مصور "أيقونة الثورات" يروي لـ"الوطن" كواليس صورة "التقطها القدر"
!["أيقونة الربيع العربي"](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/9197772511555068244.jpg)
"أيقونة الربيع العربي"
صورة قدرية من الطراز الأول، أصبحت على مدار الـ9 سنوات أيقونة تاريخية للثورات العربية، التقطت بالقمة العربية الأفريقية الثانية 2010، في مدينة سرت الليبية، وجمعت 6 حكام لدول عربية قبل أن يطيح بهم "الربيع العربي".
الرؤوساء المصري الأسبق حسني مبارك، والليبي السابق معمر القذافي، واليمني السابق على عبد الله صالح والرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، والتونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وكمل عقدهم السوداني عمر البشير، جميعهم أصحاب نهايات كتبت بالتنحي أو الخلع، حتى الهرب والقٌتل، في لقطة كان الحظ والتوفيق هو العامل الرئيسيي لصاحبها.
- حوار مع "كاميرا التاريخ"
"الوطن" حاورت ملتقط الصورة التاريخية وبطل هذه الأيقونة، المصور الصحفي خالد الدسوقي، مدير التصوير بوكالة الأنباء الفرنسية بالقاهرة، والذي وصف إبداعه الأكبر على الإطلاق بـ"ضربة الحظ مع الصحفي، لما بتيجي بتعمل كدا".
يمتلك الدسوقي خبرة بالتصوير الصحفي 20 عاما تقريبا، تنقل خلالها ما بين وكالة أنباء الشرق الأوسط وجريدة الجمهورية والمدينة السعودية بمكتبها في القاهرة، و"الجيل" ومجلة فوربس العربية.
وإلى نص الحوار:
- ما هو شعورك بعدما أصبحت صورتك أيقونة تضم 6 زعماء عرب أسقطتهم شعوبهم؟
- لعب التاريخ دورا كبيرا معي في هذه الصورة، واستخدمها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدما اندلعت الثورة المصرية، ووضع الثوار علامة على الرئيس مبارك بعد تركه للحكم.
- هل كنت تتوقع أن تصبح الصورة أيقونة تاريخية للربيع العربي؟
- لم أكن أتوقع، لأنه لم يكن أحد ليتوقع سيناريو ماحدث بالربيع العربي على الإطلاق، ولكن مع توالي سقوط الحكام العرب الـ6 بالصورة واحدا تلو الآخر، بدأ الاهتمام بها يتضاعف، وبدأت في الانتشار على نطاق أوسع، "وكل ما حد فيهم يمشي الناس تكلمني".
- كواليس تكشف لأول مرة
- اروي لنا المزيد عن كواليس الصورة؟
- لعب الحظ معي كثيرا فيها، ووفقت بشكل كبير جدا، دخل كل الرؤساء الحاضرين للقمة في توقيت واحد من الباب، وكان كل واحد يصحبه الحرس الخاص به والوفد المرافق، واشتبك الحرس الليبي المؤمن للقاعة مع حرس الرؤساء ورفض ومنع دخول المرافقين وعناصر أمنهم الخاص، حدث نوع من الهرج والمرج، وكان دخول الصحفيين والمصورين لالتقاط الصور التذكارية صعب، وكان الوقوف وضبط الزوايا للمصورين صعبا للغاية لتضييق الحرس الليبي على المصورين، لكن التوفيق كان حاضرا معي بشكل كبير، بعدما تمكنت من الوقوف في مكان مرتفع، وكنت مستعدا ومتأهبا، واستطعت أن التقط لقطة لهم وهو يقفون بجوار بعضهم، بالإضافة للقطة المتداولة الشهيرة للرئيس الليبي معمر القذافي وهو يضع يده على كتف الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ويمازحه، كانت لقطة حصرية لأنه لم يكن أحدا ليتوقع طرافتها وتلقاءيتها، وسط انشغال باقي المصورين بالوقوف وضبط الزوايا للصورة الجماعية الرسمية.
- هل لاحظت أي تعمد في ترتيب وقوف الرؤساء الـ٦ بالتحديد جوار بعضهم؟
- لا لم يحدث أي ترتيب مسبق على الإطلاق، القدر جمعهم في صورة واحدة، وبدأوا في الاختفاء من على الساحة واحدا تلو الآخر.
- صورة بين الماضي والحاضر
- ما هي رؤيتك للأحداث بالوطن العربي بعدما جمعت لقطتك أبطالها في "كادر واحد"؟
- "التاريخ خدمني أنا".
- هل كنت تتوقع ما حدث في الوطن العربي وأن يسقط 6 حكام واحدا تلو الآخر؟
- في الحقيقة لم أتوقع ذلك على الإطلاق، لم يكن أحد يتوقع ما حدث في الربيع العربي، جميعها كانت ستبدو غيرمنطقية، ولكن بعد البداية بـ"بن علي" في تونس توقعت سقوطهم جميعا.
- هل انتهى عصر الثورات في المنطقة العربية؟
- لا ليست النهاية، لأن الصورة المتداولة لها كادر أوسع، يضم الرئيس السوري بشار الأسد على يمين الصورة، وعلى يسارها حمد بن خليفة أمير قطر السابق، "مش دي النهاية لسة في ناس تانية في الصورة هيسقطوا، لسة للحديث بقية".
- هل هي الصورة الأهم في تاريخك؟
- بالتأكيد لا، ليست الأهم.
- وما هي الصورة الأهم بالنسبة لك في تاريخك كمصور صحفي؟
- الصور الأهم بالنسبة لي هي الصور اللي التقطتها للثورة المصرية وتغطيتي لها.
لم يدرك المصور الصحفي الذي شارك في تغطية المؤتمرات بمصر منذ عام 2002 وخارجها، بالإضافة إلى تغطيه بطولات رياضية عالمية كأولمبياد لندن 2012، وأمم أفريقيا "مصر 2006، أنجولا 2010، غينيا الاستوائية 2015، الجابون 2017"، وأيضا كأس الأمم الأسيوية، تايلاند 2007، قطر 2010، الإمارات 2019، وكأس العالم روسيا 2018"، أن لقطته الأشهر على الإطلاق ستكون سياسية.
وهو ما أجابه الدسوقي حينما سألته "الوطن" بشأن ذلك بـ"لا.. أنا أغطي كل أنواع التصوير الصحفي"، لكن التاريخ توقف هنا.. خدمني في اللقطة دي".
وجمعت القمة العربية الأفريقية الثانية "سرت- أكتوبر2010"، القادة الأفارقة والعرب، بعد 33 عامًا تقريبًا على عقد الأولى منها 1977، تحت عنوان "استراتيجية الشراكة الافريقية العربية" ومشروع خطة العمل الأفريقي العربي المشترك "2011- 2016"، كما صدر عنها آنذاك بيانا حمل اسم "إعلان سرت"، لخصت فيه أبرز توجهات المجموعتين العربية والافريقية ومواقفهما من عدة قضايا بالمنطقة العربية الأفريقية.
شارك بالقمة أكثر من 60 دولة عربية وأفريقية وحضرها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، والأمين العام لجامعة الدول العربية السابق عمرو موسى، إضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي آنذاك جون بينج، وافتتح الرئيس المصري، آنذاك، حسني مبارك، فعالياتها بكلمة دعا فيها إلى تعزيز التعاون العربي الأفريقي ليصبح شراكة فعالة، قبل أن يسلم رئاستها إلى نظيره الليبي، وقتها، معمر القذافي.
شهرين فقط أعقبا القمة واندلعت الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010، والتي أجبرت الرئيس زين العابدين بن علي، على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بشكل مفاجئ الجمعة 14 يناير 2011، ويسقط أول الحكام العرب من الصورة.
لتلحق بها الثورة المصرية، التي اندلعت 25 يناير 2011، ليلحق الرئيس المصري محمد حسني مبارك برفيقه التونسي في الصورة، بإعلانه التنحي عن الحكم في 11 فبراير 2011.
وجاءت الثورة الليبية 15 فبراير 2011، والتي تصاعدت أحداثها وتطورت إلى أحداث عنف واقتتال حتى سيطر الثوار على آخر معاقل معمر القذافي، والذي هرب قبل العثور عليه وقتله في سرت 20 أكتوبر 2011، ليسقط الرئيس الثالث من الصورة.
فيما اندلعت الثورة اليمنية بسلسلة من الاحتجاجات الشعبية، في 27 يناير 2011، لتنادي بإسقاط منظومة حكم الرئيس علي عبد الله صالح، وتطورت الأحداث وأزدات حدة الصراعات والإشتباكات المسلحة والإنقسامات إلى أن تسلم نائب الرئيس صالح عبد ربه منصور هادي الرئاسة بموجب المبادرة الخليجية في 21 فبراير 2012، ولكن استمر قريبا من النزاع باليمن وتحالف مع الحوثيين، ثم اختلفا وانقلب الحوثين عليه، وتصاعدت الأحداث على مدار عدة سنوات إلى أن جاء 4 ديسمبر 2017، بعدما قام الحوثيون بنشر مقطع فيديو لمجموعة من المقاتلين مع جثة صالح وبها طلقة نافذة في الرأس، وسقط الحاكم الرابع من الصورة.
أما عن الثورة الجزائرية، بدأت احتجاجاتها 22 فبراير 2019، رفضا لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة رغم حالتهُ الصحيّة المتدهورة منذ أُصيب بسكتة دماغية 2013، وتصاعدت الأحداث واستمر الضغط على النظام إلى أن رضخ بوتفليقة لإرادة شعبه يوم 2 أبريل 2019، ليسقط الحاكم الخامس من الصورة.
وأخيرا، كتبت الأحداث في السودان النهاية للصورة، بإعلان مرحلة انتقالة لمدة عامين، بعد انتهاء حكم البشير.