أكاديمية الشباب للعلوم .. انطلاقة جديدة نحو المستقبل
لقد سعدت أيما سعادة بإطلاق أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، لمشروع أكاديمية الشباب المصرية للعلوم، وهو حلم بدأ في عام 2009، وتبنى هذا المشروع الأستاذ الدكتور محمود صقر القائم بأعمال رئيس الأكاديمية حاليًا ونائب رئيس الأكاديمية سابقًا، وسعي إلى إطلاقه منذ التحاقه بالعمل بالأكاديمية للمرة الأولى في 2009م نائبا لرئيس الأكاديمية، وشرفت بمشاركة الأفكار مع قيادات الأكاديمية لوضع تصور له عندما كنت أعمل في أكاديمية البحث العلمي مشرفًا على قطاع التنمية التكنولوجية والخدمات العلمية، تحت قيادة الأستاذ الدكتور/ محمد طارق حسين رئيس الأكاديمية في ذلك الوقت.
وستكون الأكاديمية المصرية الوطنية للشباب مستقلة تمامًا عن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وهي الهيئة الحكومية المصرية المسؤولة عن النشاطات العلمية والتكنولوجية، والتي لديها رؤية استراتيجية للبحث العلمي في مصر، وسيتمكن أعضاؤها من التعبير عن آرائهم بحرّية.
ويمثل هذا المشروع قناعة الدولة المصرية، وقيادات البحث العلمي بالبحث العلمي وبالشباب وهو نافذة جديدة احترافية لتمكين شباب العلماء من المشاركة في وضع الخطط والسياسات البحثية والاولويات في منظومة العلوم والتكنولوجيا المصرية.
وفى حقيقة الأمر تعددت المحاولات لإطلاق هذا المشروع، ولكنه للأسف تعثر لأكثر من أربع سنوات بسبب الظروف السياسية غير المستقرة التي مرت بها البلاد، ولهذا فقد سبقه للخروج إلى حيز الوجود مشروع الأكاديمية العالمية لشباب العلماء، في عام 2010 لدعم ممتهني العلوم ومساندتهم في مرحلة مبكرة من حياتهم العملية في جميع أنحاء العالم، ولمخاطبة الحكومات وأعضاء المجتمع العلمي الأوسع.
الأكاديمية العالمية لشباب العلماء
تأسست الأكاديمية العالمية لشباب العلماء عام 2010، وتعيّن الأكاديمية أحدَ العلماء من البلدان المتقدمة وآخرَ من بلدٍ نامٍ بصفتهما رئيسين مشاركين في أي وقت من الأوقات. ويؤمّن هذا الأمر للأكاديمية تمثيلا متوازنا للمشكلات التي تواجه العلماء الشباب في معظم أنحاء العالم، لوضع التحديات التي يتصدى لها باحثو المنطقة الناشئون في دائرة الضوء.
ويذكر أن الدكتور سامح سرور الأستاذ بكلية الصيدلة في جامعة حلوان، قد فاز بمنصب رئيس الأكاديمية العالمية لشباب العلماء العام المنصرم 2013م، وذلك بعد اجتماع الجمعية العمومية للأكاديمية التي تضم أعضاء يمثلون أكثر من خمسين دولة بالعاصمة الألمانية برلين. وتمكن المرشح المصري بمساندة الأعضاء من مختلف الدول العربية والعديد من الدول النامية والغربية من حسم نتيجة الانتخابات والفوز على منافسيه لشغل رئاسة الأكاديمية، كأول مصري وعربي يصل لهذا المنصب.
وكان الدكتور سامح سرور قد عاد لأرض مصر بعد أكثر من عشرة سنوات قضاها في عدة دول أوربية حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من ألمانيا ثم التحق بالعمل كباحث في بلجيكا في أحد معامل البيولوجيا التركيبية، وعاد إلى مصر بعد هذه السنوات في محاولة لنقل ما اكتسبه من خبرات لشباب الباحثين المصريين.
ويقول سرور: "لا يمكن للأكاديمية العالمية لشباب العلماء أن تتدخل مباشرة في السياسات الوطنية للعلوم"، وهذا هو السبب الذي يجعلها تساعد أعضاءها على إعداد أكاديميات وطنية للشباب (NYA) في بلدان مختلفة؛ لمحاولة التأثير على الحكومات الوطنية لمعالجة القضايا التي تحظى باهتمام الباحثين الشباب. وقد تم حتى الآن إنشاء 27 أكاديمية وطنية مختلفة للشباب. وتعمل الأكاديمية العالمية لشباب العلماء على التنسيق بين مختلف الأكاديميات الوطنية للشباب؛ لتسهيل التعاون العلمي عبر الحدود.
ووفقا لسرور، يتوقع أن الأكاديمية العالمية لشباب العلماء يمكنها أن تشجِّع مزيدًا من الدول العربية على المشاركة؛ حيث "تضم الأكاديمية العالمية لشباب العلماء أعضاء من كلٍّ من مصر والأردن والمغرب وتونس والسودان".
ويؤكّد سرور أن الإنجاز الأكثر أهمية في الأكاديمية العالمية لشباب العلماء حتى الآن هو الحصول على اعتراف بها كمنظمة وبأعضائها في جميع أنحاء العالم. ومن شأن ازدياد عدد أعضائها من العرب أن يدعم صوت العلماء الشباب العرب. ولكنه يؤكد أن الأكاديمية العالمية لشباب العلماء تبقى هيئة استشارية يمكنها فقط تقديم اقتراحات.
وتجدر الإشارة إلى أن الأكاديمية العالمية لشباب العلماء والتي تضم أكثر من ١٥٥ عضو من مختلف دول العالم تحظي برعاية اتحاد الأكاديميات العالمي (اي ايه بي) والأكاديمية الألمانية للعلوم (ليوبولدينا)، وأكاديمية براندنبورج ببرلين، حيث يقع مقر الأكاديمية في مدينة برلين، ويترأسها عضوان منتخبان، ويتشارك في رئاسة الأكاديمية مع الدكتور سرور، الدكتور ريس قاسن الأستاذ بجامعة أوتاوا في كندا والذي أعيد انتخابه للعام الثاني علي التوالي.
أكاديمية الشباب المصرية للعلوم
وأكاديمية الشباب المصرية للعلوم، Egyptian Young Academy of Science (EYAS) هي أكاديمية افتراضية في الوقت الحالي، مقرها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بمصر وتشتمل على خمس لجان علمية في (العلوم والسياسات التكنولوجية، وتنمية الابتكار والاختراع، والعلوم الاجتماعية والإنسانية، والعلوم والمجتمع، والتكنولوجيات الناشئة). وتأتى هذه الأكاديمية في إطار برنامج اتحاد الأكاديميات العالمي الذي يحتضن هذه الفكرة بهدف إشراك الشباب الباحثين في وضع تنفيذ الخطة الاستراتيجية الوطنية للعلوم والتكنولوجيا واستحداث الجديد في المجالات البحثية، وخلق صف ثان من الجيل الجديد لقيادة إدارة البحث العلمي. كما تهدف أكاديمية الشباب إلى إتاحة الفرصة لشباب الباحثين للالتقاء بنظرائهم من دول العالم للتعرف على مختلف الثقافات لتبادل المعرفة العلمية والخبرات التكنولوجية من خلال حضور المنتديات وحلقات النقاش العلمية.
كما تهدف هذه الأكاديمية إلى تعليم الشباب أصول الإدارة ونشر الثقافة العلمية والتعلم الغير رسمي للشباب بين كافة فئات المجتمع، وتشجيع وتنمية الابتكار كاداه لتطوير الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة، وإرشاد ومساعدة شباب الباحثين وحديثي التخرج للتنافس على المنح الدراسية والبحثية والتنافس على الحصول على الجوائز الإقليمية والدولية.
وتعتمد اللائحة التنفيذية لأكاديمية الشباب المصرية على انتخاب أفضل الكفاءات العلمية المصرية الشابة، وذلك طبقًا للمعايير المعمول به دوليا، وسوف يتم عرض هذه المعايير بكل وضوح عند فتح باب التقدم، ويستطيع المتقدم حساب درجاته بنفسه، وبالتالي معرفة ترتيبه على مستوى مصر والعالم مقارنة بزملائه في نفس المجال.
ومن هذا المنطلق فإن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا دعت إدارات المراكز البحثية والجامعات للمساعدة في اختيار شباب الباحثين المناسبين لعضوية الأكاديمية الجديدة الناشئة، وتسعى الأكاديمية لاختيار شباب الباحثين من مختلف العلوم الطبيعية والإنسانية، بحيث لا يزيد سن المرشح عن 40 عاما، وأن يكون للمرشح مساهمات بحثية متميزة، ومساهمات في الإدارة التعليمية أو البحثية وأن يتمتع بالقدرة على القيادة. وأن يتمتع بمهارات الاتصال وإجادة التحدث باللغة العربية وأحد اللغات الأجنبية، والقدرة على وضع السياسات والاتصالات العلمية والبرامج البحثية. وأن يكون له علاقات علمية دولية ذات صفة التطوير المستمر.
وعقد قادة أكاديمية البحث العلمي في مصر عدة اجتماعات مع المدير التنفيذي لأكاديمية الشباب العالمية، ووفد اكاديمية الشباب الألمانية، وغيرهم لمناقشة الخطوات التنفيذية لإطلاق أكاديمية الشباب المصرية للعلوم، وأخيرًا تحقق هذا الحلم، بعد إعلان وزير البحث العلمي الأستاذ الدكتور/رمزى استينو عن انطلاق الأكاديمية. وقال الوزير خلال الاجتماع الذي عقده مجلس أكاديمية البحث العلمي مؤخرًا: "إن مشروع أكاديمية الشباب يمثل قناعة الدولة المصرية بالبحث العلمي وبالشباب، وهو نافذة لتمكين شباب العلماء المتميزين من المشاركة في وضع الخطط والسياسات البحثية والأولويات في منظومة العلوم والتكنولوجيا المصرية من خلال الانضمام لعضوية هذه الأكاديمية وفى تشكيلاتها العلمية".
وأكد الوزير أن رسالة أكاديمية الشباب جزء من رسالة أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا الأم، وتتمثل في خلق وتهيئة بيئة داعمة ومشجعة للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في مصر، مشيرا إلى أن الرؤية المستقبلية لأكاديمية الشباب تتمركز في أداء دور رائد وحيوي وفعال لشباب الباحثين المصريين في منظومة العلوم والتكنولوجيا المصرية، وخاصة ربط البحث العلمي بالمجتمع من أجل إحداث تنمية مستدامة قائمة على العلوم والتكنولوجيا.
ونتمنى أن تكون الأكاديمية المصرية للشباب في العلوم بداية انطلاقة جديدة نحو المستقبل لتعزيز البحث والتطوير في مصر وتشجيع التواصل والتعاون بين العلماء المصريين مع كل من علماء المهجر من المصريين، والعلماء الدوليين.
* أستاذ التقنية الحيوية المساعد كلية العلوم والآداب ببلجرشي جامعة الباحة-المملكة العربية السعودية
متخصص في الوراثة الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية-قسم النبات، كلية العلوم، جامعة القاهرة