إسعاد يونس في ندوة "الوطن": أنا تربية "واحدة ست"

إسعاد يونس في ندوة "الوطن": أنا تربية "واحدة ست"

إسعاد يونس في ندوة "الوطن": أنا تربية "واحدة ست"

نموذج للمرأة القوية المعاصرة، سيدة أعمال كما يجب أن تكون، وأم من نوع خاص، تؤمن بدور والدتها فى حياتها، وتحاول تكراره مع أبنائها وأحفادها، وفى غير أوقات العمل تمنح الأسرة كل الوقت.. لم ينازعها فى اللقبين «الأم وسيدة الأعمال الفنانة» سوى لقب ثالث أصبحت أيقونته، فوصفوها بـ«صاحبة السعادة».

"صاحبة السعادة": عادل إمام وسمير غانم لا خليفة لهما.. وأهلاوية بالوراثة وامتنعت عن مشاهدة كرة القدم بعد هدف مجدى عبدالغنى

عند ظهورها تحدث حالة «نوستالجيا»، فيتذكرها جيل «بكيزة وزغلول» فى أشهر أدوارها، ويتذكرها جيل آخر، ليس بأعمالها كممثلة، لكن بما أنتجته ووزعته وهى على رأس الشركة العربية للسينما والتوزيع، فكانت صاحبة تأثير وبصمة فى حركة سينمائية انتعشت فترة قبل أن تنتكس. وبين الجيلين جيل ثالث لا يعرفها إلا فى صورة الإعلامية والإذاعية، وهى الصورة الأحدث، خاصة بعد انطلاق برنامجها الأشهر «صاحبة السعادة» فى مواسمه المختلفة على قناة «c.b.c»، أو فى محطته الحالية «d.m.c».

«الوطن» استضافت صاحبة السعادة فى ندوة خاصة، لتفتح معها كل الملفات فى حياتها، وتتطرق إلى كل الأدوار التى لعبتها، من سيدة الأعمال إلى الفنانة والأم والإعلامية والكاتبة.. وإلى نص الحوار:

فى شهر المرأة، يشار إليكِ كنموذج مُلهم لكل النساء، فكيف استطعتِ تحقيق النجاح والتميز طوال مشوارك كإعلامية وسيدة أعمال وفنانة كوميدية؟

- أنا ضد تصنيف «المرأة والرجل»، أو وضعى فى القالب النسوى، لأننى أتعامل مع الآخرين على حسب شخصياتهم بعيداً عن جنسهم، أما عن العوامل المسببة لنجاحى فهذا يرجع إلى نشأتى، فأنا تربية «واحدة ست» ترملت فى شبابها، ورغم تمتعها بجمال مفرط، لكن هذا الجمال كان نقمة علينا، كل أقاربنا ابتعدوا عنا، ستات العيلة أبعدن أزواجهن خوفاً من إعجابهم بأمى، لتعيش أمى فى عزلة، ومعها بناتها الثلاث أكبرهن أنا، ولم أكن تجاوزت حينها الـ14 عاماً، لأشاركها فى إدارة الأسرة وسد احتياجات المنزل والمصروفات، مع تشديدها على ضرورة مواجهة مصاعب الحياة، «هتشوفوا بواخات من ستات ورجالة، ماتخلوهاش تأثر فينا»، مع قولها باستمرار «الغنى فى الاستغناء»، ما جعلها تركز على تطوير مهاراتنا وقدراتنا.

هل أثّر ضعف الموارد المالية على مستوى تعليمكن؟

- إطلاقاً، فقد تعلمت مع شقيقتىّ بمدرسة أمريكية، كما أن والدتى اهتمت أيضاً بتطوير مواهبنا، خصوصاً أننا من عائلة لها تاريخ فنى فى مجالات مختلفة، فحرصت على تعلم شقيقتى الصغرى «أحلام» الباليه فى عمر التاسعة، بعد أن لمست حبها للاستعراض فى المنزل، أما شقيقتى «إيمان» فدرست فى معهد كونسرفتوار بعمر الـ11، لشغفها بالعزف، قبل اكتشاف موهبتها الغنائية لعدم نضوج صوتها، وأنا كانت لدىّ اهتمامات متباينة بين القراءة وتأليف القصص وحب الموسيقى، ما جعل أمى تسعى لتنمية معرفتى الفنية بإعطائى دروساً خصوصية فى الموسيقى الكلاسيكية بعمر الخامسة عشرة، يقدمها صديق للعائلة يعمل عازف كمان، وهذه كانت أول مرة أعلم عن دروس منزلية فى هذا التخصص، إلا أن أمى كان لديها بُعد نظر، فبعد فترة قرأت فى الصحف طلب الإذاعة المصرية لعاملين فى تحضير المكتبة الموسيقية فى ماسبيرو لتغذية البرامج الأوروبية، ما جعلها تفكر فى عملى هناك، متحدثة مع صديق والدى طه أبوزيد لتقديمى فى ذلك العمل، مؤكدة له امتلاكى معلومات سوف تفيدهم، فحدد لى موعداً مع القامة الإعلامية عبدالحميد الحديدى، وبعدها أجريت مقابلة، وصدر قرار خاص بقبولى تحت مسمى «أجر مقابل عمل»، على أن أحصل على 12 جنيهاً شهرياً لعدم قدرتهم على تعيينى بسبب عمرى الذى لم يكن يتجاوز السادسة عشرة، ووجدت نفسى داخل صرح عظيم بين أروقة المكتبة والأسطوانات التى أرتبها، وبعد مرور أشهر عُينت فى ماسبيرو لأحصل على مرتب 6 جنيهات ونصف، «وساعتها كنت أسعد واحدة فى الدنيا»، ليتصادف طلب الإذاعة المصرية «مرافقة» مع مدربة اللياقة البدنية فى البرنامج الصباحى، لتقرر والدتى تقديم شقيقتى «إيمان» التى كانت تعزف على البيانو والكلارينيت، والتى قُبلت بالوظيفة مقابل 9 جنيهات شهرياً، وكانت تساعد فى مصروفات المنزل، و«دى الحكاية اللى ربنا رتبها كده، واللى مفيهاش صراع مرأة مع المجتمع، على قد ما فيها أم عظيمة ومختلفة».

كيف تعامل الأقارب والمجتمع معكن عقب سماح والدتك لبناتها بممارسة الرقص والغناء؟

- الأهل قاطعونا بالفعل منذ وفاة والدى، خاصة أن والدتى لم تطلب مساعدة أحد، «ومابقاش حد له عندنا حاجة»، فهذه الأم العظيمة دبرت شئون بناتها وحدها دون شكوى، وعند خروجنا من المستشفى بعد وفاة والدى، لم تكن تملك سوى «5 صاغ وتعريفتين» فقط، لكنها لم تندب حظها أو تسخط من الأقدار التى تسببت فى ضياع ثروة زوجها الغنى، وشغلت بالها بكيفية مواجهة ذلك التحدى، وبعدها تولت تدبير أمور المنزل بحصولها على معاش 40 جنيهاً شهرياً باعتبار والدى كان أحد ضباط مجلس قيادة الثورة، كما أن الأعباء المالية لم تجعلها تفكر فى أن «جواز البنات سترة»، بل انشغلت بتطوير مهاراتنا وعقولنا.

باحب أطبخ بإيدى لأسرتى.. ومحترفة فى البط المحشى والملوخية والفتة والكبدة الإسكندرانى وصينية البطاطس "القرديحى"

من أكثركن شبهاً بوالدتك فى سماتها الشخصية؟

- جميعنا نشبهها فى قوة التحمل واستدعاء الهمة، وإن كنت أكثرهن شبهاً بها لكونى الابنة الكبرى، لكن نحن الثلاث نتمتع بروح التحدى والمثابرة، فشقيقتى الصغرى تميزت فى تخصصها الفنى، ماضية فى مشوار طويل من العمل، حتى أصبحت رئيس أكاديمية الفنون، وحصلت على عدة جوائز محلية ودولية، و«أحلام» بدأت حلمها كمطربة مع فريق «المصريين»، حتى رُزقت بطفل معاق لعدم وصول الأكسجين إلى المخ، فأفقده ذلك القدرة على الحركة والتحدث منذ صغره، لذا انشغلت برعايته والاعتناء به، وتركت الغناء، حتى توفى فى عمر الـ23، لتواصل بعدها مع «المصريين»، مستعيدة حلمها رغم سنها.

كيف استطعتِ تحقيق توازن بين حياتك المهنية والأسرية؟

- السر فى إدارة الوقت، فأمى علمتنا أن الـ24 ساعة اليومية يمكن شغلها بأشياء كثيرة، وتنفيذ مهام عديدة، فإذا انتزعنا الـ8 ساعات المخصصة للنوم، يتبقى 16 ساعة، 9 منها لتحقيق الإنجازات، كما تعودت أيضاً على عدم الخلود للنوم إلا بعد يوم ملىء بالأحداث، فضلاً عن التنوية بأننى لم أعمل إعلامية وممثلة وكاتبة وروائية وسيدة أعمال فى آن واحد، ففى البداية حصلت على بكالوريوس إرشاد سياحى أثناء عملى بالإذاعة، ثم عملت بشهادتى أثناء تقديمى برنامج بـ«شيراتون»، وتزوجت وأنجبت، وبعدها دخلت مجال التمثيل، وتوالت الأحداث.

أمى خرجت من المستشفى بعد وفاة والدى معاها "5 صاغ وتعريفتين".. فانشغلت بتعليم 3 بنات دون أن تفكر بعقلية "جواز البنات سُترة"

بالحديث عن حياتك العملية.. ما سبب تركيزك على «النوستالجيا» أو الذكريات القديمة ببرنامج «صاحبة السعادة»؟

- الجمهور فى حاجة إلى الحديث عن الماضى والذكريات، خصوصاً أننا فقدنا هويتنا وسط الصرعات، وكنا بحاجة للإجابة عن سؤال «إحنا تبع مين؟»، فى ظل الحديث عن الخلافة الإسلامية، وهدم التماثيل لأنها رجس من عمل الشيطان، وهو مخالف لثقافتنا وتراثنا المصرى.

ما الصعوبات التى تواجهك أثناء إعداد حلقات «الحنين إلى الماضى» بالبرنامج؟

- لا توجد تحديات خفية لأننا نتحرك برؤية واضحة، خصوصاً مع وجود ميزانية محددة نحاول استغلالها جيداً «زى ست البيت لما تقعد تظبط أمور بيتها»، ورصد احتياجات كل حلقة بالتعاون مع أحمد فايق رئيس تحرير البرنامج، ومحمد مراد المخرج، اللذين يبذلان مجهوداً متميزاً، وهناك بعض الحلقات يستغرق إعدادها 6 أشهر، مثل حلقة أوركسترا الفنان مودى الإمام، وقد حاولت التواصل معه لعدة أشهر حتى أشرح له فكرة إحياء التراث الفنى، والتأكيد على أن البرنامج لا يعتمد على الأسئلة المحرجة «المشطشطة»، واقتحام خصوصية الضيوف لتحقيق أعلى المشاهدات، ولكنه بمثابة «أرض سلام» نصالح فيها الجمهور على تاريخه وهويته. وخلال رحلة إقناع مودى الإمام عكف الموسيقيون على التفتيش فى تاريخه، وتحويل موسيقاه إلى نوتة، وتدريب العازفين عليها، وتعاملنا مع تحدى عدم وجود عازف «بان فلوت» فى مصر، فتواصلنا مع محترف تلك الآلة فى البحرين، وأخبرناه عن مشروعنا ليشارك فيه، مع العلم أن هذا الجهد الكبير لإحياء التراث ليس وظيفة برنامجنا، ولكن «الوقت بيجرى ومحدش بيعمل كده، فحسينا إنه واجبنا التحرك».

حاولنا فى "صاحبة السعادة" إقامة علاقة مع جمهور الطبقة الوسطى بتقديم محتوى هادف بعيداً عن إثارة الـ"توك شو"

هل خبرتك فى الإنتاج السينمائى ساعدتك فى «صاحبة السعادة» أم العكس؟

- بالتأكيد، الشخصية الإعلامية استفادت كثيراً من المعارف والمعلومات التى حصّلتها فى مجال الإنتاج، فأنا أعرض فى «صاحبة السعادة» الـ«ميكينج أوف» للأفلام التى أنتجتها الشركة العربية، وهى مواد «حصرية» أهديتها للبرنامج رغم توقفى عن الإنتاج منذ ما يقرب من 7 سنوات، «بس لازم اعترف إن ربنا رزقنى بفدادين حظ وشطارة»، بداية من حرص أمى على تثقيفى وقراءتى لمكتبة أبى، فأتذكر أننى فى عمر الـ12 قرأت كتاباً عن السيناريو، لتتواصل بعدها المعارف والتجارب والخبرات التى ساعدتنى على تقديم «خلطة» مختلفة فى «صاحبة السعادة».

لم أصنف نفسى فى مرة كـ«ست حلوة»، لأن المرأة التى تتعامل فقط باعتبارها جميلة «بتموت معنوياً بدرى»، ولم أتصرف بأى أنوثة مفرطة منذ طفولتى، فكنت ألعب كرة القدم، وأتشاجر مع الأطفال فى الشارع، وكانت لدىّ رغبة فى تعلم رياضة التايكوندو، وفى المرحلة الثانوية كانت الفتيات تتزين بـ«تسريحة الأسد» فى حمام المدرسة كل خميس استعداداً لرؤية طلاب كلية الشرطة، القاطنين أمامنا، وكان اللقاء يجمعهم فى محل عصير القصب المجاور للمدرسة والكلية، وكنت أحب تناول مشروبى هناك، «وبعد فترة حسيت إنى لوحدى ماسكة اخواتى، ومحدش معايا زى البنات، فرحت لأمى اشتكى، واعترف لها إنى عايزة أبقى زى بقية البنات»، ولكنها نصحتنى بعدم الالتفات لهن، والتركيز فى تنمية العقل والقراءة بدلاً من الاهتمام بالمظهر فقط.

اشتغلت فى الإذاعة قبل ما أكمل 16 سنة.. وأول راتب تقاضيته 6 جنيهات ونصف

دخلت التمثيل بالصدفة من خلال عملى بالإذاعة.. وفايز حلاوة طلب منى لعب دور فى "عروسة وعريس"

قلتِ إنك «بتعملى الترند بإيدك».. فما طريقتك لصنع الأحداث المؤثرة باستوديو «صاحبة السعادة»؟

- فى البداية، حددنا الجمهور المستهدف المتمثل فى الطبقة الوسطى، وفكرنا فى خصائص تلك الفئة التى تتميز بالتفكير التحليلى للأحداث، ولا تقبل الزج فى معارك وصراعات دون اقتناع، وقررنا إقامة علاقة مع هذا الجمهور، ويحمل الأمر الكثير من المغامرة حول كيفية استقبال الجمهور لهذا النمط من البرامج، أم أن شهيتهم ستظل مُنصبة باتجاه برامج «التوك شو»، ومع عرض الحلقات الأولى بدأت علاقتنا بالجمهور تتوطد شيئاً فشيئاً، حتى استطعنا فى العام الأول للبرنامج كسب الرهان بإقامة علاقة وطيدة مع المشاهدين، ووثق فى تقديمنا لمحتوى هادف بعيد عن الإثارة، يمكن أن تجتمع حوله الأسرة، وظهر ذلك بوضوح فى سلسلة حلقات «صُنع فى مصر»، التى حققت ردود أفعال واسعة، وجاءت فكرتها بالصدفة عند شراء رئيس تحرير البرنامج منتجات «قها»، فوردت إلى ذهنى فكرة البحث عن تلك السلع، وعرضها على المشاهدين، وتلقيت بعدها ردود أفعال واسعة، وعندما طلبت من الجمهور خلال الحلقات التوجه لشراء «باتا»، وجدت إقبالاً كثيفاً عليها، وتكرر الأمر مع المناشدة لشراء منتجات «سافو»، للمساعدة فى خروج الشركة المنتجة من الأزمة المالية وتوقف مصانعها عن العمل، ببساطة نحن تحدثنا عن احتياجات الجمهور، لذلك توجه إلينا، مع العلم أننا اتفقنا مع المسئولين على عدم التلاعب بنسب المشاهدات أو التحايل على تصدر اسم البرامج بمواقع التواصل الاجتماعى ومحركات البحث، ولكن لا بد من توضيح أن «الترند مش دايماً حاجة كويسة»، فهناك العديد من الأحداث الرائجة حول مشاحنات وتجاوزات غير لائقة، لا نخوض فيها أبداً.

عودة إلى الفن.. كيف بدأتِ أولى خطواتك بمجال التمثيل؟

- دخلت عالم الفن من خلال عملى فى إذاعة الشرق الأوسط، وكنت أجرى لقاءات مع الفنانين فى كواليس المسرحيات بصحبة زملائى الإذاعيين المعروفين بـ«الكتيبة الانتحارية» بقيادة الإذاعية القديرة إيناس جوهر، «ودى الشلة اللى نايمة صاحية فى ماسبيرو»، وكان ذلك تزامناً مع زواجى من الممثل نبيل هجرسى، الذى كنت أحضر معه أعماله الفنية، ومنها حضورى بروفات كاملة لمسرحية «الصعلوكة» من بطولة الفنانة سناء جميل، وكنت أجلس فى الصف الأخير من المسرح أراقب بتركيز أداء البطلة والعمل المسرحى، ما أسهم فى تكوين مخزون معرفى، وبعد فترة سافرت مع زوجى ضمن جولة فنية لفريق تحية كاريوكا لتقديم أعمال مسرحية فى الكويت والإمارات، أبرزها «ياسين والدى» و«نيام نيام» و«التعلب فات» و«روبابيكا»، وبعد أيام تفاجأت بالفنان فايز حلاوة يخبرنى بأننى سوف أنضم إليهم فى تمثيل هذا الكم من المسرحيات لمدة شهرين، وعقب عودتى من الجولة الفنية، لعبت دور البطلة الثانية التى حملت اسم «معجزة» فى أوبريت «عروسة وعريس» على مسرح البالون، لكن للأسف لم يتم تصوير هذا العمل المسرحى، وبعد فترة طلب منى سمير غانم لعب دور «صافى» فى مسلسل «حكاية ميزو» بعد اعتذار إحدى الممثلات عن الدور، «وكنت ساعتها بقوله أنا مش عايزة أمثل، لكنه أصر.. وده نصيب».

هل تتواصلين مع أصدقاء الطفولة؟

- أعلم بأخبارهن من حين لآخر، وكنت أتفاجأ بمجىء بعضهن لعروضى المسرحية، وفى مسرحية «بالو»، رأيت إحداهن وكانت سيدة غاية فى الأناقة، ما زالت محتفظة بقوامها الممشوق، شعرها أصفر، وفى مرة حضرت زميلة أخرى تسير ببطء شديد، ويبدو عليها بوضوح الإعياء والحزن، بعد إنجابها 6 أبناء، وقد اختارت الاستسلام لضغوط الحياة، فالسيدتان لديهما مسئوليات صعبة، ولكن إحداهما قررت أن تحول الأمر لتحدٍ، والأخرى «سابت الهم يركبها».

علاقتى بـ"سهير البابلى" تشبه "بكيزة وزغلول" وأريد تجسيد شخصية تتسم بالطابع العنيف كدورى فى "عمارة يعقوبيان"

ما تقييمك للمسرح الآن؟

- تعلمنا أن المسرحية تسرد رواية من 3 فصول لمدة 5 ساعات، ووصل سعر التذكرة قبل 8 سنوات لـ250 جنيهاً، وهو مبلغ كبير فى ظل أن المسرحية نفسها مُكلفة من حيث التجهيزات وأجور الممثلين والاستعراضات، خاصة أن بعض المنتجين كانوا يستعينون براقصات باليه من روسيا، وبمرور الوقت حدثت حالة ركود فى المسرح، وتقلصت أيام العروض لـ3 أيام، ثم فى الإجازة الأسبوعية، ولكن الأمر كان يعود بخسائر كبيرة حتى أصاب المسرح الركود فى 2011، ولكى نستعيد قوة المسرح مرة أخرى لا بد من تقليص مدة العرض، وألا تحمل الراوية أكثر من فصلين.

 

توقفت عن الإنتاج السينمائى لرفضى التعامل بعشوائية مع هذه الصناعة التى أصبحت تعتمد على "الصدفة" وليس الدراسة

هل تؤيدين مبدأ الخروج على النص عند ممثلى المسرح؟

- بالتأكيد، فكبار الممثلين خرجوا على النص، مثلاً هناك فؤاد المهندس، وسمير غانم أيضاً يخرج على النص، وأنا فعلت ذلك مرات، خصوصاً فى مسرحية «جحا يحكم المدينة»، وفى زمنى، كان هناك «مُخبر» يجلس بين الجمهور فى الصالة لتحرير «محاضر آداب» للخارجين على النص بصورة غير لائقة، من وجهه نظره.

من خليفة النجم عادل إمام وسمير غانم؟

- لا يوجد خليفة لهما.

تعرضت لخسائر كبيرة فى عام ثورة يناير.. ولما سرّبوا فيلم "أمير البحار" بعد ساعتين من طرحه حسيت إنى "اتنهبت"

كيف تواصلين عملك كمنتجة سينمائية رغم الصعوبات الحالية فى الصناعة؟

- أنا متوقفة حالياً، لأننى لا أفضل التعامل بعشوائية فى صناعة السينما، فمن المعتاد أننا ننتج أفلاماً بميزانيات ضخمة يتم توزيعها فى منافذ متعددة لجمع العائدات فيما بعد، لكن مع إغلاق الكثير من دور العرض السينمائية العربية، وعدم وجود أجهزة للحماية من «القرصنة»، وتوقف القنوات التليفزيونية عن شراء الأفلام، أصبحت الصدفة تحكم الصناعة، وهو ما لم أعتده طوال الأعوام الماضية.

قلتِ إنكِ لم تنضمى لفريق فيلم «عمارة يعقوبيان» منذ البداية.. هل لديك أدوار أخرى حققت نجاحاً كبيراً رغم عدم وجودك فى «الكاست الرئيسى»؟

- نعم، دور «صافيناز» فى مسلسل «حكايات ميزو»، كان لفنانة كبيرة لكنها خافت من المشاركة بسبب الطابع الشرير للشخصية.

ربيت أولادى "عمر" و"نورهان" بالحنان والقبلات بعكس أمى فكانت نظرتها كفيلة "تقوّمنا من السرير فوراً عشان المدرسة"

إلى جانب التقديم التليفزيونى والإذاعى، أين أنتِ من التمثيل؟

- لا أجد الوقت الكافى رغم وجود بعض الأدوار المغرية، لكننى لا أملك وقتاً كافياً لكل تلك الأنشطة.

لماذا توقفتِ عن الإنتاج؟

- فى عام الثورة مُنيت بخسارة فادحة، وكان علىّ أن أتوقف لفترة حتى لا تتعرض الشركة لخسائر كبيرة، ولم نستطع إيجاد حلول لبعض الأزمات بالصناعة، وهو ما أعتقد أن الدولة تسعى لمتابعته حالياً.

هل سيبادر المستثمرون فى صناعة السينما بدراسة النماذج الأجنبية مثل «نتفليكس» بعد انتهاء أزمة حقوق النشر والتوزيع؟

- بالفعل أجرينا العديد من الأبحاث السوقية بغرفة صناعة السينما، لكن الظروف كثيراً ما تسبقنا، نحتاج إلى دراسة ما يحتاجه المجتمع المصرى لتحديد ما يمكننا إنتاجه والاستفادة منه، فنحن نعمل بميزانيات كبيرة من المفترض أن تجلب الربح فيما بعد، وحين سُرب فيلم «أمير البحار» فى أول ساعتين من طرحه شعرت بأننى نهبت، لكن ما أستطيع التأكيد عليه أننا نتخذ خطوات فى الاتجاه الصحيح، ورغم التعثر أحياناً لكننا نواصل السير بسرعات تفوق الماضى، فيما يختلف الأمر لدى شركة «نتفليكس» الأمريكية لأنها تملك أجهزة حماية للأفلام، وتستهدف جمهوراً اعتاد على دفع تلك الاشتراكات، لكن الجمهور المصرى لم يعتد مبدأ الدفع للمشاهدة.

تجمعنى صداقة قديمة بالفنانة يسرا ومعظم وقتى أقضيه مع "الصحبة اللى بحبها" وهى عائلتى

هل يمكن عودتك للإنتاج بعد فترة؟

- طبعاً، فأنا أبكى حينما أشاهد أفلامى حالياً، لتفكيرى الدائم فى صعوبات الإنتاج التى تعيق تكرار أعمال مشابهة لـ«بحب السيما» و«بنتين من مصر»، وغيرهما من الأعمال التى تروق لجيلنا الذى تربى على الثقافة والأدب والفنون فى حقبة الستينيات، وحرص الطبقة الوسطى بالمجتمع على القراءة للكتاب المصريين والعرب والأعمال المترجمة والذهاب للمسرح.

هل اتبعتِ نهج والدتك الصارم فى تربية ابنيك، أم باللين والفكاهة المعتادة عنك؟

- جمعت والدتى بين الجمال والحزم، فكانت ذات تركيبة غريبة تجعلنا ننبهر بجمالها ولا نعترض على أوامرها، لكننى أميل إلى اللين فى التعامل مع «عمر» و«نورهان»، وأغرقهما بالقبلات وهو ما لم تنتهجه والدتى فى تربيتنا، فكانت نظرتها وحدها كفيلة بتحركنا من السرير فور الاستيقاظ للذهاب إلى المدرسة.

تُعرفين بقوة الشخصية والقدرة على القيادة، فما الذى يشعرك بالخوف أو يدفعك للبكاء؟

- أبنائى بالطبع، فهما صديقاى الدائمان، فضلاً عن شقيقتىّ وابنة أختى وحفيدىّ وزوجى وشريهان، وهم كل ما أملك فى الحياة وأستمتع دائماً بصحبتهم.

ما سر دعمك المتواصل للفنان الشاب محمد الشرنوبى ببرنامج «صاحبة السعادة» حتى بعد طرح ألبومه الأول؟

- فوجئت بصوته فى مسلسل «لا تطفئ الشمس»، وعندما استضفته فى البرنامج طلبت منه الغناء فغنى، واستشعرت موهبته فشجعته على مواصلة الغناء: «حرام ده ابن الشرنوبى وأكيد أبوه حط فيه حاجة»، فيما اعترف الموسيقار عمر خيرت بموهبته الغنائية وجعله فى صدارة الفرقة خلال استضافته بالبرنامج.

كما فعلت المثل مع المطربة نسمة محجوب، طورناها كثيراً وشاركتنا فى مشاريع موسيقية مهمة، إضافة إلى فرقة «أيامنا الحلوة»، استمروا معنا وتطور أداؤهم وأضافوا أصواتاً جديدة غيرت من شكل الفرقة.

ماذا تعلمتِ من صلاح جاهين وسيد مكاوى؟

- قدمت ألبوماً غنائياً معهما بعنوان «عزت الآلاتاوى» فى مطلع الثمانينات، فيما أعترف بالجميل لصلاح جاهين والإذاعى طاهر أبوزيد اللذين طالما ساندانى فى بدايتى.

ما سر طريقتك المختلفة فى الحكى ببرنامجك الإذاعى «زى ما بقولك كده»؟

- أعتمد على شاب يدعى إسلام صالحين فى كتابة البرنامج، فطريقة كتابته تشبهنى كثيراً، وأصبح الشخص الوحيد الذى أثق بكتاباته لأنه يفهمنى جيداً ويعرف ما يمكننى قوله وتأديته بصوتى، ويمكننى التسجيل بدون تحضير أو «بروفة» إذا طالت الحلقة.

مع من تتواصلين من نجوم الفن باستمرار؟

- تجمعنى صداقة قديمة بالفنانة يسرا لكننا لا نتقابل بشكل دورى، وأركز مجهودى مع عائلتى التى أعتبرها «الصحبة اللى بحبها».

هل تتقنين الطبيخ، وما الوجبات المفضلة لأفراد عائلتك فى مائدة عيد الأم؟

- «of course»، أحرص على إعداد الأطعمة التى يفضلونها كالبط المحشو بالبصل، والملوخية، والفتة، والفول المقلى، والكبدة الإسكندرانى، وصينية البطاطس «القرديحى» بالملح والفلفل فقط.

كيف عايشتِ فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر؟

- لم يصبنى القلق، واستمررت فى كتاباتى الساخرة عنهم، لكن أبلغنى أحد الأشخاص أننى أحتل رقم 86 ضمن «قائمة الاغتيالات» التى وضعوها، فسخرت من ذلك قائلة: «ياه لسه بدرى، فيه قبلى عمرو أديب وعادل حمودة»، فيما شعرت بالخوف لمرة واحدة عندما تناوبوا ضرب أحد الأشخاص أمام سيارتى عند أحد الكبارى، فأخفيت وجهى بـ«إيشارب» وتخفيت أسفل الكرسى، فيما عدا ذلك كنت قوية وأقابلهم بملامح حادة تخيف بعضهم.

هل ستعودين لكتابة المقالات من جديد بعد فترة من التوقف؟

- نعم، اعتدت الكتابة بمجلة «الشباب» لأعوام، ثم اتجهت لكتابة المقالات بصحيفة «المصرى اليوم»، وسأعاود الكتابة من جديد لمجلة «7 أيام» خلال الفترة المقبلة.

هل تتابعين مباريات كرة القدم مثل أيام طفولتك، أو تشاهدين مباريات للاعب محمد صلاح؟

- امتنعت عن مشاهدة مباريات كرة القدم منذ هدف مجدى عبدالغنى فى 1990، فعند خروجنا من كأس العالم انفعلت بشدة وكنت فى الشهر الرابع أو الخامس من الحمل، وكنت سأفقد جنينى بسببها، لكنها مرت بسلام، فقررت إنهاء علاقتى بكرة القدم غير أنى أهلاوية بالوراثة، وحاولت مقابلة محمد صلاح فى لندن عند سفرى كأى معجب يرغب فى لقائه.

ما الدور التمثيلى الذى ترغبين فى تقديمه؟

- أريد تجسيد شخصيات تتسم بالطابع العنيف، كدورى فى «عمارة يعقوبيان» لأنها تظهر مساحات إبداعية أخرى لدى الممثل، ولا أرغب فى تقديم أدوار كوميدية لأنها تفتقر للكتابة الجيدة حالياً.

هل اتسمت علاقتك مع الفنانة سهير البابلى فى مسلسل «بكيزة وزغلول» بالتنافس؟

- علاقتنا تشبه شخصيتىّ بكيزة وزغلول تماماً، فهى كانت تنادينى دوماً بلقب «خدامة بكيزة»، وكنت أخبرها أننى خارج التصوير أُدعى إسعاد، وبإمكانى وصف علاقتنا حتى الآن بـ«القط والفار».

تحدثتِ عن اختلاف شخصيتك منذ الطفولة، فماذا عن قصص الإعجاب والحب الأول فى حياتك؟

- لم أشعر بطفولتى لأنى أكبر شقيقاتى، فكنت أترك شقيقتىّ تلعبان وأنشغل فى مراقبة الناس، وكان مصدر إعجابى الأول من عمر الـ12 إلى 14 عاماً هو الفنان صلاح قابيل لأناقته ورزانته، ثم عامل فى محل قصب مجاور للمنزل اعتقدت أنه يشبه الفنان ذاته، وأعجبنى كفاحه، ولما ذهبت لشراء العصير وجدته لا يشبهه، وكانت المفاجأة بعد مرور السنين عندما كتبت مسلسلاً وترشح قابيل لدور فيه، وأخبرته عن حكايات الطفولة فضحكنا معاً، أما زوجى فتقابلنا صدفة عند نافذة الـ«Club house» «لما خبطنا فى دماغ بعض.. والنصيب بقى».

لماذا تفتقر السينما المصرية حالياً لكوميديانات بقوة ممثلات الماضى؟

- لدينا أزمة حقيقية فى الكتابة الكوميدية للنساء، فممثلات الماضى واجهن صعوبات بالغة حتى تمكنَّ من إيجاد أدوار ملائمة لهن، كالفنانة شويكار التى طالما سعت بمساعدة زوجها الراحل فؤاد المهندس للظهور بأعمال جيدة، مثل «سيدتى الجميلة»، و«أنا وهو وهى»، أما الآن فلا توجد كتابات نسائية.

لماذا توقفتِ عن الكتابة الدرامية والسينمائية رغم نجاح تجاربك السابقة؟

- الكتابة للسينما أو التليفزيون تستغرق وقتاً طويلاً، وأنا أحرص فى هذه المرحلة العمرية على العمل والراحة إلى جانب أسرتى دون إهدار للوقت المتبقى من العمر، وأعتز بكتاباتى السابقة لفيلم «المجنونة» المأخوذ عن رواية أمريكية، ومسلسل «بكيزة وزغلول» الذى قوبل فى البداية برفض شديد من قبل متخصص تقييم الأعمال عند المنتج حسين القلا، ووصفه بأنه «عمل رخيص»، لكنى تمكنت من إقناع «القلا» بالمسلسل وأنه قائم على المفارقات والشد والجذب مثل «توم وجيرى» و«لوريل وهاردى».

وفى نفس توقيت تصوير «بكيزة وزغلول»، كان «القلا» ينتج مسلسل «عصفور النار» للكاتب أسامة أنور عكاشة، وهو العمل الذى اتسم بالجدية وحشد عدداً من عباقرة التمثيل، واستغرق تصويره نحو 3 أشهر فى إمارة عجمان، فيما انتهى تصوير مسلسلنا فى 24 يوماً فقط، لكن تجاوزت أصداؤه مسلسل «عصفور النار»، وحظى بردود فعل إيجابية من البلدان العربية، وربح المنتج منه.

هل تعرضتِ لأى من أشكال التنمر خلال رحلتك؟ وكيف تعاملتِ معه؟

- لا أعلم الكثير عن تلك المصطلحات الجديدة، لكن ما أدركه أنه يعنى أن شخصاً ما هزمنى أو انتقص من قدرى، وهو ما أنتظر وقت حسابه وأتسامح معه لاحقاً لكنى لا أنساه، فأنا أكره الظلم منذ الصغر، ولم أفضل أن أكون من الطلاب ذوى الصيت الذائع والمثيرين للانتباه بسبب عدم أخلاقية أفعالهم، فبعضهم كان مصدر شهرته هو السخرية من معلمات المدرسة وآخرين من أقرانهم، لذا كنت أتخذ خطوة للخلف وابتعد عنهم اتباعاً لنصيحة والدتى، ولم يصمد أى من هؤلاء الأشخاص بعد مرور السنين.

ما الأماكن التى تحبين زيارتها مجدداً لاستعادة ذكرياتك فيها؟

- محل إقامتى القديم بعمارة الرمالى فى شارع إبراهيم باشا سابقاً، المُسمى بشارع الجمهورية حالياً، وكنيسة سانت تريز، وألمانيا التى أقمت بإحدى مُدنها لأعوام من طفولتى، وأحياناً أزور تلك الأماكن دون مضايقات من قبل المارة.


مواضيع متعلقة