جزاءات "الأعلى للإعلام".. عام من الجدل بين ضبط المشهد والمساس بالحريات

كتب: أحمد البهنساوى

جزاءات "الأعلى للإعلام".. عام من الجدل بين ضبط المشهد والمساس بالحريات

جزاءات "الأعلى للإعلام".. عام من الجدل بين ضبط المشهد والمساس بالحريات

منذ تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قبل نحو عامين، ويثور تساؤلا مهما بشأن شرعية القرارات التي يتخذها المجلس ضد المخالفات الإعلامية التي ترتكبها بعض الوسائل من حين لآخر، لا سيما وأنّه لا عقوبة إلا بنص، ما تسبب في حالة من الجدل، بين مدافع استنادا لقانون تشكيل المجلس حينها الذي منحه الحق في التصدي للمخالفات سعيا لضبط المشهد والقضاء على حالة الانفلات الإعلامي، وبين معارض يطالب بلائحة جزاءات واضحة تحدد المخالفة وعقوبتها المقابلة لها دون ترك الموضوع بحسب أهواء رئيس وأعضاء الأعلى للإعلام، حفاظا على حرية الرأي والتعبير والإعلام عموما المكفولة دستوريا.

وفي أبريل الماضي، أصدر المجلس لائحة جزاءات من 19 مادة تتصدى لبعض الجرائم مثل السب والقذف وعدم احترام الرأي الآخر، أو اللغة العربية، وبث أخبار مجهولة المصدر والتحريض على العنف والكراهية والخوض في الأعراض، وتدرجت العقوبات من لفت النظر والإنذار مرورا بعقوبات مالية تصل إلى 250 ألف جنيه، وحتى وقف البث المؤقت "لم تتضمن اللائحة القديمة أي عقوبات تتعلق بوقف البث الدائم كاللائحة الحالية".

{long_qoute_1}

ونصت "اللائحة الملغاة"، على أنّه يجوز للمجلس مضاعفة العقوبة أو إضافة عقوبات جديدة في حالة العود، وذلك بناء على التحقيقات التي يجريها المجلس بمعرفة اللجان المختصة، وبشرط إخطار المخالفين بذلك، كما يجوز للمجلس إحالة ما يراه من مخالفات قد ترقى إلى مرتبة الجرائم الإعلامية إلى السلطات المختصة، ويجوز للمجلس حال حصول الوسيلة الإعلامية على أكثر من 3 إنذارات، أنّ ينظر في أمر سحب ترخيصها أو الاكتفاء بوقف البث مؤقتا، أو سحب ترخيص الطباعة لمدة محددة.

ثم اختتمت ببند ينص على أنّه يجوز للمجلس اتخاذ التدابير الممكنة طبقا للقانون لوقف المخالفات، وذلك ضد الوسيلة الإعلامية، كما يجوز له إلزام الوسيلة الإعلامية بنشر أو إذاعة الرد المناسب للشخص أو الجهة التي تقع عليها أضرارا من الوسيلة طبقا للقانون، وظلت اللائحة مرهونة بموافقة مجلس الدولة، إذ نصت على أنّه "تعتبر اللائحة دائمة بعد اعتمادها من مجلس الدولة".

وبعد صدور القانون رقم 180 لسنة 2018 الخاص بقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تضمن مادة ألغت كل المسودات واللوائح الخاصة بالجزاءات السابقة على هذا القانون، إذ نصت المادة 94 منه على أنّ يضع المجلس الأعلى لائحة بالجزاءات والتدابير الإدارية والمالية التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحفية والمؤسسات الصحفية القومية والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الإعلامية العامة، حال مخالفة أحكام هذا القانون وإجراءات التظلم منها.

وفي يناير من العام الحالي، ظهرت مسودة لائحة الجزاءات التي أقرت مؤخرا ولم تكن تختلف عن اللائحة الملغاة كثيرا، سوى بإضافة "المواقع الإلكترونية وصفحات السوشيال ميديا التي يزيد عدد متابعيها عن 5 آلاف شخص"، تطبيقا لبعض مواد قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وثار الجدل بين المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من ناحية، ونقابتي الصحفيين والإعلاميين المجلس القومي لحقوق الإنسان من ناحية أخرى، وتم تعديل المسودة أكثر من مرة، إذ بدأت بـ21 مادة ثم تقلصت لـ18 مادة دون مواد الإصدار.

{long_qoute_2}

وأخيرا أفصح ملحق الجريدة الرسمية "الوقائع المصرية"، أمس، عن كل تفاصيل اللائحة التي نص قرار إصدارها على اعتبارها شرطا من شروط الترخيص، وأنّ عدم الالتزام بها سببا لإلغائه، كما تضمن قرار الإصدار موافقة قسم التشريع بمجلس الدولة في 13 مارس الحالي عليها، وبناء على ما ارتآه مجلس الدولة، وضمت اللائحة 29 مادة تتدرج العقوبات فيها من لفت الانتباه مرورا بالاعتذار وغرامات تصل إلى 250 ألف جنيه في حالة المخالفات الإعلامية، و5 ملايين جنيه إذا تم الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، وصولا إلى سحب الترخيص وقف البث المؤقت والدائم.

ومنحت اللائحة أعضاء المجلس حق الرصد الذاتي للمخالفات، إضافة إلى لجنتي الشكاوى والرصد، ورغم أنّها استجابت لمطالب نقابتي الصحفيين والإعلاميين في منحهما حق المساءلة والتأديب لأعضائهما، إلا أنّها قررت في المادة 8 ما أسمته تدبيرا وقائيا بمنع ظهور المخالف في وسائل الاعلام لحين الانتهاء من المساءلة التأديبية أمام النقابة المختصة، وضمت اللائحة 9 حالات يتم فيها وقف النشر والبث المؤقت والدائم وهي كالتالي:

المادة 5: مخالفة أحكام القانون واللوائح.

المادة 6: الغش أو التدليس بإعادة بث المادة المخالفة.

المادة 11: البث أو إعادة البث من خارج المناطق الإعلامية المعتمدة دون تصريح من المجلس.

المادة 12: تأجير أو نقل ملكية أو التنازل أو الإنتاج المشترك لأي مساحات للبث للغير دوت تصريح كتابي من المجلس "مع غرامة تصل إلى 5 ملايين جنيه".

المادة 13: مخالفة الدستور والقانون وميثاق الشرف المهني أو نشر ما يدعو للفسق والفجور أو التعرض للأديان أو المذاهب الدينية، "مع غرامة تصل إلى 250 ألف جنيه".

المادة 16: السب والقذف والنيل من الأعراض "مع غرامة تصل إلى 250 ألف جنيه".

المادة 17: نشر أو بث أخبار كاذبة أو شائعات.

المادة 22: عدم الالتزام بقواعد التغطية الصحفية أو الإعلامية للعمليات الحربية.

المادة 23: مخالفة ميثاق الشرف المهني وقرارات الأعلى للإعلام "مع غرامة 250 ألف جنيه".

ورغم صدور حكم من محكمة القضاء الإداري بعدم أحقية المجلس في منع المواطنين من الظهور في وسائل الإعلام، وأنّ سلطة المجلس تقع على الوسائل والعاملين في المنظومة فقط، وهو الحكم الذي طعن عليه المجلس، لكنّ المادة 27 نصت على منع ظهور الإعلامي أو أحد الأفراد في حالة مخالفة ميثاق الشرف المعني أو المعايير التي يقرها المجلس، وارتكاب ما يشكل جريمة جنائية أو التحريض على ارتكابها، وارتكاب إحدى المخالفات المنصوص عليها في القانون واللوائح، واعتبارات الأمن القومي بعدم إثارة الجماهير أو الإضرار بمصالح الدولة.


مواضيع متعلقة