«لبنى» الأردنية.. أستاذ علاج «سرطان الثدى»: لن نسمح لأحد بإسكات صوت النساء

كتب: روان مسعد وآية المليجى

«لبنى» الأردنية.. أستاذ علاج «سرطان الثدى»: لن نسمح لأحد بإسكات صوت النساء

«لبنى» الأردنية.. أستاذ علاج «سرطان الثدى»: لن نسمح لأحد بإسكات صوت النساء

تستيقظ لبنى تهتمونى، صباح كل يوم مبكراً لتدير شئون منزلها بمفردها، تطمئن بأن الأمور تسير على ما يرام، تذهب إلى عملها بالجامعة الهاشمية، التى تعمل بها رئيساً لقسم الأحياء والتكنولوجيا الحيوية، حالة من الحب والود نشأت بينها وبين طلابها خاصة الفتيات اللاتى تحرص على إمدادهن بخبراتها العلمية، تتقدم عقارب الساعة لتعلن عن انتهاء اليوم الدراسى، لكن عمل العالمة الأردنية لم يتوقف بعد، فهى على موعد آخر، حيث تذهب إلى مخبرها العلمى الذى أسسته منذ سنوات داخل الجامعة، فالطالبة التى حصلت على الدكتوراه من جامعة ولاية كولورادو الأمريكية، لم ترتضِ إلا أن تحقق إنجازاتها العلمية داخل موطنها.

تجربة مريرة كانت العالمة الأربعينية شاهدة عليها فى فترة شبابها، كانت الدافع الأكبر وراء مشوارها العلمى، حينما عايشت لحظات موجعة فى حياة خالتها مريضة سرطان الثدى، فانتشار الخلايا الخبيثة بجسدها تجاوز قدرتها على المقاومة، فرحلت الخالة وبقى المشهد محفوراً فى ذاكرة الفتاة الشابة، آنذاك، ليصبح قسم العلوم الحياتية خيارها الداخلى الذى عاهدت نفسها على دراسته وتوظيفه فى إيجاد علاج قوى يهزم الخلايا السرطانية، وينقذ ملايين الإناث من مرض قاتل، أنهت الطالبة الجامعية، آنذاك، دراستها وسافرت إلى الولايات المتحدة، تحملت آلام الغربة عن أسرتها لأجل هدف لم تحد عنه، فعلى مدار 4 أعوام، هى فترة دراستها لحركة الخلايا السرطانية، حتى حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة ولاية كولورادو، عادت إلى الأردن، حيث موطنها، محملة بحماس شديد تحدثت مع أساتذتها بالجامعة الهاشمية فى تأسيس مخبرها العلمى، لنقل خبراتها المكتسبة بداخله، لكنها لم تكتفِ بذلك، فعادت للسفر من جديد فى جولة أخرى قضتها بين بلدان العالم طلباً للمزيد من الخبرات العلمية وإنشاء شراكات بحثية مع أساتذة جامعيين حول العالم.

{long_qoute_1}

حان وقت عودة العالمة الأربعينية لمخبرها العلمى، بعدما جلبت معها أحدث التقنيات والأجهزة الحديثة، ساعات وليالى طويلة قضتها «لبنى» بين أركانه التى شهدت إصرارها على تحقيق هدفها فى إيجاد علاجات ترحم آلام مرضى داهمت الخلايا السرطانية أجسادهم، فمشهد خالتها لم يغب عن بالها، حتى تمكنت من فهم المركبات التى تسهم فى القضاء على الخلايا الخبيثة دون إحداث رد فعل عكسى، فخطوات قليلة تفصلها عن تحقيق حلمها، حيث توصلت بالفعل لعلاجات جديدة تنجح فى القضاء على خلايا سرطان الثدى، لكنها لا تزال فى مرحلة التجربة السريرية.

ضلت الراحة الطريق عن حياة «لبنى» وسط أبحاثها العلمية التى لم تنته بعد، وأصبحت متعتها حينما تستقبل طلاباً يسيرون خطواتهم الأولى فى مشاريعهم العلمية داخل مخبرها، وتمد إليهم يد العون فى إجراء التجارب العلمية واستكمال أبحاثهم، ليصبح المخبر شاهداً على تخرج 12 طالباً من حاملى درجة الماجستير.

ورغم الطابع العلمى الذى اتسمت به «لبنى» لكنها لم تغفل عن كونها امرأة، فانحازت إلى جنسها من فتيات التحقن بمجالات علمية، فعبر محاضراتها حرصت على زرع الثقة بداخلهن وتشجيعهن فى إتاحة فرص التعليم والتدريب تساعدهن فى الحصول على مناصب أعلى فى التكنولوجيا والعلوم، تواصل العالمة الأردنية جهودها لترى نفسها بأنها ممثلة عن المرأة العربية، تتحدث بصوتها وتعبر عن أحلامها كلما أتيحت لها فرص الوجود بالمؤتمرات الدولية، فإعطاء المرأة حقوقها وعدم تهميشها القضية التى حملتها لبنى تهتمونى على عاتقها، ليأتى اسمها فى قائمة الـ«بى بى سى» حينما اختارتها ضمن أفضل 100 امرأة ملهمة ومؤثرة حول العالم، فى العام 2016، فضلاً عن حصولها على جوائز متعددة تكريماً لجهودها المتواصلة فى مجال العلوم ودفاعها عن مكانة المرأة، فمنها جائزة مؤسسة لوريال - اليونيسكو للمرأة العربية، وجائزة برنامج الباحثين الصيفية الدولية لأعوام مختلفة.

تتقدم خبرات «لبنى» العلمية ويرتفع معها سقف طموحاتها، فتأسيس مبادرة تضم المهارات العلمية لطلبة الجامعات، وتنمية قدراتهم داخل مخبر عالمى، حلم جديد يراودها تحقيقه، تيسيراً على الباحثين الشباب لإجراء تجاربهم وأبحاثهم.

كلمات حملت الثقة فى قوة المرأة حرصت العالمة الأردنية على توجيهها إليها بمناسبة يومها العالمى: «كل النساء لديهن ما يستحق السماع له وعلى مر السنوات، الكثير من النساء العظيمات ناضلن لمنح المرأة صوتاً.. فلنحافظ عليه ولا نسمح لأحد بإسكاتنا، كلمتنا ستغير العالم.. وإلى كل فتاة يافعة.. لا تكونى الفتاة التى تحتاج إلى رجل، كونى الفتاة التى يحتاجها الرجل».


مواضيع متعلقة