كيرلس السادس.. ذكرى القديس مؤسس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية

كتب: مصطفى رحومة:

كيرلس السادس.. ذكرى القديس مؤسس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية

كيرلس السادس.. ذكرى القديس مؤسس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية

زاهدا، متوحدا، باع الدنيا وزخرفها والتصق بالدير، بحثا عن الخلاص في دروب البراري، فلم يدري بخلد الأب يوسف عطا، أن يصير أبنه "عازر" الذي ولد ببلدة طوخ في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، في ليلة حارة من ليالي أغسطس عام 1902، "قديسا"، ويجلس يوما على كرسي "مارمرقس الرسول"، كاروز الديار المصرية، وأول من بشر بالمسيحية في أرض المحروسة.

يمر 48 عاما على رحيل عازر أو من صار "البابا كيرلس السادس"، وجلس على الكرسي البابوي ليكون البطريرك الـ116 في تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ومازال الأقباط يتذكرونه، يعلقون صوره على حوائطهم بحثا عن "البركة"، وتقام القداسات في الكنائس على روحه، ويطلق الكهنة البخور متلمسين طيف من زهد في الدنيا صغيرا والتحق بدير البراموس بوادي النطرون، راهبا عام 1927، بعد أن ترك العمل في إحدى شركات الملاحة بالإسكندرية التي التحق بها بعد حصوله على "البكالوريا"، ورسم راهبا باسم "مينا البراموسي" عام 1928، قبل أن يصير قسا في عام 1931.

لم يطفئ ذلك ظمأ الناسك، فتوحد في مغارة بالبرية، وأكتفى من زاد الدنيا بـ"صفيحة" ماء و"كوز" عدس أسبوعيا، وبعدها انتقل ليعيش في طاحونة بجبل المقطم استأجرها من الدولة بـ"6 قروش"، عام 1936 بعد أن لم يحصل على موافقة البابا وقتها بتعمير دير مارمينا بصحراء مريوط، وأقام كنيسة في الطاحونة مازالت إلى اليوم مزارا يتوافد عليه الأقباط في ذكراه كل عام.

وبعد أن ذاع صيته وتقواه، أسندت إليه الكنيسة رئاسة دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون في مركز مغاغة بالمنيا، عام 1944، وحصل بعدها على رتبه القمصية، قبل أن يتم ترشيحه للكرسي البابوي عام 1957، وخاض القرعة الهيكلية في 1959 التي أتت به على سدة الكرسي الرسولي، ليكون البابا "كيرلس السادس"، لينطلق بعدها يعمر الكنائس، وينتشر بالكنيسة القبطية ويأخذها لأول مرة إلى خارج مصر، ليفتتح الكنائس في الكويت وكندا والولايات المتحدة.

وتميز بعلاقة فريدة مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان من ثمارها أن يتم تشييد الكاتدرائية المرقسية بالعباسية التي افتتحت في حفل عالمي عام 1968، وبعد تلك الحياة الحافلة، غادر "عازر" الدنيا، وفارقها إلى السماء في 9 مارس من عام 1971، ليدفن جسده أسفل مذبح الكاتدرائية التي أنشأها، قبل أن ينقل يوم 25 نوفمبر 1972 في احتفال مهيب إلي دير مارمينا بمريوط حسب وصيته.

وبعد 43 عاما على رحيله، منحه المجمع المقدس للكنيسة برئاسة البابا تواضروس الثاني، لقب "قديس"، ليعطي هذا الاعتراف الرسمي، محبيه إمكانية بناء الكنائس على اسمه، بالاضافة إلى ذكره في مجمع القديسين الموجود في كلا من الخولاجي المقدس -كتاب صلوات القداس الالهى- و الابصلمودية المقدسة -كتاب التسبحة-.


مواضيع متعلقة