«الجامعة» تصحح مسارها: كتاب موحد لمكافحة «شذوذ التراث»

كتب: سعيد حجازي وعبدالوهاب عيسى

«الجامعة» تصحح مسارها: كتاب موحد لمكافحة «شذوذ التراث»

«الجامعة» تصحح مسارها: كتاب موحد لمكافحة «شذوذ التراث»

تُعد جامعة الأزهر واحدة من أقدم وأعرق الجامعات حول العالم، بعمر يتجاوز الألف عام، وعدد طلابها يصل لنصف مليون، يتوزعون على 88 كلية فى شتى أنحاء مصر، وتُعرّف الجامعة نفسها عبر موقعها الرسمى بأنها جامعة رائدة عالمياً فى تقديم الفكر الإسلامى الصحيح القائم على الوسطية، وتحقيق الجدارة والتميز فى ميدان التعليم الجامعى والبحث العلمى وإعداد الكوادر على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، فى ظل مناخ يتسم بالاستقلالية والحرية والديمقراطية والمساواة، بما يسهم فى خدمة المجتمع وصولاً إلى التنمية المستدامة.

وتتعدد مشاكل التعليم الجامعى فى الأزهر، وأبرزها انتشار الفكر السلفى والإخوانى، فيقول الدكتور حسين عويضة، رئيس هيئة أعضاء تدريس الأزهر: «الطبيعة الدينية للجامعة جعلتها هدفاً هاماً لجماعات الإسلام السياسى، فى إطار الصراع المستمر منذ قرن بين التدين الحركى القائم على استغلال الدين فى السياسة، وتمثله جماعات الإسلام السياسى، والإسلام المؤسسى الذى يمثله الأزهر، ويستند على تقويم الفكر ودعم الإيمان فى نفوس المؤمنين، ودعم الدولة وقضاياها القومية، وتنزيه الدين عن الصراعات السياسية، فقد اشتد الصراع حول الجامعة واستطاعت تلك الجماعات تحقيق نجاحات كبيرة والسيطرة على مناصب هامة ورئيسية داخل الجامعة، وأدت تلك السيطرة إلى تخلف الجامعة عن تحقيق رؤيتها، وظهورها بأسوأ مظهر خلال المواجهة المفتوحة للدولة المصرية مع جماعات الإسلام السياسى، حيث بدا أن تلك الجماعات بلغت قدراتها أبعاداً كبيرة، وهو ما استحق وقفة تطهير كبرى خلال الأعوام الأربعة الماضية، جرى فيها إبعاد قيادات تلك الجماعات وإقصاؤهم بعيداً عن الطلاب».

"عويضة": "الإخوان والسلفية" أكبر العقبات.. والمتحدث: نواجه أى فكر مخالف بحسم.. وفصلنا العديد من الطلاب وأساتذة الجماعة الإرهابية

وثانى أكبر مشاكل الجامعة، بحسب تصريحات «عويضة» لـ«الوطن»، هى تراجع مستوى العملية التعليمية، ما جعل الخريج الأزهرى يبدو فى صورة أقل من خريج التعليم العام، فلا إقبال عليه من قبَل جهات العمل، كذلك غياب الاستقرار عن الجامعة يُعد كارثة كبرى، فجميع قيادات الجامعة منذ 4 سنوات منتدبون، حتى صار الانتداب هو الأساس، وهو حال جميع العمداء ورؤساء الأقسام ونواب رئيس الجامعة ومديرى الكليات والإداريين، وهو ما يعطل عن التفكير الصحيح، حيث لا يرى المنتدب نفسه سوى ضيف لا يحق له التفكير أو التخطيط، وإنما منفذ أوامر ينتظرها باستمرار من شخص واحد بالمؤسسة، ما يجعل الجميع أسرى هذا الشخص، مضيفاً: «نتمنى زوال تلك السياسات الإدارية الفاشلة بعد غياب هذا الشخص عن المشهد، وتحتاج كتب الجامعة الدراسية إلى تفكير عميق».

من جهته، قال الدكتور أحمد زارع، المتحدث باسم الجامعة، إنهم يسيرون فى طريق التصحيح، رافضين أى فكر متطرف، وأى تجاوز، بحيث يتم إحالة صاحبه إلى التحقيق، مضيفاً: «لا تستُّر على فساد فكرى أو إدارى، وحذرنا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والدكتور محمد المحرصاوى رئيس الجامعة، بأنهما لن يسمحا بوجود أى فكر غير أزهرى فى المؤسسات التابعة للأزهر، وتمت ترجمة هذا التحذير بفصل العديد من أساتذة وطلاب الجماعة الإرهابية من الجامعة، ما ساهم فى استعادة زمام الأمور وفرض الهدوء بالجامعة».

وتابع: «الجامعة نجحت فى مواصلة جهودها الملموسة لتطوير التعليم الجامعى، سواء فيما يتعلق باستحداث أنظمة التعليم الإلكترونى لمواكبة التطور التكنولوجى، وتحقيق معايير الجودة العالمية، وهو ما أهّلها لتصدُّر التصنيف الأفريقى للجامعات، واحتلال مراكز متقدمة فى عدد من التصنيفات الدولية، كما جرى تطوير النظام الإدارى وميكنة أعمال الامتحانات والكنترولات بما يضمن الارتقاء بمستوى الأداء، فضلاً عن الاضطلاع برسالتها العلمية والدعوية والاجتماعية والإنسانية من خلال كلياتها فى مختلف المحافظات، ورفع مستوى خريجيها المنتشرين فى الداخل والخارج، ويسهمون فى ترسيخ الفهم الحقيقى للدين الحنيف، وفق منهج رصين يجسد صحيح الإسلام بتعاليمه السمحة».

تقرير جامعى: إطلاق تجربة الكتاب الإلكترونى.. وإنشاء قاعدة بيانات رقمية للرسائل العلمية.. وتطبيق منظومة الجامعة الذكية

وأكد حسام شاكر، المنسق الإعلامى للجامعة، استمرار عملية تطوير المناهج التعليمية فى مختلف الكليات بما يجمع بين التراث والمعاصرة، كما تستمر اللجان العلمية الدائمة فى المراجعة الدقيقة للمحتوى العلمى المقرر على الطلاب، بما يضمن التطوير المتواصل للمناهج الدراسية وتلبية احتياجات العصر، وخدمة رسالة الأزهر، مضيفاً: «أنتجنا محتوى علمياً موحداً بالكليات والأقسام الشرعية المتناظرة فى القاهرة والأقاليم، شارك فى إعداده وتدقيقه كل أعضاء هيئة التدريس المختصين، حتى يتم التوافق مع توصيف كل مقرر دراسى وأهدافه، والمساهمة فى تحقيق تكافؤ الفرص بين الطلاب».

واستطرد: «بدأت الكليات العملية العام الحالى، كالطب والهندسة والعلوم واللغات والتجارة، بتدريس مادة الفقه ضمن مقرر دراسى لكل قطاع، يتضمن ما يحتاج الطلاب معرفته من القضايا المعاصرة، فمثلاً فى الطب تعالج مادة الفقه قضايا تشريح الجثث، نقل الأعضاء، بنوك الأجنّة، تأجير الأرحام، وهدايا شركات الأدوية، وغيرها، إضافة إلى أخلاقيات المهنة والعلاقة بين الأطباء والمرضى».

كما أطلقت الجامعة، بحسب «شاكر»، تجربة الكتاب الإلكترونى فى بعض المواد الدراسية العام الحالى من دون إلغاء الكتاب الورقى، وتم نشره على الموقع الإلكترونى للجامعة، ويجرى تقويم هذه التجربة للتأكد من كونها فى مصلحة الطلاب، قبل إقرارها بالكليات الأخرى.

وفى تقرير لجامعة الأزهر، أكدت أنها تعمل على التحول إلى نظام «الجامعة الذكية»، فدشنت عدداً من البرامج الإلكترونية داخل قطاعات الجامعة المختلفة، مثل تدشين منظومة التحصيل الإلكترونى للتيسير على الطلاب، ومنعاً للتكدس والزحام على منافذ سداد الرسوم بالكليات، كما أطلقت المرحلة الأولى من ميكنة أعمال الكنترولات لضمان المزيد من الشفافية، ونظمت برنامجاً لأعضاء هيئة التدريس للتدريب على وضع أسئلة الامتحانات والتصحيح إلكترونياً للمساهمة فى قياس المستوى التعليمى الحقيقى للطلاب، كما أطلقت البرنامج التدريبى فى مهارات الحاسب الآلى للمكفوفين بهدف تأهيلهم لأداء امتحاناتهم إلكترونياً.

وأتاحت الجامعة «التعلم اللامركزى» عبر «الفيديوكونفرانس» فى القاهرة وأسيوط، بمرحلة الدراسات العليا فى مختلف القطاعات التعليمية، ورشحت أكفأ الأساتذة للتدريس، ومن المقرر عقد الامتحانات وأعمال التصحيح «لا مركزياً» من خلال اللجان العملية المختصة ضماناً للشفافية، كما بدأت فى إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية بكل الرسائل العلمية المسجلة فى مختلف التخصصات، لتصبح متاحة على «الإنترنت» اعتباراً من العام الجامعى المقبل. واتساقاً مع رؤية الأزهر نحو التطوير الشامل والمستمر للتعليم الأزهرى، حرصت الجامعة على الارتقاء بمستوى جودة التعليم الجامعى، وبلغ عدد الكليات الحاصلة على الجودة والاعتماد ١4 كلية.

وأدخلت الجامعة ٧ رغبات جديدة إلى تنسيق القبول، هى: قسم رياض الأطفال بكلية الدراسات الإنسانية بتفهنا الأشراف، وفصول التربية الرياضية بالخانكة التابعة لكلية التربية الرياضية بالقاهرة، وفصول الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالفيوم شعَب: أصول الدين، والشريعة الإسلامية، واللغة العربية، والشريعة والقانون، وقسم اللغة اليابانية وآدابها بكلية اللغات والترجمة للبنين بالقاهرة، وقسم الشريعة والقانون بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة، وقسم رياض الأطفال بكلية التربية للبنات بأسيوط، وقسم الدراسات الإسلامية باللغة الصينية بكلية اللغات والترجمة للبنين بالقاهرة، وتم تحويل فصول الطب والصيدلة بأسيوط، وفصول الطب للبنات بدمياط إلى كليات، وتحويل شعبة التربية بكلية الدراسات الإنسانية للبنات بالقاهرة إلى كلية التربية للبنات بالقاهرة.

وحرصت الجامعة خلال عام 2018 على التوسع فى الأنشطة الطلابية العلمية والثقافية والاجتماعية والرياضية، بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات والهيئات المعنية، بما يسهم فى اكتشاف المواهب، ورعايتها، وتنميتها، وتأهيلها للإسهام بفاعلية فى خدمة الوطن، واحتضنت الدورة القمية لشباب الجوالة بالجامعات، كما استضافت الندوة التثقيفية العاشرة للقوات المسلحة، وغيرها من الفعاليات التى تعزز روح الولاء والانتماء للوطن، إضافة إلى المعسكرات البيئية التى تستهدف التوعية بمقومات التنمية المستدامة، والمعارض الخيرية للملابس المجانية، وللمرة الأولى يُقام معرض دائم للكتاب بجامعة الأزهر لتوفير الكتب للطلاب بأسعار مخفضة.

وتصدّرت جامعة الأزهر التصنيف الأفريقى للجامعات العام الحالى، وضم 14 جامعة أفريقية، تمثل كل الأقاليم الجغرافية الخمسة بالقارة، كما تقدم ترتيب الجامعة فى التصنيف الإنجليزى العالمى الأشهر «Qs» سبتمبر ٢٠١٨، ويشمل تقويم أكثر من 30 ألف جامعة حول العالم، وجاءت ضمن 6 جامعات مصرية فقط ظهرت فى هذا التصنيف، وتقدم ترتيبها عربياً 9 مراكز عن العام الماضى، إضافة إلى أنها جاءت ضمن أفضل ٥ جامعات مصرية، وكذلك ضمن أفضل 10 آلاف جامعة على مستوى العالم فى التصنيف الأمريكى «us news»، وظهرت لأول مرة فى تصنيف «تايمز» الإنجليزى للجامعات العالمية «THE»، كما تقدم ترتيب الجامعة بتصنيف «webometrics» الإسبانى للمواقع الجامعية، وتجاوز ترتيبها أكثر من ٣٠٠ جامعة فى عام واحد، بعدما أنشأ مكتب التميز الموقع الإلكترونى الجديد للجامعة، بمراعاة معايير التصنيف العالمية.

ووقعت جامعة الأزهر فى عام 2018 عدة اتفاقيات للتعاون مع الجهات العلمية الدولية المختلفة، من أهمها اتفاقيات التعاون مع جامعة فريدريك ألكسندر إيرلانجن بألمانيا، ووزارة الشئون الإسلامية الموريتانية، والمعهد العالى للدراسات والبحوث الإسلامية بموريتانيا، والمعهد الفلمنكى فى هولندا، إضافة إلى توقيع مذكرتَى تفاهم مع مركز الإمام البخارى للبحوث العلمية وأكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية فى أوزبكستان، بما يسهم فى تبادل الخبرات العلمية والثقافية، وترسيخ التكامل الحضارى فى خدمة الإنسانية. ووقعت الجامعة العديد من بروتوكولات التعاون مع الجهات المصرية المعنية لنشر وتشجيع ثقافة ريادة الأعمال، والبحث العلمى والإبداع والابتكار، والعمل الحر بين الطلبة والخريجين، لفتح آفاق رحبة للطلاب تجعلهم قادرين على إقامة وإدارة مشروعات متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر، خاصة التى تعتمد على الأفكار الابتكارية، وتطوير المشروعات القائمة بما يؤهلهم للإسهام الفعال فى دعم جهود التنمية المستدامة، وحل مشاكل المجتمع المحلى، والارتقاء بمستوى جودة الحياة.

مصادر: شيخ الأزهر بدأ حملة كبرى للتصحيح بتعيين عمداء رسميين لجميع الكليات بدلاً من "الانتداب"

من ناحية أخرى، أكدت مصادر بالمكتب الفنى لشيخ الأزهر أن «الطيب» يخوض حركة تصحيح أوضاع داخل المشيخة والجامعة، وأن فكرة القيادى المنتدب التى تثير غضب واستياء كافة قيادات الجامعة، وتظهرها فى شكل مسىء وغير مستقر أمام المجتمع العلمى، ستنتهى خلال أسابيع قليلة، مشيرة إلى تكليف الإمام الأكبر بإعادة النظر فى كافة عمداء الكليات وقيادات الجامعة، لرفع أسماء المتوافق عليهم لرئيس الوزراء، تمهيداً لاستصدار قرارات تعيين بهدف دعم القيادات ودفعهم إلى العمل بلا قلق.


مواضيع متعلقة