وزارة الثقافة..؟!

هل تعلم عزيزى القارئ أن نصيب المواطن من ميزانية وزارة الثقافة لا يتجاوز جنيهاً واحداً أو جنيهين فى أحسن الأحوال؟!

هل تعلم عزيزى القارئ أيضاً أن 90% من ميزانية وزارة الثقافة تذهب أجوراً ومرتبات للعاملين بالوزارة؟

الأرقام الصادمة عن القصور الحادث فى منظومة العمل الثقافى تقول أيضاً إن مخازن وزارة الثقافة بها تلال من الكتب، تقدر نفقات إنتاجها بما يقرب من 30 مليون جنيه!

وزارة الثقافة لديها أكثر من 594 مركزاً وقصر ثقافة فى مصر، هناك عدد كبير منها متوقف عن النشاط منذ أكثر من عشر سنوات بعد حادث حريق مركز ثقافة بنى سويف لعدم استكمال إجراءات الأمن والسلامة والحماية المدنية، إضافة إلى أن نحو 17 قصر ثقافة تهدمت بعد زلزال 1992، ويعوق إعادة البناء عدم وجود اعتمادات، ما دعا وزارة الثقافة إلى المطالبة باعتماد مبلغ 274 مليون جنيه لإعادة البناء والترميم والتأهيل فى العام المالى 2017/ 2018 ولكن تم تخصيص 66 مليون جنيه فقط!

أيضاً دور المسرح التابعة للدولة، أو بالأحرى التابعة لوزارة الثقافة، هناك عدد كبير منها لا يوجد بها أنشطة والبعض مغلق، قطاع الفنون التشكيلية ليس أسعد حالاً، وصندوق التنمية الثقافية تقلصت بشكل كبير الميزانية المخصصة له ويكاد يتوقف نشاطه تماماً، بعد أن فقد التمويل الأساس الذى كان يعتمد عليه فى أغلب أنشطته، بعدما انفصلت الثقافة عن الآثار وكانت الآثار تموله بـ10% من إيرادات ودخل المتاحف والمزارات، أما عن المشكلات فى المجلس الأعلى للثقافة فحدث ولا حرج!

هذه الحقائق المفجعة لم أكتشفها أو أتبينها بشكل شخصى، ولكنها حقيقة ثابتة وكثيرون يعرفونها سواء من المثقفين، أو من بعض وزراء الثقافة السابقين، الذين رغم أنهم لم يجاهروا بآرائهم وانتقاداتهم لقلة الإمكانيات المالية عند تكليفهم بالوزارة، فإن ما يقولونه يمكن اعتباره توثيقاً لحالة عدم الاهتمام الحكومى بالثقافة والفنون!

للإنصاف وبحسب المتابعين فإن قلة الاعتمادات المالية المخصصة لوزارة الثقافة ليست هى المعضلة الوحيدة التى تواجه وزارة الثقافة فى أداء رسالتها، إن وزارة الثقافة تعانى أيضاً من وجود عجز حقيقى فى الكوادر الفنية المتخصصة التى يمكن أن تدير العمل الثقافى، رغم أن عدد العاملين بوزارة الثقافة يقترب من أربعين ألف موظف وعامل، تقول الإحصاءات التخصصية إن ما بين 15% و20% من إجمالى هذا العدد فقط هم ممن يطلق عليهم خبراء أو متخصصون فى العمل الثقافى، ورغم قلة هذا العدد من خبراء العمل الثقافى والمتخصصين فيه فإنهم لا يمارسون أى دور تثقيفى أو تنويرى نظراً لقلة الإمكانيات المادية أو لعدم وجودها أساساً!

ونزيدكم من الشعر بيتاً، فإن من يتصفح الموقع الإلكترونى لوزارة الثقافة المصرية، والمرافق التابعة لها يكتشف أن الوزارة لا تزال مستمسكة بمخاصمة التطور الهائل فى عالم التكنولوجيا، ولا تزال تعمل بطريقة مجلات الحائط، ويقتصر الموقع على أخبار السيدة الوزيرة وقيادات الوزارة إضافة إلى العناوين وأرقام الهواتف.

يا سادة.. الأرقام أيضاً تقول إن الكلفة المالية التى تتحملها الدولة لدعم الغذاء والخبز والوقود والكهرباء وتذكرة السكك الحديدية والمترو وأوتوبيسات النقل العام وغيرها تقترب من 500 مليار جنيه وربما أكثر، وهذا أمر مكلف جداً ومقدر ومهم، ولكن خلو فاتورة هذا الدعم المنوع من بند الثقافة ينذر باستمرار حالة الفراغ الثقافى التى قد تتسبب فى خسائر لا يعلم مداها إلا الله.

يا سادة يا كرام.. إننا نحتاج إلى الإسراع بالتخطيط والتنفيذ لمشروع ثقافى ضخم تتنوع بداخله المنتجات الثقافية وتلبى كافة احتياجات المجتمع، خاصة الشباب، لترسيخ الهوية والانتماء وجذب المجتمع من حالة التشرذم الفكرى التى تسيطر عليه.