"الوطن" في بيت "أبو العروسة".. فيلا "الأميرالاي" سكنتها بهجة عائلة "عبدالحميد" و"عايدة"

كتب: دينا عبدالخالق

"الوطن" في بيت "أبو العروسة".. فيلا "الأميرالاي" سكنتها بهجة عائلة "عبدالحميد" و"عايدة"

"الوطن" في بيت "أبو العروسة".. فيلا "الأميرالاي" سكنتها بهجة عائلة "عبدالحميد" و"عايدة"

هدوء شديد يسيطر على المنطقة، لا يقطعه سوى حركة الأشجار والورود المزدهرة في حديقة فيلا "الأميرالاي حامد بك حمدي"، بعد أن سكنت داخلها الحركة تماما، الأسبوع الماضي، والتي احتضنت قبل ذلك حفل خطبة "زينة عبدالحميد" وسبوع نجلتها "كرمه" وأغنية "أحلى بنوتة" للفنان مدحت صالح، في المسلسل الذي جذب الملايين من المصريين بموسميه.

على مدار 120 حلقة عاشت الأسرة المصرية داخل جدران "فيلا"، يعتليها 6 درجات صغيرة لتتفتح أبواب منزل "أبو العروسة"، الذي صنف أكثر المسلسلات متابعة، لأحداثه القريبة من الأسر المختلفة سواء بشخصية الأب "عبدالحميد" أو الأم "عايدة"، فلم يكن المنزل عاديا، وإنما كان أشبه بالقصر كونه احتضن مشاعر ثمينة من الحب بين أفراد الأسرة، بتراثه المميز، المختلط بين العراقة بالحداثة، وكان جزءا أصيلا من "الحدوتة"، بحديقتها الجميلة.

الفيلا تعود لأحد قادة الجيش في عهد محمد علي.. واستأجرتها "فايزة" مسبقا ويقيم أحفاد الأميرالاي بها حاليا

"جنينة الفيلا دي حكاية"، وصف بسيط عبر عنه عبدالمرضي محروس، حارس "الفيلا رقم 4"، الكائنة بشارك لطفي بيه الموازي للخليفة المأمون في منطقة مصر الجديدة، في بداية حديثه عن المكان الذي يتولى رعايته منذ 10 أعوام، بعد فترة طويلة من انتقاله من مسقط رأسه بالمنوفية، ليعايش من خلاله العديد من الأحداث المختلفة، حيث إن الحديقة التي تحتضن شجرة مانجو وأخرى "توت"، والعديد من الورود والأزهار التي يرعاها "جنايني" مخصص لها، ما جعل متابعي المسلسل يقعون في غرامها منذ الحلقة الأولى، لتكون شاهدة فيما بعد على العديد من الأحداث المهمة بالمسلسل.

"يا اسم بينتهي باسمي، يا واخدة دم من دمي، وشبهي لما تبتسمي، يا بنتي يا أحلى بنوتة معوضني الزمان بيها، يا بطلة كل حدوتة بقالي عمر بحكيها"..

رغم مرور أكثر من شهرين على تلك الأغنية بسبوع حفيدة "عبدالحميد" من نجلته، إلا أن أصداءها ما زالت مترددة في أذن "عبدالمرضي"، كونها من المشاهد المميزة له، فضلا عن زفاف "زينة"، والمشهد الأخير لـ"أبو العروسة" بالحلقة المائة والعشرين.

حارس الفيلا: الملاك الأصليين كانوا قاعدين وقت التصوير في الدور التاني

رغم تلك المشاهد الحية في ذاكرة المشاهدين والمنزل المزدهر بالحياة والديكور المبهج، وخاصة الأريكة التي احتضنت فيها "عايدة" أبناءها وذكرياتها عدة مرات، وحكايات "أبو العروسة" التي تعلق بها الكثيرون، إلا أن المنزل أصبح الآن أشبه بـ"المهجور"، فهو خالٍ تماما من الأثاث أو المفروشات ولا ينتشر به سوى التراب، كما أغلق بسلسلة حديدية تماما، بمغادرة مالكيه المهندسين "جومانا وحامد" إلى خارج البلاد بعد انتهاء العمل الدرامي، ليتولى رعايته الحارس يوميا فقط.

تنقسم "الفيلا" إلى دورين، يتكون السفلي، الذي احتضن المسلسل، من 5 غرف، بجانب طابق آخر علوي يقيم فيه مالكو الفيلا فقط، الذين كانوا متواجدين خلال التصوير أيضا ولكنهم لم يحتكوا بالطاقم وإنما تبادلوا معهم عددا من اللحظات المميزة فقط، وفقا لـ"عبدالمرضي"، الذي اقتصر دوره خلال التصوير على ما قاله: "أفتح لهم الفيلا وأقفلها وأظبطها بعد ما يخلصوا، بس كانوا محترمين جدا معايا"، قائلا إنه علم من فريق العمل أنه يجري التفاوض على تقديم جزء ثالث لـ"أبو العروسة".

سعادة شديدة غمرت الجيران بمجرد معرفتهم، تصوير أحد المسلسلات بالمنطقة، ليصطفوا بالشرفات والشارع فور بدئه، وخاصة الأطفال، فضلا عن اهتمامهم بالتقاط الصور مع طاقم العمل، ليسارعوا بمتابعته عبر شاشات التليفزيون، على حد قول الحارس، مضيفا: "أنا وعيلتي كنا بنتفرج عليه وبنحبه وخصوصا الفنان سيد رجب"، ولكن في بعض الأحيان كان الجيران يبدون انزعاجهم من الأصوات العالية للمسلسل في بعض الأحيان.

تعود "الفيلا" إلى الأميرالاي حامد حمدي، أحد قادة الجيش في فترة محمد علي باشا، بينما يقطنها حاليا أحفاده "جومانا وحامد"، وفقا للحاجة "أماني أيمن"، إحدى قدامى السكان بالشارع نفسه، قائلة: "سمعت عن والدتي كده، وقالت لي إن الفيلا مبنية من زمان، وكان على طول أصحابها في حالهم ومبيحتكوش بحد أوي، ولما العمار بدأ ينتشر في المنطقة، سمعت أنهم حاولوا يبيعوها بس معرفوش".

إبراهيم: الفيلا من أجمل الأماكن في الخليفة المأمون.. وخالد: اتصاحبنا على فريق العمل وكنا بنهزر معاهم

الطابق الأول من المنزل، استأجرته لـ"الحاجة فايزة"، التي وصفتها السيدة السبعينية بأنها كانت "من هوانم مصر الجديدة"، والتي عرفت بطيبتها وحبها للأطفال، ومكثت فيه لعدة أعوام، لحين وفاتها، منذ حوالي 6 أعوام، بينما ظل الأخوان "جومانا وحامد" يقيمان بمفردهما في الطابق الثاني، حتى ذلك الحين، وبحسب ما وصل لمسامع "أماني" أنه جرت مسبقا إحدى المحاولات لتصوير مسلسل بالفيلا ولكن لم يتم ذلك، مضيفة: "بس معتقدش كان هيبقى في حاجة أحلى من (أبو العروسة) علشان تتصور فيه، كأنهم دخلوا الحياة على الشارع والمنطقة والفيلا كمان".

إبراهيم محمد، مقيم في العقار الملاصق للفيلا، يرى أنها من "أجمل الفلل في منطقة الخليفة المأمون"، لاهتمام مالكيها بها وطلائها باستمرار، فضلا عن حديقتها المميزة والكبيرة، وهو ما يعتبر سبب اختيارها في رأيه، مضيفا أنهم فوجئوا في أول أيام تصوير المسلسل العام الماضي، ليصطف أمامها العديد من سكان المنطقة، وكان واحدا من بينهم، ويشاهدوا التصوير بشكل حي.

يعرف "إبراهيم" العقار بـ"فيلا الحاجة فايزة"، لأنها كانت تتعامل مع الجيران أكثر من مالكيها، فضلا عن اشتهارها برعايتها لشجرة المانجو الوحيدة في الشارع، قائلا إنه مع وصول طاقم المسلسل للمنطقة كان يحرص الكثيرون على التوافد لمتابعة الأحداث، ليلمسوا معاملة حسنة من فريق عمل "أبو العروسة" وخاصة الفنان سيد رجب ومحمود حجازي.

الجيران: اتبسطنا جدا أن المسلسل بيتصور هنا.. واتأثرنا جدا بـ"عبدالحميد"

الحديقة كانت البطل الأكبر لسكان المنطقة في أحداث المسلسل، حيث كانوا يتمكنون من متابعة الأحداث المختلفة التي تجري فيها، بين اللقاءات العائلية وتناول الطعام تارة، والحفلات والمناسبات تارة أخرى، بينما لم يشهد الشارع سوى أحداث بسيطة، كان أقربها لخالد عبدالناصر، المقيم بأحد العقارات القريبة من "الفيلا"، هو إصابة "عبدالحميد" بجلطة، قائلا: "المشهد كان حقيقي جدا بالنسبة ليا لدرجة كنت هجري عليه أشوفه".

الابن "أكرم"، كان أقرب شخصيات المسلسل للشاب العشريني، بجانب حبه الشديد للفنان سيد رجب، الذي أبدع في دوره، برأيه، ليسارع بمشاهدة المسلسل كونه يقع في منطقته، متابعا: "في الأول كنا بنقف وقفات قدامهم رخمة بتضايقهم بس كانوا بيتعاملوا معانا كويس، وشوية شوية اتصاحبنا على فريق العمل وبقوا يرضوا يخلونا نتصور مع الممثلين، وكنا بنهزر معاهم زي مثلا لما يقولوا استوب نقول لا لا مش حلو عيدوا تاني، أو أحيانا نلاقي واحد طالع بالبيجاما فنهزر وكده، بس أنك تتفرج على الحاجة لايف غير العادي بكتير".

عبدالمرضي: كانوا طيبيبن ومحترمين جدا معايا.. ولما المسلسل خلص شالوا الديكور كله وبقيت فاضية

تحتاج أحيانا إلى بعض اللقطات البسيطة إلى ساعات من التصوير، وهو ما فوجئ به "خالد"، لكنه رغم ذلك كان يقضي أوقاتا عديدة في متابعتهم، ليشعر بالحزن مع انتهاء المسلسل، مضيفا أن ذلك كان يسبب الضيق لبعض السكان.

نورا سيد، واحدة من السكان "المحظوظين"، على حد قولها، كونها تقيم في العقار المواجه الذي كان يمكنها من رؤية كل التفاصيل حيث تطل على "الفيلا" من شقتها بالدور السادس، لتتابع العديد من الأحداث عن قرب من شرفتها، التي تعد فرصة لم يتمكن الكثيرون الاستمتاع بها، ولكن الأكثر حظا بالنسبة لها كان "أني سمعت صوت مدحت صالح وهو بيغني لايف كذا مرة، وده كان أحلى حاجة، خصوصا أغنية بنتي وحبيبتي دي أنا عيطت فيها من كمية المشاعر، رغم أنها اتصورت الساعة 2 باليل، غير أنهم كانوا ونس ليا كتير".

سبوع "كارمة" كان من اللقطات المميزة بشدة التي تابعتها "نورا" لتفاصيله الجميلة التي شاهدتها عن قرب، فضلا عن مضمون المسلسل الذي جذبها بشدة كونه يتناول حياة العائلة و"كمان بيرجع روح الأسرة والأهل زمان بحياتهم الجميلة بعيد عن التكنولوجيا بتاعة دلوقتي"، مرجحة أن تلك هي كانت الأجواء التي تسيطر على فيلا "الأميرالاي" مسبقا، التي تتذكر تفاصيلها من خلال "فايزة" المستأجرة للدور الأول، قائلة: "كانت مش متجوزة وعايشة لوحدها وبتشتغل فى شركة سياحة، وطيبة جدا جدا، وأنا صغيرة كانت دايما كل ما تشوفني لازم تديني لعبة عروسة مثلا أو شكولاتات".

عبدالمرضي: كانوا طيبيبن ومحترمين جدا معايا.. ولما المسلسل خلص شالوا الديكور كله وبقيت فاضية

ولكن بعد مرور عدة الحلقات بالموسم الأول، بدأت تصاب الفتاة العشرينية بالانزعاج من طاقم التصوير لارتفاع الصوت والحركة الكثيرة ليلا والجلوس في الشارع والحديث، والتي دفعت البعض إلى الشكوى لـ"جومانا وحامد"، ولكن تم تدارك ذلك في الموسم الثاني للمسلسل، لينتهي الأسبوع الماضي وتسكن الحركة في العقار تماما، بعد أن احتضن العديد من المواقف السعيدة ودموع الفرح أحيانا، ولحظات أخرى من الخلافات والصراخ والبكاء بين أسرة "أبو العروسة"، ليترك باقي "الحدوتة" حية بدعوة "عبدالحميد" لتخصيص يوم "5 مايو" عيدا للعائلة.


مواضيع متعلقة