سامى خشبة مديراً لمعهد العالم العربى فى باريس

فى إحدى زياراته لباريس طلب منى الناقد الراحل سامى خشبة أن أتصل بإدغار بيزانى، رئيس معهد العالم العربى فى ذلك الوقت، وحدد الرجل معه موعداً على الغداء فى أحد المطاعم القريبة من المعهد، وفى الموعد المحدد ذهبنا، الناقد سامى خشبة وأنا، للقاء إدغار بيزانى الذى اصطحب معه بدر الدين عرودكى، مترجم كتاب «معك» لسوزان طه حسين إلى اللغة العربية، وعلى الغداء وعلى الطريقة الفرنسية بدأ السيد بيزانى حديثه عن ضرورة أن يشغّل أحد المثقفين المصريين موقع مدير معهد العالم العربى (والمعروف أنه بحسب الدستور المُنظم للعمل فى المعهد أن يكون لفرنسا أن تشغل منصب الرئيس، باعتبار أن 51٪ من رأسمال المعهد لفرنسا، وللجانب العربى منصب المدير باعتبار أن 49٪ رأسمال المعهد للعرب).

وقال السيد بيزانى إنه لا يُعقل ألا يشغل أحد المثقفين المصريين هذا الموقع، ومصر كما نعرف على علاقه طيبة بفرنسا، ناهيك عن أنها بلد طه حسين نفسه، وأضاف الرجل قائلاً: لقد خاطبتُ وزارة الثقافة وكذلك وزارة الخارجية فأرسلتا لى اسم أحد السفراء السابقين، وغاب عن بالهم أن هذا المنصب ثقافى وليس سياسياً، وهنا اقترح الرجل اسم سامى خشبة، وقال: لماذا لا تشغل شخصية مثلك هذا المنصب وكلنا يعرف دورك الثقافى فى مصر منذ سنوات؟ يا صديقى هذا المنصب خال وينتظرك أنت ونظراءك من مصر وهم كثرُ، هنا استشعر الناقد سامى خشبة الحرج، وقال فى ثبات إن هذا الترشيح يجب أن يأتى من كبار المسئولين فى مصر سواء فى وزارة الثقافة أو فى وزارة الخارجية، وهنا تحدث السيد عرودكى قائلاً: إن مصر مليئة بالمثقفين فلماذا الإصرار على إرسال دبلوماسى مصرى، فالجامعات ومراكز الأبحاث مليئة بكبار رجال الثقافة وهى فرصة يجب ألا تضيع من مصر.

وعلمنا فيما بعد أن السيد بيزانى خاطب الخارجية المصرية مؤكداً أن هذا المنصب ثقافى بامتياز وليس سياسياً، فأرجوكم ابعثوا إلينا بأحد رجال الثقافة ولكم حرية الاختيار شرط أن يكون سريعاً فالأمر جدُ عاجل، إلا أن الخارجية المصرية أصرت على ترشيح السفير عبدالحميد بدوى للمرة الثانية ورفضت اقتراح ادغار بيزانى، وكانت الفكرة الحاكمة إنسانية بامتياز، فالسفير بدوى لا غبار عليه وهو من كبار رجال الدبلوماسية فى الخارجية المصرية، لكنه مريض بالسرطان ووجوده فى باريس بالقرب من معهد جوستاف روسى للأورام المعالج هو أمر مهم، لذلك كان ترشيحه بهذه الدرجة من الإصرار.

لقد وجدتْ السلطات الفرنسية إلحاحاً غير مبرر من وجهة نظرها من جانب السلطات المصرية، فأقلعت عن ترشيح أحد المصريين واعتذرت لطه حسين عميد الأدب العربى وطلبت من المغرب ترشيح أحد مثقفيها، فبعثت بالفعل محمد بنونة أستاذ الأدب العربى بجامعة محمد الخامس ليكون مديراً لمعهد العالم العربى.