"حبوا الكلاب تحبكوا".. خبراء يؤكدون: "شراسة الكلب سببها الإنسان"

كتب: أسماء نبيل

"حبوا الكلاب تحبكوا".. خبراء يؤكدون: "شراسة الكلب سببها الإنسان"

"حبوا الكلاب تحبكوا".. خبراء يؤكدون: "شراسة الكلب سببها الإنسان"

أثارت الكلاب الجدل الفترة الماضية من جميع الجهات، فتارة بسبب الحوادث التي تسببت في وقوع ضحايا قتلى ومصابين بسبب الهجوم عليهم، وتارة من قبل مناقشة البرلمان لأزمة الكلاب الضالة في الشواع.

وقال الدكتور ربيع فايد أستاذ رعاية الحيوان بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، رئيس الجمعية المصرية لرعاية الحيوان، إن الكلاب الضالة غير شرسة، وإنما صدور بعض الحركات من قبل الأطفال أو الناس في الشوارع هو من يجعل الكلب أكثر شراسة تجاهها.

وأوضح فايد لـ "الوطن" أنه لا بد من المار أمام الكلب أن يلتزم بثبات انفعاله، وألا يشعر الكلب بأنه خائف أو متوتر، لأن قبل أن يشم الكلب رائحة هرمون "الأدرينالين" النابعة من الشخص الذي يفرزه عند تعرضه للخوف والتوتر، فهو يدرك لردود الأفعال الشخصية التي تدل على خوف الإنسان منه، وذلك من خلال الصورة الشخصية التي يراها من تصرفات الشخص أمامه، والتي تتمثل في: العض على لسانه،  ونظراته الطويلة للكلب، ورجوعه للوراء بشكل مفاجيء فور رؤيته للكلب.

فيما أوضح أن الكلب بالأساس يخاف من الإنسان، وأي حركة تصدر من الإنسان أو الطفل تعبيرًا عن خوفه، تقلق الكلب وتشعره بأن هذا الشخص سيقوم بالهجوم عليه، مما يدفعه للقيام بحركات شرسة من أجل الدفاع عن نفسه.

وأشار فايد إلى أن بعض الحركات الاستفزازية للكلب والتي يعتبرها البعض هزارًا، كضربه بالحجارة أو معاكسته وتقليد صوته، أو أشياء من هذا القبيل، فهي تثيره أيضًا وتجعله يقوم برد فعل معاكس فيقوم بمهاجمة الشخص، حتى لو هذا الكلب غير متسم بالهجوم والشراسة.

وأضاف الدكتور أن أفضل طريقة للوقاية من الكلاب هو البعد عن تجمعاتها والتي تتمركز في الفراغ بين المباني، والمساكن المهجورة، وفي تجمعات القمامة، لافتًا إلى أنه لابد من توعية الجميع لاسيما الأطفال، بعدم القرب من الكلاب طالما لم يتعرضوا لهم، وإن حدث وبادر هو بالقرب فعليه أن يتعامل بطبيعته دون الخوف منه أو استفزازه حتى لا يجلبوا الأذى لأنفسهم.

وأكد فايد أنه حال عض الكلب للشخص، فأقصى مدة ينتظرها هي يوم واحد فقط من أجل ذهابه للطبيب، وأخذه المصل وحقن ضد السعار، مشيرًا إلى أنه لا يجب أن يُستهان بحجم العضة وكيفيتها وهل سببت نزيف أم لا، فلابد من العجلة وسرعة الذهاب للطبيب.

وأشار الدكتور إلى أن مكافحة الكلاب، تحتاج لمشروع قومي تتبناه الدولة، متمثلة في وزارة الزراعة وهيئة الخدمات البيطرية، بالتعاون مع المراكز البحثية والكليات، موضحًا أن هذا المشروع بحاجة لتمويل ضخم، لعمل بدائل عن السم والقتل.

وقال إن الحل الوحيد المتوافر والبديل عن القتل، هو "إخصاء" بعض الكلاب الضالة ومنعها من التكاثر، لوقف زيادتها وانتشارها في الشوارع، لافتًا إلى أن هذا الحل لن يؤثر على التوازن البيئي في شيء لأنه لن يطبق على جميع أنواع الكلاب بل المؤذي منهم.

ومن جانبه، قال محمد الدسوقي مدرب حيوانات بأكاديمية "Dogs Academy" إن الكلاب الضالة ثروة يجب علينا استغلالها بعدة طرق آدمية، فضلا عن القتل أو السم أو التصدير، فيمكن أن يتبناها الأشخاص بدلا من صرف مبالغ كبيرة على الكلاب باهظة الثمن، مضيفًا أن الأكاديمية تطوعت بتشجيع الناس على تلك الفكرة، بأن يتم تدريب تلك الكلاب مجانًا لكل من تطوع وتبناها، مؤكدًا أن الأمر لا يختلف كثيرًا عن شراء الكلب، فسيتبنى الكلب في عمر صغير و يقوم بتطعيمه ومن ثم تدريبه كما كان سيفعل بالكلب الغالي الثمن.

ولفت الدسوقي إلى أنه مع الأسف، نشأ الناس على فكر معين يعتمد على مظهر الكلب وغلاء سعره والتباهي به، دون النظر إلى الأمر من منظور مختلف في مصلحة الكلاب ومصلحتهم.

وأضاف الدسوقي لـ "الوطن" أنه يجب على من ينوي شراء كلب، دراسة كيفية التعامل مع الكلاب وكيفية تهيئة الكلب لظروف العيش عنده، ومن ثم تدريب الكلب وتهيئته جيدًا على ظروف المعيشة للشخص بعد شرائه.

فيما أشار إلى أن الكلب كالطفل الصغير، يتأثر بطبيعة المنزل الذي يعيش فيه وبطبع الناس الذي يعاشرهم، مؤكدًا أن المالك للكلب عليه اتباع التعليمات التي تمكن الكلب من التكيف مع البيئة التي سيتربى بها.

ويذكر مدرب الحيوانات أن قبل أي شيء، على المالك للكلب أن يعوده على التعامل مع الناس ورؤية وجوههم بشكل دوري، حتى يكون لديه نوعًا من الاجتماعية مع الناس ولا يستعجب من وشوشهم، مشيرًا إلى أن واقعتي مدينتي والتجمع، خير دليل على أن تلك الكلاب غير مدربة جيدًا على التعامل مع الناس، وغير مدربة على الطاعة التي تعد من أساسيات تربية الكلب في المنزل وتدريبه.

وقال إنه لا يجوز لمالك الكلب أن يتركه بدون السلسة التي تربط حول رأسه أثناء السير معه، موضحًا أن الكلب يرى أيًا من يتحرك لعبة يريد أن يلعب معها وليس قصده أن يهاجمها حد الأذى، وطريقة لعبه تشمل الفم والأسنان مما يسبب الأذى للإنسان.

وناشد الدسوقي، الدولة، بضرورة عمل ترخيص لمالك الكلب، بخلاف الترخيص الذي يستخرج عقب تطعيم الكلب من السعار، لافتًا إلى أن هذا النظام متبعًا في الدول المتقدمة والتي تجيد ثقافة التعامل مع الحيوانات، التي نادرًا ما نرى فيها مشاكل بسبب الكلاب، وحال رؤية المسؤولين لجهل المستخدم في التعامل الكلب، يتم سحبه منه على الفور، وإلزامه بعدم تربية الكلاب مرة أخرى.

وأوضح أن هذا الترخيص يشتمل على امتحان منه جزء نفسي، وجزء آخر للمالك نفسه، لتقييم أدائه في أصعب المواقف التي يمكن أن يتعرض لها مع الكلب، وذلك عقب دورة تدريبية للمالك، قائلاً إن ليس كل الناس يدركون كيفية التعامل مع الكلاب حتى تحد خطورته، وأن الكلب مثل السلاح، لابد من مالكه أن يجيد استخدامه.

وذكر الدسوقي أن تربية الكلب لها أنواع، تتضمن نوع يقوم على الطاعة، والتي تشمل تلبية النداء عند سماع اسمه، يفعل ما يطلب منه كالجلوس والوقوف أو البقاء في موضعه، ونوعًا يقوم على التربية الصحية، وتشمل كيفية تدريب الكلب عند زيارته للطبيب عند مرضه، والحد من خوفه من متطلبات الطبيب، فنجد أن الكلب المتدرب جيدًا يلبي تلك المتطلبات بمفرده، كالصعود على السرير والميزان، أو يفتح فمه للطبيب من أجل الكشف، يترك يديه عند قص أظافره.

وأضاف أن هناك نوع يقوم على الحراسة، وهو مدرب على التعرض لأي شخص يقتحم البيت الذي يقوم بحراسته، وعندما يبدأ في الهجوم عليه، ثم يطلب منه صاحب البيت أن يهدأ فيسمع كلامه، ولا يعني هجومه أنه شرس أو عدواني، وإنما هو مدرب على ذلك جيدًا.

وأكد الدسوقي، أنه لابد من أن يعتاد الكلب على الناس، من خلال خروجه مرتين يوميا، حتى لا يخاف منهم، مشيرًا إلى أن خوف الكلب يترتب عليه إما أن يجري أو يهجم. وأوضح أن جلوس الكلب مع الأطفال إن وجدوا في المنزل ضروري، كي يعتاد عليهم وعلى لعبهم وجريهم وصريخهم وتصرفاتهم الطفولية دائمًا، حتى لا تكون له شيء غريب فيما بعد.

وأشار مدرب الحيوانات، إلى أنه لا يوجد فرق بين الكلاب الضالة والكلاب غير الضالة، فإن حسنت معاملتهم جميعًا سيتلاشى الفرق بينهم، ويمكن الاستفادة منهم في كثير من الخدمات التي تفيد الدولة والناس، منها العمل في المفرقعات، ومساعدة المكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة في إرشادهم، بالإضافة إلى إمكانية وجودهم في الملاجيء مع الأطفال، ودار المسنين، و المصحات النفسية مع المدمنين أو غيرهم من المرضى، فأغلب من يعانون من الاكتئاب ينصحه المرشد النفسي من تربية حيوان أليف لأن وجوده يحدث تأثيرًا جميلاً وإيجابيًا على من يرافقه.

فيما لفت إلى أن هناك كلاب مدربة على تمييز ارتفاع نسبة السكر في الدم أو انخفاضها لمرضى السكري، ويستطيعوا إرشادهم لنوعية الطعام الضارة بصحتهم، وصحة مرضى الحساسية الشديدة، من خلال تمييزهم لرائحته.

وأضاف أن العيب الحقيقي يرجع لسوء سلوكيات البشر في التعامل مع الكلاب في الشوارع، فهو من يجعلها تتخذ من العدوانية سلوكًا دائمًا لها، ضمن عدة محاور تتسبب في شراسة الكلاب.


مواضيع متعلقة