هاشتاج «خليها تعنس»

هاشتاج «خليها تعنس»، والرد عليه «بخليك بجانب والدتك»!! مزحة، أم لسان حال مجتمع، أم قناعات شبابه؟ إذا ما استمعت للطرفين لوجدت فى كلامهما منطقاً، ووجهة نظر يجب الالتفات إليها، ثم العمل على تذويبها. ما الزواج؟ ولماذا هو صعب وشاق؟ ولماذا أصبح أغلبه يفشل؟! هل الزواج مجرد مهر وشبكة وأثاث وقائمة منقولات وحفلة وفستان؟!

مغالاة الأهل فى طلب المهور والمقدم والمؤخر، والشبكة والحرص على توقيع قائمة الأثاث، وأحياناً شيكات أو وصل أمانة، أهى لضمان حقوق بناتهم بالفعل! أم من باب التباهى الاجتماعى؟! وهل النقود تضمن استقرار البيوت؟ وهل هكذا تؤمّن الفتاة من غدر زوج المستقبل؟! يبدأون حياة زوجية أم يستعدون لحرب؟!

يضج الشباب حديث السن الراغب فى تكوين أسرة والاستقرار بهذه العوائق والعراقيل التى تفوق قدراته، ويطلق أحدهم هاشتاج «خليها تعنس»، غاضباً مستنكراً من كابوس طلبات أسرة العروس.

ترد الإناث بحملة أخرى مضادة وجملة مبارزة: «خليك جنب أمك»!! أهذا ما فهمته بنات حواء من جملة شباب جيلكن؟! أوهكذا يكون الرد؟! لتكن ثقتكن بأنفسكن أكثر عمقاً، ببساطة، لأن أكثر أسباب تأخر سن زواج الفتيات لا يمكن حصره فى عزوف الشباب عن التقدم إليهن، الأسباب كثيرة، وأبرزها عدم وجود الشخص المناسب، وكذلك من تجده الفتاة مناسباً لا تستطيع هى التقدم إليه، فتضطر للانتظار طويلاً.

شخصياً لا أرى جملة «خليها تعنس» مستفزة، إلا لمن بالفعل يعتنق مذهب تعذيب الشباب حديث السن بطلبات تفوق قدراتهم. بالماضى كانت هناك جملة انقرضت: «إحنا بنشترى راجل»، ماذا حدث بالمجتمع؟! لا أجد بالأمر إهانة للإناث كما يُشاع، بل رأيته غضباً شبابياً وإحباطاً يجب الالتفات إليه واحتواؤه وتصحيح الأسباب التى أدت إليه، إن السبب الرئيسى فى هذا الخلل الاجتماعى هو غياب القيم والأخلاق والأصول والرحمة بين جميع الأطراف، الزواج ليس تجارة أو مظاهر فارغة. إن أساس تكوين البيوت هو السعادة ومحبة الطرف الآخر والائتناس به، كلٌّ وإمكاناته وقدراته.

هى كلمة للآباء والأمهات الذين تسبّبوا بهذه الإشكالية بالأساس، لأن ما يحدث هو فقدان للتربية السليمة «علموا أولادكم وبناتكم أن الصدق والأمانة، ولين الجانب والرفق والرحمة هى أساس العلاقات، وهى قوام وأركان البيوت، وبأن الحياة الزوجية تعاون وتكافل وبأنه لو حدث اختلاف بينهما وتعذر الإصلاح وكان الفراق، فلا يظلم طرف الآخر، حينها لن تكون هناك حاجة لهذه التعقيدات والضمانات المادية».

علموهم أن الأبوة والرجولة مسئولية وشهامة، وليست خسة بقهر الزوجة وتعذيبها بالمحاكم سنوات للحصول على نفقتها ونفقة أطفالها ومصاريفهم، أو بالغدر بها بعد سنوات زواج وإلقائها بالشارع.

علموهم أيضاً أن الزوجة الناجحة هى الرحيمة العطوفة، وفى الوقت ذاته هى لا تتنازل عن حقوقها الإنسانية، ولا تتمادى بالتضحيات، فتصنع بيدها ديكتاتوراً فى صورة زوج وتكون عرضة للغدر، وكذلك لا تُرهقه بطلبات تفوق قدرته، وأن تصبر وتتحمل وتتحلى بالوفاء والحكمة.

الزواج مسئولية كبيرة ومهمة، واستمراره ناجحاً أكثر صعوبة، وبدلاً من «خليها تعنس»، قل خليها تحبك وتثق بك وتطمئن إليك بأنك لن تغدر بها أو تظلمها يوماً، وبالتالى لا تغالى هى وأهلها بطلب ضمانات مادية، وبدلاً من أن تردى عليه بـ«خليك جنب أمك»، قولى له خليك بجانبى داعماً محباً، وسوف أعينك أنا على الدنيا وصعابها، ولن أكون أبداً أحد صعابها عليك، ولن أحملك ما لا تطيق.