بيت الأمة: الباشا على رأس السفرة.. وعلى يساره على ومصطفى أمين

بيت الأمة: الباشا على رأس السفرة.. وعلى يساره على ومصطفى أمين
فى شارع تتسم بناياته بالفخامة رغم مرور عشرات السنوات على إنشائها، واختلاف ملامحه قليلاً، يقع بيت الأمة العريق أو «متحف الزعيم سعد زغلول»، الذى شهد انطلاق شرارة ثورة 1919 التاريخية، وتحمل أركانه ذكريات ساعات من الاجتماعات والمشاورات فى السياسة والثورة وأحوال الأمة. 100 عام مرت على ذكرى الحركة الوطنية الأشهر للمقاومة ضد الإنجليز ولا تزال غرف بيت الأمة محتفظة بنظامها الذى كانت عليه وكأن الأثاث ينطق للزائر بما شهد عليه.
درجات سُلم قليلة من الحديقة الخارجية يقطعها زائر بيت الأمة ليجد نفسه أمام بوابة المنزل العريقة، ليعبر منها إلى مكان ينقله بالزمن إلى 100 عام للوراء. فى مدخل المنزل يقف تمثال الزعيم الذى نحته النحات الروسى الشهير «يورى فيتش» له فى استقبال الزائرين، على جانبيه حجرات الدور الأرضى، كل منها كان له استخدام خاص من الزعيم وزوجته، وتحوى أثاثاً مختلفاً تم اختياره بذوق رفيع من بلدان العالم لم يتغير منه شىء حتى اليوم.
على يمين الباب الرئيسى للمنزل من الداخل تقع حجرة السفرة المخصصة لتناول الطعام، كان يجلس الزعيم وزوجته فيها يتناولان الطعام معاً فى أدوات وأثاث على الطراز الفرنسى، جاء بها زعيم الأمة من باريس، وكان للجلوس فيها نظام ثابت لم يتغير حتى بعد وفاته، حيث كان مقعد سعد زغلول على رأس المائدة وتجلس السيدة صفية على يمينه وبجوارها مقعدان لرتيبة زغلول وشقيقها سعيد زغلول (أبناؤهما بالتبنى)، وكما هو موضح باللوحة الإرشادية الموضوعة داخل الحجرة، كان يجلس على يسار الزعيم الطفلان على ومصطفى أمين ولدا رتيبة.
{long_qoute_1}
الحجرة التى شهدت جلسات طعام الأسرة كان لها نصيب من استضافة السياسيين، حيث التقى فيها الزعيم بكل من محمود صدقى وإسماعيل صدقى باشا وفخرى عبدالنور وعاطف بركات باشا، لمناقشة موضوعات حزبية وسياسية وعامة. وفى مواجهة غرفة الطعام توجد حجرة الصالون الصيفى الصغير، وهى الغرفة التى كانت السيدة صفية زغلول تستقبل فيه المقربات لها من النساء، وتجلس فيها فى الصيف، ولا تزال محتفظة بشكلها وأثاثها الأصلى من المقاعد والآرائك والسجاد، يزين جدرانها مجموعة من الصور أغلبها عائلية، إضافة إلى غرفة الصالون الكبير التى جلس على أثاثها أعضاء حزب الوفد، وشهدت اجتماعات الثورة السرية، حتى بعد 100 عام من الملحمة الشعبية الأكبر فى التاريخ لا تزال بنفس الترتيب الذى كانت عليه وتختزن أسراراً ونقاشات لم يسمعها أحد غيرهم.
«المكتب الشتوى» أحب غرف المنزل إلى سعد باشا، كما قالت أمينة المتحف لـ«الوطن»، ففيها جلس ساعات يقرأ كتاباً شيقاً ذات مرة، وفيها أيضاً عقد اجتماعاً مصغراً مع فرد أو 2 على الأكثر، ولحذره الدائم وضع فى واجهة مكتبه مرآة كبيرة لتعكس له ما خلفه والمطل على الشارع، خشية أن يدبر له أحد أعدائه محاولة اغتيال.
طرقات درجات سلم طويلة يقطعها زائر المتحف ليصعد إلى الطابق العلوى من المنزل، ذلك الطابق الذى كان ركناً للراحة والهدوء للزعيم وزوجته بعيداً عن رسمية الطابق الأرضى الذى تعج غرفه بالاجتماعات السرية والمشاورات الثورية.. هنا غرفة النوم والركن الخاص بالملابس، جلس الزعيم وزوجته كثيراً يتشاوران فى حياتهما الخاصة بعيداً عن السياسة، وهنا أيضاً اختارت أحدث فستان قامت بشرائه لترتديه فى مناسبة هامة واختارت مع الزعيم بدلته ولونها.
على الحائط المواجه للسرير الخاص بالزعيم وزوجته توجد نتيجة حائط فرنسية إلكترونية يتبدل تاريخها يومياً إلى أن توقفت عند تاريخ 23 أغسطس 1927 يوم وفاة الزعيم، حسب رواية أمينة المتحف، حيث أوقفتها أم المصريين بيدها حزناً على رحيله وكأن الوقت توقف عندها.
الممرات الجانبية بالطابق العلوى من «بيت الأمة» تتزين حوائطها بصور ووثائق نادرة، إحداها برواز خشبى لقطعة من كسوة الكعبة المشرفة، وآخر لشهادات تخرج وكتابات بخط يد رجال الثورة، بينما تتزين الواجهة الرئيسية للطابق بقفصين يحتوى كل واحد منهما على ببغاء محنط، «كانوا بيهتفوا باسمه أول ما يشوفوه وماتوا بعد وفاته بـ3 أيام منعوا الأكل من الحزن عليه»، حسب قول أمينة المتحف.