التطور التكنولوجى يهدد بانشطار صناعة النفط عالمياً.. وخبراء: «أوبك» لن تنجح فى حماية أسعاره

كتب: عبدالرحمن فرحات

التطور التكنولوجى يهدد بانشطار صناعة النفط عالمياً.. وخبراء: «أوبك» لن تنجح فى حماية أسعاره

التطور التكنولوجى يهدد بانشطار صناعة النفط عالمياً.. وخبراء: «أوبك» لن تنجح فى حماية أسعاره

شهدت الآونة الأخيرة تصاعدات كبيرة فى سوق الطاقة العالمية، الذى من شأنه أن يشعل حرباً كبيرة فى أسواق النفط بين الدول المنتجة، المتمثلة فى تجمع أوبك وروسيا والدول المستهلكة التى تسعى لخفض مستويات الأسعار من خلال الاستعانة ببدائل جديدة للنفط، التى تتمثل فى الطاقة الجديدة والمتجددة والاعتماد على الغاز الطبيعى، فضلاً عن التوسع فى إنتاج النفط الصخرى، وتؤول المؤشرات الأخيرة إلى أن هذه الحرب قد تسفر عن خسارة كبيرة للدول المنتجة للنفط، حيث إنه مع توجه دول الأوبك وعلى رأسها السعودية لخفض الإنتاج للحفاظ على مستويات أسعار النفط عند معدل مقبول بالنسبة للشركات المستثمرة خلال الشهور الأخيرة، إلا أن الشركات الأمريكية لم تبال وواجهت هذه الجهود بزيادة جديدة فى إنتاج النفط الصخرى، وذلك وفقاً لما أعلنه معهد البترول أن مخزونات النفط الأمريكية ارتفعت فى الأسبوع المنتهى فى الأول من مارس إلى 451.5 مليون برميل، وهو ما أسفر عن انخفاض برنت إلى 65.22 دولار للبرميل فى وقت سابق من إحدى جلسات الأسبوع الماضى، ووصل إجمالى إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط الخام إلى 10.25 مليون برميل يومياً، منها نحو 6.537 مليون برميل من النفط الصخرى، وهو ما يمثل رقماً قياسياً على الإطلاق فى تاريخ الولايات المتحدة والأعلى منذ 1970، الأمر الذى جعل الإنتاج الأمريكى فى المرتبة الثانية عالمياً، خلف روسيا التى تضخ يومياً نحو 11.2 مليون برميل، متفوقة على السعودية التى يصل إنتاجها إلى نحو 9.92 مليون برميل يومياً، وتوقع الخبراء أن تشهد سوق النفط هزات كبيرة خلال الفترة المقبلة، نتيجة التطور التكنولوجى الكبير فى الطاقة الجديدة والمتجددة فى ظل توجه عالمى بخفض معدلات التلوث، الأمر الذى من شأنه أن يعيد رسم خريطة الطاقة العالمية لتتصدر بذلك الدول التى تحقق طفرات تكنولوجية عالمية مثل اليابان والصين قائمة الدول المسيطرة على أسواق الطاقة، وهو ما ينذر بمستقبل غير مبشر للدول التى تمتلك احتياطيات هائلة من النفط، على عكس ما تنتظره الدول المستهلكة للنفط من تراجع الأسعار العالمية، خاصة النامية منها، التى لا تمتلك إمكانات تكنولوجية عالية.

{long_qoute_1}

وفى هذا الصدد يرى الدكتور مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول الأسبق، أنه منذ ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير بدأت الدول الأوروبية والولايات المتحدة فى التوجه نحو إيجاد بدائل للنفط، حيث قامت أمريكا بتطوير التكنولوجيا لاستخدام الوقود بشكل أمثل، مثل إدخال الكحول والإثانول فى وقود السيارات وتزويد السيارات بمحركات تتلاءم مع هذا الوقود لتقليل الاستهلاك، فضلاً عن دعمها للمستثمرين لضخ استثمارات هائلة فى إنتاج الزيت الصخرى ومساعدتها فى تخفيض تكلفة استخراجه من 100 دولار للبرميل إلى نحو 60 دولاراً، وهو ما أثر على دخول منافسين جدد للنفط فى سوق الطاقة العالمية، وبالتالى أشعل الصراع بين منتجى النفط المتمثلين فى أوبك وروسيا والدول الأوروبية المستهلكة للنفط وأمريكا، وأوضح أن البدائل الجديدة للطاقة مثل الزيت الصخرى والغاز الطبيعى والطاقة الجديدة، أثرت بشكل كبير على ميزان العرض والطلب مع الزيادة الكبيرة فى المعروض من الزيت الصخرى من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وهو ما أدى إلى زيادة شكوك دول أوبك فى قدرتها على التحكم فى تحدى ضبط أسعار النفط فى محاولة للاحتفاظ بحصصها التسويقية، وبالتالى أصبحت الفترة الحالية تُعد بمثابة الفترة الذهبية لمنتجى النفط للتخلص من المخزون الهائل الذى لا يمثل شيئاً فى التطور التكنولوجى المتعلق باستخدام بدائل الطاقة، الذى من المتوقع أن ينتصر ويبرز دولاً جديدة مثل الصين واليابان لتسيطر على سوق الطاقة العالمية، وبالتالى يؤدى إلى مزيد من الانخفاض فى أسعار النفط، وأشار إلى أن توجه الدول الأوروبية للتخلص من الاحتكار الروسى فى إمداد الطاقة لأوروبا من خلال 6 أنابيب، يدعم بشكل كبير مركز مصر الإقليمى فى تداول الطاقة، فى ظل تشجيع أوروبا لدول شرق المتوسط فى مشروعات استكشاف الغاز لإمدادها به بدلاً من روسيا.

{long_qoute_2}

ومن جانبه قال الدكتور فخرى الفقى، المستشار السابق لصندوق النقد الدولى، إن صناعة النفط تشهد بداية انشطار كبير خلال الفترة الأخيرة، حيث إن مجريات الأمور فى الساحة العالمية جميعها تصب فى انخفاض الطلب على النفط فى ظل زيادة المعروض منه، وهو ما يؤثر على أسعاره التى انخفضت من 86 دولاراً للبرميل منذ نحو شهرين إلى مستوى أقل من الخمسينات، وارتفع ارتفاعاً طفيفاً ليتعدى الستينات، وأشار إلى أن هذا التدهور فى أسعار النفط يرجع إلى لجوء معظم الدول وعلى رأسها أوروبا إلى بدائل النفط مثل الغاز الطبيعى فى ظل الاكتشافات الكبيرة للغاز الطبيعى، بجانب بداية التطور التكنولوجى فى بدائل الطاقة والطاقة الجديدة والمتجددة التى يتجه إليها العالم مؤخراً مع توجهات المؤسسات الدولية لعقد اتفاقيات مع الدول لاستخدام الطاقة الخضراء للحفاظ على البيئة وتقليل الأضرار الناجمة عن تلوث النفط، فضلاً عن توجه الولايات المتحدة لإنتاج كم كبير من النفط الصخرى، الذى تمتلك منه أكبر احتياطى فى العالم بجانب كندا، وأكد الفقى أن أسعار النفط تؤثر بشكل مباشر على استثمارات كبريات الشركات، التى يُقدر عددها بنحو 7 شركات فقط تمتلك إمكانات تكنولوجيا كبيرة للتنقيب على البترول والغاز فى المياه العميقة، مشيراً إلى أن التدهور الأخير الذى حدث فى أسعار النفط أدى إلى إعادة تفكير هذه الشركات فى استثماراتها وفقاً لمردود هذه الاستثمارات والعوائد الربحية منها، وأوضح أنه فى الوقت الذى يشهد فيه العالم عصراً جديداً من الطاقة النظيفة، التى قد تكون مكلفة فى الوقت الحالى ولكن مع تطورها الكبير الذى يحدث سيؤثر على تكلفتها مستقبلاً، تتصارع الدول المصدرة للنفط من أجل البقاء، مشيراً إلى أن قدرة دول الأوبك على التحكم فى الأسعار العالمية للنفط تُعد محدودة، حيث إن إنتاجها لا يتعدى ثلث الاستهلاك العالمى للنفط الذى يتراوح بين 100 إلى 105 ملايين برميل يومياً، تنتج منها أوبك نحو 30 مليون برميل فقط، فضلاً عن التوسع فى استخدام الغاز كبديل للنفط بجانب التطور التكنولوجى فى الطاقة المتجددة، منوهاً بأن روسيا هى الملاذ الأخير لدول أوبك فى السيطرة على أسعار النفط، على الرغم من تعرضها لعقوبات أمريكية مع عدم توافق المصالح السياسية بينها وبين بعض دول الأوبك مثل السعودية.


مواضيع متعلقة