«نرجسية» نتنياهو و«عنصرية» الانتخابات الإسرائيلية
- أحمد الطيبى
- أصوات الناخبين
- اتهامات ا
- استطلاع رأى
- استطلاعات الرأى
- الأحزاب الدينية
- الأراضى الفلسطينية المحتلة
- أبيض
- أحزاب اليسار
- أحمد الطيبى
- أصوات الناخبين
- اتهامات ا
- استطلاع رأى
- استطلاعات الرأى
- الأحزاب الدينية
- الأراضى الفلسطينية المحتلة
- أبيض
- أحزاب اليسار
تحت شعار «بيبى أو الطيبى» يقود رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، المتهم بالفساد والرشوة، حملته الانتخابية، وعينه على عدم فقدان تأييد الأحزاب الدينية المتطرفة، باعتبارها الحامل الأساسى لمشروعه الصهيونى الاستيطانى فى الضفة الغربية والقدس والرافض التعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم شعباً له حق تقرير المصير. ومُجمل الشعار أنه يقدم خياريْن أمام الناخب الإسرائيلى، إما نتنياهو باعتباره القائد الليكودى اليمينى الذى استطاع أن يحافظ على يهودية الدولة، وإما الطيبى، وهو النائب العربى أحمد الطيبى فى الكنيست الإسرائيلى عن قطاع من عرب 48، الذى أعلن استعداده المُشاركة فى جسمٍ مانعٍ كى لا يُشكّل نتنياهو الحكومة المقبلة. وبالنسبة لنتنياهو فيمثل رمزاً للخيار الثانى الذى يجعل من العرب عنصراً أساسياً فى تحديد مصير إسرائيل، ومن ثم يُفقدها هويتها اليهودية العنصرية الجامعة لكل اليمين.
رهان نتنياهو على دعم الأحزاب الدينية إلى جانب حزبه الليكود يُعد بمثابة الرهان الأخير له فى هذه الانتخابات التى تعد الأصعب بالنسبة إليه، خاصة بعد أن وجّه النائب العام إليه قائمة اتهامات بالرشوة وخيانة الأمانة والفساد فى ثلاث قضايا كبرى، بعد تحقيقات استمرت عامين، وهى الاتهامات التى يراها نتنياهو اضطهاداً سياسياً من القائمين على مؤسسات الدولة القضائية والشرطية، وأنها جزء من مؤامرة يقودها اليسار بهدف إضعاف الدولة ككل. وهى التفسيرات التى تعبّر عن مدى النرجسية التى وصل إليها، وفى الآن ذاته توظيف الحالة اليمينية المتشددة التى وصل إليها المجتمع الإسرائيلى لكسب أصوات الناخبين، بغض النظر عن أى معايير أخرى تمس نزاهة المتنافسين على حكم البلاد، فالفساد السياسى والأخلاقى هنا يمكن التغاضى عنهما نظير أن تشطب تماماً أية حقوق للغير، ونظير أن يبقى الحكم تحت سيطرة التشدد والتطرف والاستيطان بغير قيود.
شعار «بيبى أو الطيبى» يجعل المنافسين لنتنياهو فى مأزق إذا ما رغب أحدهم فى التحالف غير المكتوب مع أىٍّ من أعضاء القوائم العربية لغرض تشكيل الحكومة المنتظر أن تكون ائتلافية تشارك فيها عدة أحزاب، حتى لا يوصف بأنه ضد مصالح الدولة ويهوديتها. ومن أهم المنافسين لليكود يبرز ما بات يُعرف بتحالف الجنرالات بزعامة رئيس الأركان السابق بيبى غاتنس، الذى شكل حزباً يمينياً باسم «الحصانة لإسرائيل» انضم إليه جنرالات سابقون، منهم موشى يعالون، وغابى أشكنازى، والذى تحالف مع حزب «يوجد مستقبل» بزعامة وزير المالية السابق يائير ليبيد، مشكِّلاً تحالفاً باسم «أبيض وأزرق»، تمنحه استطلاعات الرأى ما بين 33 إلى 36 مقعداً، ومتفوقاً بذلك على حزب الليكود الذى تعطيه استطلاعات الرأى ما بين 28 إلى 30 مقعداً. وإذا صدقت هذه الأرقام، فسوف يصبح غاتنس، رئيس الوزراء الجديد لمدة عامين ونصف العام، على أن يخلفه مائير ليبيد رئيساً للوزراء لمدة عام ونصف العام وفقاً لصيغة التحالف التى تم الاتفاق عليها. ولكن تشكيل الوزارة نفسها، والذى يتطلب تأييد 61 عضواً فى الكنيست، يتطلب بدوره الائتلاف مع أحزاب أخرى، سواء من الوسط أو العرب أو الدينيين. وهنا تبدو الإشكالية المنتظرة أمام غاتنس بافتراض حصوله على تفوّق فعلى فى الانتخابات.
ووفقاً لمواقف غاتنس وليبيد، فكلاهما ضد التحالف مع أىٍّ من الأحزاب الدينية المتشددة، باعتبارها تمثل خطراً على هوية الدولة العلمانية، وتحصل على أكثر مما تستحق من الميزانية العامة. وفى المقابل فإن الأحزاب الدينية ترفض التحالف مع ليبيد تحديداً باعتباره حين كان وزيراً للمالية مناهضاً لمطالبها وقيّد حركتها، ووفقاً لاستطلاعات الرأى، فقد تحصل الأحزاب الدينية، وتضم «عوتسما يهوديت»، و«يهدوت هتوراه»، و«شاس»، و«اليمين الجديد»، على ما يقرب من 20 مقعداً، وهى تفضل الائتلاف مع نتنياهو باعتبار أنه منحها الكثير من المزايا، وشرّع لها ما تريده من قوانين تمنحها حرية الاستيطان والحصول على أموال هائلة لمدارسها ومشروعاتها الاستيطانية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
أما القوائم العربية، فهى مرفوضة من الليكود، ومن تحالف غاتنس وليبيد، وبالتالى فهى خارج حسابات أى من الفريقين اليمينيين الكبيرين، ولو وفق صيغة تحالف غير مكتوب. ولذا يبقى أمام القائمتين العربيتين، وهما «تحالف الجبهة والعربية للتغيير»، و«تحالف التجمع الوطنى والقائمة العربية الموحدة»، المنافسة على أصوات عرب 48. وحسب استطلاع رأى نشرته إحدى القنوات التليفزيونية مطلع مارس الجارى، فقد تحصل قائمة «الجبهة والعربية للتغيير» على 9 مقاعد، فى حين لن تحقق القائمة الموحدة والتجمع نسبة الحسم وهى 3.23%، وبالتالى لن يكون لها أى مقعد. الأمر الذى يؤهل «الجبهة والعربية للتغيير» لتكون عنصراً داعماً لتشكيل أى حكومة ائتلافية، ولكن عملياً يبدو الأمر مستحيلاً فى ضوء عدم رغبة الأحزاب اليمينية فى التحالف مع ممثلى الأصوات العربية حتى لا يوصم هذا التحالف حال تشكُّله على هذا النحو بأنه ضد يهودية الدولة، وضد مصالحها العليا.
فى ظل هذه البيئة المفعمة بالتشدد والعنصرية تبدو أحزاب اليسار فاقدة للتأثير، وحسب باحثين إسرائيليين، فإن حكم نتنياهو طوال العقدين الماضيين ومن خلال تحالفه مع الأحزاب الدينية أدى فى الواقع إلى تهميش اليسار إن لم يكن القضاء عليه، والذى كان يعبّر عنه حزبا العمل وميرتس وغيرهما، بكل ما يتضمنه تعبير اليسار بالمعنى الإسرائيلى من علمانية المجال العام، وإمكانية التفاوض مع الفلسطينيين وقبول أن يكون لهم كيان ما فى جزء من الأراضى المحتلة، ولكنه تحت السيطرة الأمنية المباشرة لإسرائيل، وتقييد الاستيطان وربطه بالتسوية مع الفلسطينيين. كل هذه الأفكار الآن تعد من المحرمات بالنسبة لأية قوة سياسية إسرائيلية، ولذا يبدو الصراع بين شخوص اليمين، وفى ذات الرؤية، وليس بين يمين أو يسار. فالصراع الآن يدور بين يهودية الدولة، وإسرائيلية الدولة، الأولى ذات طابع دينى عنصرى خالص، والثانية ذات طابع صهيونى قومى تسمح نسبياً بقول الآخر، ولذا فإن انتظار تغييرات كبرى بعد الانتخابات الإسرائيلية ليس مطروحاً بأى حال. ويدعم ذلك البرنامج الانتخابى لتحالف غاتنس وليبيد، كما نشرته «يديعوت أحرونت»، إذ يرفضان حل الدولتين، ولا تنازل عن السيطرة على غور الأردن، وعدم تحديد طبيعة أى حل مستقبلى للفلسطينيين، وعقد مؤتمر دولى بدون تحديد هويته والهدف منه، واستمرار المستوطنات فى الأراضى المحتلة تحت السيطرة الإسرائيلية، ولن يشطب قانون الدولة اليهودية أو يُعدل، كما وعد الدروز من قبل، وستظل القدس عاصمة موحدة لإسرائيل ولا انسحاب من هضبة الجولان. باختصار هى الآراء والسياسات نفسها التى يعتمدها اليمين بقيادة الليكود.