عمرو بن العاص.. ساحة الصلاة الرئاسية تتزين بـ«مفارش» بدلاً من السجاجيد.. وتشريفة.. وهلال وصليب

كتب: أحمد الشمسى

عمرو بن العاص.. ساحة الصلاة الرئاسية تتزين بـ«مفارش» بدلاً من السجاجيد.. وتشريفة.. وهلال وصليب

عمرو بن العاص.. ساحة الصلاة الرئاسية تتزين بـ«مفارش» بدلاً من السجاجيد.. وتشريفة.. وهلال وصليب

مُنكفئا على عجلة قيادة سيارته التاكسى المتهالكة «أبيض فى أسود»، يلوح بيده رافضاً كل زبون يستوقفه طالبا توصيله لساحة «عمرو بن العاص»؛ فالمكان الذى يريدون الذهاب إليه شديد الزحام، فقد سمع منذ قليل عبر راديو سيارته أن الرئيس محمد مرسى سيؤدى صلاة العيد فى مسجد عمرو بن العاص، فتوقع الزحام الشديد وقرر أن يهرب منه. يتأزم الرجل الأربعينى «أيمن محمود» بشدة ويمتعض من وجود مرسى فى ساحة الصلاة، الرجل الذى انتخب الفريق أحمد شفيق مرتين، ينتقد وجود «مرسى» بهذه الساحة لأنه تسبب فى إغلاق كل الطرق المؤدية لحرم المسجد، فالوفود تدافعت رغبة منهم فى رؤية الرئيس، «كيف لرجل فتح صدره فى ميدان التحرير أنه يلم الهلومة دى كلها؟».. سؤال يتبادر إلى ذهن سائق السيارة الأجرة، الذى يستنكر وجود مئات المجندين لحراسته فقط.. بعد أن فقد الأمل فى اقتناص راكب، يوافق أخيراً على الذهاب إلى الوجهة الممنوعة خشية من رفض «الاصطباحة» وما إن يصل إلى منطقة المنيل حتى يتأفف فالسيارات مكدسة فوق بعضها البعض: «أحسن لك يا باشا تنزل وتتمشى المسافة الباقية».. يلتقط 10 جنيهات يُقبّلها بشفتيه ثم يردد: «يجعل صباحنا نادى بحق جاه النبى». «مفرش للصلاة بجنيه».. كلمات يتفوه بها «أحمد النمر» أحد الباعة الجائلين الذى يقبض بيديه على بعض مفارش السفرة ويبيعها كأنها سجادة للصلاة: «كل شىء مُتاح فى الزحمة دى المهم حاجة تقضى الغرض»، يتهافت الوافدون على البائع ويجذبون منه بضعة مفارش، فتتهلل أسارير الرجل الثلاثينى: «يا بركاتك يا ريس مرسى»، فلقد رحمه الله من أن يجوب على قدميه عربات مترو الأنفاق حتى يستطيع إعطاء العيدية لأولاده الثلاثة. وسط الزحام يقفون بملابسهم البيضاء و«كاباتهم» السوداء، مهمتهم هى الحراسة والتنظيم، جاءوا إلى الميدان قبل 48 ساعة وذلك بعد أن جاءتهم تكليفات من رؤسائهم بأنهم «طالعين تشريفة»، «محمود» شاب فى بداية العشرينات أحد العساكر المنتمين لوزارة الداخلية والمجندين حديثاً، الإجهاد يظهر أسفل عينيه ويديه ترتعشان، ولكنه يحاول التماسك حتى «يعدى اليوم على خير»، يقول الحاصل على دبلوم صنايع: «إحنا فطرنا آخر يوم فى رمضان فى معسكر الدراسة لقوات الأمن وبعد كده جينا على جامع عمرو.. جهزنا الكردونات الأمنية عشان كانوا بيقولوا إن الريس هيصلى هنا»، لحظات الهدوء التى تتخلل المكان من وقت لآخر خلال صلاة العيد استغلها المجند فى إجراء مكالمة هاتفية: «إزيك يا حاج.. عامل إيه واحشنى والله.. وأخبار أمى إيه.. كل سنة وانتو طيبين.. أنا لسه فى الخدمة والله والدنيا خربانة».. «سعيد» لم يمر على تجنيده أسبوع وأولى خدماته كانت «تشريفة الريس». «بلالين بيضاء» يحملها الابن الوحيد لـ«محمد عطوة» فوق كتفى والده، يجوبان المكان بعد انتهاء صلاة العيد، الوالد الذى يبلغ من العمر 30 سنة، فشل فى اللحاق بالصلاة برغم كونه من سكان المنطقة: «بهدلونا السنة دى.. حتى الصلاة الواحد مش عارف يصليها»، أما «مدحت جمال» فكل ما يشغل باله هو تنظيف ساحات الصلاة وجمع «الُحصر» من على الأرض: «أنا مش إخوانى.. بعمل كده عشان الثواب مش أكتر وكمان الواحد المفروض يحافظ على نظافة منطقته». الصلوات كادت أن تجمع المسلمين والأقباط فى عيد الفطر، فمنطقة مصر القديمة تجمع ما بين الكنيسة المعلقة ومسجد «عمرو»، لكن هذه المرة لم يجتمع الاثنان.. فالطبيعى أن تُقيم الكنائس الأرثوذوكسية قُدّاس الأحد فى ميعادين الأول من الخامسة فجراً وحتى السابعة والثانى من الساعة السابعة ويمتد للعاشرة صباحاً، إلا أن الكنيسة قامت بإلغاء قداس الخامسة فجراً بسبب قدوم الرئيس مرسى لأداء الصلاة بالمسجد الذى يجاورهم، وفقاً لأحد القساوسة، يؤكد أنهم قرروا تأخير ميعاد القُداس حتى الثامنة صباحاً لحين انتهاء صلاة العيد مراعاة لشعور المسلمين وبسبب الظروف الأمنية المحيطة بالمكان.