دعم مصرى للدول الأفريقية لمواجهة «الهجرة غير الشرعية» و«الاتّجار بالبشر».. ومكافحة التسلل

كتب: بهاء الدين عياد

دعم مصرى للدول الأفريقية لمواجهة «الهجرة غير الشرعية» و«الاتّجار بالبشر».. ومكافحة التسلل

دعم مصرى للدول الأفريقية لمواجهة «الهجرة غير الشرعية» و«الاتّجار بالبشر».. ومكافحة التسلل

يمثل إنشاء لجنة مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية التابعة لوزارة الخارجية، إحدى ثمار جهود الدولة المصرية فى مكافحة تلك الظاهرة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقارة الأفريقية، وتخضع جهود مصر فى مواجهة الهجرة غير الشرعية للقانون 82 لسنة 2016 الخاص بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين، حيث تمثل مصر «دولة معبر» أساسية فى مسار المهاجرين الأفارقة، فضلاً عن كونها أيضاً دولة «مقصد» لهؤلاء المهاجرين.

وتعد مصر شريكاً رئيسياً للاتحاد الأوروبى فى مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وتمتلك مصر علاقات متينة مع الدول التى يأتى منها معظم المهاجرين الأفارقة، وعلى رأسها السودان وجنوب السودان وإريتريا والصومال وتشاد وإثيوبيا، ما يعزز من قدراتها على تحقيق التعاون القارى فى هذه الظاهرة المرتبطة بالكثير من القضايا الحساسة والجرائم العابرة للحدود، وعلى رأسها الاتجار فى البشر وانتقال الإرهابيين والمقاتلين الأجانب وتهريب الأسلحة والمخدرات وغيرها.

{long_qoute_1}

ويرى أشرف ميلاد، الباحث والمحاضر فى مجال اللاجئين والهجرة، أن أفريقيا التى تضم ملياراً و200 مليون نسمة، ويمثلون أكثر من ضعف سكان أوروبا مجتمعة، تمثل منبعاً للهجرة غير الشرعية، ويقول «يتم الاتجار بالبشر من أفريقيا بشكل مبالغ فيه، ومصر لديها قانون منذ 2010 خاص بالاتجار بالبشر، وكانت أول دولة عربية تبلور مفاهيم الاتجار بالبشر وتقوم ببناء قدرات العديد من الدول فى هذا المجال على المستوى التشريعى والتنفيذى، وهو جهد يمكن مواصلته وتكثيفه خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى»، ويلفت «ميلاد» إلى أن دول أوروبا حاولت الضغط لعمل منصة لإعادة واستقبال اللاجئين المرفوضين من الاتحاد الأوروبى، ولكن مصر ترفض إقامة معسكرات أو منصات أو مخيمات لاستقبال اللاجئين على أراضيها، مؤكداً أن مساهمة القاهرة فى مواجهة الظاهرة على المستوى القارى تهتم بعلاج أسبابها الجذرية، فمصر بإمكانها دعم جهود التنمية المشتركة فى الدول الأفريقية، التى تمثل منابع ومصادر للهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر، وكذا المساهمة فى ضبط الأوضاع الأمنية فى ليبيا، لأن 85% من رحلات الهجرة غير الشرعية تتم عبر السواحل الليبية، ويتابع: «أفريقيا ترى مصر كدولة رائدة قادرة على التعامل مع هذا الملف وكذلك أوروبا تنظر لها كشريك موثوق ورئيسى، ولكن يجب تقريب المفاهيم حول الظاهرة، فهناك دول ترى ضرورة السماح للمواطنين بالهجرة، ولذا نحتاج إلى مؤتمرات لتوحيد المفاهيم حول خطورة الظاهرة، لأن هناك دولاً تقول إن الهجرة تخفف من أعبائها، فضلاً عن مطالبة منظمات حقوقية بأن تظل الهجرة حقاً مطلقاً من حقوق الإنسان».

{long_qoute_2}

ويحذر اللواء أ. ح، الدكتور محمد الغبارى، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، من خطورة التشابك بين ظاهرة الهجرة غير الشرعية والعديد من الجرائم المنظمة العابرة للحدود، وقال لـ«الوطن» إن مصر تتحمل على مدى عقود أعباء اللجوء والهجرة غير الشرعية المقبلة من الدول الأفريقية، ولكى نمنع تلك الظاهرة، لا بد أن تكون هناك اتفاقيات دولية مع الدول الأفريقية التى تمثل مصادر للهجرة وتكون علاقاتنا بهم قوية لإعادة المهاجرين غير الشرعيين لهم بشكل سلس، فضلاً عن تعزيز الرقابة على الحدود، وكنا خلال العام الماضى نلقى القبض على الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين المقبلين من الدول الأفريقية، ونتحمل تكلفة إعاشة هؤلاء»، ويضيف: «يجب أن يكون هناك دعم لنا، خاصة من دول الاتحاد الأوروبى، والدعم لا يقتصر فقط على الجانب المالى، ولكن أيضاً يشمل تبادل المعلومات من خلال التنسيق الاستخباراتى، فالاتحاد الأوروبى يجب أن يعوض مصر عن تكاليف مواجهة الهجرة غير الشرعية، وبالنسبة للقوات البحرية فهى تقوم بمكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال المياه الإقليمية الخاصة بنا فقط، وتمنع العديد من الجرائم الأخرى»، ويتابع «الغبارى»: «ولكن هناك صعوبة فى إقامة عملية بحرية أفريقية لمواجهة الهجرة غير الشرعية، فالدول المحيطة بنا والمتشاركة معنا بحرياً إما بها فوضى أو ليس لديها قدرات بحرية كبيرة للمساهمة، أو دول أخرى بعيدة ولديها أطر خاصة بها فى التعاون البحرى»، مؤكداً أهمية التعاون مع دول منابع الهجرة غير الشرعية والدول التى تمثل مقصداً للمهاجرين، وأن يكون هناك تبادل للمعلومات بين تلك الدول بصورة متواصلة، خاصة أن الدول المصدرة للمهاجرين لا تهتم بمنعهم، فهجرتهم تخفف الأعباء عن حكومات تلك الدول، بينما من مصلحة الدول الأوروبية أن تدفع فى اتجاه هذا التعاون»، ويؤكد وجود علاقة قوية بين الهجرة غير الشرعية، وجرائم منظمة عابرة للحدود، خاصة الإرهاب والتهريب والتجارة غير المشروعة والاتجار فى البشر.

{long_qoute_3}

وتتعاون مصر مع شركاء القارة الأفريقية الدوليين، خاصة اليابان وأوروبا من أجل نقل الخبرات للدول الأفريقية، من خلال صيغة التعاون الثلاثى المتعارف عليها، ويشير الدكتور أحمد أبوزيد، الباحث فى الأمن الإقليمى، إلى أن الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى أفريقيا وغيرها من المؤسسات، مثل مركز البحوث بأكاديمية الشرطة، تقوم بدور كبير فى نقل الخبرات إلى الدول الأفريقية من أجل المساهمة فى مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر، حيث قام المركز الشهر الماضى على سبيل المثال بتوفير الدورات التدريبية للأشقاء الأفارقة، واحتفل بتخريج الدورة التدريبية الثالثة فى مجال مكافحة الهجرة غير النظامية وتزوير الوثائق الرسمية، بمشاركة 45 متدرباً يمثلون 15 دولة أفريقية من بينها مصر، وذلك فى إطار تنفيذ بروتوكول التعاون التدريبى بين وزارتى الداخلية المصرية والإيطالية فى تدريب الكوادر الأمنية الأفريقية، بما يعكس مستوى التعاون المُثمر بين الجانبين المصرى والإيطالى لمكافحة الظاهرة.


مواضيع متعلقة