أردوغان: تهجير الأرمن "حادثة أليمة" وليس إبادة ولا كارثة

أردوغان: تهجير الأرمن "حادثة أليمة" وليس إبادة ولا كارثة
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم السبت، إن "تهجير الأرمن ليس إبادة جماعية ولا كارثة كبرى، بل هو عبارة عن حادثة أليمة وقعت في تلك الفترة"، مشيرا - في كلمة، خلال الاجتماع التشاوري والتقييمي الـ 28 لحزب "العدالة والتنمية"، في العاصمة "أنقرة"- إلى أن قرار تهجير الأرمن كان وسيلة احترازية للحيلولة دون وقوع مآس كبيرة في ذلك الوقت "عقب تعاون عصابات أرمنية مع قوات الاحتلال الروسي"، على حد قوله.
وفند أردوغان، مزاعم "إبادة الأرمن" أواخر الدولة العثمانية، مشيرًا أنه لو كانت تلك الادعاءات حقيقة لما كان هناك ملايين الأرمن منتشرين في أرجاء العالم حاليًا، مشيرا إلى تعرض الكثير من المدنيين شرقي وجنوب شرقي الأناضول، لمجازر، إبان الاحتلالين الروسي والأرمني، وزعم الرئيس التركي: "لو كانت المزاعم الأرمنية حقيقة، لما كنا اليوم نتحدث عن ملايين من الأرمن يعيشون في مناطق واسعة من أوروبا وأمريكا وشمال إفريقيا والقوقاز"، وفقا لما ذكرته وكالة "الاناضول" التركية.
ولفت إلى وقوع آلام كبيرة نظرا للظروف الصعبة التي تمت فيها عملية التهجير في تلك الفترة، وشدد على أن المكان المناسب للبحث عن الحقيقة والنقاش حول تلك الأحداث، ليست مقار البرلمانات والحكومات، وإنما دوائر الأرشيف، والمخول بذلك هم المؤرخون والعلماء، على حد تعبيره.
وأضاف أردوغان: "نود أن نذكر الذين يتهمون تركيا (بالإبادة المزعومة) أنهم مسؤولون عن مقتل 70 مليون إنسان في الحربين العالميتين الأولى والثانية فقط، وعلى الرئيس الفرنسي (إيمانويل) ماكرون أن يتعلم هذه الأمور أولا، فهو لايعرفها"، مضيفا: "ماكرون، لن يفيدك، توجيه رسالة للأرمن، نظرا لوجود 700 ألف منهم في فرنسا، تعلم الصدق في السياسة أولا، فطالما لم تتحل بالصدق لا يمكنك الفوز بالسياسة، وإنما ستخسر"، ولفت الرئيس التركي إلى أن النهج الذي يتبعه ماكرون في المسألة الأرمنية، "ليس صائبا"، على حد قوله
وكان أردوغان، أكد في 24 أبريل الجاري، أن بلاده ستقف في وجه من يحاولون تهميش وإقصاء حتى مواطن أرمني واحد في البلاد، معربا -في رسالة بعثها- إلى الوكيل العام لبطريرك الأرمن في تركيا أرام أتشيان، عن احترامه لضحايا الأرمن العثمانيين الذين فقدوا أرواحهم في ظل ظروف الحرب العالمية الأولى.
وأشار أردوغان إلى أن أنقرة تولي أهمية خاصة لأمن وسلام وسعادة الطائفة الأرمنية في تركيا، ولا تنكر تركيا الأحداث كليا، لكن ثمة اختلاف في الرواية إذ تقدر أعداد الضحايا ما بين 300-500 ألفا، وتقول إنهم سقطوا نتيجة حرب أهلية، كما ترفض استخدام لفظ "إبادة" أو "مذبحة".
وفي عام 2014، قدم أردوغان والذي كان يتولى رئاسة الوزراء في ذلك الوقت، عزاء غير مسبوق للأرمن عشية ذكرى المذبحة، وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أنه أصدر بيانا باللغة التركية والأرمنية و7 لغات أخرى، قال فيه إن ترحيل الأرمن إبان الحرب كان له "تبعات غير إنسانية"، وإن الملايين "من جميع الاديان والأعراق" قتلوا في الحرب، وكذلك في ذكرى مئوية المذبحة عام 2015، حضر رئيس الوزراء التركي حينها، أحمد داود أوغلو، مراسم تأبين الضحايا "لمشاركة الأرمن في آلامهم"، وأكد المسئول التركي، على موقف تركيا من استخدام لفظ "المذبحة".
وحلت في 24 أبريل، الذكرى المئوية لـ"مذابح" الأرمن التي يعتبرها عدد من دول العالم "إبادة جماعية" ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الشعب الأرمني، وهي مأساة يحيي العالم ذكراها سنويا في الرابع والعشرين من أبريل من كل عام، وتوصف بأنها "أول إبادة عرقية" في القرن العشرين، ويتهم العديد من الأرمن الدولة العثمانية بطردهم من ديارهم، وإجبارهم على السير لمئات الأميال إلى الصحراء، إضافة إلى حرمانهم من الغذاء والماء، وبدأت عمليات تصفية الأرمن بين عامي 1894- 1896، وهي الحقبة المعروفة بـ"المجازر الحميدية"، حيث أثار السلطان العثماني، عبدالحميد الثاني، رجال القبائل الكردية لكي يهاجموا القرى المسيحية في تلك الأثناء، فيما قالت التقارير إنه خلال فترة الحرب العالمية الأولى، تعاون الأتراك مع عشائر كردية لإبادة سكان مئات القرى الأرمنية شرقي البلاد، في محاولة لتغيير ديموغرافية تلك المناطق، لاعتقادهم أن هؤلاء قد يتعاونون مع الروس والثوار الأرمن، كما أجبروا "القرويين" على العمل كحمالين في الجيش العثماني، ومن ثم قاموا بإعدامهم بعد إنهاكهم.
وترجع الواقعة إلى عام 1915، إبان انهيار الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الاولى في فترة حكم جماعة "تركيا الفتاة"، وقال الأرمن إن القوات العثمانية آنذاك استهدفت أسلافهم بشكل ممنهج، بالقتل والاعتقال والتهجير، بسبب الشك في دعمهم لروسيا أثناء الحرب العالمية الأولى.
ويقدرون أعداد القتلى في هذه الأحداث بحوالي مليون ونصف أرمني، وتصنف أكثر من 20 دولة الواقعة كمذبحة، من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا، كما يعتبرها مؤرخون أول عملية إبادة جماعية في القرن العشرين، فيما أعلنت فرنسا يوم الرابع والعشرين من أبريل يوما وطنيا لتخليد ذكرى المذابح التي قام بها الأتراك خلال الحقبة العثمانية ضد الأرمن، وجاء الإعلان في بيان ألقاه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أثناء العشاء السنوي للمجلس التنسيقي للمنظمات الأرمنية في فرنسا، تنفيذا لوعد انتخابي كان قد قطعه على نفسه، ويقدر مؤرخون أن مليوني أرمني كانوا يعيشون في أراضي الدولة العثمانية مع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914.
وبحلول عام 1922، انخفض عددهم إلى 400 ألف فقط، وتذكر الروايات تعرض الآلاف من الأرمن للتعذيب والضرب واغتصاب النساء، ومصادرة الممتلكات، وسيق الكثيرون منهم لمسافات طويلة في الجبال بلا طعام أو شراب، وكانت الشرطة التركية، منعت، الأربعاء الماضي، محتجين وسط إسطنبول من إحياء ذكرى المجازر والترحيل الإجباري للأرمن في 1915، ونفذ جنود السلطنة العثمانية مجزرة جماعية بحق الأرمن، إلا أن تركيا تنفي دائما أن ذلك يرقى إلى مستوى إبادة. وكانت فرنسا، أحيت الأربعاء الماضي، أول "يوم وطني للإبادة الأرمنية"، في خطوة أغضبت الحكومة التركية.
وحاول نحو 100 متظاهر، بينهم فرنسيون وأعضاء في "البرلمان الأوروبي"، إحياء الذكرى في إسطنبول، إلا أن الشرطة منعتهم، وقال بنجامين ابتان، أحد النشطاء في تجمع إسطنبول، "منذ تسع سنوات ومراسم ذكرى الابادة الأرمنية تجري هنا، وهذه أول مرة تمنعنا فيها الدولة".
وفي 24 أبريل يحيي الأرمن ذكرى اعتقال آلاف المفكرين الأرمن للاشتباه بأن لديهم مشاعر قومية معادية للإمبراطورية العثمانية.
ونظمت الأحزاب الأرمنية في لبنان مسيرة حاشدة، الأربعاء الماضي، شارك فيها نحو 15 ألف شخص، انطلقت من مدينة "برج حمود" ذات الغالبية الأرمنية شمال شرقي العاصمة "بيروت"، بمناسبة مرور 104 أعوام على مذبحة الأرمن التي نفذتها السلطات العثمانية اعتبارا من عام 1915 وراح ضحيتها نحو مليون ونصف المليون من الأرمن، وطالب المشاركون في المسيرة -التي توجهت إلى بطريركية الأرمن في مدينة أنطلياس شمال بيروت - تركيا بالاعتراف بالمذبحة بوصفها إبادة جماعية منظمة للأرمن، باعتبار أن الدولة العثمانية، وتحديدا السلطان عبد الحميد الثاني، هي الجهة المسئولة عن ارتكابها.
ورفع المشاركون في المسيرة أعلام لبنان وأرمينيا، وعزفت فرق موسيقية من الكشافة بالأحزاب الأرمنية المنظمة للمسيرة، مجموعة من الأناشيد والموسيقى التي تعبر عن الحزن جراء المذبحة، فيما ذكرت وكالة أنباء "الشرق الأوسط"، أن 29 دولة حول العالم، من بينها لبنان، تعترف بوقوع مذبحة الأرمن التي طالت قرابة المليون ونصف المليون شخص معظمهم مواطنون أرمن داخل الدولة العثمانية، فضلا عن التهجير القسري لنحو نصف مليون آخرين، في حين لا تعترف السلطات التركية بها وتنكر بصورة قاطعة وقوع مذابح أو إبادة جماعية ممنهجة بحق الأرمن.