«إسلاميو الجزائر»: 30 عاماً من المعارك الدموية و«المعارضة الملونة» والاقتراب الحذر من النظام

كتب: محمد حسن عامر

«إسلاميو الجزائر»: 30 عاماً من المعارك الدموية و«المعارضة الملونة» والاقتراب الحذر من النظام

«إسلاميو الجزائر»: 30 عاماً من المعارك الدموية و«المعارضة الملونة» والاقتراب الحذر من النظام

قبل شهرين تقريباً كان لحركة «مجتمع السلم»، التابعة لتنظيم الإخوان الدولى، مرشح للانتخابات الرئاسية التى تأجلت لاحقاً، واختارت الحركة رئيسها، عبدالرزاق مقرى، مرشحاً للرئاسة، ما يعنى الاعتراف بشرعية نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وقتها، الذى خرجت الاحتجاجات ضده، ثم ما أن رأت الحركة الشارع يغلى حتى تراجعت عن قرارها وأظهرت مواقفها لاحقاً من أنها ضد النظام الذى حكم البلاد لسنوات كختام لمرحلة دموية فى التسعينات كان تيار الإسلام السياسى شريكاً أساسياً فيها.

«هم من ابتدعوا المعارضة الملونة».. هكذا وصف الكاتب الصحفى الجزائرى أحمد بوداود الوجود السياسى لجماعة الإخوان فى أروقة نظام «بوتفليقة»، وقال، فى اتصال لـ«الوطن»: «الإخوان يتلونون أينما وجدت المنفعة لهم، كانوا فى دوائر النظام فى فترات، ويعارضونه فى أوقات أخرى، تقلبوا بين المعارضة والاقتراب الحذر من النظام».

وأضاف: «حركة مجتمع السلم، وهى ذراع جماعة الإخوان فى الجزائر، اقترحت من قبل تمديد ولاية الرئيس المستقيل بوتفليقة كفترة انتقالية، ودعمت استمراره فى الحكم».

وأضاف: «كذلك عندما ذهبت الأمور إلى الانتخابات الرئاسية هذا العام وبدأت الترشيحات، أعلن الإخوان أنهم سيترشحون لمنصب رئيس الجمهورية، وقدمت الجماعة رئيسها عبدالرزاق مقرى كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية، لكن تراجعت لاحقاً».

وحول أسباب تراجع الحركة عن الترشح للرئاسة، قال الكاتب الجزائرى إن حركة مجتمع السلم تراجعت عندما ظهرت الاحتجاجات ولاح فى الأفق أن نظام الرئيس «بوتفليقة» فى طريقه إلى النهاية، فتراجعوا ليلتفوا على الحراك الجارى حالياً فى الجزائر، وهو الحراك الذى أجبر «بوتفليقة» على تقديم استقالته، وهذا تطبيق واضح لفكرة «المعارضة المتلونة» التى ابتدعها الإخوان.

وقال «بوداود» إن «تيار الإسلام السياسى كلف البلاد أسوأ الفترات التى عاشتها والتى سميت بـ«العشرية السوداء»، وكان الإخوان التيار الثانى يتقلب بين أروقة النظام السياسى والمعارضة».

كاتب جزائرى: الإخوان اقترحوا تمديد ولاية "بوتفليقة" ورشحوا رئيس الحركة لانتخابات الرئاسة

وقال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن «العلاقة بين الإخوان ونظام بوتفليقة كانت عدائية، لكن فى الخفاء، وبوتفليقة أتى فى مرحلة أحدثت تيارات الإسلام السياسى فيها صراعات أمنية وسياسية، والشعب الجزائرى عانى كثيراً من هذه التنظيمات». وأضاف: «اكتوى المجتمع الجزائرى بنار تيارات الإسلام السياسى المختلفة، جماعة الإخوان لم تكن بارزة أو صوتها قوياً مقارنة بجماعات أخرى، وعمل على إحداث تغيير فى فكر بعض الجماعات، أى من خلال المصالحة الوطنية والمهادنة مع هذه الجماعات، خاصة أوائل التسعينات، الفترة التى راح ضحيتها نحو 200 ألف قتيل، وبالتالى المجتمع الجزائرى فى الوقت ذاته بات يرفض جماعات الإسلام السياسى». وقال «إسماعيل»: «اليوم، حركة مجتمع السلم، كعادة جماعة الإخوان فى كل الدول، خالفت الوعود ونقضتها، وهذه الأيام تريد نفس السيناريو فى الدول التى حدثت بها ثورات من أجل الانقضاض على السلطة، وتأليب الكتل السياسية الأخرى، لكن الشعب الجزائرى وعى الدرس جيداً من الجماعات ذات المرجعية الإسلامية». وأضاف: «كذلك أدرك الشعب الجزائرى ما قامت به الجماعات الإخوانية فى الدول الأخرى والفشل الذى وقعت فيه، وممارساتها التى دفعت بقادتها إلى السجون مثلما حدث فى مصر، الإخوان لا تزال جماعة غير قادرة على تصدير صورة جيدة عن المجتمع العربى، وبالتالى لن يكرر الجزائريون تجربة مصر فيما يتعلق بانقضاض الإخوان على السلطة».

مدير "المركز العربى": الجزائريون لن يسمحوا بتكرار تجربة مصر فى انقضاض "الجماعة" على السلطة

وقال الكاتب الصحفى والمحلل السياسى، أحمد رفعت، إن «العلاقة بين تيار الإسلام السياسى والإخوان بصفة عامة والنظام الجزائرى بصفة خاصة، كانت عبر عدة مراحل؛ الأولى من خلال تنظيم الموحدين، وهو أول تنظيم إخوانى فى الجزائر فى السبعينات بالتعاون مع إخوان الجزائر بمرجعية فكرية لإخوان سوريا وبإشراف من قادة التنظيم فى مصر، وكان من الطبيعى فى هذه المرحلة وجود صدام مع السلطة، لأنه كان تنظيماً غير شرعى، فتعرض لضربات». وأضاف «رفعت»: «فى مرحلة الثمانينات كان ظهور الإخوان على الشكل الحالى الذى هم عليه حالياً، وهى حركة مجتمع السلم (حمس)، ذراع جماعة الإخوان، وحركة الدعوة والتغيير، الحركتان الأكثر تأثيراً فى الجزائر، حتى إن الإخوان فى مصر كانوا يعطونهم تعليمات بالوحدة وضرورة وجود تنظيم واحد، وكان عبدالمنعم أبوالفتوح يتابعهم فى بعض الوقت عندما كان مسئول العلاقات الخارجية».

وتابع «رفعت»: «الإخوان كانوا حلفاء فى جبهة الإنقاذ التى تسببت فى العشرية السوداء، كل جماعات الإسلام السياسى مرتبطة ببعضها، فرئيس جبهة الإنقاذ على سبيل المثال وقتها، عباس مدنى، زوج ابنته أسامة رشدى، القيادى المصرى بالجماعة الإسلامية والهارب حالياً خارج مصر، فكانت جبهة الإنقاذ تكتلاً يشمل الكل بمن فيهم الإخوان». وأضاف: «بعد الربيع العربى وما حدث لاحقاً مع الإخوان فى دول مجاورة، رأى إخوان الجزائر أن يقتربوا من السلطة ومن نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، حتى لو خسروا الشارع قليلاً، حتى لا يدخلوا فى أى صدام مع الدولة». وتابع: «وعندما أعلن عن الذهاب إلى انتخابات رئاسية قرروا أن يرشحوا رئيس الحركة للرئاسة فى الفترة الماضية، وتراجعوا كجزء من المناورة فى الفترة الماضية، لكن أتصور أنهم سيكون لديهم مرشح فى الفترة المقبلة للرئاسة، وسيعملون على إشعال الأجواء فى الجزائر، حتى يحولوا الأصوات الغاضبة إلى أصوات لهم فى الانتخابات، أو على الأقل يتحالفون مع بعض القوى التى تحقق لهم ذلك، كما رأينا فى مختلف دول المنطقة خلال السنوات الأخيرة».


مواضيع متعلقة