«فريدة» اتجوزت واتطلقت واترمت فى الشارع.. وبعد 48 سنة لسه بتدور على بنتها: «انتى فين يا نادية؟»

«فريدة» اتجوزت واتطلقت واترمت فى الشارع.. وبعد 48 سنة لسه بتدور على بنتها: «انتى فين يا نادية؟»
«ماتسيبنيش يا ماما».. تعلقت هذه الجملة بذهنها طيلة 48 عاماً، فى حين سقطت أحداث أخرى من الذاكرة بفعل تقدمها فى السن، بقيت جملة «نادية» وصورتها لا تفارقان الأم، تأتى سيرتها من حين لآخر، كلما توقف زبون أمام كشكها الصغير لشراء أى من بضاعتها، يجد نفسه أسيرا للرواية التى لم تمل صاحبة الكشك من حكايتها. بيت قديم فى العباسية، دخلته فريدة محمد إبراهيم، وهى شابة لم تكمل العشرين، خرجت منه مطرودة بعد إصرارها على الطلاق من زوجها: «اللى جاب لى ضرة»، حاولت العودة لبيت أسرتها، لكن العرف والتقاليد حالا دون ذلك: «أهلى هما كمان طردونى وقالولى ماعندناش بت تتطلق، ارجعى اركعى لجوزك يمكن يسامحك ويرجع لك عيالك»، عرفت بهروب طليقها ومعه ابنتها نادية، ووفاة صغيرها مجدى حزناً عليها، أخذتها قدماها صوب ميدان التحرير، واستقرت فى كشك هناك ساعدها عليه أهل الخير، ومن وقتها وهى تبحث عن ابنتها لتروى لها الحكاية. ليس كشكاً بالمعنى المعروف، مجرد كنبة محاطة بألواح خشبية تجلس خلفها ببضاعة هزيلة، كل رواد الشارع يعرفون قصتها، لكن لا يوجد منهم من استجاب لطلبها.
تتذكر المرأة السبعينية منزل العباسية بالكاد: «هعرفه بالشبه لو رُحت، يمكن حد هناك يدلنى على نادية، آخر مرة شُفتها كانت فى الإعدادى لابسة مريلة والكلام ده من سنين، دلوقتى ممكن تكون اتجوزت وخلفت كمان»، مرت أيام الثورة عليها قاسية، فالكشك هو مأواها الوحيد: «كنت بسمع صوت طلقات الرصاص والعيال بتجرى قدامى شايلين ناس غرقانة فى دمها ومحدش هان عليه ياخدنى فى مدخل عمارة وريحة الغاز كانت بتموتنى».