روث الحيوانات «بئر غاز» جديدة فى الدقهلية.. والبيوت تحقق «الاكتفاء الذاتى»

كتب: صالح رمضان

روث الحيوانات «بئر غاز» جديدة فى الدقهلية.. والبيوت تحقق «الاكتفاء الذاتى»

روث الحيوانات «بئر غاز» جديدة فى الدقهلية.. والبيوت تحقق «الاكتفاء الذاتى»

الخيال تحول إلى حقيقة أمام أعين فلاحى قرى مركز السنبلاوين فى محافظة الدقهلية، ونجحت البيوت فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز عن طريق إنتاج البيوجاز من روث ومخلّفات الحيوانات، بعد وضعها فى بئر والتعامل معها بطرق معينة، فيخرج الغاز ويتدفق داخل البيوت للاستخدامات المنزلية.

«لم أصدق أنه يمكن إنتاج الغاز من مخلّفات الحيوانات، حتى رأيت الأمر حقيقة أمام عينى»، هكذا عبر محمد أحمد النجار، 68 سنة، من قرية قرقيرة، عن فرحته بتحول الحلم إلى حقيقة، وتابع: «عرضت علينا جمعية تنمية المجتمع المحلى بميت غراب المشروع، ولم نصدق الأمر فى البداية، وطلبوا أن تكون البداية بـ8 بيوت فى القرية، خاصة التى تمتلك عدداً كبيراً من رؤوس الماشية للمشاركة فى المشروع ووافقت على خوض التجربة».

وأضاف: «حفرنا بئراً مساحتها 4×4 متر، بارتفاع 3 أمتار، بجوار المكان الذى نربط فيه الحيوانات فى حديقة أمام البيت، حسب المواصفات التى حددها المهندسون، واشتريت لهم الزلط والرمل وتولوا هم باقى الأمور الفنية من منحة هندية»، موضحاً أنه تم صنعها بشكل أسطوانى، وتم عزلها بشكل جيد، وعملنا لها فتحتين؛ الأولى ندخل منها روث الحيوانات مع قليل من الماء، والأخرى تخرج منها الفضلات فى شكل سماد عضوى، ومن أعلى البئر يخرج الغاز فى خرطوم متصل مباشرة بالبوتاجاز داخل مطبخ المنزل.

"دفية": لدينا 2000 فنى ومهندس مدربون على أيدى خبراء أجانب وأنشأنا 42 وحدة بيوجاز فى قرى المحافظة.. و"حمدى": أنصح الجميع بتنفيذ المشروع لأنه مفيد للبيت واقتصادى

وأشار إلى أنه بعد ساعتين فقط من تشغيل البئر، خرج الغاز وتم تشغيل البوتاجاز واستغنيت تماماً عن شراء أسطوانات الغاز المنزلى التى وصل سعرها إلى 55 جنيهاً، علاوة على أن الطهى على نار هذا الغاز له طعم ومذاق خاص لا يعرفه إلا الفلاحون الذين كانوا يستخدمون «الكانون» فى فترات ماضية، حتى غلى المياه لعمل المشروبات الساخنة لها مذاق خاص.

وأوضح أنه يتم ملء فتحة تغذية البئر بالمخلّفات مرتين أسبوعياً تكفى إنتاج غاز للاستخدام لمدة 12 ساعة يومياً، ويكفى لعائلة كبيرة مثلنا، وفى نفس الوقت، فإن ما يدخل البئر من روث يخرج بعد فترة دون أى تدخل بطريقة «الأوانى المستطرقة»، فى شكل سماد عضوى خالٍ من البكتيريا والطفيليات ويحسن من الزراعة ويسرع نمو النبات وليس له رائحة، ولا يحتاج المشروع لأى جهد أو مال، وإنتاجه يتم بطريقة سهلة وبسيطة دون تدخل منا.

وأضاف أنهم يواجهون مشكلة حالياً تتمثل فى أن البوتاجاز المستخدم مع الغاز المنتج له مواصفات خاصة وقطع غياره اللازمة للصيانة غير موجودة، وبعد فترة من استخدامه تتجمد مفاتيح التشغيل، ويحاولون صيانتها باجتهاد فردى منهم لكنه لا يعود للعمل بكفاءة مثل بداية التشغيل.

"النجار": تنتج البيوجاز وسماداً عضوياً خالياً من البكتيريا.. وزوجته: طعم الأكل يشبه طعام "الكانون"

وأكدت زوجة محمد النجار أنه بعد دخول الغاز المنتج من البئر إلى الشقة أصبح طعم الطعام مختلفاً، ويشبه ما كان يطهى على «الكانون» الذى كان يتم إيقاده بالحطب وروث المواشى بعد تجفيفه، لكن بعض المشاكل التى تحدث عنها زوجها تحول دون استمرار استخدامه، مطالبة المسئولين فى الدولة بتوفير نوعية من البوتاجازات المعدلة التى يتم تشغيلها بالبيوجاز. وأوضحت أن أهم ما يميز النار الناتجة عن هذا الغاز أنها زرقاء وقوتها أضعاف الغاز العادى، ولو حدث تسريب لا يشتعل أبداً، إلا إذا اقتربت منه النار بمقدار 5 سم، أما إذا كانت النار بعيدة عنه فلا يشتعل، كما أنه لا تنتج عنه أى أكاسيد ولا يتسبب فى تسويد الأوانى كما يحدث مع غاز الأسطوانات.

«فى البداية تساءلت: هل مخلّفات الحيوانات هتطلع نار؟ واعتبرت أن المهندس الذى عرض علينا عمل بئر يمزح معنا، وبعد أن وصّل الخراطيم اشتعلت النار»، هكذا روى حمدى شعبان، أحد مستخدمى الغاز الجديد، تفاصيل التجربة الجديدة، وقال إن تفاعلات الروث تنتج غازات تتصاعد فى الهواء، وكنا إذا أشعلنا النار فى الروث الجاف تشتعل بقوة.

وتابع: «أنا عملت بئر صغيرة داخل البيت فى زريبة المواشى، مساحتها 2×2 متر وبعمق 3 أمتار، وهى بئر صغيرة وتم تغطيتها والمواشى تقف فوقها، وكلما احتجنا الغاز وضعنا الروث فى فتحة الدخول مع قليل من الماء، ولكن المساحة الصغيرة للبئر تكفى عائلة صغيرة، وكلما زادت المساحة كان الإنتاج أكبر بكثير طول ما بتغذيه يعطى نار ممتازة، ولم يكلفنى شيئاً وأنصح أى مواطن لديه الإمكانية لعمل هذا المشروع ألا يتأخر فى تنفيذه، لأنه مفيد للبيت ويوفر الغاز واقتصادى».

وقال فتحى أحمد دفية، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع بميت غراب: لدينا 2000 فنى ومهندس مدربون على أيدى خبراء أجانب لعمل الأبيار، وحاصلون على شهادات من جامعة عين شمس، مؤكداً أنه استطاع إنشاء 42 وحدة بيوجاز فى قرى الدقهلية، من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائى «المنح الصغيرة» وكان مشروعاً هندياً، بشراكة بين «البيئة»، والمجتمع المدنى الذى تمثله الجمعية.

وأضاف أنه بعد انتهاء المنحة بنحو 6 أشهر أعلنت وزارة البيئة وقف المشروع، بعد أن بدأنا نجنى ثماره، وهناك طلب من المواطنين لتنفيذه كاملاً على نفقتهم الخاصة، ونجح المشروع فى العديد من المنازل ووفر لأصحابها الغاز الطبيعى بدلاً من البوتاجاز، ولجأ بعض المواطنين فى قرى مجاورة للاستعانة بأعضاء الجمعية لعمل المشروع وتدريبهم عليه بمنازلهم للاستفادة من الروث فى توفير الغاز لمنازلهم ولبعض المصانع الصغيرة.

ونوه بأنه فى بداية المنحة تم تنظيم مؤتمر افتتاحى بحضور المحافظ، تبعه تنظيم 20 ندوة فى 7 مراكز بالدقهلية، ثم مؤتمر ختامى للمنحة، وكانت وزارة البيئة توفر البوتاجاز والخراطيم للمواطن مجاناً، ثم توقفت فجأة، ويوجد حالياً عدد كبير من المدربين، ويتم تنفيذه بتكلفة متوسطة نحو 10 آلاف جنيه، ونتمنى أن تدعمه الدولة أو وزارة البيئة حتى يستمر.


مواضيع متعلقة