر فى كل المحافل الدولية والمناسبات تؤكد عروبة القدس ورفضها للسياسات الأمريكية، المتعلقة بالجولان والاعتراف بالقدس إسرائيلية.

وعن ليبيا، قال «إسماعيل» إن مصر طرحت الحل السياسى وجمعت الفرقاء السياسيين فى ليبيا بقلب القاهرة أكثر من مرة، سواء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أو رئيس المجلس الرئاسى فايز السراج أو المشير خليفة حفتر، ودعمت الجيش الوطنى الليبى ورحبت بالحل السياسى للأزمة الليبية، فضلاً عن أن هناك تنسيقاً مستمراً بين الطرفين فيما يتعلق بالحدود المشتركة ورغبة مصر فى تهدئة سياسية للأزمة، مضيفاً: «فى 2015 طرح الرئيس السيسى حلاً للأزمة السورية يتلخص فى عدة بنود منها المناطق العازلة وغيرها، واليوم نتحدث بالفعل عن المناطق العازلة، وما زالت مصر تدعم الحل السياسى للأزمة السورية، فضلاً عن الدور المصرى فى استضافة السوريين على أراضيها ولم يقف فيهم واحد على الحدود واعتبرتهم مصريين على أرض مصرية».

أما فى قضية الإرهاب، فقد نسقت مصر مع الدول العربية، مثل الأردن باعتبارها شريكاً استراتيجياً، وأيضاً مع العراق، حيث التقى الرئيس السيسى برئيس الوزراء العراقى عادل عبدالمهدى الشهر الماضى، كما طرحت قمة عربية-أوروبية وطرحت قمة أفريقية-أوروبية، وقمة عربية-أفريقية، وتابع: «كل هذه الأمور توحى بأن مصر انتقلت من مسألة الاهتمام بالداخل إلى الاهتمام بالخارج، والاهتمام بالخارج ربما ينعكس على استقرار الأمور بالداخل، وصارت هذه العلاقات مع البعد العربى فى تنامٍ مستمر، حتى عندما تذهب مصر إلى المحافل الدولية، مثل لقاء السيسى-ترامب كان يعبر عن القضايا العربية ووجهة النظر العربية، وليس فقط وجهة نظر مصر».


مواضيع متعلقة