هل تتأثر "الجمعة العظيمة" بفشل لندن في تمرير اتفاق "بريكست"؟

هل تتأثر "الجمعة العظيمة" بفشل لندن في تمرير اتفاق "بريكست"؟
- أيرلندا الشمالية
- الاتحاد الأوروبي
- الاتحاد الجمركي
- بريكست
- اتفاقية الجمعة العظيمة
- تيريزا ماي
- البرلمان البريطاني
- أيرلندا الشمالية
- الاتحاد الأوروبي
- الاتحاد الجمركي
- بريكست
- اتفاقية الجمعة العظيمة
- تيريزا ماي
- البرلمان البريطاني
رفض النواب البريطانيون، أمس الأول الجمعة، للمرة الثالثة اتفاق خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي المعروف باسم "بريكست" الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي مع الاتحاد في 2018، ما يزيد من احتمالات خروج لندن من التكتل دون اتفاق أو تأجيل العملية برمتها لفترة طويلة، حيث رفض النواب الاتفاق، بأغلبية 344 صوتا مقابل 286 صوتا في جلسة طارئة عقدها "مجلس العموم" البريطاني، فيما دعا رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إلى قمة أوروبية طارئة تعقد في 10 أبريل المقبل؛ لبحث التطورات.
كانت المحاولة الماضية لحكومة ماي في 12 مارس الجاري، فشلت بأغلبية 149 صوتًا، وكان المشرعون البريطانيون، رفضوا في 15 يناير الماضي، بأغلبية ساحقة اتفاق رئيسة الوزراء تيريزا ماي للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، ما يدخل عملية خروج بريطانيا، "بريكست" في حالة من الفوضى، وصوت 432 نائبا ضد الخطة فيما صوت 202 من النواب لصالحها، في نتيجة كانت متوقعة على نطاق واسع، وحصل المشرعون على فرصة أن يقولوا "نعم" أو "لا" لاتفاق ماي بعد أكثر من عامين من الاضطرابات السياسية، وقالوا لا.
وكان النواب البريطانيون صوتوا، الأربعاء الماضي، ضد 8 خيارات بديلة لـ"بريكست" كانت تهدف إلى تخطّي مأزق اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي ولم يحظ بالقبول.
وتضمنت الخيارات التي تم التصويت عليها، التفاوض على علاقات اقتصادية أوثق مع الاتحاد الأوروبي بعد "بريكست"، وإجراء تصويت شعبي على أي اتفاق يجرى التوصل إليه، أو وقف عملية بريكست برمتها.
وجرى رفض اقتراح البقاء في الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي بأغلبية 272 صوتا مقابل 264 صوتا، بينما تم رفض ابطال المادة 50 لتجنب الخروج دون اتفاق بموافقة 184 صوتا مقابل 293 صوتا، وفقا لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
كان من المقرّر أن تخرج بريطانيا من "الاتحاد الأوروبي"، في 29 مارس الجاري، في ما أسماه البعض "يوم الاستقلال"، لكن ذلك تعطل إثر فوضى وخلاف في البرلمان البريطاني، ما دفع بماي الأسبوع الماضي لطلب مزيد من الوقت.
وذكرت وكالة "فرانس برس" الفرنسية، أن رفض الاتفاق مجدداً يفرض على "ماي"، إعداد خطة جديدة بحلول 12 أبريل المقبل تتضمن خيارات من بينها بريكست من دون اتفاق أو تأجيل طويل الأمد.
ويهدف الاتفاق إلى تسهيل عملية خروج بريطانيا من الاتحاد، على أن تلي ذلك مرحلة انتقالية يمكن أن تستمر حتى عام 2022، وتألف الاتفاق من وثيقتين: اتفاق الانسحاب الذي ينظم الانفصال ويقع في 585 صفحة، وإعلان سياسي من 26 صفحة يتناول العلاقة المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
ونص الاتفاق في أحد بنوده، على "شبكة أمان" لمنع عودة حدود فعلية بين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا، من أجل حماية اتفاقات سلام موقعة في 1998 والمحافظة على السوق الأوروبية الموحدة.
وأوضحت "فرانس برس": "يعد هذا الحل الخيار الأخير الذي يمكن اللجوء إليه في نهاية المطاف بعد الفترة الانتقالية في حال لم يتم إيجاد تسوية أفضل بحلول منتصف 2020 بين لندن وبروكسل"، مضيفة: "تقضي هذه الآلية المثيرة للجدل بإنشاء منطقة جمركية موحدة تشمل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لا تطبق فيها أي أنظمة للحصص أو رسوم جمركية على السلع الصناعية والزراعية".
وستتمتع أيرلندا الشمالية بوضع خاص إذ ستبقى ملتزمة بعدد محدود من قواعد السوق الأوروبية الموحدة خاصة في ما يتعلق بالمعايير الصحية لعمليات المراقبة البيطرية. وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أنه إذا طبقت "شبكة الأمان"، يفترض أن يتم اتخاذ قرار مشترك لإلغائها مع ضرورة إيجاد علاقة تجارية أخرى تستثني الرقابة الجمركية على الحدود مع إيرلندا.
كان وزير الدولة البريطاني المكلف بشؤون أيرلندا الشمالية شايليش فارا، أعلن استقالته في 15 نوفمبر الماضي، احتجاجا على مشروع الاتفاق على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وقال إن الاتفاق لا يجعل من المملكة المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة، مضيفا أن الاتفاق "يترك المملكة المتحدة بين خروج ولا خروج من دون تحديد مهلة زمنية لنصبح فيها أخيرا دولة مستقلة"، وفقا لما ذكرته قناة "الحرة" الإخبارية.
وشهدت أيرلندا الشمالية نزاعا داميا استمر 3 عقود بين الجمهوريين القوميين والوحدويين، وانتهى عام 1998 بتوقيع "اتفاق الجمعة العظيمة"، والاتفاق التاريخي الذي وقعته الحكومتان البريطانية والأيرلندية في 10أبريل 1998 بدعم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وضع حدا لـ30 عاما من العنف السياسي والطائفي الدموي بين البروتستانت والكاثوليك أوقع أكثر من 3500 قتيل، لكن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وضع الاتفاق مجددا تحت المجهر.
ويخشى كثيرون، من أن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى إعادة قيام حدود فعلية بينها وبين جمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد، والتي قد تشهد مجددا أعمال عنف.
وشكلت القضية، إحدى النقاط العالقة التي تعوق إقرار مجلس العموم البريطاني اتفاقا أبرمته ماي، مع بروكسل، في نوفمبر 2018، وينظّم عملية خروج بلادها من التكتل.من جانبه، تظاهر المئات عند الحدود الأيرلندية، ضد "بريكست"، وأعربوا عن خشيتهم من أن يهدد الخروج، اتفاق السلام الموقع بين أيرلندا الشمالية، المقاطعة التابعة لبريطانيا، وجمهورية أيرلندا، وشاركت زعيمة "شين فين" ماري لو مكدونالد، والزعيم السابق للحزب جيري آدامز، في المظاهرة تحت شعار "أبناء الحدود ضد بريكست" التي ضمت نحو 300 شخص تجمعوا عند جسر قرب بلدة نيوري الحدودية، فوق الطريق السريعة التي تربط عاصمة أيرلندا الشمالية "بلفاست" بالعاصمة الأيرلندية "دبلن"، وارتدى متظاهرون، زي عناصر الجمارك، وندد أحد المتحدثين بما اعتبره "فوضى عارمة" في مجلس العموم البريطاني، أغرقت العملية في حال من الضبابية والغموض.
وكانت أيرلندا الشمالية، عانت من نزاع استمر 3 عقود بين الجمهوريين القوميين والوحدويين، وتسببت انفجارات السيارات المفخخة بأسوأ الفظاعات خلال سنوات النزاع، وانتهى النزاع بين الطرفين عام 1998 بتوقيع "اتفاقية الجمعة العظيمة"، وأسس اتفاق "الجمعة العظيمة"، الذي وقعته كل من أيرلندا وشمال أيرلندا وبريطانيا في عام 1998، بداية لحل سياسي، منهياً حقبة من الحرب الأهلية الطاحنة، التي اتخذت شكلاً مذهبياً بين الكاثوليك والبروتستانت، وامتدت لأكثر من 30 عاماً، قتل خلالها نحو 3500 شخص.
وذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في وقت سابق، إن "اتفاق بلفاست" لعام 1998، استند في أحد أهم مبادئه إلى البيان الذي وقعه ألبرت رينولدز عن جمهورية ايرلندا ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق جون ميجور في عام 1993 والذي نص على حق شعوب أيرلندا الشمالية في تحديد مصيرها، وتم الاتفاق على: إلغاء القانون الخاص بحكومة أيرلندا، الذي يفرض سيادة بريطانية على الجزيرة كلها، وكذلك تأييد حق جميع سكان أيرلندا الشمالية في حمل جنسيات أيرلندية أو بريطانية، والاتفاق على عدم تغيير هذا الوضع مهما تغير وضع ايرلندا الشمالية السياسي.
وجرى الاتفاق كذلك على الرجوع إلى الشعب في أي خطوات تتّخذ بشأن مستقبل أيرلندا، مع الإشارة إلى أن جميع الأطراف متفاهمون على أن معظم سكان أيرلندا الشمالية يرغبون في الاستمرار كجزء من بريطانيا، لكن معظم سكان جزيرة أيرلندا ككل ومعهم أقلية لا بأس بها من الشمال يتطلعون إلى تكوين أيرلندا متحدة، أي انفصال شمال أيرلندا عن بريطانيا، ولن يتغير أي موقف سياسي لأيرلندا الشمالية إلا بموافقة سكانها من خلال الاستفتاءات التي تقام بأمر من وزير الخارجية البريطاني، وتكون المدة بين الاستفتاء والآخر 7 سنوات، على الأقل.
من جانبه، شكل اتفاق بلفاست في 26 مارس 2008، منعطفاً مهماً في تاريخ أيرلندا الشمالية، بعدما وقعه زعيما الحزبين اللدودين في البلد الوحدوي الديموقراطي "بروتستانت" برئاسة ايان بيزلي، الذي يدعو إلى الاندماج مع بريطانيا، و"الشين فين" الجناح السياسي لـ"الجيش الجمهوري الإيرلندي" برئاسة جيري أدامز، الذي يدعو إلى الاستقلال، وفقا لما ذكرته صحيفة "الاخبار" اللبنانية في ذلك الوقت، وبموجب الاتفاق المذكور، تشَكّل إدارة مشتركة بين الطرفين، في 8 مايو 2008، لإدارة الإقليم.
وفي سياق متصل، قال أستاذ الدراسات السياسية في "كوين يونفرستي" في بلفاست، البروفيسور ريتشارد أنجلش، مؤلف كتاب: "كفاح مسلح: تاريخ منظمة الجيش الجمهوري الأيرلندي"، أن "الجيش الجمهوري الإيرلندي"، كان له هدف واضح وتستخدم تكتيكات معروفة، وأغلب أعضائه يتحدرون من قاعدة جغرافية صغيرة وينتمون إلى زمر، حيث تقاليد العنف الجمهوري كانت قوية، وفي كثير من الأحيان يمكن بسهولة القبض على عناصر هذا الجيش أو اختراقهم بشكل يسير نسبيا، ومع ذلك فإن "الجيش الجمهوري" لم يزل يصعب دحره، وفقا لما ذكرته صحيفة "الشرق الأوسط"، في عام 2003.
وتشكل الجيش الجمهوري الأيرلندي عام 1919، كقوة عسكرية غير رسمية تهدف إلى تحقيق الاستقلال لإيرلندا، وبدأ الجيش الأيرلندي، في عام 1919 بحرب عصابات للاستقلال عن بريطانيا، فأخذ يثير الاضطرابات لإنهاك الشرطة العسكرية من خلال وضع الكمائن وشن الغارات المفاجئة.
وفي عام 1920 حررت الحكومة البريطانية إلى الحكومة الأيرلندية قانونا يقضي بتقسيم أيرلندا إلى دولتين كل واحدة منها تتمتع بسلطة محدودة من الحكم الذاتي.ووفق هذا القانون فُصلت الاقاليم الستة الشمال شرقية عن بقية أيرلندا وأصبحت تسمى أيرلندا الشمالية.
وقد رفضت الأغلبية الكاثوليكية هذا القانون وطالبت بجمهورية أيرلندية واحدة ومتحدة، وهكذا استمرت حرب العصابات حتى يوليو 1921، حيث أعلن الحكام البريطانيون والأيرلنديون الهدنة واتفقوا على توقيع معاهدة "أنجلو ـ أيرلندية" وقعت في6 ديسمبر 1921 نصت على أن تتمتع جنوب أيرلندا بالسيادة أي بحكم ذاتي، لكنها تدين بالولاء إلى التاج البريطاني، وقد اطلق على هذه السيادة اسم دولة أيرلندا الحرة.
وأوضحت صحيفة "الشرق الأوسط"، أن هذه المعاهدة، أدت إلى انقسام "الجيش الجمهوري الأيرلندي"، إحدى المجموعات، وهي التي يقودها ميشائيل كولينز قبلت المعاهدة وأصبحت جزءا من جيش دولة أيرلندا الحرة، أما المجموعة الأخرى وهي التي يقودها إيمون دي فاليرا والتي تسمى بغير النظامية أو السرية فإنها رفضت المعاهدة لأنها لا تمنح الاستقلال التام عن بريطانيا والاتحاد مع أيرلندا الشمالية. وفي بداية عام 1922 نشبت الحرب الأهلية، موضحا أن المجموعة غير النظامية أو السرية دُحرت في 1923، إلا أنها استمرت كمنظمة سرية.