«الصيد»: حيوانات وطيور محنطة تستقطب الطلبة وتنتظر الدعم

«الصيد»: حيوانات وطيور محنطة تستقطب الطلبة وتنتظر الدعم
- أحمد فؤاد
- ابن بطوطة
- افتتاح متحف
- الأمير يوسف كمال
- الانفلات الأمنى
- البيئة المصرية
- التربية المتحفية
- الحكومة المصرية
- الخديو إسماعيل
- الرعايا الفرنسيين
- أحمد فؤاد
- ابن بطوطة
- افتتاح متحف
- الأمير يوسف كمال
- الانفلات الأمنى
- البيئة المصرية
- التربية المتحفية
- الحكومة المصرية
- الخديو إسماعيل
- الرعايا الفرنسيين
ممر طويل على جانبيه تقبع حيوانات وطيور محنطة منذ عشرات السنين، أتى بها أمراء من رحلاتهم للصيد، وجُمعت فى قصر الأمير محمد على، «ابن بطوطة العصر الحديث». دخول متحف الصيد يتطلب قطع تذكرة قيمتها ٢٠ جنيهاً، لزيارة القصر بمنطقة منيل الروضة، حيث يمتد لمساحات شاسعة، ويشتمل على ثلاث سرايات هى سراى الإقامة، سراى الاستقبال، وسراى العرش، بالإضافة إلى المسجد، والمتحف الخاص، وبرج الساعة، بخلاف متحف الصيد.
القصر بأكمله أُغلق عام 2006 للصيانة والترميم، ومكث نحو 9 سنوات ونصف العام، وافتُتح فى مارس 2015، لكن ضيق الأحوال المادية لوزارة الآثار أرجأ افتتاح متحف الصيد إلى فبراير 2017، بعرض متحفى محدود يتناسب مع الإمكانيات المادية المتاحة.
الزمن وعوامل الطقس تركت آثارها على المحنطات التى يُعرض معظمها بشكل حر، وتتعرض للغبار والأتربة، ويحاول عمال المتحف تنظيفها بين الحين والآخر، وإبراز اللافتات الإرشادية التى توضح اسم المحنط وتاريخ ومكان صيده، ويكتفى معظم الزائرين بتلك المعلومات، خاصة أنه لا يوجد مرشد فى المتحف إلا بترتيب مسبق وفى أوقات معينة.
يحكى ولاء الدين بدوى، مدير عام المتحف، حكاية القصر، بأن الأمير محمد على كان ولى عهد المملكة المصرية 3 مرات، أولاها فى عهد أخيه عباس حلمى الثانى لـ7 سنوات، وفى المرة الثانية كان وصياً على العرش، ثم ولى عهد المملكة، لمدة نحو 15 عاماً، والمرة الأخيرة بعد ثورة 1952 فور عزل الملك فاروق، وتنازله للأمير أحمد فؤاد.
{long_qoute_1}
الأمير محمد على أراد تخصيص مكان لإحياء الفنون الإسلامية، كان يرى فى آخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20 أن المعمار الأوروبى بدأ يغزو القصور والسرايات التى كانت موجودة فى القاهرة، حيث كانت مصر ملاذاً وأرضاً خصبة لمعماريين أجانب، كما كانت الحكومة المصرية تستعين ببعض المهندسين والنحاتين والرسامين لتنفيذ المشروع الحضارى لمحمد على الكبير.
أرض القصر تاريخياً كانت متنزهاً للقاهرة يتنزه به المواطنون فى عهد المماليك، وفقاً لـ«ولاء»، وكانت ملكيتها تؤول إلى جده إبراهيم باشا، ثم ورثها الخديو إسماعيل ضمن إرثه عن أبيه، ثم حدثت اضطرابات، وتم تقسيم إرثه، وآلت هذه الأرض إلى أحد الرعايا الفرنسيين الموجودين فى مصر، ثم اشتراها الأمير محمد على عام 1902، وكانت تمتد إلى 25 فداناً، وأنشأ بها أولاً سراى الإقامة خلال عام، ومنذ 1903 إلى 1943 توالت الإنشاءات ليس بغرض السكن، وإنما إحياء للفنون الإسلامية وإجلالاً لها.
الأمير محمد على كان رحالة، وأُطلق عليه «ابن بطوطة العصر الحديث»، لكثرة سفرياته، شاهد طرزاً معمارية مختلفة، وحاول جمعها فى مكان واحد «فارسية، عثمانية، إيرانية، شامية، مغربية أندلسية»، بخلاف الطرز المصرية الأصيلة، حتى النباتات تنوعت فى حديقة القصر، وكان يجلبها من بلدان مختلفة، ويوفر لها العناية الكاملة لتنمو وتزدهر وتصبح مصدر إلهام لزوار القصر.
بعد أن أتم الأمير محمد على 50 عاماً، كتب وصيته بأن يؤول هذا القصر بعد وفاته إلى أبناء الشعب المصرى والحكومة، لينتفع به من لم تتوفر لهم فرصة السفر إلى الخارج، ولم يؤمم القصر فى عهد «عبدالناصر» لأن صاحبه وهبه بنفسه للشعب المصرى.
المتحف من الأبنية الدخيلة على القصر، بحسب «ولاء»، ولكنه أثرى بشكل كبير. صدر قرار جمهورى عام 1952 بحصر ممتلكات الأسرة المالكة، ووُجد بها مجموعة من المحنطات تخص الملك فاروق والأمير يوسف كمال، الذى أُطلق عليه «أمير الصحراء» لأنه كان يخرج كثيراً للصيد ويعرف فن التحنيط، فضلاً عن بعض المقتنيات التى تخص الأمير محمد على بحكم أنه ولى عهد المملكة، فكان يتلقى بعض الهدايا من رؤساء الدول وأولياء العهد أو الأمراء فى تلك الدول، وكانت هناك لجنة مشكلة من الضباط الأحرار، وفكروا فى تجميع هذه المقتنيات وعمل متحف للصيد، وبالفعل جمعوا عدداً كبيراً من المحنطات، وقدموا عرضاً جميلاً، وأصبح أول متحف للمحنطات فى العصر الحديث، وافتُتح للجمهور عام 1963 وكان يحقق نسبة لا بأس بها من الزيارة.
«ولاء» أوضح أيضاً أن القصر أُغلق عام 2006 للصيانة والترميم، وكان من المفترض أن يُفتتح فى 2011، لكن بسبب الفوضى والانفلات الأمنى ظل القصر مغلقاً، ووُضعت المقتنيات فى المخازن، بما فيها المحنطات، واحتاجت لعمليات صيانة وترميم جيدة لتليق بالعرض مرة أخرى.
المتحف منذ افتتاحة يحقق معدل زيارة جيداً جداً، فى رأى «ولاء»، لأنه أول متحف صيد فى مصر فى العهد الحديث، مع الأخذ فى الاعتبار افتتاح متحف للمحنطات فى حديقة الحيوان، استقطب بعض زوار متحف الصيد، ومعظمهم من طلبة المدارس والكليات المتخصصة مثل الزراعة والطب البيطرى، ويتم مدهم بمعلومات إضافية ورؤية قطع للدراسة، إلى جانب التربية المتحفية وطلاب الفنون الجميلة. ويضم المتحف مقتنيات ملوك وأمراء كبار، عبارة عن فراشات، حيوانات مفترسة، تمساح، ثعابين، وغيرها من الحيوانات التى كانت موجودة فى البيئة المصرية، حيث كان خروج الأمراء والنبلاء للصيد أمراً معتاداً، على غير الوضع الآن، فى ظل المطالبة بحقوق الحيوان، والقوانين التى فُعّلت بهذا الشأن فى العالم فى الفترة الأخيرة.
حرص القائمون على المتحف على وضع بطاقات تعريفية تضم معلومات توضيحية عن كل محنط، باللغتين العربية والإنجليزية، ويتم توفير مرشد فى حال طلب ذلك، وفى بعض الأحيان يحدد أمناء المتحف جولات للزيارة تضم مرشداً، وعلى الزائر الالتزام بها. يشكو بعض زوار القصر من أمور سلبية تتعلق بالأوضاع الداخلية، مثل النظافة العامة وسوء الحمامات، الأمر الذى يرد عليه «ولاء» بأنه يعانى من سوء سلوكيات الجماهير، ويناشد الزائرين الحفاظ على المكان، ورغم ذلك يرى أن المتحف والقصر عموماً أفضل حالاً من فترات ماضية، ويتم تجديده على فترات، وهو ما يحتاج إلى مساعدة المجتمع المدنى، وبالفعل تعاونوا معهم لتجديد الحمامات وغيرها من المرافق، لتليق بالمكان وزواره.