"المعاناة تولد التفوق".. "أمل" أم وجدة وثالث عالم في الرمح والجلة

08:42 م | الأحد 24 فبراير 2019

"من رحم المعاناة يولد الإبداع، ومن قلب المأساة يكون الأمل والفرج"، بهذا المثل أكدت أمل محسن السيد أبو الخير، 40 عاماً، والمقيمة بقرية مسير التابعة لمركز كفر الشيخ، والحاصلة على المركز الثالث عالمياً في رفع الأثقال بلعبتي "الرمج والجلة"، أنها قادرة على قهر المستحيل رغم الظروف الصعبة التي مرت بها، فشاء القدر أن تولد وتُصاب بـ"شلل أطفال"، في سن الـ9 أشهر، لتُصنف ضمن ذوي الإعاقة، وتقف حياتها دون أن تتعلم، تجلس في بيتها، تشاهد الأطفال والكبار يلعبون ويلهون ويجرون ويتجولون بين أصدقائهم وجيرانهم في مناطقهم، طاردها الأمل في أن تكون بطلة رياضية يوما ما، ولأنها كانت تعيش فى قرية ريفية وقتها كانت لا تؤمن بالرياضة، فظلت حبيسة منزلها لفترات طويلة، وما أن بلغت س العاشرة، فانطلقت إلى مركز شباب قريتها، وقفت كمتفرجة فى البداية، حتى قابلها شعبان الخطيب، أحد أبطال مصر، وطلب منها الانضمام لرياضة المعاقين عقب تأسيسها بمصر عام 1989، لم تصدق ما تسمعه وسارعت إلى والدتها لتخبرها بانضمامها لمركز شباب المعاقين.

{long_qoute_1}

وعقب موافقة أهلها على الانضمام لمركز شباب المعاقين، بدأت أمل في التألق والإبداع، حيث شاركت في عامها الثاني في أول بطولة مصرية لرفع الأثقال، وبعدها شاركت في تأسيس نادي الإرادة والتحدي بكفر الشيخ عام 1992 لتكون من أوائل مؤسسيه واللاعبين به، لم ينتهِ طموحها عند هذا الحد، فصممت على أن تكون مشجعاً لكل من حولها وفي نفس ظروفها، وقدمت بفصول محو الأمية حتى حصلت على الإعدادية وتقدمت للحصول على دبلوم الفنى الصناعى.

تقول أمل: "كنت أهوى الرياضة وأتمنى أن أخوض تجربة وأحقق حلمى فى الالتحاق بأحد الأندية وأحصد بطولات كالأسوياء، لكن نظرة المجتمع لنا كفتيات كانت قاتلة، وكنت أسمع حديث جيراني عني بالشفقة، فكانت الكلمات تحيطني إحباطا في البداية، وفقدت الأمل إلا أن أهلي ساعدونى على الخروج والاندماج مع المجتمع، وشجعونى على ممارسة الرياضة، وقالت والدتى مينفعش تستسلمى، لازم تكونى قوية وتواجهى، وسيبك من اللى حواليكى وركزى انتى ليكى مستقبل كبير، تلك الكلمات كانت دافعاً لى، وخرجت للعب وكانت فرحتى كبيرة عندما حصلت على أول الجمهورية فى رفع الأثقال، رغم أن تلك البطولة كان بها عدد كبير من كفر الشيخ ومحافظات مصر، لكنى استطعت التفوق عليهم عند وزن 48 كيلو".

{long_qoute_2}

تضيف ثالث العالم في رفع الأثقال: "بعد البطولة الأولى تزوجت عند سن 19 عاما، من شخص سوى، واستكمل مسيرة التشجيع بعد انتقالي لبيته، وبرغم أنني تزوجته فى قرية لها عاداتها وتقاليدها، يرفض أهلها خروج المرأة وممارسة الرياضة، إلا أنه كان خير داعم لي، واتفقنا قبل الزواج ألا أترك ممارسة الرياضة، وظل يشجعني إلى أن أنجبت ابني الأولى ذكرى، وعندما أتممت عامها الأول قررت الحصول على إجازة للتفرغ لتربيتها، وبعدها أنجبت آلاء ومتولي، وعدت للرياضة مرة أخرى وشاركت مع منتخب نادي الإرادة والتحدي في كثير من البطولات المحلية والإفريقية، وكنت أوفق بين بيتى وممارستى للرياضة، بفض تفهم زوجى ومساندتي".

{long_qoute_3}

تتابع أمل: "زوجي كان البطل الرئيسي في حياتي، ومن بعده أولادي، وأنا أم لثلاثة أبناء وجدة لحفيدة، وما زالوا يشجعونني على الرياضة، فبنتى تذهب معى فى التدريبات والمباريات، ويفخرون بنجاحاتى، حيث حققت مركز أول على الجمهورية فى الرمح وحصدت الميدالية الذهبية الرمح والثانى فى الجلة وحصدت الميدالية الفضية، وشاركت عام 94 في دورة لندن لرفع الأثقال وحصلت على المركز الثالث عالميا، في الرمح والجلة، وأن حياتي تغيرت تماماً بعد الرياضة، واستطعت تغيير نظرة المجتمع إلى، فتحولت نظراتهم الساخرة وذات الشفقة إلى أخرى يملؤها الفخر ببنت القرية التي استطاعت قهر المستحيل ورفعت اسم مصر عالياً".

وعن حلمها تختتم أمل حديثها لـ"الوطن": "بحلم أن تزدهر رياضة المعاقين، وأن ينظر المجتمع لهم نظرة أخرى، الرئيس عبدالفتاح السيسى، بدأ بالتغيير عندما أعلن 2018 عام ذوى الاحتياجات وأنا أسميها ذوي القدرات الخاصة الخارقة، لأننا نستطيع فعل ما لم يستطع الآخرون فعله، تفوقنا وتحدينا ظروفنا ولم نجلس على القهاوي في انتظار من يعولنا كشباب كثيرين، وأتمنى أن تظل مصر عالية وأن يعين رئيسها على المسؤولية، كما أتمنى إنشاء جمعية خاصة برعاية السيدات والفتيات المعاقات بقريتى".