مبنى تراثي عمره قرن ونصف.. "اللوكاندة الحمراء" تنهار بسبب مياه الصرف

كتب: نرمين عصام الدين

مبنى تراثي عمره قرن ونصف.. "اللوكاندة الحمراء" تنهار بسبب مياه الصرف

مبنى تراثي عمره قرن ونصف.. "اللوكاندة الحمراء" تنهار بسبب مياه الصرف

مبنى تراثى تطل شرفاته على شاطئ البحر بمنطقة المكس غرب الإسكندرية، يميل لونه إلى درجة من درجات الأحمر، لذلك يطلق عليه "اللوكاندة الحمراء"، كان محلاً لتسابق منتجي السينما لتصوير المشاهد السينمائية في تسعينات القرن الماضي، كان آخرها فيلم "الهجامة" للفنانة ليلى علوي والفنان هشام سليم، ولكنه مع الإهمال تدهور حاله وأصبح متهالك مهدد بالانهيار.

"اللوكاندة الحمراء" هكذا أطلق على المبنى الذى كان فندقا قديما يرجع عمره إلى 140 عاماً تقريباً، ويقع على الشاطئ مباشرة، حيث تحول إلى عقار سكني مع مرور الزمن يقطن بداخله 8 عائلات أصبحوا يخشون على أنفسهم من الموت خوفاً من انيهار المبني في أي لحظة، حيث تهالكت واجهته وضربته مياه الصرف الصحي.

وقالت هدى عبد السلام، 70 سنة، حيث تقطن بالمنزل منذ 20 عاماً، إن المبنى موقعه مميز، حيث يرى شاطئ البحر المسمى بـ"ديمتري"، بمنطقة المكس، مؤكدًا أن تهالك المبني بسبب أزمة الصرف الصحي التي ضربت المنزل قبل عامًا والمستمرة نتيجة انسداد المواسير، مردفة: "محدش سكان البيت جمع فلوس عشان الأزمة تتحل، وصاحبه البيت غير موجود".

ويضيف "أحمد محفوظ"، 54 سنة، وأحد القاطنين بالطابق العلوي، أنه تتردد الأقاويل بقيام أحد اليونايين ببناءه، في أثناء فترة الاحتلال الإنجليزي، حتى صُمم في بناءه الغرفات المتعددة بنحو 4 غرف في الشقة الواحدة.

الشقة الواحدة من المنزل، كما يصفها "محفوظ" تحتوي على عدد من الغرفات دون وجود طرقات أو ممشى بداخلها، ما لم تستطع تغيير ذلك النظام البنائي منذ أن امتلك شقة من مالك المبنى.

ويقول "محفوظ" إن المبنى ليس مدرج بقائمة المباني الأثرية التابعة للمحافظة، لأنه ملكية خاصة فيما يحتاج إلى العناية والترميم، موضحا أنه اشترى تلك الشقة منذ سنوات طويلة من صاحبه الذي انقطعت أخباره منذ مدة طويلة.

وأكد "محفوظ"، أنه يسكن بالمبنى 8 عائلات، يمتهن أغلبهم الصيد، والعمل ببيع طاولة السمك، مفترشين طريق المكس بالإسكندرية.

وأوضح الدكتور إسلام عاصم، رئيس جمعية التراث والفنون التقليدية في الإسكندرية، أن المبني يرجع إنشاءه إلى 140 عاما حيث الربع الأخير من القرن الـ19 في عهد سعيد باشا والي مصر الذي يرجع أصله إلى سلالة الأسرة العلوية.

وأضاف "عاصم"، لـ"الوطن"، أن المبنى جرى إنشاءه بواسطة الأخشاب وليس الخرسانات وهو يشبه تصميمه قصر الجزيرة في القاهرة الذي شيده إسماعيل باشا والمعروف بـ"فندق ماريوت" حاليًا، والذي نفذه مهندس نمساوي إذ جرى بناءه بواسطة الأخشاب.

ويردف: "وقتها مكنتش ظهرت الخرسانات، ولكن المهندس النمساوي نفذ نفس التصميم في الخارج بواسطة الخرسانات".

وأشار إلى أن في ذلك الوقت كان يتجه الأجانب واليونانيين إلى مناطق شرق الإسكندرية وبناء الفيلات والعمارات إلا أن الطبقة المتوسطة الأوروبية منهم كانت تتجه إلى مناطق الغرب للسكن بالفنادق، حيث جرى إنشاء المبنى بناء على استضافة الزوار من الأجانب، فيما تقسم الشقة الواحدة إلى غرف صغيرة، مشيرا إلى أنه عرف بـ"اللوكاندة الحمراء" بناء على لون طلاء الواجهة.

وأشار إلى أن الشركة المنفذة له يونانية الجنسية وتدعى "costa company"، ولكن مع تأميم قناة السويس في حكم جمال عبدالناصر، جرى بيع الفندق لمصريين.

وأكد أن القانون المصري يحفظ شأن ﺗﻨﻈﻴﻢ اﻟﻤﺒﺎﻧﻰ واﻟﻤﻨﺸﺂت ﻏﻴﺮ اﻵﻳﻠﺔ ﻟﻠﺴﻘﻮط إذ ينظر إلى تلك المباني كقيمة معمارية وفنية حسب القانون رقم 144 لـ2006، وبناء عليه لا بد من ترميمه، قائلًا: "لو علم المالك أن الدولة ستأتي وترمم المكان وأن ميزانية الترميم تضع كمديونية على الملاك، لبدأ بترميم المبنى"، موضحا أن الأهم من تجميل الميادين هو الحفاظ على المباني التراثية في المدينة الساحلية.

وقال محمد متولى، مدير عام الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في الإسكندرية، أن الموقع لا يتبع الوزارة، ولكنه مدرج ضمن قائمة لجنة الحفاظ على التراث، حيث كان يستخدمه منتجين السينما المصرية في تصوير أفلام الملونة من بينها "الهجامة"، عام 1992، للفنانة ليلى علوي، وهو من تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج محمد النجار، وكذلك أفلام الأبيض والأسود.

وأضاف "متولي" لـ"الوطن"، أن المبنى كان يقيم بها الجاليات الأجنبية لموقعه المميز.


مواضيع متعلقة