باحث أمريكى: دعم الإسلاميين فى ليبيا «ذراع تركيا» لزعزعة استقرار مصر والجزائر.. و«أردوغان» يحاول منازعة السعودية على «الحرمين»

باحث أمريكى: دعم الإسلاميين فى ليبيا «ذراع تركيا» لزعزعة استقرار مصر والجزائر.. و«أردوغان» يحاول منازعة السعودية على «الحرمين»
- إخوان مصر
- استقرار مصر
- الأزمة الليبية
- الأمم المتحدة
- الإمبراطورية العثمانية
- تركيا
- إخوان مصر
- استقرار مصر
- الأزمة الليبية
- الأمم المتحدة
- الإمبراطورية العثمانية
- تركيا
أثارت التحركات التركية الأخيرة فى دول شمال أفريقيا والكشف عن شحنات الأسلحة التركية المهربة إلى ليبيا، قلق عدد من الباحثين والمراقبين لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسط تحذيرات من أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، يسعى إلى زرع الفوضى فى منطقة شمال أفريقيا وزعزعة استقرار مصر والجزائر.
الباحث والمحلل الأمريكى بمعهد «أمريكان إنتربرايز» مايكل روبين، قال فى حوار لـ«الوطن» إن «أردوغان» يتصرف بحرية لأنه يدرك تماماً أن الأمم المتحدة غير قادرة على تطبيق قراراتها رغم انتهاكه حظر تصدير السلاح المفروض على ليبيا، مشيراً إلى أنه لو استمر الإخوان فى حكم مصر لتحولت «القاهرة» إلى دولة تابعة لـ«أردوغان»، حيث كان الرئيس التركى يسعى إلى التربح من خلال علاقته مع التنظيم الإرهابى، مؤكداً أن حملة النفوذ التركى فى أفريقيا لن تؤتى ثمارها. وإلى نص الحوار:
أعلن الجيش الليبى مؤخراً عن ضبط أكثر من شحنة أسلحة على متن سفن تركية كانت فى طريقها إلى الإرهابيين بليبيا، وهو ما يمثل خرقاً للحظر الأممى على صادرات الأسلحة إلى ليبيا، ألا يتطلب ذلك تحركاً أممياً لمعاقبة السلطات التركية على تلك التحركات؟
- بالطبع يفترض بالأمم المتحدة أن تتحرك لفرض عقوبات على تركيا، ولكن للأسف لا تمتلك الأمم المتحدة السلطة فى أغلب الحالات لتطبيق أحكامها، تركيا تعلم هذا الأمر جيداً، ولهذا السبب تتجاهل بشكل صارخ قرار الأمم المتحدة بحظر صادرات الأسلحة إلى ليبيا، صراحة، لن يهتم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بالحظر المفروض على الأسلحة إلى ليبيا إلا فى حالة واحدة، وهى أن يكون الإسلاميون هم من يفوز بالمعركة، دائماً ما يقول «أردوغان» إن «العالم أكبر من خمسة فقط»، ويطالب بحصول تركيا على مقعد دائم فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ربما بالفعل يجب أن يتم توسيع مجلس الأمن، ولكن سياسات «أردوغان» تخبرنا صراحة أنه يجب ألا تكون تركياً عضواً دائماً فى مجلس الأمن أبداً، مصر على سبيل المثال تتمتع بقدر أكبر من الحس بالمسئولية على المسرح العالمى.
{long_qoute_1}
هناك تباين فى وجهات النظر بين دول جوار ليبيا حول الحل الأمثل لوقف الاقتتال الليبى وحل الأزمة، ورغم ذلك، فإن دول الجوار تستشعر خطر التحركات التركية، فهل يكون هذا سبباً كافياً للتوافق حول خطة عمل مشتركة لإعادة الاستقرار إلى ليبيا؟
- ربما يكون هذا بداية، وسيكون من الأسهل كثيراً إعادة السلام والأمن إلى ليبيا إذا ما انخرط جيرانها فى العمل معاً لحل الأزمة، ولكن فى الواقع، تحتاج الجزائر إلى إرساء الاستقرار داخلياً أولاً فى ظل الجدل المحيط بصحة الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة، وبعدها يمكن أن يكون هناك نفوذ جزائرى حقيقى على الأزمة الليبية، وتعاون مع دول الجوار لحل الأزمة.
فى مقال لك بعنوان «مراهنة تركيا فى ليبيا»، قلت إن «ليبيا إسلامية قد توفر ملاذاً للجماعات التى تهدف إلى ضرب استقرار مصر وإعادة الإسلاميين إلى السلطة»، هل تعنى بهذه الجملة أن الهدف الرئيسى لـ«أردوغان» هو إثارة عدم الاستقرار والعنف فى مصر والجزائر ودول شمال أفريقيا؟
- بالطبع هذا هو الهدف الرئيسى له، يتحرك «أردوغان» وفقاً لدافعين اثنين، أولهما أيديولوجى، فهو يسعى إلى أن يكون قائداً للعالم الإسلامى حتى وإن كان هو نفسه مسئولاً عن الزج بأكبر عدد من المسلمين فى السجون أكثر من أى قائد آخر فى الشرق الأوسط أو أوروبا، أما الدافع الثانى، فهو الدافع المادى، حين حكم الإخوان مصر لفترة وجيزة، رأى «أردوغان» الأمر باعتباره فرصة للتربح من خلال علاقاته الخاصة مع جماعة الإخوان، ولا يزال «أردوغان» يشعر بالمرارة بسبب الثورة الشعبية التى أدت إلى الإطاحة بـ«مرسى»، حيث إن هذه الثورة تسببت فى الإضرار بمصالحه المادية وأعماله فى مصر، ولكن لنكن واضحين، فإن الأمر لا يتعلق بمصر أو دول المغرب العربى فقط، بل إن تركيا تدعم المتمردين الإسلاميين فى نيجيريا أيضاً، وقد عملت الاستخبارات التركية أيضاً على دعم وتمويل حركة «الشباب» الصومالية.
{long_qoute_2}
فى نفس المقال، قلت إن «أردوغان ينظر إلى صعود الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكم فى مصر باعتباره إهانة شخصية له، والسبب هو أن وصول الرئيس المصرى إلى الحكم أحبط خطط الإخوان للسيطرة على مصر، وبالتالى أدى إلى خسارة (أردوغان) نفوذه عليها»، إذا ما افترضنا أن ثورة 30 يونيو لم تحدث ولا يزال الإخوان فى الحكم، هل كان هذا يعنى أن مصر ستتحول إلى تابع لـ«تركيا»؟
- نعم بالطبع، فالأمر لا يقتصر فقط على أن الإخوان يعملون على تقييد وتسييس الممارسة الحقيقية للدين ويتلاعبون بالإسلام لتحقيق مصالحهم السياسية الخاصة، بل إنهم يضعون مصالح المنتمين إلى الإخوان والموالين لهم فى مكانة أعلى من المصالح الوطنية والأمن القومى، ليس لدى أدنى شك فى أن (الرئيس الإخوانى) محمد مرسى، كان يعمل على تحويل مصر -التى تعد أكبر وأهم دولة عربية- إلى دولة تابعة لـ«أردوغان» وتركيا.
على مدار الأشهر القليلة الماضية، برزت تركيا بقوة فى القارة الأفريقية وبدأت فى صياغة علاقات قوية مع دول أفريقية تربطها علاقات تاريخية بـ«القاهرة»، السودان وإريتريا وجيبوتى على سبيل المثال، كيف يمكن تفسير تلك التحركات التركية فى أفريقيا؟
- فى البداية، قال الرئيس التركى إنه يتبع سياسة العلاقات الجيدة مع كل جيران تركيا، ولكن فى الواقع تسببت سياسات تركيا الخاصة فى استعداء سوريا واليونان وأرمينيا والعراق. آنذاك، أطلق وزير الخارجية التركى أحمد داود أوغلو، سياسة عثمانية جديدة، ولكن هذا أيضاً انتهى إلى الفشل لأن الأتراك لم يفهموا أبداً أن تركيا لديها ذكريات عن الإمبراطورية العثمانية أكبر بكثير من الذكريات التى لا تزال لدى الشعوب التى خضعت لحكم تلك الإمبراطورية. فى الوقت الحالى تنطلق التحركات التركية نحو أفريقيا من محاولة الاستفادة بأقصى قدر ممكن من المساعدات التركية الخارجية، فمثلاً تعتقد تركيا أنه سيكون من الأسهل بالنسبة لها أن تقدم الرشاوى إلى المسئولين فى بعض الدول الأفريقية، على أن تؤثر فى الدول المجاورة لها، لأن تلك الدول أقل اعتماداً على مثل تلك المساعدات، ومع ذلك، فقد تكون هناك مفاجأة فى انتظار تركيا، فمصر مثلاً لديها شرعية أكبر فى العالم العربى وأفريقيا، فى حين أن المصالح التجارية لـ«جيبوتى» ترتبط بفرنسا والصين، صحيح أن إريتريا تعتبر معزولة إلى حد ما، ولكن التأثير التركى لا يمكنه أن ينافس التأثير الإماراتى فى إريتريا، سيكون الأمر مجرد مبالغة أن نقول إن حملة النفوذ التركية قد تصبح قريباً مماثلة لـ«تايوان»، التى تدين بالامتنان اليوم لأنها باتت تؤثر على قلة قليلة من جزر الكاريبى.
{long_qoute_3}
إذاً، فى ظل كل تلك التحركات التركية، ما الهدف النهائى لـ«أردوغان» فى أفريقيا؟
- الرئيس التركى ينظر إلى قارة أفريقيا على أنها شريك تجارى مفيد له، ولكن هدفه الحقيقى هو الحصول على ادعاء زعامة العالم الإسلامى، أغلب الحملة التى يقودها «أردوغان» ضد إسرائيل والمملكة العربية السعودية، يهدف فى الأساس إلى جعل «أردوغان» صاحب التأثير الإسلامى الأكبر فى القدس، وبالتالى، منازعة المملكة السعودية على حق الوصاية على الحرمين الشريفين فيما بعد.
يرى بعض المحللين أن «أردوغان» يعمل انطلاقاً من أيديولوجيته الإسلامية الخاصة، فى حين يقول آخرون إنه فقط يستخدم تلك الأيديولوجية لتحقيق أهدافه، مع أى رأى تتفق؟
- كان هذا الجدال سائداً منذ الأيام الأولى لحكم «أردوغان»، ومع تحركاته لتعزيز سلطاته، فقد وضع البراجماتية التى انتهجها فى السنوات الأولى لحكمه وراء ظهره، وبدأ يعمل وفقاً لأيديولوجيته. فى النهاية هو الآن ديكتاتور لا يمكن لأحد أن يتحداه، وبالتالى لم يعد فى حاجة إلى استخدام الدين باعتباره أداة مسخرة لخدمة أهدافه.
تحركات تركيا لا تتوقف عند حد زعزعة استقرار شمال أفريقيا، بل إنها تمتد حتى للدول المجاورة لها مثل سوريا، هل يمتلك «أردوغان» الشجاعة الكافية لشن هجوم على الأكراد وتحدى تهديدات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأنهم؟
- فى الواقع، هذه المسألة لا تتعلق بالشجاعة بقدر ما تتعلق بالغباء.
هناك أيضاً الدعم التركى الكبير لـ«الدوحة» فى أعقاب الأزمة القطرية، فهل كان هذا الدعم انطلاقاً من أسباب أيديولوجية أم أن «أردوغان» يسعى لاستغلال هذه الأزمة لضرب استقرار دول الخليج التى يعتبرها عدواً له؟
- لقد كان الدعم التركى لـ«الدوحة» أيديولوجياً وبراجماتياً فى الوقت نفسه، كان دعماً أيديولوجيا لأن قطر على غرار تركيا تدعم الإخوان، وكان براجماتياً لأن «أردوغان» يستخدم قطر باعتبارها «بنكاً» لتمويل حزب العدالة والتنمية التركى الحاكم.
فيما يتعلق بتحركات «أردوغان» داخل تركيا، تضاعفت أعداد مدارس «إمام خطيب» التركية بشكل كبير على مدار السنوات الخمس الماضية، فما الهدف الذى يسعى وراءه الرئيس التركى من ذلك؟
- «أردوغان» قال فى وقت سابق إنه يسعى إلى تربية وتنشئة «جيل تقى»، وليس هناك مشكلة بالتأكيد حين يتعلق الأمر بالتقوى والدين، ولكن «أردوغان» لا يهتم بالإسلام الذى انتشر فى تركيا لعقود طويلة، بل إنه يكره ويمقت الإرث الصوفى لـ«الأناضول»، وبدلاً من ذلك يسعى «أردوغان» إلى إعادة صياغة تركيا بعقلية إخوانية، الآن نحن على بُعد 4 سنوات فقط من ذكرى مئوية تأسيس الجمهورية التركية، ويسعى «أردوغان» بقوة لاستغلال تلك الذكرى لإغلاق باب إصلاحات «أتاتورك» إلى غير رجعة.
طالب بعض المعلقين والمراقبين الرئيس الأمريكى باتخاذ خطوات جادة لإجبار تركيا على وقف دعم الإسلاميين المتطرفين، فى سوريا أو غيرها، فهل يتحقق ذلك؟
- هناك حالة من تزايد الوعى تجاه تلك المسألة بين المحللين والمراقبين فى «واشنطن»، ولكن فى وزارة الخارجية الأمريكية لا يزال الكثيرون يعتقدون أن تركيا أكثر أهمية من أن يتم تحميلها مسئولية أفعالها، البعض يأمل أنه بعد أن يغادر «أردوغان» السلطة، فإن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا ستعود إلى طبيعتها، ولكنهم مخطئون فى الحقيقة، لأنه مع كل شهر يمر يتضاءل عدد المؤيدين لتركيا نفسها -وليس «أردوغان» فقط- فى الولايات المتحدة، وفى هذه الأثناء زار وزيرا خارجية قبرص واليونان «واشنطن»، وكان استقبالهما هناك أكثر دفئاً من أى وقت مضى.