«الداخلية» تحاصر الأوكار الخفية للإرهاب.. وتحركات لتقنين الإخطار بـ«تأجير وبيع الشقق»

كتب: محمد بركات

«الداخلية» تحاصر الأوكار الخفية للإرهاب.. وتحركات لتقنين الإخطار بـ«تأجير وبيع الشقق»

«الداخلية» تحاصر الأوكار الخفية للإرهاب.. وتحركات لتقنين الإخطار بـ«تأجير وبيع الشقق»

اتخذت وزارة الداخلية خطوة جديدة نحو إجراءات تقنين وجوب إخطار الأجهزة الأمنية بعمليات تأجير وبيع الشقق السكنية «المفروشة والإيجار الجديد»، أو تلك التى تكون تحت الإنشاء وغيرها من الأماكن التى قد تتخذها العناصر الخارجة على القانون لتجنب الرصد الأمنى واستخدامها كمأوى لهم ومخازن لإخفاء أدوات جرائمهم، ومناقشة إجراءات التعديل التشريعى المقترح بتغليظ العقوبات عن عدم الإبلاغ ببيانات المستأجرين للعقارات والشقق المفروشة.

تحرك الوزارة جاء استجابة لتنفيذ التوصيات الصادرة عن الندوة التى نظمتها بعنوان «الشعب والشرطة فى صناعة الأمن.. نحو مجتمع لا يؤوى الإرهاب والجريمة» التى عقدت بمركز بحوث الشرطة بأكاديمية الشرطة واستجابة للحوار المجتمعى والنقاشات التى دارت بين الحضور بالندوة، ومن بينهم العديد من ممثلى منظمات المجتمع المدنى.

اللواء أحمد عبدالباسط، مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الأمن العام، قال إن الخلية الإرهابية ترتكز على عدد من العناصر، منها عنصر التسليح الذى يتمثل فى الأسلحة بأنواعها، والمواد المتفجرة بأنواعها، إلا أن هذه العناصر لا تكتمل إلا بالمكان الآمن لإيوائها، فلا يمكن لها أن تتحرك دائماً ولابد أن تأوى إلى مكان مخطط لتحقق العملية أهدافها وتحقق اتصالاتها ودعمها اللوجيستى، ومن ثم يصبح رصد أمكان الإيواء هى اللبنة الأولى فى إجهاض أى مخطط إرهابى.

وأوضح مساعد وزير الداخلية الأسبق، أنه فى الغالب يختار العناصر الإرهابية هذه الشقق فى أشباه المدن وأطرافها التى بطبيعتها لا تطالها يد الأمن بنفس الطريقة فى قلب المدن، ومن المفترض أن يلزم القانون مؤجرى الشقق المفروشة بإخطار قسم الشرطة المختص بأى تغيير فى قاطنيها، الأمر الذى يجعل هناك اتصالاً معلوماتياً لدى أجهزة الشرطة وهذه النوعية من السكان، وكذلك يجب تدارك الإيجارات الجديدة التى تزيد مائة ضعف عن الشقق المفروشة فى مشروع القانون المعد لذلك.

{long_qoute_1}

دراسة للمركز المصرى لحقوق السكن، كشفت أن مصر بها أكثر من 7 ملايين شقة مغلقة، فضلاً عن ملايين الشقق المفروشة التى أسهمت فى ارتكاب العديد من العمليات الإرهابية بشكل غير مباشر، وتوصلت الدراسة إلى أن 85 فى المائة من الجرائم، تحدث من خلال استغلال الشقق المفروشة، من خلال مراقبة الضحايا قبل العمليات من جانب منفذى هذه العمليات، خصوصاً بالمناطق الشعبية، ما يجعلها مشكلة حقيقية تهدد الأمن، والخطر سببه أن هناك ملاكاً يتساهلون فى التسكين لمن يستأجر الشقة، طالما أنه يلتزم بدفع الإيجار المتفق عليه، دون اهتمام بمعرفة شخصية المستأجر أو إساءة استخدام الشقة فى أعمال تتعارض مع القانون.

وأرجع مساعد وزير الداخلية الأسبق عدم إخطار أصحاب الأملاك، الشرطة، إلى أمرين هو عدم وجود تشريع ملزم بالإخطار، والأمر الثانى التخوف من فرض ضرائب على هذا النشاط، لذلك يكون من الضرورى عند إصدار تشريع مماثل أن يغلب وجهة النظر الأمنية على وجهة النظر الضريبية، بحيث يمكن إخطار المالك بما أجره مؤخراً بدافع أمنى فقط يرتبط بعقوبة رادعة يمكن فى بعض الأحيان أن تصل إلى مصادرة الأماكن التى يثبت استغلالها فى أعمال إرهابية إذا كان المالك على علم بذلك، وفى حالة عدم إخطاره بحسن نية يوقع عليه عقوبة مالية كبيرة، على أن يتم نشر هذه الثقة الجديدة إعلامياً بحيث تصل إلى كل المواطنين.

وقال اللواء دكتور شوقى صلاح، خبير مكافحة الإرهاب، عضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة، إن الندوة التى نظمتها «الداخلية» تحت عنوان «الشعب والشرطة فى صناعة الأمن» تتعلق بالشراكة المجتمعية لمواجهة الجريمة الإرهابية، ومن ضمنها الشقق المفروشة بصفة خاصة، حيث إن العناصر الإرهابية تحتاج إلى مأوى لتجهيز مستلزمات التفجير بعيداً عن مساكنهم الخاصة نتيجة رصدهم ومراقبتهم بصفة مستمرة من قبل المباحث والأجهزة الأمنية.

وأضاف «صلاح» لـ«الوطن» أن الإرهابيين يلجأون إلى الشقق المفروشة أو إيجار جديد من أجل التجهيزات الخاصة ومراقبة الضحايا قبل تنفيذها، على الجانب الآخر فإن المواطنين وملاك الشقق ليس لديهم الوعى الكافى للتبليغ خوفاً من فرض ضرائب على الشقق المؤجرة، ونحن نعمل من منطلق اعتبارات أمنية بحتة بالعمل على منع الجريمة سواء الإرهابية أو الجنائية قبل وقوعها.

أهمية القرار تظهر بوضوح بإلقاء الضوء على عدد من أخطر الخلايا الإرهابية التى اتخذت من الشقق المفروشة وغيرها من العقارات المؤجرة أوكاراً لها، والتى كان آخرها فى 22 يناير الماضى، حيث تمكن قطاع الأمن الوطنى من رصد بؤرة إرهابية تابعة لجماعة الإخوان، تخطط لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية، ضد المنشآت المهمة والحيوية ورجال القوات المسلحة والشرطة، واستغلالهم لأحد المصانع المهجورة بمدينة العبور وكراً لتصنيع العبوات المتفجرة.

وبمداهمة تلك البؤرة، بادرت العناصر الإرهابية بإطلاق النيران بكثافة تجاه قوات الشرطة، وتم التعامل معهم، مما أسفر عن مصرع 5 عناصر إرهابية، والعثور بحوزتهم على العديد من الأسلحة النارية والذخائر وعبوات متفجرة والأدوات والمواد المستخدمة فى تصنيعها.

وفى 20 ديسمبر الماضى، داهمت قوات الأمن شقة سكنية أخرى استأجرها عناصر من حركة «حسم» «التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية بمدينة السلام بالقاهرة واتخاذها وكراً لاختبائهم ولتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية تستهدف مجموعة من الأهداف الهامة بالتزامن مع احتفال الأقباط بأعياد الميلاد، كما اتخذت مجموعة أخرى من تلك العناصر إحدى الشقق السكنية المستأجرة بمنطقة السلام وكراً لاختبائهم، حيث تم إعداد المأموريات اللازمة وبمداهمتها تم ضبط «4» منهم وبتفتيش الشقة عُثر بداخلها على أسلحة وذخيرة ومواد تستخدم فى صناعة العبوات الناسفة.

وفى 29 ديسمبر الماضى، داهمت قوات الأمن وكراً إرهابياً بمنطقة مساكن أبوالوفا بالحى ١١ بمدينة ٦ أكتوبر بمحافظة الجيزة، ما أسفر عن مقتل ١٤ إرهابياً، إضافة إلى مقتل ١٦ إرهابياً آخرين خلال مداهمة وكر بمنطقة مساكن أبناء الجيزة بطريق الواحات بمحافظة الجيزة، فضلاً عن مقتل ١٠ إرهابيين بمنطقة مساكن «ابنى بيتك» بالعريش بمحافظة شمال سيناء، والعثور بحوزتهم على كميات كبيرة من الأسلحة النارية والذخائر مختلفة الأعيرة وعبوات ناسفة وأدوات ومواد تصنيع المتفجرات.


مواضيع متعلقة